لجريدة عمان:
2025-02-07@05:19:18 GMT

إعادة النظر في نظرية انتصار أوكرانيا

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

كتب الصحفي والتر ليبمان في عام 1943: «لقد أظهرت تجربتنا منذ تأسيس الجمهورية أن الانقسام الداخلي حول علاقات أمريكا الخارجية هو أثر واضح لسياسة خارجية مفلسة وليس سببا لها».

وكان ليبمان يقصد بكلمة سياسة «مفلسة»، السياسة الخارجية ذات الأهداف الاستراتيجية التي تتجاوز وسائلها العسكرية والدبلوماسية. ويتردد صدى كلامه اليوم في الوقت الذي يعارض فيه الجمهوريون في مجلس النواب طلبا من البيت الأبيض بتقديم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا.

يرى الرأي السائد في واشنطن أن عناد الحزب الجمهوري يسبب مشاكل في استراتيجية الولايات المتحدة في أوكرانيا، لكنّ عنادهم في الوقت نفسه له مبرراته.

ففي الأسبوع الماضي، أعلن (فاليري زالوزني)، أعلى جنرال في أوكرانيا، في مقابلة مع مجلة الإيكونوميست، أن الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا، والذي استثمر فيه الغرب آمالا كبيرة ومليارات الدولارات من السلاح، من غير المرجح أن يحقق نصرا حاسما، «تماما كما حدث في الحرب العالمية الأولى، حين وصلنا إلى مستوى من التكنولوجيا يضعنا في طريق مسدود».

كان هذا متوقعا، فقبل عام، عندما اكتسبت أوكرانيا الزخم بعد أن هزمت الروس في خاركيف وخيرسون، اقترح الجنرال (مارك ميلي)، رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك، التوصل إلى تسوية للحرب عن طريق التفاوض، ومثله كمثل (زالوزني)، أجرى مقارنة واضحة بالحرب العالمية الأولى، مشيرًا إلى أنه في وقت مبكر من تلك الحرب أصبح من الواضح أنها «لم يعد من الممكن الفوز بها عسكريا».

من المحتمل أن المفاوضات لم تكن مجدية في تلك المرحلة، وأن الروس كانوا سيرفضون أية محادثات، وأنه لم يكن من الممكن ثني الأوكرانيين عن اتخاذ قرار حاسم باستعادة المزيد من أراضيهم المحتلة. لكن على الأقل علنًا، لم تبذل إدارة بايدن أي جهد للمحاولة. وبعد أن تم رفض تصريحات (ميلي) بشكل قاطع، التزم البيت الأبيض بدعم الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا مهما استغرق الأمر.

وكما أشار (زالوزني)، فإن الإدارة الأمريكية لم تتصرف دائما بشكل حاسم، وقال لمجلة الإيكونوميست: إن الصواريخ والدبابات بعيدة المدى «كانت ذات أهمية كبيرة بالنسبة لنا في العام الماضي، لكنها وصلت هذا العام فقط»، مما سهّل على الروس تقليص جنودهم.

وسواء كان ذلك بسبب البيروقراطية، أو سياسة الرئيس بايدن في إدارة مخاطر التصعيد، فإن النتيجة هي نفسها، وهي أن أوكرانيا تجد نفسها اليوم في وضع أسوأ مما كانت عليه في نوفمبر الماضي، فقد أصبحت قواتها منهكة ومستنزفة، ومخزونها من الأسلحة بدأ في التناقص، وأصبح الرأي العام الغربي أكثر اختلافا عما مضى بشأن تقديم المزيد من الدعم.

الأعضاء الجمهوريون في الكونجرس الذين صوتوا برفض مشاريع قوانين المساعدات لأوكرانيا، والذين انضم إلى عددهم الذي تزايد يوميا رئيس مجلس النواب (مايك جونسون)، وهو جمهوري عن ولاية (لوس أنجلوس)، هؤلاء الأعضاء يتعرضون للانتقاد على نطاق واسع بين نخبة السياسة الخارجية في واشنطن. وفي أسوأ الأحوال، يتم تصويرهم على أنهم مستبدون يريدون فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ وفي أحسن الأحوال، فهم انعزاليون لا يفهمون الدور التاريخي الذي تؤديه الولايات المتحدة في العالم.

ومن المؤكد أن بعض الجمهوريين المتشككين في المساعدات لأوكرانيا يندرجون ضمن هذه الفئات، إلا أنّ هناك آخرين لديهم مخاوف مبررة بشأن جدوى الاستراتيجية الأمريكية. إن التصويت على المساعدات هو إحدى النقاط القليلة التي يملكها الكونجرس للتأثير على مسارات السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية. وتصر رسالة حديثة موجهة إلى إدارة بايدن من مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب على أنه قبل موافقة الكونجرس على المزيد من التمويل، «يجب علينا أن نفهم هدف الدولة النهائي من الحرب ومعايير الخروج منها»، وهو طلب لا شك أنه مشروع.

كان من المفترض أن يؤدي الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا إلى تثبيت الدعم السياسي لكييف من خلال إثبات قدرتها على استعادة الأراضي المفقودة. والآن قد يحتاج أنصار أوكرانيا إلى تقديم حجة معاكسة، فأوكرانيا حاليا لا تستعيد مناطق كبيرة احتلتها موسكو، والحجة الجديدة لتقديم مساعدات إلى أجل غير مسمى هي منع هزيمة مدمرة لأوكرانيا.

من المؤكد أن فرصة التوصل إلى تسوية تفاوضية لصالح أوكرانيا، إن كانت هناك تسوية، قد ضاعت، فروسيا ترى ساحة المعركة متجمدة من الناحية التكنولوجية، وهذا يعني تفوقها في القوة البشرية. وتحتاج أوكرانيا الآن إلى الصمود أكثر أمام الروس؛ فبوتين ليس خالدا، وقد تكون عملية انتقال السلطة الاستبدادية مليئة بالتخبط.

لا ينبغي للولايات المتحدة أن تعترف أبدًا بفتوحات بوتين غير المشروعة. لكن قد تحتاج إلى التحول من الحلم بالنصر إلى الاستعداد للعيش في حالة من الجمود؛ فالجمود في الحرب العالمية الأولى قد كسر بدخول الولايات المتحدة مقاتلا مباشرا ضد ألمانيا. لكن عمليا ليس هناك أي رغبة لدى الولايات المتحدة لخوض حرب مباشرة مع روسيا. إن النصر الروسي في أوكرانيا سيكون بمثابة ضربة فظيعة لمصالح الولايات المتحدة، لكنه ليس فظيعا بما يكفي للمخاطرة بحرب نووية.

إن طموحات مؤسسة السياسة الخارجية المتمثلة في هزيمة روسيا، والتي تتناقض مع جهد الاستنزاف على الأرض الذي تطور بدلا من ذلك، تعكس الإفلاس الاستراتيجي التقليدي. وإذا ما حددت الإدارة نهاية قابلة للتحقيق، ووضعت خطة لذلك، فإن مقاومة الكونجرس للمساعدات الأوكرانية قد تنتهي.

ينظر معظم أعضاء الكونجرس إلى روسيا باعتبارها خصمًا للولايات المتحدة ويفهمون أهمية استقلال أوكرانيا، ولذلك لا بد من حشد الأغلبية في الكونجرس حول هذه الرؤية المشتركة. ولكن مع اقتراب الهجوم المضاد من نهايته، سوف يحتاج أنصار أوكرانيا إلى إعادة النظر في نهجهم السياسي، فلن يكون من المجدي بعد الآن مجرد السخرية من المتشككين أو احتقارهم، لأن المشكلة لا تكمن في هؤلاء المشككين، بل في الاستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة.

وربما يساعد الشد والجذب في الكونجرس في صياغة اتفاق أكثر استدامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة السیاسة الخارجیة الهجوم المضاد

إقرأ أيضاً:

بسبب غزة.. نائب في الكونجرس الأمريكي يعلن عزمه تقديم اقتراح لعزل ترامب

أعلن النائب الديمقراطي في مجلس النواب الأمريكي، آل جرين، أنه سيتقدم باقتراح لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقال جرين: لقد بدأ العمل على إعلان عزل الرئيس، وأعلن أنني سأتقدم بوثيقة لعزل الرئيس بسبب مقترحاته وأفعاله المشينة والدنيئة.

وبحسب النائب فإن رئيس البيت الأبيض يستحق ذلك بسبب خططه بشأن قطاع غزة.

وأصبح ترامب الرئيس الوحيد في تاريخ الولايات المتحدة الذي تم عزله مرتين في مجلس النواب، ولكن تمت تبرئته من قبل أعضاء مجلس الشيوخ في كلا المرتين.

ويتمتع الجمهوريون بسطوة في مجلسي الكونجرس، لذا فإن عزل الزعيم الأمريكي أمر غير مرجح.

وأمس الأربعاء، وصف ترامب قطاع غزة بأنه موقع مهدم، معلنا أنه من الممكن توطين سكان القطاع في دول أخرى، بما في ذلك الأردن ومصر.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أعلن الأربعاء، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الولايات المتحدة سوف تسيطر على قطاع غزة وتشرف على تفكيك المتفجرات أو الذخائر هناك والتخلص من المباني المدمرة وستوفر الرعاية الاجتماعية التي ستمكن من توفير عدد لا يحصى من فرص العمل لسكان المنطقة.

وأوضح ترامب أنه درس ملف إدارة الولايات المتحدة لقطاع غزة لأشهر طويلة، مضيفًا هذا قرار لم نتخذه بسهولة، وكل من تحدثت معه أحب هذه الفكرة وتسلم الولايات المتحدة لتلك المنطقة واستحداث آلاف الوظائف هناك.

وأثارت فكرة ترامب ردود فعل دولية منددة وبعض الاعتراضات من الجمهوريين في الكونجرس، الذين كانوا إلى حد كبير قد تبنوا مبادرات ترامب مثل تعليق المساعدات الخارجية وتقليص أعداد الموظفين الفيدراليين.

وكان من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيتابع اقتراحه أم أنه يتخذ موقفًا متطرفًا كاستراتيجية تفاوضية كما فعل في قضايا أخرى.

اقرأ أيضاً«نيويورك تايمز»: إدارة ترامب تتراجع عن تصريحات السيطرة على غزة

«ترامب»: سأوقع أمرا تنفيذيا يحظر مشاركة الرجال بالرياضة النسائية

أبرز ردود الفعل العربية والدولية الرافضة لمخطط ترامب

مقالات مشابهة

  • أستاذ علاقات دولية: منع تمويل أونروا بدأه الكونجرس وليس ترامب
  • بعد تهديدات ترامب بإرسال قواته لقطاع غزة.. ما هي أبرز التفويضات التي أقرها الكونجرس؟
  • وزير الجيوش الفرنسي يعلن تسليم أولى طائرات "ميراج 2000" إلى أوكرانيا
  • الولايات المتحدة قد تكشف عن خطة ترامب للسلام في أوكرانيا الأسبوع المقبل
  • ميركل تدعو لمنع انتصار روسيا في أوكرانيا وتؤكد دعمها لسياسة شولتس
  • بسبب غزة.. نائب في الكونجرس الأمريكي يعلن عزمه تقديم اقتراح لعزل ترامب
  • «البيت الأبيض»: الولايات المتحدة لن تدفع تكاليف إعادة إعمار غزة
  • عاجل | وزير الخارجية الأميركي: الولايات المتحدة مستعدة لقيادة غزة وجعلها جميلة مرة أخرى كما أشار ترامب
  • ترامب: الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة وتمتلكه
  • الصحة العالمية تأمل أن تعيد الولايات المتحدة النظر في قرار الانسحاب منها