مواقد حطب ومياه بحر.. أهل غزة يبتكرون بدائل للعيش في وجه العدوان
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
غزة- تجلس باسمة عدوان أمام موقد حطب، صنعه زوجها عبد ربه يدويا، في منزلهما بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، للتغلب على أزمة نفاد الوقود وغاز الطهي.
موقد مصنوع من نصف برميل (حاوية من الحديد) وغيره من المواقد البدائية، لا تخلو منها اليوم غالبية منازل الغزيين، الذين يعيشون واقعا معيشيا مترديا للشهر الثاني على التوالي، جراء حرب شرسة تشنها إسرائيل على القطاع الصغير منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مترافقة مع حصار مطبق، ومنع كل الإمدادات الإنسانية، بما فيها الوقود.
ويبدأ يوم باسمة مع أول خيوط النهار، بعد صلاة الفجر، يشعل زوجها النار في قطع من حطب أشجار الزيتون والحمضيات، أسفل الموقد، ليكون جاهزا لإعداد وجبة الفطور لنحو 25 فردا في هذا المنزل الذي يستضيف نازحين من شمال القطاع، كما غالبية المنازل في النصف الجنوبي من القطاع.
باسمة وزوجها، مديرا مدرسة، أقعدتهما الحرب عن العمل، وقد تحولت نحو 215 مدرسة لمراكز إيواء للنازحين، تتبع غالبيتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
باسمة تطهو بموقد على الحطب في ظل انقطاع الكهرباء والوقود (الجزيرة) مواقد بدائيةاستخدم عبد ربه برميلا قديما لديه، وأعاد تدويره وتحويله إلى موقد، بعدما نفد غاز الطهي من منزله في الأسبوع الثالث من الحرب، واشترى كمية من الحطب بسعر يفوق سعره الطبيعي، لاستخدامه في إيقاد الموقد، وإعداد الطعام لأسرته الصغيرة، ولأسر أبنائه الأربعة، ولصديقه بأسرته النازحة من مدينة غزة.
وتكتظ غالبية المنازل، ونحو 128 مركز إيواء في المحافظة الوسطى ومدينتي رفح وخان يونس جنوب القطاع، بمئات آلاف النازحين، الذي أخلوا منازلهم قسرا على وقع إنذارات وتهديدات إسرائيلية.
ووجدت باسمة في هذا الموقد البدائي بديلا مناسبا عن "البوتاجاز" الذي يعمل بغاز الطهي، وتنجز عليه كل احتياجات منزلها من طبخ ومشروبات ساخنة، وبديلا كذلك عن "طنجرة كهربائية" كانت تستخدمها لإعداد الخبز، وباتت مهملة مع الانقطاع الدائم للكهرباء منذ أيام الحرب الأولى.
وتعاني هذه الأسرة كما غيرها من شح مياه الشرب، والمياه اللازمة للنظافة والاستخدامات المنزلية الأخرى، مما اضطر عبد ربه إلى المخاطرة لإنزال "خزانات بلاستيكية" كبيرة خاصة بالمياه، ووضعها أرضا، لعدم توفر وقود لازم لتشغيل مولد يستخدمه لضخ المياه وتعبئتها فوق سطح المنزل المكون من 3 طوابق.
لكن شقيقه "أبو أيوب" -المقيم في مخيم الشابورة بالمدينة- لجأ إلى حيلة أخرى لضخ مياه مالحة يجلبها بواسطة سيارة نقل من بئر تجارية، حيث عمد إلى تحويل مولد يعمل بالسولار المفقود في غزة، ليعمل على الغاز المتوفر في آخر أسطوانة يمتلكها في منزله.
أزمة خبز حادة تواجه أكثر من مليوني فلسطيني بقطاع غزة (الجزيرة) البحر يساند جيرانهويقول مساعد رئيس "لجنة الطوارئ" بالقطاع المهندس زهدي الغريز للجزيرة نت "إن أكثر من 90% من المنازل تفتقر إلى أي نوع أو مصدر للمياه، بعدما توقفت البلديات منذ أسابيع عن ضخ المياه من الآبار الجوفية إلى المنازل، لعدم توفر الكهرباء ونفاد الوقود، أو نتيجة الاستهداف المباشر لها بالقصف الجوي والمدفعي".
ولم يجد أبو محمد القرعان من سبيل أمامه سوى التوجه بأسرته إلى شاطئ البحر المقابل لمنزله في مدينة دير البلح، وسط القطاع، للاستحمام، وتنظيف الأواني المنزلية، وغسل الملابس.
آخرون من أمثال أبو محمد كان البحر خيارهم للنظافة الشخصية، ونقل المياه المالحة في أوان وعبوات بلاستيكية للنساء في المنازل، لاستخدامها في الأعمال المنزلية، بعدما جفت المياه في الصنابير والأنابيب بهذه المدينة، وهي إحدى مدن ومخيمات المحافظة الوسطى، التي تعتمد على نحو أساسي من بين مصادر المياه القليلة على خط مياه إسرائيلي، قطعته إسرائيل، كأحد الإجراءات الأخرى التي اتخذتها لإحكام الخناق على القطاع.
ويقول أبو محمد بسخرية لا تخلو من قهر "لو كانوا يستطيعون منع الهواء ومياه البحر عنا لفعلوا (..) نعيش في غزة في سجن كبير، والبحر هو متنفسنا الوحيد، والآن أصبح مصدر المياه الوحيد".
مآس جديدة
وحول موقد صنعه من "حوض" غسالة قديمة، يجلس شريف النيرب إلى جوار والده السبعيني المنحدر من عائلة لاجئة من بلدة "برير" داخل فلسطين المحتلة إبان نكبة 1948، ويقول شريف للجزيرة نت "نعيش مشاهد التغريبة الفلسطينية ومآسي النكبة واقعا يوميا".
وحولت أسرة شريف أداة تعمل على الكهرباء للعمل بواسطة الفحم، من أجل إعداد الخبز، الذي يشهد أزمة حادة لندرة الدقيق، وتعرض مخابز كثيرة على امتداد القطاع للقصف الجوي.
شريف صحفي في العقد الرابع من عمره، يعلم تفاصيل كثيرة لم يعايشها بنفسه، ولكنه سمعها من والده وجيل النكبة الأول، ويعتقد أن "ما تسببت به الحرب الحالية على غزة لا تقل عن المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، وأجبرت آباءنا وأجدانا على الهجرة القسرية".
ويقول "نعيش نكبة جديدة، وقد أعادتنا إسرائيل عقودا للوراء، حيث لا كهرباء، ولا مياه، ونستخدم بقايا أوراق وأخشاب لنعد الطعام لأطفالنا".
وخلفت أزمة انقطاع الكهرباء مشهدا بات مألوفا بالشوارع وأزقة المخيمات، لأناس يتجمهرون حول "وصلة كهربائية" تستمد الطاقة من خلايا شمسية لمنزل أو جمعية أهلية، من أجل تمكين الناس من إعادة شحن هواتفهم النقالة، وبطاريات صغيرة توفر إنارة بسيطة للمنازل ليلا.
ويتابع شريف ووالده تطورات الأخبار عبر مذياع قديم يعمل بواسطة بطاريات صغيرة، ويقول "هذه حرب مختلفة عن حروب كثيرة سابقة، والذي ينجو منها سيكتب له عمر جديد".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
دمر كل شيء شمال القطاع وحصيلة العدوان 1800 شهيد خلال شهر
الاحتلال الصهيوني يرتكب مجازر جديدة في غزة ويقر بإصابة 10 من جنوده الفصائل الفلسطينية: قرار سلطات الكيان بإغلاق “الأونروا” استخفاف بالمجتمع الدولي
الثورة / متابعة / ابراهيم الاشموري
نفذ جيش الاحتلال الصهيوني أمس قصفاً جوياً ومدفعياً عنيفاً على شمالي قطاع غزة مع دخول عمليته العسكرية في المنطقة شهرها الثاني، وارتكب مجازر جديدة بحق العائلات الفلسطينية في مختلف مناطق قطاع غزة ، وأقر بإصابة عدد من جنوده خلال يوم أمس.
واستشهد 15 فلسطينيا على الأقل، وفقد آخرون تحت أنقاض منزلين قصفهما جيش الإحتلال الصهيوني في بلدة بيت لاهيا بمحافظة شمال قطاع غزة، التي تتعرض لإبادة وتطهير عرقي منذ شهر فيما ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة،امس، إلى 43.374 شهيدا و102,261 مصابا أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ السابع من أكتوبر 2023 .
وأعلنت وزارة الصحة بغزة، في بيان لها، أن قوات العدو الصهيوني ارتكبت ثلاث مجازر جديدة ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 33 شهيدا و 156 اصابة خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وأشارت الوزارة إلى أن عددا من الضحايا لا يزال تحت الأنقاض وفي الشوارع، مما يمنع طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم.
وأضافت المصادر أن قصفا مدفعيا عنيفا نفذه جيش العدو على مناطق الصفطاوي، وحي القصاصيب، ومحيط دوار أبو شرخ، وجباليا النزلة، وحي الجرن في جباليا البلد، وبيت لاهيا.
وتزامن ذلك مع إطلاق نار من طائرات مسيَّرة وآليات صهيونية متمركزة في محاور التوغل شمال القطاع، لاسيما غرب جباليا ومحيط الصطفاوي.
كما واصل جيش الكيان عمليات نسف مبان سكنية في منطقة الفاخورة جنوب مشروع بيت لاهيا، وفي شمال غرب مدينة غزة،
بدوره، قال جهاز الدفاع المدني بغزة: “لليوم الثالث عشر، خدماتنا معطلة قسرا في كافة مناطق شمال قطاع غزة بفعل الاستهدافات والعدوان الإسرائيلي المستمر”.
وأوضح الدفاع المدني في بيان فجر امس أن “آلاف الفلسطينيين باتوا هناك (شمال القطاع) دون رعاية إنسانية وطبية”.
وأكد أن الجيش الإحتلال هاجم طواقمه شمال غزة، وسيطر على مركباته وشرد غالبيتهم إلى جنوب القطاع، واختطف 7 منهم.
في السياق، قال “مستشفى العودة” شمال القطاع، امس إنه “محروم من إمدادات الوقود اللازم لتزويد المرافق والأقسام المختلفة بالكهرباء منذ 5 أكتوبر الماضي”.
وأوضح في بيان أن “منظومة الإسعافات التي تديرها مستشفى العودة خرجت عن الخدمة، نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المباشر”.
وأكد “حاجة المستشفى إلى إمداد عاجل بالأدوية ووحدات الدم والطعام والمياه، حتى تتمكن من الاستمرار في تقديم الخدمات”.
وتسبب الهجوم المتزامن مع حصار مشدد في خروج مستشفيات محافظة الشمال عن الخدمة، كذلك أدى إلى توقف خدمات الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.
وفي مدينة غزة المحاذية، كثف الجيش العدو قصفه المدفعي وإطلاق النار على المناطق الشمالية لحييّ الزيتون والصبرة جنوب شرق المدينة، بالتزامن مع إطلاق قنابل إنارة، وفق مصدر في الدفاع المدني للأناضول.
أما في المحافظة الوسطى، استشهد فلسطيني وأصيب آخرون بغارة شنتها مسيرة “إسرائيلية” على منزل لعائلة قدوحة، في شارع السوق شرق مخيم النصيرات، وفق مصدر طبي
وأضاف المصدر ذاته أن 3 فلسطينيين من عائلة النباهين استشهدوا جراء قصف طائرة استطلاع إسرائيلية منزلا في المخيم ذاته.
وشهدت المناطق الشمالية الغربية لمخيم النصيرات قصفًا مدفعيا بين الحين والآخر.
وفي جنوب قطاع غزة، أصيب شاب وزوجته وطفلاه بقصف مسيرة صهيونية منزلاً في منطقة قيزان رشوان جنوب مدينة خان يونس، حسب مسعفين فلسطينيين.
وقالت مصادر محلية إنّ قصفا مدفعيا إسرائيليا استهدف مدينتي رفح وخان يونس، وتركز في شرقي خان يونس وشمال شرق بلدة القرارة وغرب رفح.
إلى ذلك أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن جيش العدو الصهيوني مُستمر منذ شهر كامل بـ”جريمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية” على محافظة شمال قطاع غزة، والتي راح ضحيتها أكثر من 1800 شهيد وأربعة آلاف جريح ومئات المفقودين، إلى جانب تدمير المستشفيات والبنية التحتية.
وقال المكتب في بيان امس: إن العدو يواصل عدوانه المكثّف برًا وجوًا وبحرًا، وبشكل مركّب على مدار شهر كامل على محافظة شمال قطاع غزة.
وأوضح أن جيش العدو يكثف عدوانه على جباليا المخيم وجباليا البلد وجباليا النزلة وبيت لاهيا ومشروع بيت لاهيا وبيت حانون ومحيط هذه المناطق.
كما دمّر العدو جميع مستشفيات محافظة شمال قطاع غزة أخرجها عن الخدمة، تزامنًا مع استهداف طواقم الدفاع المدني واعتقال بعضها وإخراجه عن الخدمة أيضاً، إضافة إلى تدمير البنية التحتية وشبكات المياه وشبكات الصرف الصحي وشبكات الطرق والشوارع، مما جعل محافظة شمال قطاع غزة محافظة منكوبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وفق البيان.
يأتي ذلك فيما اعترف جيش العدو الصهيوني، امس، بإصابة 19 جنديا في المعارك المستمرة بقطاع غزة وجنوب لبنان، خلال الـ 24 ساعة الماضية، منهم عشرة جنود في قطاع غزة
وأشار الإعلامي الحكومي إلى أن جيش العدو عمل على تشريد الآلاف منهم وإجبارهم قسرياً على النُّزُوح من أحيائهم السكنية ونسفها.. قائلاً: إن ذلك “يُؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك على مخططات الاحتلال الخبيثة بالانتقام من أبناء الشعب الفلسطيني العظيم وتهجيره من أرضه مرة ثانية على غرار ما جرى تاريخياً عام 1948م”.
وشدد، على أن المخططات الصهيونية مغطاة أمريكياً وبضوءٍ أخضرٍ لارتكاب المزيد من المذابح والمجازر والقتل والإبادة.
وأضاف: إن العدو تعمًد تجويع قرابة 400 ألف إنسان بينهم أكثر من 100 ألف طفل، منع عنهم الطعام والماء والدواء وحليب الأطفال، كما استهدف ودمر عشرات مراكز النزوح والإيواء التي تضم عشرات آلاف النازحين الذين هربوا من منازلهم بحثاً عن الأمن والأمان.
و طالب المجتمع الدَّولي وكل المنظمات الأممية والدولية بالقيام بدورها المنوط بها، والالتزام بتعاليم القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني من خلال تقديم الخدمة الإنسانية والصحية والإغاثية والحماية المدنية لكل المستشفيات والمؤسسات والأحياء السكنية المدنية، والضغط على الاحتلال بكل الوسائل والطرق لوقف جرائمه.
في سياق متصل دانت فصائل المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، والجهاد الإسلامي اليوم امس قرار سلطات العدو الصهيوني، إلغاء الاتفاقية التي تُنظم عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الأراضي المحتلة واصفة ذلك القرار باستخفاف سلطات الاحتلال بالمجتمع الدولي.
وشددت الفصائل في بيانات منفصلة على أن القرار الصهيوني المخالف لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي هو ، ازدراء للمنظومة الأممية، وتأكيدٌ جديد بأنه كيانٌ مارق ومتمرد على الشرعية الدولية والقيم الإنسانية .
معتبرة القرار محاولة صهيونية لطمس الشاهد الدولي والأممي على قضية اللاجئين الفلسطينيين، على طريق سعيهم لشطب قضية اللاجئين وعودتهم إلى ديارهم التي هجّرتهم العصابات الصهيونية الإرهابية منها قبل ما يزيد على سبعة عقودٍ من الزمان.