لجريدة عمان:
2024-09-18@23:21:57 GMT

إعادة النظر في نظرية انتصار أوكرانيا

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

كتب الصحفي والتر ليبمان في عام 1943: «لقد أظهرت تجربتنا منذ تأسيس الجمهورية أن الانقسام الداخلي حول علاقات أمريكا الخارجية هو أثر واضح لسياسة خارجية مفلسة وليس سببا لها».

وكان ليبمان يقصد بكلمة سياسة «مفلسة»، السياسة الخارجية ذات الأهداف الاستراتيجية التي تتجاوز وسائلها العسكرية والدبلوماسية. ويتردد صدى كلامه اليوم في الوقت الذي يعارض فيه الجمهوريون في مجلس النواب طلبا من البيت الأبيض بتقديم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا.

يرى الرأي السائد في واشنطن أن عناد الحزب الجمهوري يسبب مشاكل في استراتيجية الولايات المتحدة في أوكرانيا، لكنّ عنادهم في الوقت نفسه له مبرراته.

ففي الأسبوع الماضي، أعلن (فاليري زالوزني)، أعلى جنرال في أوكرانيا، في مقابلة مع مجلة الإيكونوميست، أن الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا، والذي استثمر فيه الغرب آمالا كبيرة ومليارات الدولارات من السلاح، من غير المرجح أن يحقق نصرا حاسما، «تماما كما حدث في الحرب العالمية الأولى، حين وصلنا إلى مستوى من التكنولوجيا يضعنا في طريق مسدود».

كان هذا متوقعا، فقبل عام، عندما اكتسبت أوكرانيا الزخم بعد أن هزمت الروس في خاركيف وخيرسون، اقترح الجنرال (مارك ميلي)، رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك، التوصل إلى تسوية للحرب عن طريق التفاوض، ومثله كمثل (زالوزني)، أجرى مقارنة واضحة بالحرب العالمية الأولى، مشيرًا إلى أنه في وقت مبكر من تلك الحرب أصبح من الواضح أنها «لم يعد من الممكن الفوز بها عسكريا».

من المحتمل أن المفاوضات لم تكن مجدية في تلك المرحلة، وأن الروس كانوا سيرفضون أية محادثات، وأنه لم يكن من الممكن ثني الأوكرانيين عن اتخاذ قرار حاسم باستعادة المزيد من أراضيهم المحتلة. لكن على الأقل علنًا، لم تبذل إدارة بايدن أي جهد للمحاولة. وبعد أن تم رفض تصريحات (ميلي) بشكل قاطع، التزم البيت الأبيض بدعم الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا مهما استغرق الأمر.

وكما أشار (زالوزني)، فإن الإدارة الأمريكية لم تتصرف دائما بشكل حاسم، وقال لمجلة الإيكونوميست: إن الصواريخ والدبابات بعيدة المدى «كانت ذات أهمية كبيرة بالنسبة لنا في العام الماضي، لكنها وصلت هذا العام فقط»، مما سهّل على الروس تقليص جنودهم.

وسواء كان ذلك بسبب البيروقراطية، أو سياسة الرئيس بايدن في إدارة مخاطر التصعيد، فإن النتيجة هي نفسها، وهي أن أوكرانيا تجد نفسها اليوم في وضع أسوأ مما كانت عليه في نوفمبر الماضي، فقد أصبحت قواتها منهكة ومستنزفة، ومخزونها من الأسلحة بدأ في التناقص، وأصبح الرأي العام الغربي أكثر اختلافا عما مضى بشأن تقديم المزيد من الدعم.

الأعضاء الجمهوريون في الكونجرس الذين صوتوا برفض مشاريع قوانين المساعدات لأوكرانيا، والذين انضم إلى عددهم الذي تزايد يوميا رئيس مجلس النواب (مايك جونسون)، وهو جمهوري عن ولاية (لوس أنجلوس)، هؤلاء الأعضاء يتعرضون للانتقاد على نطاق واسع بين نخبة السياسة الخارجية في واشنطن. وفي أسوأ الأحوال، يتم تصويرهم على أنهم مستبدون يريدون فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ وفي أحسن الأحوال، فهم انعزاليون لا يفهمون الدور التاريخي الذي تؤديه الولايات المتحدة في العالم.

ومن المؤكد أن بعض الجمهوريين المتشككين في المساعدات لأوكرانيا يندرجون ضمن هذه الفئات، إلا أنّ هناك آخرين لديهم مخاوف مبررة بشأن جدوى الاستراتيجية الأمريكية. إن التصويت على المساعدات هو إحدى النقاط القليلة التي يملكها الكونجرس للتأثير على مسارات السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية. وتصر رسالة حديثة موجهة إلى إدارة بايدن من مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب على أنه قبل موافقة الكونجرس على المزيد من التمويل، «يجب علينا أن نفهم هدف الدولة النهائي من الحرب ومعايير الخروج منها»، وهو طلب لا شك أنه مشروع.

كان من المفترض أن يؤدي الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا إلى تثبيت الدعم السياسي لكييف من خلال إثبات قدرتها على استعادة الأراضي المفقودة. والآن قد يحتاج أنصار أوكرانيا إلى تقديم حجة معاكسة، فأوكرانيا حاليا لا تستعيد مناطق كبيرة احتلتها موسكو، والحجة الجديدة لتقديم مساعدات إلى أجل غير مسمى هي منع هزيمة مدمرة لأوكرانيا.

من المؤكد أن فرصة التوصل إلى تسوية تفاوضية لصالح أوكرانيا، إن كانت هناك تسوية، قد ضاعت، فروسيا ترى ساحة المعركة متجمدة من الناحية التكنولوجية، وهذا يعني تفوقها في القوة البشرية. وتحتاج أوكرانيا الآن إلى الصمود أكثر أمام الروس؛ فبوتين ليس خالدا، وقد تكون عملية انتقال السلطة الاستبدادية مليئة بالتخبط.

لا ينبغي للولايات المتحدة أن تعترف أبدًا بفتوحات بوتين غير المشروعة. لكن قد تحتاج إلى التحول من الحلم بالنصر إلى الاستعداد للعيش في حالة من الجمود؛ فالجمود في الحرب العالمية الأولى قد كسر بدخول الولايات المتحدة مقاتلا مباشرا ضد ألمانيا. لكن عمليا ليس هناك أي رغبة لدى الولايات المتحدة لخوض حرب مباشرة مع روسيا. إن النصر الروسي في أوكرانيا سيكون بمثابة ضربة فظيعة لمصالح الولايات المتحدة، لكنه ليس فظيعا بما يكفي للمخاطرة بحرب نووية.

إن طموحات مؤسسة السياسة الخارجية المتمثلة في هزيمة روسيا، والتي تتناقض مع جهد الاستنزاف على الأرض الذي تطور بدلا من ذلك، تعكس الإفلاس الاستراتيجي التقليدي. وإذا ما حددت الإدارة نهاية قابلة للتحقيق، ووضعت خطة لذلك، فإن مقاومة الكونجرس للمساعدات الأوكرانية قد تنتهي.

ينظر معظم أعضاء الكونجرس إلى روسيا باعتبارها خصمًا للولايات المتحدة ويفهمون أهمية استقلال أوكرانيا، ولذلك لا بد من حشد الأغلبية في الكونجرس حول هذه الرؤية المشتركة. ولكن مع اقتراب الهجوم المضاد من نهايته، سوف يحتاج أنصار أوكرانيا إلى إعادة النظر في نهجهم السياسي، فلن يكون من المجدي بعد الآن مجرد السخرية من المتشككين أو احتقارهم، لأن المشكلة لا تكمن في هؤلاء المشككين، بل في الاستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة.

وربما يساعد الشد والجذب في الكونجرس في صياغة اتفاق أكثر استدامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة السیاسة الخارجیة الهجوم المضاد

إقرأ أيضاً:

حماس ترحب بقرار الأمم المتحدة بشأن الاحتلال.. انتصار مهم للشعب الفلسطيني

رحبت حركة المقاومة الإسلامية حماس، باعتماد الأمم المتحدة قرارا يطالب دولة الاحتلال بإنهاء وجوده غير القانوني في الأراضي المحتلة.

وقالت الحركة في بيان، إن "قرار الجمعية العامة انتصار مهم لشعبنا وتأكيد على حجم العزلة التي يعيشها الكيان الصهيوني الإرهابي".

وأوضحت، أن "تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة تعبير عن الإرادة الدولية الحقيقية المؤيدة لشعبنا وحقوقه المشروعة".

وأشارت إلى أن "قرار الجمعية العامة يعبر عن الالتفاف الدولي حول نضال شعبنا الفلسطيني وكفاحه من أجل حريته واستقلاله"، مبينة أنها تقدر الدول التي صوتت لصالح القرار وتدعوها لمزيد من الإجراءات التي تعزل "الكيان الفاشي" وتضغط لوقف جرائمه.



ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على أول قرار تقدمه فلسطين، والذي يطالب دولة الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 12 شهراً. وجاء التصويت بأغلبية 124 صوتاً مقابل 14، مما يعكس دعماً كبيراً لمطالب فلسطين.

وخلال جلسة طارئة عُقدت أمس الثلاثاء لمناقشة التبعات القانونية لأنشطة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة٬ قدمت فلسطين أول مشروع قرار لها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد الحصول على حقوق إضافية في أيار/ مايو الماضي.

من المتوقع أن يعزز قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن طلب فلسطين انسحاب "إسرائيل" من الأراضي المحتلة خلال 12 شهراً، من عزلة الاحتلال الإسرائيلي على الساحة الدولية قبل انعقاد الدورة السنوية للجمعية في نيويورك.

فمن المتوقع أن يلقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كلمته أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً في 26 أيلول/ سبتمبر الجاري، وهو اليوم ذاته الذي سيتحدث فيه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.



ويهدف مشروع القرار إلى دعم الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في تموز/ يوليو الماضي، والذي اعتبر احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني، وأوصى بانسحابها الفوري. بينما حدد الرأي الاستشاري وجوب الانسحاب "في أسرع وقت ممكن"، فإن مشروع القرار يحدد مهلة زمنية قدرها 12 شهراً للتنفيذ.

ويعد هذا المشروع هو الأول الذي تقدمه السلطة الفلسطينية رسمياً منذ حصولها على حقوق وامتيازات إضافية هذا الشهر، بما في ذلك مقعد بين أعضاء الأمم المتحدة في الجمعية العامة وحق اقتراح مشاريع قرارات.

ويطالب مشروع القرار الدول الأعضاء بالوفاء بالتزاماتها القانونية، ودعم حق فلسطين في تقرير المصير، وعدم قبول الوضع غير القانوني الذي أنشأته إسرائيل، وفرض العقوبات اللازمة عليها.

وقد حثت المبعوثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الدول الأعضاء على التصويت ضد مشروع القرار، معتبرة أن الإجراءات الأحادية الجانب تقوّض احتمالات حل الدولتين. وتعارض واشنطن حليفة الاحتلال  هذه الإجراءات التي تصفها بأنها تقف عائقًا أمام تحقيق السلام.



على الرغم من أن الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية ليس ملزماً قانونياً، إلا أنه يحمل تأثيراً كبيراً في القانون الدولي وقد يؤثر سلباً على دعم إسرائيل. وكذلك، فإن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغم عدم إلزاميته، يحمل ثقلًا سياسيًا مهمًا، ولا يتوفر خيار الفيتو في الجمعية العامة.

وفي كلمته أمام الجمعية العامة، قال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، "لكل دولة صوت، والعالم يراقبنا. أرجو أن تقفوا مع الجانب الصحيح من التاريخ؛ مع القانون الدولي، ومع الحرية والسلام".

تتمتع فلسطين بوضع "دولة غير عضو" بصفة المراقب في الأمم المتحدة، والذي حصلت عليه بقرار الجمعية العامة في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012.

مقالات مشابهة

  • حماس ترحب بقرار الأمم المتحدة بشأن الاحتلال.. انتصار مهم للشعب الفلسطيني
  • الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة لم تنسق مع إسرائيل لتنفيذ تفجيرات لبنان
  • كييف: أوقفنا الهجوم الروسي المضاد في منطقة كورسك
  • وزير الخارجية: علاقاتنا مع الولايات المتحدة قوية وتمتد لعقود طويلة
  • وزير الخارجية: أطلقنا اليوم مجموعة العمل المشتركة مع الولايات المتحدة بعدة مجالات
  • وزير الخارجية: أطلقنا مجموعة العمل الخاصة بالتعاون مع الولايات المتحدة 
  • واشنطن: الولايات المتحدة ليست مستعدة لرفع القيود المفروضة على أوكرانيا
  • عاجل. الرئيس الإيراني: لا عداء مع الولايات المتحدة لكننا لسنا الطرف الذي يقوم بتهديد الآخر وفرض العقوبات
  • أوكرانيا تحبط هجومًا روسيًا بـ56 مُسيَّرة
  • أوكرانيا تحبط هجومًا روسيًا بـ56 طائرة مسيرة وتكشف الأضرار