رووا للجزيرة نت تفاصيل رحلة خروج غير آمنة.. شهادات النازحين من جنين توثق جريمة الاحتلال
تاريخ النشر: 4th, July 2023 GMT
جنين- تفترش الستينية "أم حسين ضبايا" الأرض في ساحة مستشفى ابن سينا شرق مدينة جنين وحولها حفيداها (4 و6 أعوام)، بعد خروج العائلة من منزلها في المخيم تمهيدا لقصفة من طائرات الاحتلال الإسرائيلي.
وكان ضابط في المخابرات العسكرية الإسرائيلية قد أبلغ عائلة ضبايا أن منزلها سيتم قصفه هذه الليلة، وذلك خلال الهجوم الإسرائيلي المتواصل على مخيم جنين منذ فجر أمس الاثنين، والذي أطلقت عليه إسرائيل عملية "بيت وحديقة"، بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية في جنين.
تقول أم حسين "عصر اليوم وردنا اتصال من المخابرات الإسرائيلية بضرورة مغادرة منزلنا لأنهم قرروا قصفه، الحجج كثيرة، ودائما جاهزة عند جيش الاحتلال… وجود مقاومين في المنزل".
وأضافت "ربما حفيدي ذو الأربعة أعوام هو المقاوم، نحن نعيش في المنزل مع بعضنا، 10 أفراد أصبحنا في الشارع في هذا الوقت من الليل".
وأبلغت مخابرات الاحتلال الإسرائيلي عائلات فلسطينية كثيرة داخل المخيم بقرارات قصف منازلها تلك الليلة، بدعوى وجود مقاتلين داخلها، في حين اضطر عدد كبير من أهالي المخيم للخروج مع أطفالهم بحثا عن أقرب نقطة آمنة.
ويقول الأهالي إن عملية الخروج ذاتها ليست آمنة، فالآليات العسكرية متمركزة على مداخل المخيم، والقناصة ينتشرون على أسطح المنازل، بينما لم تترك الطائرات المسيرة سماء المخيم منذ ساعات الفجر الأولى.
وتعرض عدد من النازحين لإطلاق لقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي، خلال محاولة هروبهم من أحد شوارع المخيم، في حين علا صراخ الأطفال وبكاؤهم.
وأوضحت أم حسين أن العائلة خرجت "أولا محاولين الوصول إلى الحارة الغربية، لكن ذلك كان شبه مستحيل، لأن الطرق كلها مجرفة ومدمرة، فنقلتنا سيارة إسعاف إلى مستشفى ابن سينا، لكني أنتظر أخي لأنتقل لمنزله في حارة الجابريات المتاخمة للمخيم"، مضيفة "هي لست آمنة، لكن أين سنذهب؟ هل يمكن أن نبقى مع الأطفال والنساء هنا في المستشفى؟!".
وفي مشهد يذكرهم بالخروج من البلدات والقرى الفلسطينية خلال نكبة عام 1948، ينزح أهالي المخيم في شوارع مدينة جنين إلى المستشفيات التي يُعتقد أنها أكثر مكان آمن في المدينة، وإلى مقر البلدية في منتصف المدينة.
وفي المركز الكوري التابع لمقر بلدية جنين، يقف كفاح ضبايا مع عدد من الأهالي يتشاورون حول مكان قضاء هذه الليلة، يقول ضبايا "كنا في منزلنا، وصلنا قرار الترحيل بواسطة ضابط الإسعاف، قال لي إن منزل عمي أبو حسين ضبايا تقرر قصفه، وإن علينا أن نترك منزلنا أيضا، لأنه ملاصق لمنزل عمي".
وأضاف ضبايا "خرجنا بدون أي شيء، فقط أخدنا أطفالنا وتركنا المنزل، كنا قرابة 60 شخصا تجمعنا كلنا وانتقلنا بواسطة سيارة الإسعاف إلى هنا".
وتابع "أجدادي عاشوا النكبة ولجؤوا إلى المخيم، وأنا أعيش النزوح من المخيم اليوم أولا إلى هنا في بلدية جنين، والآن أستعد للجوء لقرية برقين القريبة عند أحد الأقارب".
ويعيش في مخيم جنين أكثر من 14 ألف شخص، وحتى ساعات الليل الأولى تم إجلاء قرابة 500 عائلة، بمتوسط 5 أفراد على الأقل في كل عائلة، سواء من تمكنوا من الهرب بأنفسهم أو من أجلتهم سيارات الإسعاف، وتحولت ساحة مستشفى جنين الحكومي المحاذي لمخيم جنين إلى محطة انتظار للنازحين.
استنفار ومبادرات شعبيةوتعيش مدينة جنين حالة من التوتر والاستنفار لاستقبال العائلات النازحة، وانتشرت عبر تطبيقات الهواتف النقالة دعوات من سكان المدينة والقرى المحيطة لاستقبال النازحين، وتكررت رسالة "بيوتنا مفتوحة لكل من خرج من منزله في المخيم لمن تقطعت به السبل، تواصلوا معنا، ونحن بخدمتكم".
وتفاعل السكان مع مبادرات توفير الطعام والمياه للنازحين، وفتحت السلطات مقر البلدية والمركز الكوري التابع لها، في حين قال رئيس بلدية جنين نضال عبيدي إن قرابة 200 عائلة وصلت أولا إلى مقر البلدية، قبل أن يتوافد الأهالي من المدنية لنقلهم لمنازلهم الخاصة.
وأضاف عبيدي أن "عائلات كثيرة أُبلغت بهدم منازلها، وبطبيعة الحال ولضيق مساحة المخيم والتصاق منازله ببعضها، فأي منزل مهدد بالقصف، فإن المنازل القريبة سيتركها أهلها لأنها ستضرر".
وأكد أن حالة التكاتف الحاصلة في مدينة جنين وقراها وتضامنهم مع أهالي المخيم هي حالة مشرفة جدا ولافتة للغاية، حيث لم يقبل الأهالي أن يبيت سكان المخيم في المركز الكوري أو مقر البلدية ونقلوهم إلى منازلهم.
وتعمل سيارات الإسعاف في نقل الأهالي من المخيم إلى ساحة مستشفى جنين قبل توزيعهم في أماكن أخرى.
وسط ساحة المستشفى، تبحث عائلات عن أطفالها الذين فقدتهم خلال النزوح، وتقول بهية طوالبة من ساحة المستشفى "نحن عائلات معنا أطفال، كيف يمكننا البقاء في المخيم بعد كل هذه التهديدات بقصفه".
وتصف بهية مشهد خروجها مع أطفالها بالصعب والمرعب، وتتابع "قالوا لنا إن هناك مقاومين بالقرب من المنزل، خرجنا إلى الشارع ورفعنا أقمشة بيضاء لنتمكن من المرور دون إطلاق النار، لم نأخذ معنا شيئا، ونحن محاصرون منذ الصباح من دون ماء ولا غذاء".
"الأطفال جياع حاصرونا لساعات طويلة، والآن أجبرونا على الخروج بملابسنا فقط، لم أحمل معي سوى هاتفي وأطفالي فقط"، تضيف طوالبة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مدینة جنین
إقرأ أيضاً:
جنين: 31 شهيداً و20 ألف نازح نتيجة العدوان الإسرائيلي
متابعات/وكالة الصحافة اليمنية// أكدت اللجنة الإعلامية في مخيم جنين، اليوم السبت، ى استمرار العدوان لليوم 47 على التوالي بجنين، وللأسبوع الثاني من رمضان يمنع الاحتلال إقامة الأذان والصلاة في مساجد المخيم. وقالت اللجنة الإعلامية: “يواصل جيش الاحتلال عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم السابعِ والأربعين على التوالي، مخلفاً 31 شهيداً وعشرات الجرحى”. وأوضحت أنه تتخذ قوات الاحتلال بعض المنازل داخل المخيم ومحيطها كثكنةٍ عسكرية لجنودها، لرصد تحركات الأهالي في المنطقة. كما خلفت جرافات الاحتلال دمارا واسعا في مخيم جنين وخاصة حارة السمران، بالإضافة إلى حرقٌ وتدميرٌ مستمر لمنازل الأهالي في المخيم. وقالت اللجنة: “عشرون ألف نازح يقدرون بـ 90% من سكان مخيم جنين، يدخلون الأسبوع الثاني من شهر رمضان، وهم خارج منازلهم بعد إخراجهم قسراً من منازلهم تحت تهديد السلاح”. وبينت أنه تعاني عدد من العائلات التي ما تزال في مخيم جنين، من نقص حاد في الطعام والاحتياجات الأساسية للأطفال في مخيم جنين. كما يحرم الاحتلال أكثر من ألفي طالب من التعليم بسبب توقف المدارس، مئات العائلات من الخدمات الصحية في المخيم. وتسبب العدوان الإسرائيلي بتضرر 503 منازل ومنشأة بشكل كامل أو جزئي في مخيم جنين. وفي ذات السياق، تعرض 199 من أهالي جنين ومخيمها للاعتقال والاحتجاز من الاحتلال، إضافة لإخضاع العشرات للتحقيق الميداني. وأضافت اللجنة: “ونفذت قوات الاحتلال 427 عملية مداهمة لمنازل في جنين ومخيمها خلال 47 يوماً من العدوان”.