يمانيون:
2025-02-07@06:02:44 GMT

من البندقية الى معارك الردع.. هذا صُنع المقاومة

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

من البندقية الى معارك الردع.. هذا صُنع المقاومة

يمانيون – متابعات
من بنادقَ متواضعة ومُواجهاتٍ فردية ضمن نطاق جغرافيّ ضيّق، انطلقت ملاحم صدّ الاعتداءات الصهيونية على لبنان. منذ اليوم الأوّل للاحتلال، تلقّى الصهاينة ضرباتٍ مُتلاحقة شكلًا ومضمونًا. خَبِرَ أصحاب الطلقة الأولى شيئًا فشيئًا كيف يوجعون العدوّ. سنواتٌ أربعون وما زاد، ثقلت فيها قدرتهم وقوّتهم حتى أضحى الصهاينة مرضى نفسيين يخشون ما ينتظرهم في الجبهة الشمالية.

معركة البداية

في كلّ مراحل نِزَال المقاومة، عَرَفَ العدو أنواعًا مُتدرّجة من التصدّي دفاعًا عن الأرض والعرض. الكلمة على رأسها، القول لا لكلّ ما يخرج من مخططات تدمرية وفتنوية يراد لها أن تصبح أمرًا واقعًا رغم إرادة الشعب كما كان حال المتظاهرين الجنوبيين الذي هبّوا عام 1982 على طريق الزهراني الساحلي لرفض الاحتلال.

العام نفسه، مواجهة خلدة الى الصدارة، أُمّ المعارك التي أسّست فعليًا للردع القادم من لبنان. رئيس أركان جيش العدو أثناء الاجتياح الصهيوني للبنان رافائيل ايتان وصفها بأصعب المعارك في حرب لبنان الأولى. مقابل قوات العدو المؤلّفة من ألوية المُشاة والمظلّيين، وغولاني والمدرّعات والطيران، وسلاح البحر مدعومًا بالاستخبارات، خرجت ثلّة من الشباب المؤمن مُلتزمين بتكليف الإمام الخميني (قده) لقتال رتْل القادمين لاحتلال بيروت.
على مدى 3 ساعات متواصلة بلا تعبٍ أو إعياء، أجهز المقاومون على الصهاينة في الشوارع والمباني ومن مسافة صفر الى أن استطاعوا دحرهم بأسلحة بسيطة، والخلاصة كانت: منعهم من التقدّم والمُضيّ في مشروع احتلال العاصمة.

ولادة الكاتيوشا

في التسعينيات، أخذت المواجهة مع العدو طابعًا مُتطوّرًا. الكاتيوشا حينها قضّ مضاجع الاحتلال ومستوطناته. السلاح والعتاد لدى المقاومة يزداد، فيما يستقوي الصهاينة بغارات طائراتهم. 7 أيّام حرب متواصلة خاضها المُجاهدون عام 1993 لصدّ اعتداءات الاحتلال، سمّاها الأخير “تصفية الحساب”، إلّا أن الحساب الحقيقي الذي سُجّل في دفتر الصراع أن المقاومة الإسلامية فرضت منطقها: صواريخنا بوجه آلات قتلكم. لا شيء يحدّ من قدراتنا ومن إرادتنا في ردع الصهاينة. عملياتها لم تخبُ درجةً وظلّت على مسارها التصاعدي.

حرب عصابات ونهاريا وكريات شمونة في واجهة الأهداف

عناقيد الحقد في نيسان 1996. العدو يُشغّل مجدّدًا آلة المجازر. المقاومة في المرصاد.
يتزايد الغضب الصهيوني جرّاء تكثيف ضربات المجاهدين في كلّ المحاور وبوجه العملاء اللحديّين. عشرات الملاحم تُسطّر في المنطقة الجنوبية المحتلّة فاقت الأربعين عملية شهريًا توزّعت على قرى بيت ياحون وكونين وطيرحرفا وخلّة ميفيدون والجرمق وجزين وأرنون والشقيف وحولا ومركبا وصولًا الى عمق الشريط المحتلّ في تلك المرحلة. نشاطٌ عسكريٌّ مُتصاعد دفع قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال آنذاك عميرام ليفين الى التحدّث عن تدريبات يجريها الجنود الصهاينة للمرة الأولى تُحاكي حرب عصابات مع مُجاهدي حزب الله.

مجازر كثيرة ارتكبها الاحتلال في تلك الفترة، قانا والمنصوري أشهرها، لكنّ الخلاصة التي انتهت إليها المواجهة ثبّتت معادلة ردعٍ متقدّمة. لم تضعف وتيرة العمليات، لم يتمكّن الاحتلال من ضرب قيادة المقاومة. مدى صواريخ الكاتيوشا توسّع ليشمل مستوطنات جديدة كنهاريا وكريات شمونة.

غزارة في العمليات.. المقاومة تؤلم العدو وتُحرّر الوطن

في العام 2000 وقُبيل تحرير الجنوب، الصورة أوضح وأقسى بالنسبة للصهاينة. الى أن اكتملت الهزيمة، أخذت المواجهة مع العدو طابعًا مؤلمًا. الضربات تتوالى. التحصينات الصهيونية المتطوّرة في مرمى نيران المقاومة وعبواتهم وكمائنهم وكذلك الرادارات المُخصّصة لرصد تحرّكات المجاهدين. تغيّرت القواعد تباعًا.

اقتحامات المواقع تتلاحق من البياضة الى الحردون الى العزّية وغيرها. الأسر أيضًا كان حاضرًا في أساليب المقاومة.
مواقع جيش الاحتلال وعملائه تتلقّى ضربة تلو ضربة. العبّاد والطهرة وسجد ومشعرون وعرمتى والطيبة شكّلت عبئًا وضغطًا مُتفاقمًا على قيادة المنطقة في جيش الاحتلال.
333 عملية نفذّها المقاومون في أيار وحده، قبل أن تتكامل مع جُهدٍ خارق أدّى الى إجبار العملاء اللحديّين على الفرار من مواقعهم في القرى المحتلّة من بئر كلاب، بركة الدجاج، ثكنة الريحان، تلة هارون، مرج حولا، قيادة فوج السبعين في القبع، العبّاد، الجاموسة، شلعبون، العيشية، حداثا، الزفاتة، بلاط، الشريقي، المحيسبات، ضهور الكسّارة وبرعشيت، الى أن أمْسَت بلدات الطيبة ودير سريان والقنطرة، وعلمان وعدشيت القصير وبلدات ميس الجبل، ورب ثلاثين، ورشاف، وبني حيان، بيت ياحون، محيبيب، وبرعشيت وطلوسة، ومركبا، وحولا، والعديسة، وكونين مُحرّرة بفعل إجهاز المقاومة على الصهاينة وعملائهم، وأصبح كلّ الجنوب اللبناني فارغًا من أيّة قوة صهيونية أو عميلة.

الترسانة الصاروخية تتقدّم

2006 المعادلة تتبدّل. الحقّ ينتزع بالقوة. الأسرى عنوان عمل المقاومة. الوعد الصادق يتحقّق، وأسْر جندييْن صهاينة في عملية مباغتة للعدو في “خلّة وردة”. 33 يومًا خاضها المجاهدون لكسر العدو وتسطير معادلات ردع بالجملة عمادها العتاد العسكري والعامل النفسي. المقاومة تضع صواريخَ جديدة في معاركها. تطوّرٌ نوعيّ أرهب العدو ولم يدع له مجالًا للانتصار. سلاح الجو الصهيوني يُعيد عرض عضلاته بالقصف والغارات والتدمير والقتل، والمقاومة تترك ترسانتها الصاروخية (غير الموجّهة) تصنع المشهد، من غراد (مدى بين 5 و35 كلم) وفجر 3 و5 (مدى بين 45 و75 كلم) وزلزال 1 و2 وخيبر 1 (مدى بين 100 و180 كلم). مستوطنات ومدن عدّة عرفت هذه الصورايخ للمرة الأولى في هذه الحرب: طبريا – حيفا – العفولة – الناصرة- عكا- نهاريا- رامات ديفيد – بيسان – الخضيرة.

الردع ثابت

الردع الذي أسّس له حزب الله في 2006 آتى أُكُله في المرحلة اللاحقة. الاحتلال أطلق في أكثر من مواجهة محدودة مصطلح “معركة بين الحروب”. الصورة تجلّت في مزارع شبعا عام 2014، ثمّ في 2015 عندما انتقمت المقاومة لشهداء القنيطرة الذين اغتالهم العدو، مُستهدفة موكبًا عسكريًا صهيونيا مؤلّفًا من عددٍ من الآليات بالأسلحة الصاروخية.
ظلّت العمليات اللغة السائدة، ففي 2019 استهدفت المقاومة آلية عسكرية صهيونية في مستوطنة أفيفيم. عام 2020، أَعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن معادلة مختلفة. تهديدٌ علنيّ أربك العدو لأسابيع اضطرّته الى إخلاء مواقعه الحدودية مع لبنان والاستعاضة بالدُمى ووضعها في آلياته العسكرية. عقب كلّ هذا، شنّ حزب الله حربًا على المُسيّرات وطائرات التجسّس الصهيونية ، فلم يعد مرورها آمنًا في الأجواء اللبنانية.

نوعٌ جديدٌ من المعارك

يقول السيد نصر الله في خطاب 3/11/2023 “إننا اليوم أمام معركة ‏حقيقية مُختلفة عن كلّ المعارك التي خاضتها المقاومة في لبنان، سواءٌ قبل عام ‏‏2000 أو في عام 2006 وما بعدها، معركة مُختلفة من نوع آخر، في ظروفها، في ‏حيثيّاتها، في عناوينها، في أدواتها، في استهدافاتها، في إجراءاتها”.
يرى بعض المُحلّلين أن ما يجري ليس معركة بين الحروب، وليس جولة قتالية محدودة. كلّ شيء اليوم مُعاكس. معركة جديدة أدبيّاتها حيّة ومُتواصلة، نتائجها جارية، تداعياتها مباشِرة ومُتدفّقة في كيان العدو في كلّ دقيقة. كيف ستنتهي؟ قد يكون من المُفيد جدًا قراءة صحافة الاحتلال التي تحسم الجدل: مستقبل بنيامين نتنياهو انتهى وزمن نكبات كيان “اسرائيل” بدأ.

موقع العهد الاخباري/ لطيفة الحسيني

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

المقاومة في اليوم التالي

 

يقال إن (الحق فوق القوة) وإن المقاوم المدافع عن حقه في وطنه وحريته وسيادته واستقلاله، هو الأقوى من المحتل والأكثر شجاعة من الغازي والوافد الغريب عن الأرض والتضاريس.

غزة تجاوزت بملحمتها (حطين) و(عين جالوت) وتجاوزت ملاحم العرب والمسلمين في مواجهة الحملات الصليبية.. نعم تجاوزت ملحمة طوفان الأقصى كل ملاحم العرب والمسلمين التي كانت متعادلة في قدرات أطرافها، غير أن ملحمة الأقصى كانت ملحمة استثنائية غير مسبوقة في التاريخ، لا من حيث قدرات أطرافها، ولا من حيث إمكانياتهم، إذ يصعب بل يستحيل أن نقارن بين قدرات وإمكانيات المقاومة ماديا ومعنويا وعلميا وتقنيا واستخباريا وعسكريا، مع عدو مدجج بكل القدرات العسكرية الحديثة بل والأكثر حداثة، والمتفوق تقنيا والمدعوم من كبرى جيوش العالم ودول العالم، التي اصطفت سرا وعلانية إلى جانب العدو، مقدمين له كل أشكال الدعم والإسناد بكافة أشكاله عسكريا استخباريا وأمنيا وتسليحا وتجسسيا وإعلاميا ودبلوماسياً وغطاء سياسياً في كل المحافل الدولية والمنظمات الدولية، لدرجة ان أمريكا ودول الغرب وكل عواصم الحريات والديمقراطيات في العالم تخلت من أجل الكيان الصهيوني عن قيمها وأخلاقياتها ومبادئها وقوانينها ودساتيرها من أجل نصرة العدو الصهيوني، فيما المقاومة التي حوصرت من العدو ومن كل دول العالم حوصرت أيضا من أشقائها عربا ومسلمين، في حرب إبادة جماعية دامت لأكثر من 15 شهرا، حربا أبادت القطاع ولم تترك فيه حجرا ولا شجرا وذهب ضحيتها أكثر من (70 ألف شهيد) غالبيتهم نساء وأطفال وشيوخ ومدنيون عزل، وهناك أكثر من (200 الف جريح) وآلاف المعتقلين، حرب مشفوعة بحصار جوي وبري وبحري، حرب منع الأعداء خلالها الطعام والماء والوقود والأدوية عن الأطفال والنساء والشيوخ وعن أكثر من (2.5) مليون عربي فلسطيني، ظل لأكثر من (15) شهرا تائها في جغرافية القطاع المحدودة التي لا تزيد عن (365)كم مربع.

حرب استهدف العدو فيها المنازل والمساجد والكنائس والمدارس والطرقات والمستشفيات وعربات الإسعاف وطواقم الدفاع المدني والدكاترة ومخازن الأدوية، حرب إبادة ممنهجة ومنظمة ومتفق عليها بالفعل والصمت والتجاهل، حرب عجزت المؤسسات الدولية المعنية بحماية السلم والأمن الدوليين عن إيقافها، حرب دمرت مقرات الأمم المتحدة، واهتان خلالها رموز المنظمات الدولية، حرب يمكن وصفها بأنها حرب إبادة كاملة جسدت انحطاط المجتمع الدولي وانهيار قوانينه وكل المنظومات القانونية والأخلاقية، سقطت خلالها حتى الأديان بكل مسمياتها (سقطت للأسف بكل قيمها) والهويات الحضارية والإنسانية.

حرب أخفق فيها العدو رغم كل ما سلف ذكره، عن تحقيق ولو هدف من بنك أهدافه التي أعلنها يوم قرر شن عدوانه وحرب إبادته على قطاع غزة بذريعة تصفية المقاومة وتجريدها من سلاحها والتخلص منها فكريا ووجوديا وماديا ومعنويا، نعم حرب رغم بشاعة العدو وجرائمه فيها ورغم المدد الغربي والشراكة الأمريكية والصمت العربي الإسلامي إزاءها، هزم فيها العدو هزيمة منكرة وساحقة، هزيمة قد لا يستوعبها البعض من أصحاب نظريات (الانبطاح) الذين ينظرون إلى الدمار في غزة ويعتبرونه دليلاً على (هزيمة المقاومة) فيما آخر سيقول: من قتلت المقاومة من العدو؟ مقارنة بما قتل العدو من الشعب الفلسطيني؟ وهناك من سيظل يتمسك بخيبته ويتحدث عن (مغامرات المقاومة) وأنها ضحت بالشعب الفلسطيني وضاعفت من معاناته ودمرت قدراته وعرضته للإبادة، وأمثال هؤلاء ومن يرددون مثل هذه الترهات هم بشر قد سلب الله منهم عقولهم وجَّردهم حتى من بقايا كرامة يمكن أن يتحلى بها إنسان لديه بقايا من كرامة وحرية وشذرات من نخوة عز.

حرب عدوانية شنها العدو، وكانت بالنسبة للمقاومة مصيرية مرتبطة بحقها الوجودي وحق شعبها في الوطن والدولة والحرية، حرب حسمتها المقاومة الفلسطينية وانتصرت فيها ومشاهد تبادل الأسرى كافية لتثبت انتصار المقاومة التي لا يمكن مقارنتها بالعدو وقدراته وإمكانياته وإمكانيات حلفائه وداعميه.. فمن دعم المقاومة؟ حتى (سلطة عباس) المرتهنة شاركت العدو في عدوانه على المقاومة، العرب خانوا المقاومة ومن هرولوا ليتوسطون ما كانوا ليهرولون للوساطة لو كانت المقاومة ضعيفة أو تمكن العدو من سحقها، ماذا فعل هؤلاء في لبنان؟ وماذا فعلوا في سوريا؟ هل قدروا يلتزمون بما تعهدوا به للشعب اللبناني؟ هل تمكنوا من ردع العدو في سوريا؟ وحدها اليمن ممثلة بحكومة صنعاء، أقدمت على ما لم يكن يخطر ببال أحدا عدوا كان أو صديقا.. نعم عملت اليمن ما لم يجرؤ على القيام به ويعمله أي نظام عربي هل كانت صنعاء تغامر؟ لا كانت مؤمنة حد اليقين بما تقوم به وتعرف جيدا ما الذي قامت به والهدف من وراء ذلك، وهو ما لم يدركه أو يستوعبه أصحاب نظريات الانبطاح والارتهان..

لذا أعيد وأكرر ما سبق أن قلته في تناولة سابقة بأن اليوم التالي الفلسطيني هو يوم المقاومة وهي من سوف تشكل أطيافه وهذا ما نشاهده ويشاهده العدو والعالم الذين أرعبتهم مشاهد العزة والكبرياء والشموخ في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • التهجير في زمن التهريج
  • صنعاء تحذر واشنطن: أي استهداف اقتصادي إعلان حرب
  • شاهد | عملية فلسطينية نوعية في الضفة تسقط رهانات العدو على كسر المقاومة
  • المقاومة في اليوم التالي
  • مقاوم فلسطيني يقتحم معسكراً للاحتلال في الضفة ويقتل ويصيب عدداً من الضباط والجنود الصهاينة
  • عملية “تياسير” البطولية تكشف أن المزاج المقاوم في الضفة يتجه نحو التصعيد
  • القبائل اليمنية رمزُ الصمود ومقدمة الصفوف في معركة الأمة
  • عملية تياسير البطولية تكشف أن المزاج المقاوم في الضفة يتجه نحو التصعيد
  • بحماية قوات العدو.. قطعان المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
  • أهالي جنوب لبنان يعززون فشل العدو الإسرائيلي