بوابة الوفد:
2025-02-22@05:20:07 GMT

إسرائيل تستعيد سيناريو النكبة

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

يتجاوز ما يحدث فى غزة حدود العقل والمنطق، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الإيمان المطلق بالقوة وحدها بعيدا عن كل القيم الحضارية هو ما دفع الدولة الصهيونية إلى كل هذا التوحش، وكل هذا الظلم، وهو الذى جعلها تعصف بكافة مواثيق العدل، وتعادى الإنسانية، وتطيح بأحلام السلام العادل.

فالإبادة الجماعية التى تمارسها آلة الحرب الإسرائيلية كل يوم لا تكتفى بتتبع عناصر حركة المقاومة أو ملاحقة كوادر حماس فى غزة أو خارجها، وإنما تقوم على مبدأ التصفية الكاملة للوجود الفلسطينى كله فى إطار مشروع مُعد سلفا لإنهاء القضية بمنطق فرض الأمر الواقع بالقوة.

ولا شك أن وصول حكومة نتنياهو إلى الحكم، بما تمثله هذه الحكومة من تطرف سياسى بغيض يقوم على رفض الدولة الفلسطينية ولا يقبل بأى اتفاقات سلام، بل ويسعى أيضا إلى محو اتفاق أوسلو باعتباره خطأ فى مسيرة المشروع الصهيونى، يعبر بيقين عن توجه عام داخل المجتمع الإسرائيلى لا يقبل بالسلام ولا يرغب فيه.

ومن هنا، كان تعبير وزير التراث الإسرائيلى عميحاى إلياهو بإمكانية ضرب غزة بالقنابل النووية كحل نهائى لما تمثله هذه المدينة من خطر على إسرائيل، انعكاسًا لرأى عام متطرف سائد وشائع داخل إسرائيل ولا يمت بأى صلة لقيم التحضر، وقيم التعايش الإنسانى، والرغبة فى السلام والأمن الدوليين.

ومن يتابع تطورات القضية الفلسطينية على مدى تاريخها يلاحظ بوضوح كيف تزايدت المساحة الجغرافية لدولة إسرائيل على مر الزمن، ما أكد انطلاقها وراء مشروع سابق للتوسع الجغرافى، فقد كانت المساحة المخصصة لإسرائيل وفقا لقرار التقسيم سنة 1947 تمثل نحو 55 فى المئة من مساحة فلسطين، وخلال العام التالى وفيما عرف تاريخيًا بالنكبة نفذت عصابات إسرائيل مذابح بحق الأطفال والنساء والمدنيين وأجبرت سبعمائة ألف فلسطينى على النزوح، لتسيطر إسرائيل على نحو 85 فى المئة من مساحة فلسطين التاريخية البالغة سبعة وعشرين ألف كيلو متر. ثم بعد حرب يونيو 1967 أحكمت إسرائيل سيطرتها على مدينة القدس، كما استولت على الجولان والضفة وسيناء.

ولا شك أن هناك دعوات وتصورات إسرائيلية لدى الأجيال الجديدة لإعادة تكرار سيناريو النكبة وترحيل باقى الوجود الفلسطينى تماما عن أراضيه، وهو ما يواجه صمودا بطوليا من جانب الشعب الفلسطينى يستحق كل تحية وتأييد.

وفى تصورى فإن الفلسطينيين يدركون يقينا هول ترك الأرض تحت أى لافتة كانت، لأنهم خبروها من قبل وذاقوا مرارة التشتت فى العالم، ولم يتمكنوا من العودة أبدا إلى ديارهم، وظلت قضية اللاجئين إحدى أخطر القضايا العالقة فى أى مفاوضات يتم إجراؤها.

ومن المؤكد أن الحرب الجارية تثبت حقيقة مهمة من حقائق الصراع العربى الإسرائيلى التى قد ينكرها البعض بحسن نية، وهى أن هذا الصراع القائم هو صراع مختلف عن كافة الصراعات المعروفة فى العالم، فهو صراع وجود، وهوية، وقيم، وحضارة، وثقافة، وليس مجرد صراع على الأرض.

كما أن الرهان على دعاة السلام فى إسرائيل هو فى حقيقة الأمر رهان واهن ضعيف خاصة أن الدولة الصهيونية نفسها قامت على الحرب، والعدوان، والتهجير، والتصفية، وأى سلام فى مسيرتها لم يتجاوز خطوات تكتيكية مؤقتة اضطرتها الظروف إليه مثلما حدث مع مصر بعد نصر أكتوبر المجيد، وهذا الأمر لا يجب أن يغيب عن دعاة التطبيع فى العالم العربى.

وكلنا أمل أن تتكاتف جهود العرب لوقف العدوان ومنع التهجير والاصطفاف أمام تصفية القضية الفلسطينية بقوة.

وسلامٌ على الأمة المصرية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د هاني سري الدين غزة لقضية

إقرأ أيضاً:

السودان: إبادة جماعية، مجاعة، وجرائم حرب… والمأساة المستمرة في ظل صمت عالمي مخزٍ

د.احمد التيجاني سيد احمد

مقدمة
بين نيران الحرب وصمت العالم، يعيش السودان مأساة إنسانية تجاوزت حدود الوصف. المدن تحترق، والأحياء تتحول إلى مقابر جماعية، بينما ينتظر ملايين الأبرياء نجدة لن تأتي. في شوارع الخرطوم ووديان دارفور، يُسمع صوت القذائف أكثر من صوت الحياة، وأصبحت المجاعة والدمار جزءًا من يوميات الناس. ومع كل هذا، يقف العالم متفرجًا، وكأن هذه البلاد المنسية خارج خريطة الإنسانية

إنها ليست مجرد حرب بين جيوش متناحرة؛ بل هي كارثة تمزق أوصال شعب بأكمله، حيث تداخلت الأيدي الداخلية والخارجية لتجعل من السودان ساحة مفتوحة لأبشع الجرائم ضد الإنسانية. فما الذي أوصل البلاد إلى هذا الوضع المأساوي؟ ولماذا لا يزال العالم يُدير ظهره لهذه المأساة رغم حجم الدمار والمعاناة؟ في هذا المقال، نسلط الضوء على فصول هذه الكارثة التي لا تزال تتفاقم في ظل صمت عالمي مخزٍ.

الحرب التي اشعلتها مليشيات فلول الموتمر الوطني المحلول (بقيادةً مليشيا البراء )التي تسيطر علي القوات المسلحة السودانية (SAF) في محاولة للقضاء علي قوات الدعم السريع (ٍٍRSF) ، تحولت إلى كارثة إنسانية تسببت في نزوح الملايين، تدمير البنية التحتية، وانتشار المجاعة، وسط انهيار كامل لمؤسسات الدولة.

١. التطهير العرقي والمجازر في دارفور
دارفور، التي كانت مسرحًا للإبادة الجماعية في أوائل الألفية، تعود اليوم إلى الواجهة بفظائع جديدة من خلال قصف جويّ مركز من السلاح الجوي للقوات المسلحةً (SAF) و مليشيات فلول الحركة الإسلامية في عمليات توصف بأنها تهديد للشعب إذا لم يعودوا للحكم (يا نحكمكم يا نكتلكم ) .كما انها تطهير عرقي ممنهج بدأته الحركة الإسلامية منذ استيلائها علي الحكم عام ١٩٨٩ والي سقوطها عام ٢٠١٩ و منذ انقلاب البرهان في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١.

٢.جرائم القوات المسلحةً السودانية
رغم محاولتها تقديم نفسها كحامية للشعب، ارتكبت القوات المسلحة السودانية انتهاكات جسيمة بحق المدنيين:
القصف العشوائي:
-استخدمت القوات المسلحة الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة لقصف الأحياء السكنية في الخرطوم وأم درمان، ما أدى إلى مقتل آلاف المدنيين.
-الاعتقالات والإعدامات: نفذت أجهزة المخابرات التابعة للجيش حملات اعتقال واسعة ضد المعارضين، تخللتها أعمال تعذيب وإعدامات ميدانية.
-تجنيد الأطفال: أكدت تقارير أن الجيش وقوات الدعم السريع لجأوا إلى تجنيد الأطفال لتعويض الخسائر في صفوفهم، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية
-كما لم تخلو ساحات القتال و منازل الأبرياء من تجاوزات من قوات الدعم السريع قتل فيها و تشرد بسببها الالاف من الأبرياء. لكن تبعتها تصحيحات ميدانية لعلها تعيد للابرياء حقوقهم .

٣. انهيار الدولة والكوارث الإنسانية
أدى الصراع إلى انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة، ما جعل الحياة اليومية مستحيلة بالنسبة للمواطنين.
-أزمة النزوح الأكبر في العالم: تجاوز عدد النازحين داخليًا وخارجيًا اكثر من ١٥ مليون شخص، ما يجعل السودان اليوم أكبر أزمة نزوح في العالم.-
-شبح المجاعة: توقف الإنتاج الزراعي وانقطاع سلاسل الإمداد، ما دفع البلاد إلى شفا إحدى أسوأ المجاعات في العصر الحديث، مع تحذيرات من احتمال وفاة الملايين جوعًا.
-انهيار الخدمات الصحية: تعرضت المستشفيات للقصف والنهب، وأصبحت ٨٠ % من المنشآت الصحية خارج الخدمة، ما أدى إلى وفاة الآلاف بسبب أمراض كان يمكن علاجها بسهولة
-اما الموت الذي اصاب الشعب السوداني من كل فئاته بالسلاح السوداني و المصري ، فلقد تجاوز الثلاثمائة الف بما في ذلكً ما لا يقل عن خمسون الف من حملة السلاح .مثلا قُدِّر عدد القتلى في ولاية الخرطوم وحدها بأكثر من ٦١،٠٠٠ شخص خلال الأشهر الأولى من النزاع

٤.صمت عالمي مخزٍ وتواطؤ إقليمي
رغم فداحة الجرائم المرتكبة، لم يحظ السودان بالاهتمام الدولي الكافي، ما ساهم في تفاقم المعاناة واستمرار العنف.-
تجاهل المجتمع الدولي: في الوقت الذي حشد فيه العالم دعمه لأوكرانيا وفلسطين، ترك السودان ينزف في صمت، دون أي تدخل يذكر لإنقاذ المدنيين.
الدعم الإقليمي للفصائل المتحاربة: واصلت بعض الدول الإقليمية، مثل مصر، الإمارات، والسعودية، تقديم الدعم العسكري والمالي لأطراف الصراع، ما أدى إلى إطالة أمد الحرب.
فشل العدالة الدولية: رغم إصدار المحكمة الجنائية الدولية (ICC) أوامر اعتقال بحق مسؤولين سودانيين متورطين في جرائم دارفور، إلا أن أحدًا لم يُحاسب حتى الآن، مما شجع على استمرار الإفلات من العقاب.

٦. مأساة مستمرة وصمت لا يُغتفر
في الوقت الذي يُقتل فيه المدنيون يوميًا، ويُجبر الملايين على الفرار من منازلهم، يظل العالم غارقًا في صمتٍ مخزٍ. وسائل الإعلام العالمية نادرًا ما تذكر مأساة السودان، بينما تظل المنظمات الدولية عاجزة عن إيصال المساعدات الإنسانية بسبب استمرار القتال.
هذا التجاهل الدولي ليس مجرد إهمال، بل هو تواطؤ بالصمت، حيث يُترك شعب السودان يواجه الإبادة والمجاعة والدمار دون أدنى تدخل. في ظل هذا الوضع، تتحمل المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية لوقف هذه المأساة قبل أن تتحول إلى عار تاريخي لن يُنسى.

خاتمة: هل ما زال هناك أمل؟
رغم ظلام المشهد، فإن السودان لا يزال يمتلك شعبًا صامدًا يسعى للسلام والحرية. و بالرغمً من فشل هذا الشعب من استمرار الثورة التي اطاحت بسلطة الحركة الإسلامية و قايدها بالبشير .. فلقد ظل يخاطب العالم من خلال تنظيماته المدنية و الفئوية و من خلال الدخول في تحالفات سلمية مع حركات التحرر السودانية ؛ لكن بدون اي تقدم في ساحات صنع السلام

الحل الوحيد لإنهاء هذه المأساة يكمن في وقف فوري لإطلاق النار، إيصال المساعدات الإنسانية دون قيود، ومحاسبة جميع المسؤولين عن جرائم الحرب. أما العالم، فقد آن الأوان أن يكسر صمته المخزي ويقف بجانب شعب السودان الذي دفع ثمنًا باهظًا بسبب هذه الحرب العبثية.

نواصل

د.احمد التيجاني سيد احمد
٢٠ فبراير ٢٠٢٥ نيروبي كينيا

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • مطرقة ترامب على خريطة العالم
  • وزير خارجية إسبانيا يصدم نظيره من “العالم الآخر” بتجاهل قضية الصحراء والدفاع عن القضية الفلسطينية
  • باحث: إسرائيل تستغل التفجيرات لتعزيز خططها وتحقيق أهدافها بالضفة
  • تقرير لـ«الجارديان» يرصد رد أهالي غزة على دعوات التهجير: «لن نكرر النكبة مرة أخرى»
  • عربية وعبرية وإسرائيلية.. رسالة فلسطينية إلى إسرائيل بـ«ثلاث لغات» (صور)
  • السودان: إبادة جماعية، مجاعة، وجرائم حرب… والمأساة المستمرة في ظل صمت عالمي مخزٍ
  • كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي
  • الكفالة القانونية.. كيف تستعيد أموالك بعد البراءة
  • هل آن الأوان لأوروبا أن تستعيد بوصلتها ومكانتها في العالم؟!
  • حزب حماة الوطن: العالم يتبنى موقف مصر في حل القضية الفلسطينية