لجريدة عمان:
2025-03-10@15:23:26 GMT

إعادة النظر في نظرية انتصار أوكرانيا

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

كتب الصحفي والتر ليبمان في عام 1943: «لقد أظهرت تجربتنا منذ تأسيس الجمهورية أن الانقسام الداخلي حول علاقات أمريكا الخارجية هو أثر واضح لسياسة خارجية مفلسة وليس سببا لها».

وكان ليبمان يقصد بكلمة سياسة «مفلسة»، السياسة الخارجية ذات الأهداف الاستراتيجية التي تتجاوز وسائلها العسكرية والدبلوماسية. ويتردد صدى كلامه اليوم في الوقت الذي يعارض فيه الجمهوريون في مجلس النواب طلبا من البيت الأبيض بتقديم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا.

يرى الرأي السائد في واشنطن أن عناد الحزب الجمهوري يسبب مشاكل في استراتيجية الولايات المتحدة في أوكرانيا، لكنّ عنادهم في الوقت نفسه له مبرراته.

ففي الأسبوع الماضي، أعلن (فاليري زالوزني)، أعلى جنرال في أوكرانيا، في مقابلة مع مجلة الإيكونوميست، أن الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا، والذي استثمر فيه الغرب آمالا كبيرة ومليارات الدولارات من السلاح، من غير المرجح أن يحقق نصرا حاسما، «تماما كما حدث في الحرب العالمية الأولى، حين وصلنا إلى مستوى من التكنولوجيا يضعنا في طريق مسدود».

كان هذا متوقعا، فقبل عام، عندما اكتسبت أوكرانيا الزخم بعد أن هزمت الروس في خاركيف وخيرسون، اقترح الجنرال (مارك ميلي)، رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك، التوصل إلى تسوية للحرب عن طريق التفاوض، ومثله كمثل (زالوزني)، أجرى مقارنة واضحة بالحرب العالمية الأولى، مشيرًا إلى أنه في وقت مبكر من تلك الحرب أصبح من الواضح أنها «لم يعد من الممكن الفوز بها عسكريا».

من المحتمل أن المفاوضات لم تكن مجدية في تلك المرحلة، وأن الروس كانوا سيرفضون أية محادثات، وأنه لم يكن من الممكن ثني الأوكرانيين عن اتخاذ قرار حاسم باستعادة المزيد من أراضيهم المحتلة. لكن على الأقل علنًا، لم تبذل إدارة بايدن أي جهد للمحاولة. وبعد أن تم رفض تصريحات (ميلي) بشكل قاطع، التزم البيت الأبيض بدعم الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا مهما استغرق الأمر.

وكما أشار (زالوزني)، فإن الإدارة الأمريكية لم تتصرف دائما بشكل حاسم، وقال لمجلة الإيكونوميست: إن الصواريخ والدبابات بعيدة المدى «كانت ذات أهمية كبيرة بالنسبة لنا في العام الماضي، لكنها وصلت هذا العام فقط»، مما سهّل على الروس تقليص جنودهم.

وسواء كان ذلك بسبب البيروقراطية، أو سياسة الرئيس بايدن في إدارة مخاطر التصعيد، فإن النتيجة هي نفسها، وهي أن أوكرانيا تجد نفسها اليوم في وضع أسوأ مما كانت عليه في نوفمبر الماضي، فقد أصبحت قواتها منهكة ومستنزفة، ومخزونها من الأسلحة بدأ في التناقص، وأصبح الرأي العام الغربي أكثر اختلافا عما مضى بشأن تقديم المزيد من الدعم.

الأعضاء الجمهوريون في الكونجرس الذين صوتوا برفض مشاريع قوانين المساعدات لأوكرانيا، والذين انضم إلى عددهم الذي تزايد يوميا رئيس مجلس النواب (مايك جونسون)، وهو جمهوري عن ولاية (لوس أنجلوس)، هؤلاء الأعضاء يتعرضون للانتقاد على نطاق واسع بين نخبة السياسة الخارجية في واشنطن. وفي أسوأ الأحوال، يتم تصويرهم على أنهم مستبدون يريدون فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ وفي أحسن الأحوال، فهم انعزاليون لا يفهمون الدور التاريخي الذي تؤديه الولايات المتحدة في العالم.

ومن المؤكد أن بعض الجمهوريين المتشككين في المساعدات لأوكرانيا يندرجون ضمن هذه الفئات، إلا أنّ هناك آخرين لديهم مخاوف مبررة بشأن جدوى الاستراتيجية الأمريكية. إن التصويت على المساعدات هو إحدى النقاط القليلة التي يملكها الكونجرس للتأثير على مسارات السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية. وتصر رسالة حديثة موجهة إلى إدارة بايدن من مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب على أنه قبل موافقة الكونجرس على المزيد من التمويل، «يجب علينا أن نفهم هدف الدولة النهائي من الحرب ومعايير الخروج منها»، وهو طلب لا شك أنه مشروع.

كان من المفترض أن يؤدي الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا إلى تثبيت الدعم السياسي لكييف من خلال إثبات قدرتها على استعادة الأراضي المفقودة. والآن قد يحتاج أنصار أوكرانيا إلى تقديم حجة معاكسة، فأوكرانيا حاليا لا تستعيد مناطق كبيرة احتلتها موسكو، والحجة الجديدة لتقديم مساعدات إلى أجل غير مسمى هي منع هزيمة مدمرة لأوكرانيا.

من المؤكد أن فرصة التوصل إلى تسوية تفاوضية لصالح أوكرانيا، إن كانت هناك تسوية، قد ضاعت، فروسيا ترى ساحة المعركة متجمدة من الناحية التكنولوجية، وهذا يعني تفوقها في القوة البشرية. وتحتاج أوكرانيا الآن إلى الصمود أكثر أمام الروس؛ فبوتين ليس خالدا، وقد تكون عملية انتقال السلطة الاستبدادية مليئة بالتخبط.

لا ينبغي للولايات المتحدة أن تعترف أبدًا بفتوحات بوتين غير المشروعة. لكن قد تحتاج إلى التحول من الحلم بالنصر إلى الاستعداد للعيش في حالة من الجمود؛ فالجمود في الحرب العالمية الأولى قد كسر بدخول الولايات المتحدة مقاتلا مباشرا ضد ألمانيا. لكن عمليا ليس هناك أي رغبة لدى الولايات المتحدة لخوض حرب مباشرة مع روسيا. إن النصر الروسي في أوكرانيا سيكون بمثابة ضربة فظيعة لمصالح الولايات المتحدة، لكنه ليس فظيعا بما يكفي للمخاطرة بحرب نووية.

إن طموحات مؤسسة السياسة الخارجية المتمثلة في هزيمة روسيا، والتي تتناقض مع جهد الاستنزاف على الأرض الذي تطور بدلا من ذلك، تعكس الإفلاس الاستراتيجي التقليدي. وإذا ما حددت الإدارة نهاية قابلة للتحقيق، ووضعت خطة لذلك، فإن مقاومة الكونجرس للمساعدات الأوكرانية قد تنتهي.

ينظر معظم أعضاء الكونجرس إلى روسيا باعتبارها خصمًا للولايات المتحدة ويفهمون أهمية استقلال أوكرانيا، ولذلك لا بد من حشد الأغلبية في الكونجرس حول هذه الرؤية المشتركة. ولكن مع اقتراب الهجوم المضاد من نهايته، سوف يحتاج أنصار أوكرانيا إلى إعادة النظر في نهجهم السياسي، فلن يكون من المجدي بعد الآن مجرد السخرية من المتشككين أو احتقارهم، لأن المشكلة لا تكمن في هؤلاء المشككين، بل في الاستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة.

وربما يساعد الشد والجذب في الكونجرس في صياغة اتفاق أكثر استدامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة السیاسة الخارجیة الهجوم المضاد

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي: بوتين لا يبدي أي اهتمام بتحقيق السلام في أوكرانيا

أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، اليوم السبت، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يُظهر أي اهتمام حقيقي في تحقيق السلام في أوكرانيا.

وأضافت المسؤولة الأوروبية أن القوات الروسية تواصل قصف المدن الأوكرانية بلا هوادة، في تصعيد جديد للأعمال العدائية المستمرة منذ أكثر من عام.

وأمس الجمعة، أعلن رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، أنّ الاتّحاد الأوروبي يتقدّم "بخطى ثابتة وحاسمة" نحو تعزيز قدراته الدفاعية، وذلك بعد أن أيّد قادة التكتل مقترحات لزيادة النفقات العسكرية بصورة كبيرة.

وقال كوستا للصحفيين: "نحن نقرن أقوالنا بالأفعال عبر دفع أموالنا، نحن نفي بما وعدنا به لبناء قوتنا الرادعة وتعزيز أمن مواطنينا" وفق تعبيره.

وجاء تصريح رئيس المجلس الأوروبي الذي يضم رؤساء دول وحكومات الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد في ختام قمة استثنائية بشأن أوكرانيا عقدت في بروكسل وأقرّت خطة طرحتها المفوضية الأوروبية لزيادة الإنفاق الدفاعي للتكتل.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين كشفت هذا الأسبوع عن خطة لـ"إعادة تسليح أوروبا" تقضي برصد حوالى 800 مليار يورو، في سياق التقلبات الجيوسياسية الجذرية جراء مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إنه "من خلال خطة إعادة التسليح سنزود أوروبا بالقدرات التي تحتاجها لدعم أوكرانيا"

وأكد المجلس الأوروبي "الحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير"، بحسب نص إعلان مشترك لدول الاتحاد الأوروبي.

مقالات مشابهة

  • ماذا لو فقدت أوكرانيا سيطرتها على كورسك الروسية؟
  • ماسك: لن نغلق "ستارلينك" في أوكرانيا
  • زيلينسكي: أوكرانيا "ملتزمة تماما" بالحوار البناء مع الولايات المتحدة
  • الاتحاد الأوروبي: بوتين لا يبدي أي اهتمام بتحقيق السلام في أوكرانيا
  • الخارجية: خطة إعادة إعمار غزة تتطلب بناء 400 ألف وحدة سكنية
  • دستور عدالة المحاكم.. اعرف أسباب طلب إعادة النظر فى الأحكام النهائية
  • سفير الولايات المتحدة لدى الناتو يقترح نشر وحدة عسكرية من الاتحاد الأوروبي في أوكرانيا
  • واشنطن بوست: الولايات المتحدة تعلق تزويد أوكرانيا بصور الأقمار الصناعية
  • وزير الخارجية الصيني يدين فرض الولايات المتحدة للرسوم الجمركية ويصفه بأنه “ذو وجهين”
  • روسيا تشن هجوم صاروخي كبير على أوكرانيا بعد قطع الولايات المتحدة المساعدات العسكرية