إسرائيل تستعيد سيناريو النكبة
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
يتجاوز ما يحدث فى غزة حدود العقل والمنطق، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الإيمان المطلق بالقوة وحدها بعيدا عن كل القيم الحضارية هو ما دفع الدولة الصهيونية إلى كل هذا التوحش، وكل هذا الظلم، وهو الذى جعلها تعصف بكافة مواثيق العدل، وتعادى الإنسانية، وتطيح بأحلام السلام العادل.
فالإبادة الجماعية التى تمارسها آلة الحرب الإسرائيلية كل يوم لا تكتفى بتتبع عناصر حركة المقاومة أو ملاحقة كوادر حماس فى غزة أو خارجها، وإنما تقوم على مبدأ التصفية الكاملة للوجود الفلسطينى كله فى إطار مشروع مُعد سلفا لإنهاء القضية بمنطق فرض الأمر الواقع بالقوة.
ولا شك أن وصول حكومة نتنياهو إلى الحكم، بما تمثله هذه الحكومة من تطرف سياسى بغيض يقوم على رفض الدولة الفلسطينية ولا يقبل بأى اتفاقات سلام، بل ويسعى أيضا إلى محو اتفاق أوسلو باعتباره خطأ فى مسيرة المشروع الصهيونى، يعبر بيقين عن توجه عام داخل المجتمع الإسرائيلى لا يقبل بالسلام ولا يرغب فيه.
ومن هنا، كان تعبير وزير التراث الإسرائيلى عميحاى إلياهو بإمكانية ضرب غزة بالقنابل النووية كحل نهائى لما تمثله هذه المدينة من خطر على إسرائيل، انعكاسًا لرأى عام متطرف سائد وشائع داخل إسرائيل ولا يمت بأى صلة لقيم التحضر، وقيم التعايش الإنسانى، والرغبة فى السلام والأمن الدوليين.
ومن يتابع تطورات القضية الفلسطينية على مدى تاريخها يلاحظ بوضوح كيف تزايدت المساحة الجغرافية لدولة إسرائيل على مر الزمن، ما أكد انطلاقها وراء مشروع سابق للتوسع الجغرافى، فقد كانت المساحة المخصصة لإسرائيل وفقا لقرار التقسيم سنة 1947 تمثل نحو 55 فى المئة من مساحة فلسطين، وخلال العام التالى وفيما عرف تاريخيًا بالنكبة نفذت عصابات إسرائيل مذابح بحق الأطفال والنساء والمدنيين وأجبرت سبعمائة ألف فلسطينى على النزوح، لتسيطر إسرائيل على نحو 85 فى المئة من مساحة فلسطين التاريخية البالغة سبعة وعشرين ألف كيلو متر. ثم بعد حرب يونيو 1967 أحكمت إسرائيل سيطرتها على مدينة القدس، كما استولت على الجولان والضفة وسيناء.
ولا شك أن هناك دعوات وتصورات إسرائيلية لدى الأجيال الجديدة لإعادة تكرار سيناريو النكبة وترحيل باقى الوجود الفلسطينى تماما عن أراضيه، وهو ما يواجه صمودا بطوليا من جانب الشعب الفلسطينى يستحق كل تحية وتأييد.
وفى تصورى فإن الفلسطينيين يدركون يقينا هول ترك الأرض تحت أى لافتة كانت، لأنهم خبروها من قبل وذاقوا مرارة التشتت فى العالم، ولم يتمكنوا من العودة أبدا إلى ديارهم، وظلت قضية اللاجئين إحدى أخطر القضايا العالقة فى أى مفاوضات يتم إجراؤها.
ومن المؤكد أن الحرب الجارية تثبت حقيقة مهمة من حقائق الصراع العربى الإسرائيلى التى قد ينكرها البعض بحسن نية، وهى أن هذا الصراع القائم هو صراع مختلف عن كافة الصراعات المعروفة فى العالم، فهو صراع وجود، وهوية، وقيم، وحضارة، وثقافة، وليس مجرد صراع على الأرض.
كما أن الرهان على دعاة السلام فى إسرائيل هو فى حقيقة الأمر رهان واهن ضعيف خاصة أن الدولة الصهيونية نفسها قامت على الحرب، والعدوان، والتهجير، والتصفية، وأى سلام فى مسيرتها لم يتجاوز خطوات تكتيكية مؤقتة اضطرتها الظروف إليه مثلما حدث مع مصر بعد نصر أكتوبر المجيد، وهذا الأمر لا يجب أن يغيب عن دعاة التطبيع فى العالم العربى.
وكلنا أمل أن تتكاتف جهود العرب لوقف العدوان ومنع التهجير والاصطفاف أمام تصفية القضية الفلسطينية بقوة.
وسلامٌ على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هاني سري الدين غزة لقضية
إقرأ أيضاً:
باراك: نتنياهو يقود “إسرائيل” نحو الهاوية.. وحربنا في غزة عبثية
#سواليف
انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، #إيهود_باراك، استمرار #الحرب على قطاع #غزة، واصفاً إياها بـ ” #العبثية ” التي تخدم #مصالح رئيس الحكومة بنيامين #نتنياهو السياسية، محذراً من خطر داهم على مستقبل “إسرائيل” وهويتها.
وفي مقابلة مع “القناة 12” الإسرائيلية، قال باراك: “نحن في إسرائيل على حافة الهاوية، ويوجد خطر آني وواضح على أمن الدولة أولاً، وعلى شكل النظام لدينا، والديمقراطية، وهوية الدولة ومستقبلها، ومن يحاول دفعها إلى هذه الهاوية هو ليس إلا رئيس الحكومة”.
وأضاف: “إسرائيل اليوم موجودة في حرب عبثية، ونتنياهو مضطر لاستمرار الحرب”، مشيراً إلى أن “هذه الحرب مستمرة ليس كحاجة أمنية، بل لأنها حاجة سياسية لنتنياهو”.
مقالات ذات صلة مصابون بقصف خيمة نازحين في منطقة المواصي / فيديو 2025/04/26وشدّد باراك، على أن “ليس لديه شك أنه إذا أجبر نتنياهو على التحقيق معه فسينهار”، لافتاً إلى أن “نحن نعيش من أجل استمرار الحرب ولن تجدي أي خطوة عسكرية من النوع التي تحدث الآن في تسريع تحرير الأسرى”.
كما أكد باراك أن “نتنياهو يقول كلاماً هراء. قبل ثلاثة أسابيع عرض رؤيته، نحن سندخل بقوة إلى غزة، وحماس ستلقي سلاحها، وسنطرد قيادتها إلى الخارج، بعد ذلك ستنشأ ظروف لتنفيذ رؤية ترامب. ترامب لم يعد مع هذه الرؤية، وهو (نتنياهو) ليس قادراً على هزيمة حماس بشكلٍ مطلق”.
وأشار إلى أنه “سبق أن كانت 6 فرق للجيش في قطاع غزة، وكنا 5 مرات في جباليا، و4 مرات في بيت حانون، ومرتين في دير البلح، ومن يعتقد أنه سيحدث شيء آخر الآن هو مخطئ”.