الولادة في هذا الملجأ ستكون كارثية.. وضع مأساوي ومحفوف بالمخاطر بالنسبة للنساء الحوامل في قطاع غزة
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع | كلير باكالان إعلان اقرأ المزيد
تعيش شروق، وهي حامل في شهرها السابع بطفلها الأول، في ملجأ بخان يونس في جنوب قطاع غزة. وهي تتساءل: "كيف يمكن لي أن ألد هنا؟ لا توجد رعاية صحية ولا أدنى شروط النظافة. الولادة في هذا الملجأ ستكون كارثية بالنسبة لي".
شروق واحدة من 50 ألف امرأة حامل يعشن في قطاع يرى النور فيه يوميا أكثر من 150 طفلا، حسب صندوق الأمم المتحدة للسكان.
ومنذ أن شنت حماس هجومها المباغت "طوفان الأقصى" على بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ما أدى لمقتل 1400 شخص واحتجاز أكثر من 200 رهينة، نفذت الدولة العبرية حملة قصف واسعة النطاق على غزة أسفرت عن سقوط أكثر من 10 ألف قتيل أغلبهم من الأطفال والنساء، حسب وزارة الصحة التابعة للحركة الفلسطينية. كما تشن القوات الإسرائيلية توغلات برية تركزت في شمال القطاع وبلغت قلب مدينة غزة حسبما أعلنت تل أبيب الثلاثاء.
ونزح أكثر من مليون شخص داخل القطاع الساحلي منذ اندلاع الحرب، حسب تقديرات الأمم المتحدة.
اقرأ أيضاكثافة سكانية وفقر مدقع... ثمانية مخيمات للاجئين في غزة نشأت عقب نكبة 1948
اعتبر دومينيك ألين من صندوق الأمم المتحدة للسكان، أن النظام الصحي في غزة قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول كان يواجه "تحديات كبيرة بسبب الحصار المفروض عليه منذ 16 عاما". فقد قيّدت إسرائيل دخول البضائع والوقود إلى القطاع منذ سيطرة حماس عليه بالقوة في 2007، بعد عام من فوزها في الانتخابات التشريعية.
تقول الأمم المتحدة إن النظام الصحي الهش في القطاع على وشك الانهيار، في ظل استمرار الضربات الإسرائيلية ومعها ارتفاع أعداد الإصابات وتراجع إمدادات الأدوية والوقود، مشيرة إلى وجود أكثر من 350 ألف مريض يعانون أمراض مزمنة مثل السرطان والسكري.
طفل حديث الولادة وقربه يد امرأة مصابة. جناح الأطفال حديثي الولادة في مستشفى الشفاء. غزة في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2023. © بيسان عودة، صندوق الأمم المتحدة للسكان.يضيف دومينيك ألين: "النظام الصحي (في غزة) على وشك الانهيار. وفي بعض المؤسسات، لقد انهار بالفعل"، ويتابع قائلا: "لا تستطيع النساء الحوامل الحصول على الخدمات الصحية الأساسية، وهن يواجهن تحديات لا يمكن تخيلها".
ما وضع المنظومة الطبية في قطاع غزة بعد شهر من القصف الإسرائيلي؟ 01:37 انهيار المنظومة الطبية في غزة © صورة ملتقطة من شاشة فرانس24 "أنا خائفة جدا على طفلي..."لم تراجع شروق، الحاصلة على شهادة ماجستير في الترجمة الإنكليزية-العربية، طبيبا منذ هروبها من شمال غزة قبل شهر. فقد دمرت الضربات الجوية الإسرائيلية بنايتين قرب منزلها، لذلك فهي تعتقد أنه قد تعرض لتدمير جزئي على الأقل. بالتالي، لا يمكنها العودة إلى منزلها لمعرفة ما إذا كانت الملابس والألعاب التي اختارتها لابنتها التي ستولد لا تزال صالحة للاستعمال. توضح شروق: "لقد اشتريتها الواحدة تلو الأخرى وكنت انتقائية للغاية في اختيار أغراضها".
حينما فرّت مع زوجها، لم تأخذ معها سوى لعبة واحدة: لعبة صنعتها بنفسها. تروي شروق: "لقد صنعتها من أجل أميرتي".
لعبة صنعتها شروق لابنتها التي ستولد. © Courtesy Shorouq
حاولت شروق برفقة زوجها مراجعة أحد الأطباء أو القابلات القلائل في المركز الصحي القريب من ملجأهما. لكن، وفيما كانا في طريقهما، تعرضت سيارة للقصف على مرأى أعينهما. تقول شروق: "لقد كنا قريبين جدا، كان الأمر مرعبا. بدأنا في الركض نحو الملجأ، تخلينا عن خطتنا لزيارة المركز الصحي".
عمليات القصف الإسرائيلية قاسية جدا على شروق، التي تقول: "لو لم أكن حاملا، لربما تمكنت من مواجهة هذا الوضع. لكنني خائفة جدا على طفلتي التي لم تولد بعد".
فلسطينيون يبحثون بين الأنقاض إثر ضربة إسرائيلية على مبنى في خان يونس. قطاع غزة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2023. © أ ف ب
لكن ملجأهما في خان يونس لا يحمي من الغارات الجوية ولا يتحمل استيعاب 50 ألف نازح، بل هو عبارة عن مدرسة تديرها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ففي ظل الحرب الحالية، تم تحويل 88 مدرسة تابعة للأونروا إلى ملاجئ موقتة. يقول دومينيك ألين إن "هذه الملاجئ هي بمثابة عوّامة الإنقاذ، لكنها تتعرض لضغوط كبيرة".
اقرأ أيضاما هي حركة "الجهاد الإسلامي" التي تتهمها إسرائيل بقصف المستشفى المعمداني في غزة؟
تقاسم المراحيض بين آلاف الأشخاصإلى جانب مشكلة تقاسم المراحيض في هذه الملاجئ بين آلاف الأشخاص، هناك أيضا مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي أو تلك المرتبطة بنقص المياه الصالحة للشرب.
تروي شروق متحسرة: "يجب عليك الانتظار في طابور طويل للذهاب إلى المرحاض، وأثناء انتظارك في الطابور تراودك أفكار حول احتمال تعرضك للعديد من الأمراض التي قد يكون الآلاف من الأشخاص الآخرين الذين يتوالون على استعمال المرحاض مصابين بها. وتقريبا لا نجد الصابون".
تضيف هذه السيدة: "مجرد التفكير في احتمال إصابتي بأحد هذه الأمراض وأن ذلك قد يؤثر أيضا على طفلتي، هو أمر يسبب لي التوتر والقلق. منذ تواجدي هنا، بدأت أتعرض لنوبات الدوار، أسعل كثيرا وأشعر بألم في الظهر لأنني أنام على الأرض".
يقول مدير مستشفى القدس في غزة، الدكتور بشار مراد: "يعاني العديد من الأشخاص وخاصة الأطفال من مختلف الالتهابات، بما في ذلك التقرحات الجلدية والأمراض المتنقلة عبر المياه مثل الإسهال". ويضيف: "هم يعيشون في ملاجئ تنعدم فيها شروط النظافة كما أن الناس قريبون جدا من بعضهم البعض، ما يسهل تفشي الأمراض".
يمكن للإسهال، الذي يتسبب أيضا في الإصابة بالجفاف الشديد، أن يكون قاتلا. منظمة الصحة العالمية لفتت إلى أنه السبب الثاني المؤدي إلى الوفاة لدى الأطفال ما دون سن الخامسة في كافة أنحاء العالم.
رائد النمس من غزة: إسرائيل تقصف كل الطرق المؤدية إلى مستشفى القدس وتقطع الاتصالات 03:44 في كل يوم.. قطعتين من الخبز فقط!يوضح دومينيك ألين بأن معدل الاستهلاك اليومي المفترض للشخص الواحد من المياه هو ثلاثة لترات على الأقل. وهو يشرح: "تحتاج النساء الحوامل إلى ما لا يقل عن ثلث لتر إضافي، والنساء المرضعات يحتجن إلى الثلثين على الأقل". كما قال ألين: "أخبرتنا امرأة أنجبت قبل سبعة أشهر أن حليبها جفّ لأنها لم تكن تشرب ما يكفي من الماء، وأيضا بسبب التوتر والضغط الناجم عن التنقل من ملجأ إلى آخر".
من جانبها، تشرح هبة الطيبي مديرة منظمة "كير إنترناشيونال" غير الحكومية في الضفة الغربية وغزة، بأن بعض النساء اللاتي لا يستطعن الإرضاع "يضطررن إلى استخدام مياه ملوثة لتوفير الحليب الاصطناعي للرضع نظرا لعدم توفر المياه النظيفة". رغم هذا الوضع الكارثي، لا يتم السماح سوى لعدد محدود من شاحنات المساعدات بالدخول إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، كما تحظر إسرائيل مرور الوقود مبررة قرارها بمخاوف من استيلاء حركة حماس عليه. يبقى أن الوقود هو ضروري لتشغيل أنظمة ومضخات تحلية المياه في القطاع الفلسطيني.
رضيع فلسطيني خديج (يُولَدُ باكرا قبل موعد الولادة) تم وضعه في حاضنة بجناح الولادة في مستشفى الشفاء. غزة في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2023. © رويترزبدورها، تشعر شروق بالعطش والجوع بشكل مستمر. تقول في هذا الشأن: "في أحسن الأحوال، أحصل يوميا على زجاجة صغيرة من الماء وقطعتين من الخبز مع الجبن الذائب وأحيانا الزعتر المجفف".
في ظل انعدام أي مصدر للبروتين أو الخضار الطازجة أو الفاكهة في الملجأ، تحذر شروق: "لقد بدأ أغلبنا يعاني من سوء التغذية".
اقرأ أيضاالأمم المتحدة تحذّر من تحول غزة إلى "مقبرة للأطفال" وعدد القتلى يتخطى عشرة آلاف بحسب حماس
"لا يوجد أي مكان آمن في غزة"
يقول دومينيك ألين من صندوق الأمم المتحدة للسكان: "هناك أيضا مسألة الأمن، أين ستلد وكيف؟ حاليا، لا يوجد أي مكان آمن في غزة".
لا تعلم شروق أين ستضع مولودها الأول. وفي ظل الانقطاع المستمر للاتصالات والتغطية غير المنتظمة لشبكة الإنترنت في غزة، لا يمكن للنساء اللاتي يلدن الاستفادة من سيارة إسعاف أو طبيب أو قابلة. يوضح الدكتور بشار مراد: "من الخطير أيضا التنقل بسبب القصف" الإسرائيلي.
وحتى وإن نجحت هؤلاء النساء في الوصول إلى المستشفى، فإنهن معرضات أيضا لاحتمال مغادرته ساعات قليلة بعد الولادة. في هذا السياق، تشرح هبة الطيبي: "ليس هناك متابعة منتظمة بعد الولادة".
لكن وحتى وهن داخل المستشفيات، فإن النساء والرضع معرضون لخطر الإصابة بالعدوى. ففي ظل الأعداد الهائلة من الضحايا بعد الغارات الإسرائيلية وبسبب نقص المعدات الطبية، فإن "المستشفيات باتت الآن تعيد استخدام المعدات التي كان يجب أصلا التخلص منها والتي لا يجب استخدامها سوى مرة واحدة فقط"، حسبما قالت مديرة منظمة "كير إنترناشيونال" غير الحكومية في الأراضي الفلسطينية، التي أضافت: "بسبب نقص الكهرباء والوقود اللازم لتشغيل المضخات والمطهّرات، هناك نقص في المياه" في مستشفيات غزة.
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج نساء ولادات حقوق الطفل الحرب بين حماس وإسرائيل صحة للمزيد مستشفى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني فلسطينيون غزة صندوق الأمم المتحدة للسکان أکتوبر تشرین الأول الولادة فی قطاع غزة أکثر من فی غزة فی هذا
إقرأ أيضاً:
باحثتان من "كاوست" تُكرَّمان في برنامج "لوريال-اليونسكو" للنساء في العلوم
حظيت باحثتان من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بتكريم مرموق ضمن برنامج لوريال-اليونسكو للنساء في مجال العلوم، والذي بهدف لتعزيز مشاركة المرأة في مجالات العلوم المختلفة ودعم إسهاماتهن في إيجاد حلول للتحديات العالمية.
ويكرّم البرنامج سنويًا ست باحثات عربيات بارزات من الشرق الأوسط، تقديرًا لمساهماتهن العلمية المتميزة في مجالي علوم الحياة والعلوم الفيزيائية، وذلك ضمن فئتي الباحثات والمرشحات لنيل درجة الدكتوراه.
أخبار متعلقة "المرور": التهاون في ارتداء الخوذة يعرض حياتك للخطر"الأرصاد" تحذر من هطول أمطار متفاوتة الغزارة على معظم مناطق المملكةالباحثتان المكرمتان لهذا العام هما الدكتورة لينا إبراهيم، الأستاذ المساعد في برنامج العلوم البيولوجية بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وطيبه العامودي، طالبة الدكتوراه في علوم البحار بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } باحثتان من "كاوست" تُكرَّمان في برنامج "لوريال-اليونسكو" للنساء في العلوم أبحاث رائدةوانضمت الدكتورة لينا إبراهيم إلى الجامعة في عام ألفين وواحد وعشرين، وتعمل على أبحاث رائدة تهدف إلى فهم تأثير التطور والتجارب الحسية على معالجة الدماغ للمعلومات الحسية، ما يسهم في تطوير أدوات تشخيصية وعلاجية لاضطرابات الصحة العقلية.
وقد حصلت الدكتورة لينا إبراهيم على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة جنوب كاليفورنيا وأكملت خمس سنوات من التدريب البحثي المكثف في كلية الطب بجامعة هارفارد، حيث عملت على دراسة متعمقة لعلم الأحياء العصبي.
وتتمحور أبحاثها حول دراسة دور الخلايا العصبية المثبطة في نمو الدماغ وإدراك المعلومات الحسية، كما تركز على كيفية تأثير العوامل الوراثية والبيئية، بما في ذلك الإجهاد والالتهابات، على الروابط العصبية في الطبقة الأولى من الدماغ.
أما طيبه العامودي، فتعمل على أبحاثها تحت إشراف البروفيسور كارلوس دوارتي، أستاذ علوم البحار بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وتركز على دراسة تأثير التغير المناخي على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، مع إيلاء اهتمام خاص لدور الطحالب الكبيرة في تعزيز مرونة النظم البيئية البحرية ودعم التنوع البيولوجي.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } باحثتان من "كاوست" تُكرَّمان في برنامج "لوريال-اليونسكو" للنساء في العلوم استزراع الطحالب بالمملكةوتسعى أبحاث طيبه إلى تطوير استراتيجيات مستدامة لاستزراع الطحالب الكبيرة في المملكة العربية السعودية، ما يسهم في تحسين صحة الشعاب المرجانية وتقليل آثار تغير المناخ، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمار في الاستزراع المائي المستدام.
وتؤكد طيبه العامودي أن استزراع الطحالب الكبيرة يمكن أن يساهم في عزل ثاني أكسيد الكربون، مما يحد من التغير المناخي ويسهم في بناء نظم بيئية بحرية أكثر مرونة واستدامة.
هذا التكريم يعكس التزام جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بدعم المرأة في جميع مراحل حياتها المهنية، حيث سبق أن كرّمت عدة باحثات بارزات من الجامعة، مثل البروفيسورة دانا السليمان، أستاذة برنامج هندسة وعلوم المواد، والبروفيسورة نيفين خشاب، الأستاذة في علوم الكيمياء.
وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية الجامعة لتعزيز المساواة في العلوم، انسجامًا مع رؤية برنامج لوريال-اليونسكو التي تؤكد أن "العالم يحتاج إلى العلم، والعلم يحتاج إلى النساء”.
احصل على Outlook لـ iOS