جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-03@12:11:14 GMT

القدس عربية بدماء الشهداء الزكية

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

القدس عربية بدماء الشهداء الزكية

حمد الحضرمي **

تُعدُّ القدسُ أو بيت المقدس- وهو الاسم القديم لمدينة القدس- من أقدم مدن العالم التي شيدها الإنسان، ولها أهمية جغرافية كبيرة من الناحية الاستراتيجية والموقع الفلكي، وتحتل موقعًا جغرافيًا مُهمًا بين المدن والجبال الفلسطينية، وكانت مدينة القدس مدينة السلام والحب والوئام، لأنها مدينة معظمة ولها قدسيتها لدى أتباع الديانات (اليهودية والمسيحية والإسلام)، وتعد بلاد الشام ومنها فلسطين مهبط الوحي ومصلى الأنبياء ومهد الرسالات السماوية، ومن أشهر وأهم المقدسات الإسلامية الموجودة في القدس هي: المسجد الأقصى، والمسجد العُمري، ومسجد قبة الصخرة، وحائط البراق.

وفلسطين هي أرض كنعان وذلك نسبة إلى أول من سكنها كان من الأقوام الكنعانية، كما هاجر سيدنا إبراهيم عليه السلام وزوجته ساره وابن أخيه لوط صوب أرض فلسطين، واستقر فيها شرقي بيت المقدس، ومارس الدعوة فيها، حتى أطلق على المدينة التي سكنها اسم مدينة الخليل، وهي الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، بدليل قول الله تعالى "وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ" (الأنبياء: 71).

ولأن بيت المقدس من أرض فلسطين أرض مباركة، فقد فكّر المسلمون في فتحها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في فتحها ولكنه توفى قبل أن يحقق غايته، وكذلك سعى خليفة رسول الله ابو بكر الصديق لفتح الشام، وجهز جيشًا وعين عمرو بن العاص قائدًا للجيش لفتح فلسطين، ولكن أثناء الحروب توفي الصديق رضي الله عنه، وتولى الخلافة من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واستمرت الفتوحات الإسلامية، وأشار الفاروق على أبو عبيدة بن الجراح قائد الجيش الزحف نحو القدس، وحاصرها من جميع الجهات لمدة أربعة أشهر، حتى وافق الروم على دفع الجزية، وسلموا مفاتيح بيت المقدس لسيدنا عمر بن الخطاب دون قتال.

وبعدها نزلت القبائل العربية في القدس واستقرت فيها، وحل الأمن والأمان في ظل حكمهم على مدار العصور، وبقيت تنعم بالخيرات، إلى أن احتُلت عام 492 هجرية على أيدي الصليبيين، وارتكبوا فيها أبشع المجازر في حق المسلمين، وقتلوا لمدة أسبوع كل مسلم وجدوه، ثم تحصن المسلمون داخل أسوار المسجد الأقصى، وحاصرهم الأعداء هناك، وبدأوا يقتلون بالمسلمين حتى فاض المسجد الأقصى بدمائهم، حتى قيل إن عدد القتلى بلغ في صفوف المسلمين أكثر من سبعين ألف شهيد، واستمر سيطرة الصليبيين على القدس حتى عصر القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي فتح بيت المقدس وتسلم مفاتيحها في عام 583 هجرية، بعدما قاتل الصليبيين قتالًا شديدًا إلى أن طلبوا من القائد صلاح الدين الأيوبي الصلح والأمان.

إن أرض فلسطين وما حولها قد باركها الله تعالى، فهي بلاد مقدسة، وقد ذكر الله تعالى قدسيتها في القرآن الكريم، وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أشارت الآيات القرآنية الكثيرة إلى فضلها وقدسيتها وبركتها، وللمسجد الأقصى مكانة كبيرة في نفوس المسلمين منذ أن كان قبلتهم الأولى، وهناك ترابط ديني مازال حيًا بين مكة والقدس، والمسجد الحرام والمسجد الأقصى، ألا وهو مسجد القبلتين بالمدينة المنورة، وستبقى هوية المسجد الأقصى إسلامية، وما الادعاءات الصهيونية بملكية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك، إلا مجرد افتراءات وأكاذيب باطلة لا أصل ولا صحة لها.

ومنذ قرن من الزمان وأكثر وفلسطين محتلة من الإنجليز الذين سلموها في عام 1948م إلى الصهاينة، وأصبح المسجد الأقصى أسير في أيديهم القذرة، وهدم الصهاينة البيوت على ساكنيها من الفلسطينيين، وشردوا أهلها، وقتلوا شعبها، وهجروا عوائلها، ورغم مجازر الصهاينة المستمرة من أكثر من شهر في قطاع غزة، وفعلوا في أهلها ما فعله من قبلهم الصليبيين من القتل بالمسلمين بلا رحمة، والصهاينة أفعالهم ليست أفعال بشر، فهم حاقدين حاسدين على الإسلام والمسلمين، وستظل محاولاتهم بائسة ومخططاتهم الصهيونية فاشلة، ولن يتمكنوا من طمس آثار وهوية وقدسية بيت المقدس وفلسطين، وستبقى القدس عربية بدماء الشهداء الزكية.

** محامٍ ومستشار قانوني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: المسجد الأقصى بیت المقدس

إقرأ أيضاً:

جبهة الإسناد اللبنانية.. صمودٌ أسطوريّ في زمن الأقزام

يمانيون – متابعات
عامٌ مرّ من عُمْرعملية طوفان الأقصى المباركة، سطّرت فيه قوى محور المقاومة أروع صور الصمود والثبات، رغم جسامة التضحيات وهالة الخراب والدماء في قطاع غزة وجنوب لبنان، وأسقطت كل مخططات العدو الصهيوني، ونسجت بدماء قادتها ومجاهديها، ملحمة نضالية وجهادية ستظل الأجيال تتناقلها قروناً من الزمن.

عامُ مرّ على إعلان المقاومة اللبنانية وسيدها النفير العام بوجه العربدة الصهيونية، إسناداً لإخوة الدين والدم في غزة هاشم، بعد أن تخلَّ عنها قادة العرب والمسلمين، ضاربين بروابط الدين والدم عرض الحائط.

لستم وحدكم، نحن معكم، مصيركم مصيرنا، ووجعكم وجعنا، وألمكم ألمنا، لا تراجع، لا تهاون، لا مهادنة، لا وهن، لا ضعف، لا فتور، صابرون، صامدون في وجه العربدة الصهيونية حتى أخر قطرة من دمائنا، دمكم دمنا، ودمنا ليس أغلى من دمكم، وأرواحنا ليست أغلى من أرواحكم، سنبادل الوفاء بالوفاء حتى الرمق الأخير.

هذا هو الرابط المقدس بين الجبهتين اللبنانية والفلسطينية وبقية جبهات محور المقاومة والممانعة، لم تزده عربدة وجرائم العدو الصهيوني وراعيه الأميركي وعرابه الفرنسي وعطاره الإنجليزي سوى قوة ومتانة ورسوخاً، رابطٌ مقدس بين عمالقة تقاسموا في زمن الأقزام، الوجع والألم، بوصلته ووجهته وقبلته القدس والمسجد الأقصى، وعلى طريق القدس يعرجون إلى مقعد صدقٍ، وفي طريق القدس لا خيار سوى النصر أو الشهادة، فطوبى للشهداء على طريق القدس، وتعساً وبؤساً للصامتين، والشامتين، والمتخاذلين، والمتآمرين.

في هذا الملف سنقف لحظة تأمل في محراب جبهة الإسناد اللبنانية، موقعها من الإعراب بعد عامٍ من مشاركتها في معركة طوفان الأقصى المباركة، وفي أي وجهةٍ تسير التصعيدات الأخيرة فيه.

لقراءة التفاصيل على الرابط التالي:
جبهة الإسناد اللبنانية.. صمودٌ أسطوريّ في زمن الأقزام——————————————————
وكالة سبأ/ زيد المحبشي

مقالات مشابهة

  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى مجددًا
  • 26,879 مستوطنًا يقتحمون الأقصى في الربع الثالث من 2024
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى 
  • وجعلناها رجومًا للشياطين
  • رسالة من عبد المسيح لبري.. هذا ما جاء فيها
  • 100 دعاء لنصر فلسطين.. «اللهم اجعل لهم العزة والغلبة والقوة والهيبة»
  • 236 مستوطنًا يقتحمون باحات الأقصى
  • جبهة الإسناد اللبنانية.. صمودٌ أسطوريّ في زمن الأقزام
  • 149مستوطنًا يقتحمون باحات الأقصى
  • وزير الخارجية السوري: استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض عربية بما فيها الجولان شاهد على إخفاق الأمم المتحدة