هوامش ومتون :ضمائر حيّة وقلوب من حَجَر
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
كلّما أرى صورة إنجلينا جولي، وهي تدافع عن قضايا إنسانية، أتذكر فانيسيا ردغريف، الممثلة والمخرجة البريطانية التي بهرتنا في أواخر السبعينيات، فقد سخّرت الممثلتان العالميتان شهرتهما لنصرة القضايا الإنسانيّة، ومن أبرزها القضية الفلسطينية، ولمن لا يعرف فانيسيا ردغريف، من الأجيال الجديدة، فهي نجمة سينمائيّة عالمية رشّحت للأوسكار ست مرّات، وفازت بها مرة واحدة كأفضل ممثلة مساعدة عن مشاركتها في فيلم (جوليا) عام 1978 م ولم يمرّ ذلك الحدث عليها بسلام، إذ قوبلت باحتجاجات يهود قاموا بمظاهرات مستنكرين منحها الجائزة؛ كونها شاركت في فيلم (فلسطينيون) عام 1977م، لكن تلك الاحتجاجات لم تقف حائلا بينها وبين منصّة التتويج التي اعتلتها بكلّ شجاعة، ووصفت المحتجّين بالسفّاحين مؤكدة أنها ستظل تناصر الشعب الفلسطيني ودعم القضية الفلسطينية، وخلال حضورها المهرجان العاشر للأفلام في بريشتينا عام ٢٠١٨ بعد عرض فيلمها الوثائقي (حزن البحر) تساءلت: «كيف يمكن للفلسطينيين أن يعاملوا كما يعاملون اليوم؟ كيف يمكن أن يعاني هؤلاء الناس وأن يكون هناك مثل هذا الظلم؟ لقد أصبح الناس بقلوب من حجر في كلّ العالم وغير إنسانيين».
ولم تكتفِ بذلك، بل زارت فانيسيا ردغريف المولودة عام 1937 م مخيمات اللاجئين في السبعينات، وفضحت الممارسات اللا إنسانية، لجنود الاحتلال، وسخّرت شهرتها لنصرة القضية الفلسطينية، فتعرّضت لأذى كثير، ودفعت الثمن غاليا، ولكنّها لم تتراجع عن مواقفها، بل أصرّت عليها، لأنها صادرة عن قناعة شخصيّة، وقراءة لواقع مؤلم يعيشه الفلسطينيون، واليوم تسير النجمة أنجلينا جولي على خطاها، وهي المعروفة بمواقفها الإنسانية، وأحدث تصريحاتها تضمّنت إدانتها للهجمات الوحشية التي يتعرّض لها الفلسطينيون والقصف الإسرائيلي الذي شهده مخيم جباليا بقطاع (غزّة)، وأسفر عن سقوط أكثر من 400 شهيد وجريح، وكتبتْ في حسابها في (إنستجرام) معلّقة على صورة من صور الدمار «هذا هو القصف المتعمد للسكان المحاصرين الذين ليس لديهم مكان يفرّون إليه.. لقد ظلّت (غزّة) بمثابة سجن مفتوح منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، وتتحوّل اليوم بسرعة إلى مقبرة جماعية، 40% من القتلى أطفال أبرياء.. عائلات بأكملها تُقتل» متهمة زعماء العالم بالتواطؤ في ارتكاب الجرائم في (غزة) وسواها من المدن الفلسطينية.
إنّ هذه المواقف، التي تجعل أصحابها يندرجون ضمن مفهوم المثقف العضوي، حسب مصطلح المفكّر الإيطالي أنطونيو غرامشي، لها دور كبير في التعريف بأبعاد القضية الفلسطينية، التي شوّهها الإعلام الغربي، وطمس الكثير من الحقائق، خصوصا أنها جاءت من فنّانتين لهما جمهور عريض في كلّ أنحاء العالم، وكلمتهما مسموعة من قبل هذا الجمهور، وقد قدّمتا بهذه المواقف، خدمات كثيرة للقضية الفلسطينية، وهما لا تقفان متفرّدتين في الوسط الثقافي والفني العالمي، فهناك فنانون دعموا القضيّة، من بينهم: النجمة الأمريكية والإسرائيلية ناتالي بورتمان المولودة في القدس، التي رفضت عام 2018م تسلّم جائزة تسمى (النوبل اليهودي) وقيمتها مليونا دولار، بعد أن شهدتْ (غزّة) احتجاجات على استشهاد 35 فلسطينيا، في تلك الاحتجاجات التي انطلقت في 30 مارس 2018م، حملت اسم (مسيرة العودة)، وللممثلة اليهودية ميريام مارجويلز التي اشتهرت بأدوارها في سلسلة أفلام (هاري بوتر) تصريحات انتقدت بها حكومة الاحتلال وتضامنت مع الشعب الفلسطيني، وكذلك المغنّي البريطاني زين مالك الذي أدان الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق أصحاب الأرض، والمخرج السويسري ريشارد ديندو صاحب فيلم (جان جينيه في شاتيلا) الذي يتحدّث عن الشاعر الفرنسي جان جينيه الذي كتب (أربع ساعات في شاتيلا) بعد عشرين عاما من التوقّف عن الكتابة، وتحدّث به عن علاقاته بالفدائيين الفلسطينيين، ومذبحة مخيم (صبرا وشاتيلا) في عام 1982م، والمخرج الفرنسي جان لوك غودار الذي أخرج فيلم (هنا وهناك) عن حصار (تلّ الزعتر) سنة 1976م ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان، إلى جانب فنّانين عالمييّن قدّموا أعمالا فنية وجّهوا من خلالها رسائل، ساهمت في توضيح أبعاد القضيّة ساهمت في تحريك الضمير العالمي، وقد جاءت من ضمائر حيّة في عالم قدّتْ قلوب الكثيرين به من حَجَر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
كامل الوزير: اجتماع النقل العرب يخرج بتوصيات لدعم القضية الفلسطينية
أكد الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الاقتصادية ووزير النقل، أن قرار دعم صمود الشعب الفلسطيني يعد ثابتاً ودائماً في كل اجتماعات وزراء النقل العرب. وأعرب عن أمله في عقد الاجتماع المقبل لوزراء النقل في دولة فلسطين، وتحديداً في مدينة رام الله، للتأكيد على دعم القضية الفلسطينية في مواجهة التحديات الراهنة.
جاءت تصريحات الوزير خلال مؤتمر صحفي عقب انتهاء أعمال الدورة السابعة والثلاثين لمجلس وزراء النقل العرب والدورة التاسعة والعشرين للجمعية العمومية للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والتي عُقدت في مقر الأكاديمية بالإسكندرية، يوم الأربعاء 13 نوفمبر الجاري.
وشدد الوزير على أهمية الدعم الاقتصادي الثابت والدائم للشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني في مجالات النقل والمواصلات. وأشار إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول العربية التي طبقت نظم النقل الذكي، لتعميم هذه التجارب على باقي الدول، مما يساهم في إنشاء شبكة نقل ذكي عربية تعزز من السلامة على الطرق.
كما اقترح الوزير إنشاء منصة رقمية لكل دولة عربية، وربط هذه المنصات في شبكة رقمية عربية واحدة، لتنظيم وتسهيل عمليات النقل بين الدول العربية.
وأشاد الوزير بالحضور الجماعي الكبير لاجتماع وزراء النقل العرب، معبراً عن تطلعه لعقد الاجتماعات القادمة في رام الله وصنعاء والخرطوم بعد استقرار الأوضاع في هذه الدول.
وأكد كامل الوزير أن النقل هو شريان الحياة والتنمية والداعم الرئيس للاقتصاد، داعياً إلى مواجهة التحديات الجيوسياسية لكسر الحواجز وتسهيل عمليات نقل البضائع بين الدول العربية، بما يخدم مصالح الشعوب العربية.