هل يجوز الدعاء بعد كل صلاة، وهل هناك الدعاء بعد التسبيح مستجاب؟ سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية، من خلال بيانها استحباب دعاء المسلم عقب الفراغ من العبادة، موضحة أدلتها من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة وأفعال السلف على استحباب دعاء المسلم لنفسه ولمَن معه عقب الفراغ من العبادة رجاء القبول.

هل يجوز الدعاء بعد كل صلاة؟

استدلت الإفتاء على جواز الدعاء بعد كل صلاة بـ دعاء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام عقب فراغه من بناء الكعبة في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 127].

ودعاء امرأة عمران عليها السلام عقب نذرها ما في بطنها لله تعالى في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [آل عمران: 50].

وقد جاء في خصوص الدعاء بالقبول للنفس والغير عقب الانتهاء من الصلاة: حديثُ ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ عِنْدَ الِانْصِرَافِ مِن الْجُمُعَةِ فَلْيَقُلْ: تَقَبَّلُ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ؛ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ أَدَّيْتُمُوهَا إِلَى رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ» رواه الحافظ أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" والديلمي في "مسند الفردوس".

وهذا الحديث من طريق نهشل بن سعيد، ونسخته عن الضحاك بن مزاحم وإن ضعّفها بعضُ الحفّاظ إلّا أنها "لا تنتهي إلى الوصف بالوضع"؛ كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "نكته على ابن الصلاح" (1/ 500، ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة)، وقد استشهد الحافظ السخاوي بهذا الحديث في "المقاصد الحسنة" (1/ 271، ط. دار الكتاب العربي) على مشروعية التهنئة بالشهور والأعياد.

الأدلة على استحباب دعاء المسلمين لبعضهم البعض

استحبت الشريعة للمسلمين أن يدعو بعضهم لبعض في خواتيم العبادات؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو للحاج عند تمام حجه، ولصائم رمضان عند فطره، وللتائب من الذنب عند توبته.

فمن ذلك الدعاء بالقبول بعد صلاة العيدين؛ فعن خالد بن معدان قال: لقيت واثلة بن الأسقع رضي الله عنه في يوم عيد، فقلت: تقبل الله منا ومنك، فقال: نعم، تقبل الله منا ومنك، قال واثلة رضي الله عنه: لقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عيد فقلت: تقبل الله منا ومنك، قال: «نَعَمْ، تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" و"الدعاء"، والبيهقي في "السنن الكبرى".

وعن جُبَير بن نُفَير قال: كان أصحاب النبي صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم رضي الله عنهم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: "تقبَّل الله منا ومنك" أخرجه المحاملي في "المحامليات"، وإسناده حسن؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 446، ط. دار المعرفة)، وحسّنه أيضًا السيوطي والقسطلاني.

الدعاء المستجاب وقت صلاة الظهر .. ردده بيقين يفرج همك ويشرح صدرك الصلاة النارية.. بها سر عجيب فى استجابة الدعاء وتفريج الكرب

وبعد الانتهاء من أعمال الحج: فقد ورد أن الملائكة عليهم السلام هنأوا سيدنا آدم عليه السلام على حجه بيتَ الله الحرام؛ فقالوا له: "بَرَّ نُسُكُكَ يَا آدَمُ"، أو "بَرَّ حجُّكَ يا آدم" أخرجه قِوَامُ السُّنّة في "الترغيب والترهيب"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء غلامٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني أريد هذه الناحية الحج، فمشى معه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: «يَا غُلَامُ، زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى، وَوَجَّهَكَ الْخَيْرَ، وَكَفَاكَ الْهَمَّ»، فلما رجع الغلام سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرفع رأسه إليه وقال: «يَا غُلَامُ، قَبِلَ اللهُ حَجَّكَ، وَكَفَّرَ ذَنْبَكَ، وَأَخْلَفَ نَفَقَتَكَ» أخرجه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وابن السني في "عمل اليوم الليلة".

وروي أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول لِلْحَاجِّ إِذَا قَدِمَ: "تَقَبَّلَ اللهُ نُسُكَكَ، وَأَعْظَمَ أَجْرَكَ، وَأَخْلَفَ نَفَقَتَكَ" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".

وقال اللَّيْث بن سعد: "كَانَ ابْن سِيرِين لَا يزِيد أَن يَقُول للرجل إِذا قدم من حج أَو غَزْوَة أَو فِي عيد: "قَبِلَ اللهُ منا ومنكم، وَغفر لنا وَلكم" أخرجه ابن الأبار في "التكملة لكتاب الصلة" (2/ 171، ط. دار الفكر).

وبعد ختم القرآن الكريم؛ فعن خيثمة قال: مرَّ عمران بن حصين رضي الله عنه برجل يقصُّ، فقال عمران: إنَّا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَسَلُوا اللهَ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجِيءَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند".

وعن شعبة بن الحجاج، عن الحكم قال: "بعث إليَّ مجاهد قال: إنما دعوناك أنَّا أردنا أن نختم القرآن وإنه بلغنا أنَّ الدعاء يستجاب عند ختم القرآن"، قال: "فدعوا بدعوات" أخرجه الدارمي في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان". 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدعاء بناء الكعبة دار الإفتاء رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله رضی الله عنه ل الله م

إقرأ أيضاً:

عضو بـ«لجنة الفتوى» يحذر من فعل يُبطل الصلاة.. يقع فيه الكثيرون

الصلاة هي عماد الدين، وركن أساسي يحرص عليه المسلمون يوميا، وبالتالي فإن المحافظة عليها وأدائها في أوقاتها على أكمل وجه من الأمور التي أمر بها الإسلام، إلاّ أنّ هناك فعل يغفل عنه الكثيرون فيما يتعلق بكيفية أداء الصلاة بشكل صحيح، ويمكن أن يؤدي إلى بطلانها، وذلك بعيدًا عن التمهل والخشوع في الصلاة.

حكم حبس البول والغائط أثناء الصلاة

وحول ذلك الأمر، فقال الدكتور عطية لاشين عضو لجنة الفتوى في الأزهر الشريف، في حديثه لـ«الوطن»، إن حبس البول أو الغائط ومدافعته من الأمور المكروهة، والتي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في لحديث النبوي الشريف، عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: «لا صَلاةَ بحَضرةِ الطَّعامِ، ولا هو يُدافِعُه الأخبثانِ».

حالات الوضوء لكل صلاة

ولفت إلى أنّ صلاة الشخص الذي يحبس البول أو الغائط أو الريح مكروهة يبطل الصلاة، إذا كان الشخص متعمد لذلك الأمر وليس من أصحاب الأعذار، قائلا: «أما إذا كان من أصحاب الأعذار فلا شيء عليه، وفي تلك الحالة عليه أن يتوضئ لكل صلاة ليكون أضمن إلى الطهارة».. 

 

مقالات مشابهة

  • أمير المؤمنين ويعسوب المتقين وكره اليهود لشخصه
  • دار الإفتاء توضح بعض مظاهر حماية ورعاية الإسلام للبيئة
  • كيفية بر الزوجة بعد موتها.. الإفتاء توضح
  • عضو بـ«لجنة الفتوى» يحذر من فعل يُبطل الصلاة.. يقع فيه الكثيرون
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: من يغش ويحتكر السلع.. ملعون
  • ما حكم تلبية الدعوة إلى الوليمة للعائد من الحج؟
  • حكم ترك العقيقة من المستطيع على أدائها.. «الإفتاء» تُجيب
  • سبب لدخول الجنة.. تعرف على مكاسب إطعام الطعام
  • متى تكون الرضاعة سببًا في تحريم الزواج؟.. أمينة الفتوى تجيب (فيديو)
  • كام سبتمبر؟.. موعد المولد النبوي 1446