مؤسسة هولندية كبرى تعتزم ضخ استثمارات قوية باقتصادية قناة السويس
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
استقبل وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بيتر موليما، سفير المملكة الهولندية بالقاهرة، لارا مولر، ممثل مؤسسة Invest International الهولندية، وذلك لبحث آفاق التعاون بين الجانبين في المجالات ذات الاهتمام المشترك لا سيما الطاقة المتجددة ومشروعات الوقود الأخضر والصناعات المكملة له في نطاق الصناعات التي تستهدف الهيئة توطينها.
وفي مستهل الاجتماع، قدم وليد جمال الدين، عرضًا تقديميًا استعرض خلاله مقومات المنطقة الاقتصادية من الموانئ الستة التابعة لها بموقعها الفريد على البحرين المتوسط والأحمر وعلى جانبي قناة السويس بما يمر خلالها من نحو 12% من حركة التجارة الدولية، والمناطق الصناعية الأربعة التي تتميز بالتكامل مع الموانئ التابعة، بالإضافة إلى اتفاقيات التجارة الحرة والدولية، وما تسمح به هذه المقومات من النفاذية غير القابلة للمنافسة للأسواق الأوروبية والإفريقية والآسيوية على حدٍّ سواء، فضلًا عن الجاهزية الكبرى التي تتمتع بها المنطقة الاقتصادية لمشروعات الوقود الأخضر من توافر مصادر الطاقة المتجددة من الشمس والرياح، وتنافسية أسعار الطاقة، والاستثمار الضخم للهيئة في البنية التحتية والمرافق وكذا الدراسات التي تتطلبها تلك المشروعات مع أكبر بيوت الخبرة الدولية، مؤكدًا أن لدى المنطقة الاقتصادية فرصًا استثمارية كبرى في مجال إنتاج الوقود الأخضر، مشيرًا إلى نجاح موانئ المنطقة في تقديم خدمة تموين السفن مؤخرًا بالوقود التقليدي والأخضر ما يفتح آفاقًا استثمارية جديدة في هذا المجال.
من جانبه أعرب السفير الهولندي، عن تقديره للمنطقة الاقتصادية وإدراكه لأهمية الدور الذي تلعبه في حركة التجارة والاستثمار الدوليين وخدمة سلاسل الإمداد خاصة في ظل النقص المتناهي الذي تتعرض له إثر المتغيرات والأحداث العالمية الراهنة التي خلفت طلبًا متزايدًا في سلاسل الإمداد، كما أوضح أن هناك شركات هولندية رائدة في إدارة الموانئ، ومحطات التحلية، والطاقة المتجددة، ويمكن لهذه الشركات التعاون مع المنطقة الاقتصادية والإفادة بنقل الخبرة والتكنولوجيا في هذه المجالات، مضيفًا أنه من الضروري البناء على العلاقات الثنائية الجيدة بين مصر وهولندا في التعاون مع المنطقة الاقتصادية.
وفي ذات السياق أوضحت لارا مولر، أن مؤسسة Invest International، قد تأسست منذ عامين ويمكنها تمويل ودعم المستثمرين الهولنديين في مجالات النقل والخدمات البحرية وتطوير الموانئ، وكذلك مشروعات تحلية المياه التي تتميز بها الشركات الهولندية والتي تعتبر من أهم الصناعات المكملة لصناعة الوقود الأخضر، موضحةً أن المؤسسة لديها قائمة لأولويات المشروعات التي تتسم بمخاطر عالية للاستثمار فيها وتمتلك في الوقت ذاته فرصًا واعدة يمكن للمؤسسة تقديم حزم استثمارية جاهزة للتوقيع، وتم مناقشتها مع عدد من الدول بالفعل من بينها مصر، مؤكدة أن الفرص الاستثمارية التي قدمتها المنطقة الاقتصادية تتماس ولائحة الأولويات لدى مؤسسة الاستثمار الدولي.
الجدير بالذكر أن مؤسسة Invest International، هي شركة خاصة مملوكة للدولة لها أنشطة دولية تتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة يمكنها استخدام الدعم من أجل جعل استثماراتها أكثر قابلية للتمويل، خاصةً أن هذه الأنواع من الاستثمارات تأتي بمستويات عالية من المخاطر، مما يجعل من غير المحتمل تمويل إجمالي الاستثمار في السوق، وتضع المؤسسة هدفين استراتيجيين هما: (1-المساهمة في قدرة هولندا على الكسب في المستقبل، 2-إحداث تأثير على أهداف التنمية المستدامة).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المنطقة الاقتصادیة الوقود الأخضر
إقرأ أيضاً:
الشراكات الاقتصادية والإنجاز الدبلوماسي
شهدت بلادنا سلطنة عمان أحداثا وطنية مهمة خلال هذا الأسبوع على الصعيد الدبلوماسي والشراكات الاقتصادية حيث كان الحدث الأول هو زيارة (دولة) التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى مملكة هولندا الصديقة والتي تنتهي اليوم، والحدث الآخر هو نجاح الدبلوماسية العمانية في تحقيق اختراق سياسي مهم من خلال عقد الجولة الأولى من المفاوضات التاريخية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية وسط ترحيب إقليمي ودولي كبير، وأيضا من خلال أصداء إعلامية وصحفية عالمية حيث تصدرت من خلالها تلك المفاوضات في عاصمة الوطن مسقط المشهد الإعلامي، وكانت الخبر الأبرز في الشبكات الإخبارية ووكالات الأنباء والصحف عالميا، حيث يعد ذلك مكسبًا كبيرًا للقوة الناعمة العمانية.
فيما يخص الحدث الأول فقد جاءت الزيارة السلطانية انطلاقا من الجهود المتواصلة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ في تنويع الشراكات الاقتصادية، وفي مجال الطاقة المتجددة والأمن الغذائي والتجارة مع دول العالم في الشرق والغرب، حيث قام جلالته منذ تسلّمه مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير ٢٠٢٠ بعدد من الزيارات الرسمية للدول العربية الشقيقة وأيضا عدد من الدول في آسيا وأوروبا بهدف تعزيز مجالات التعاون بين سلطنة عمان ودول العالم المختلفة خاصة على الصعيد الاقتصادي والاستثماري بهدف إيجاد شراكات حقيقية تجعل الاقتصاد الوطني متنوعا ويتمتع بالاستدامة المالية والخروج من الاعتماد على مصدر وحيد كالنفط علي سبيل المثال.
وخلال السنوات الخمس من حكم جلالته تعززت المؤشرات الاقتصادية والتصنيف الدولي وانخفاض ملحوظ للدين الخارجي وارتفعت مساهمة عدد من القطاعات غير النفطية وتصاعد الناتج المحلي الإجمالي.
كما أن الزيارة السلطانية لمملكة هولندا تعزز من تلك الشراكات خاصة في مجال الطاقة المتجددة وتنشيط الجوانب الاستثمارية والتجارية وقضايا التعليم والتقنية والأمن الغذائي خاصة مع توقيع عدد من البرامج التنفيذية ومذكرات التفاهم بين مسؤولي البلدين الصديقين، خاصة وأن زيارة الدولة تأتي وسط اهتمام إعلامي هولندي وعماني حيث العلاقات التاريخية بين سلطنة عمان ومملكة هولندا والتي تعود إلى ٤٠٠ عام تقريبا حيث التواصل البحري والتجاري. وعلى ضوء ذلك تتواصل الزيارات السلطانية والتي تهدف إلى تحقيق الأهداف الوطنية وتنوع الشراكات الاقتصادية، خاصة وأن بلادنا سلطنة عمان تتميز بموقع فريد على البحار المفتوحة وتتميز بالمصداقية ولغة الحوار في علاقاتها الإقليمية والدولية. كما أن جملة من التشريعات والقوانين التي صدرت مؤخرا بمراسيم سلطانية سوف تعزز مناخ جذب الاستثمارات الخارجية، خاصة على صعيد المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة وهو أمر حيوي لخلق المزيد من فرص العمل للشباب العماني. كما أن جودة التعليم تعد على جانب كبير من الأهمية في تعزيز القدرة التنافسية علاوة على توطين التقنية الصناعية والاقتصاد الرقمي، كما أن القطاع السياحي يعد من القطاعات الحيوية في مجال التنويع الاقتصادي وجذب المزيد من السياح من أوروبا مثل مملكة هولندا وغيرها من الدول الغربية.
الحدث الآخر الذي شهدته الساحة الوطنية هو عقد الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وسط تفاؤل عالمي وتقدير كبير لجهود سلطنة عمان المخلصة في ضرورة إيجاد حل سياسي بين واشنطن وطهران حول جملة من القضايا المعقدة والتي من أهمها البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. وقد شهد العالم لحظة فارقة خفضت من لغة التصعيد والتوتر وعدم الاستقرار التي سادت الساحة الدولية خاصة التصريحات التي صدرت من واشنطن، ومن هنا تنفس العالم الصعداء من خلال تلك الفرصة التي كان للدبلوماسية العمانية دور كبير في إيجاد مقاربة سياسية واقعية وعادلة من خلال اتفاق موضوعي يجنّب المنطقة والعالم المزيد من التوتر والذي قد يقود إلى صراع كارثي سوف تكون منطقة الخليج العربي ومقدراتها أكبر المتضررين.
ومن هنا جاءت ردود الفعل التي رحبت بالجهد الدبلوماسي العماني المقدر من خلال صدور بيانات الإشادة والترحيب والتفاؤل من عواصم صنع القرار في العالم ومن أهمها بيان البيت الأبيض وعدد من الدول الغربية والعربية ومن المجتمع الدولي، كما تصدرت سلطنة عمان المشهد السياسي والإعلامي من خلال الأخبار والتحليلات السياسية حول جولة المفاوضات الأولى بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في مسقط خاصة وأنها جولة انتهت بشكل إيجابي وهناك الجولة الثانية المقرر لها السبت القادم وسوف تحدد إطار التوافق حول البرنامج النووي الإيراني وجملة من القضايا ذات العلاقة والتي من شأنها التوصل إلى مقاربة موضوعية وتوافق سياسي كما حدث عام ٢٠١٥ عندما تم التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني في فيينا بعد جهود دبلوماسية عمانية ومفاوضات سرية وعلنية تواصلت على مدى سنوات وكانت الجولة قبل الأخيرة قد عقدت في مسقط.
وما أشبه الليلة بالبارحة! كما يقال وها هي الدبلوماسية العمانية تظهر من جديد في وقت حاسم ودقيق، خاصة وأن المنطقة تشهد صراعات وحروبًا حيث تواصل العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين وهناك الأوضاع في اليمن والسودان وسوريا، وعلى ضوء ذلك فإن التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني قد يقود إلى حزمة من الحلول السياسية تؤدي إلى السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
إن الدبلوماسية العمانية تسجل إنجازًا كبيرًا في سلسلة إنجازات سلطنة عمان الخارجية منذ أكثر من نصف قرن حيث المصداقية وسياسة الحوار التي تؤدي إلى نبذ الحروب والصراعات التي أضرت بمقدرات الشعوب على مدى عقود، كما أن اختيار مسقط لعودة المفاوضات الإيرانية الأمريكية استند إلى تراكم الخبرة الدبلوماسية العمانية وأيضا صدق نواياها والحياد الإيجابي الذي يميزها عند وجودها كطرف يساعد الفرقاء للوصول إلى حلول واقعية بهدف خفض التصعيد والتوتر وإيجاد الحلول ونسج أواصر التعاون بين الدول والشعوب، وهذه فلسفة سلطنة عمان في الممارسة الفعلية حول العلاقات الدولية وتبادل المصالح والمنافع وإقرار السلام الشامل والعادل لكل القضايا الإقليمية والدولية.