صوت مجلس النواب الأميركي، الثلاثاء، لصالح توجيه اللوم للنائبة الديمقراطية، رشيدة طليب، على خلفية تعليقات أدلت بها عن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، فما هو هذا الإجراء؟ وما الإجراءت المترتبة عليه؟

وبحسب نص القرار الذي تبناه النائب الجمهوري، ريتش ماكورميك، فد وجه المجلس للنائبة، وهي من أصل فلسطيني، اللوم بسبب ترويجها "لروايات كاذبة" عن هجوم حماس على إسرائيل، بالإضافة إلى دعوتها إلى تدمير إسرائيل، وفقا لمراسل الحرة في "واشنطن".

وصوت على تمرير القرار 224 عضوا، بينما عارضه 188 نائبا.

واستشهد الأعضاء على وجه التحديد بمقطع مصور نشرته طليب على وسائل التواصل الاجتماعي يحتوي على عبارة "من النهر إلى البحر" المؤيدة للفلسطينيين، والتي يعتبرها عديدون معادية للسامية وتدعو إلى القضاء على إسرائيل.

ودافعت طليب عن نفسها، معتبرة أنها محاولة لإسكاتها، وقالت إن "زملائي لجأوا إلى تشويه مواقفي في قرارات مليئة بالأكاذيب الواضحة".

النائبة الأميركية رشيدة طليب تناشد بايدن لدعم وقف إطلاق النار في غزة اتهمت النائبة الأميركية رشيدة طليب، وهي أول امرأة أميركية من أصل فلسطيني في الكونغرس، الرئيس جو بايدن بدعم "الإبادة الجماعية" للفلسطينيين، محذرة من تداعيات ذلك في انتخابات العام المقبل.

وتقول "سي بي أس" إن إجراءات توجيه اللوم زاد استخدامها في السنوات الأخيرة ويستخدمها المشرعون لتسجيل نقاط عندما يختلفون مع أعضاء الحزب المعارض، لكنهم عادة لا يطرحونها للتصويت.

وقال النائب بيت أغيلار من كاليفورنيا، الذي يرأس التجمع الديمقراطي بمجلس النواب، الثلاثاء، عن توجيه اللوم: "هذا ليس مثمرا في الوقت الحالي... نحن على بعد 10 أيام من إغلاق الحكومة".

ويمنح الدستور الأميركي مجلس النواب سلطة تأديب أعضائه على أفعال تتراوح بين السلوك الإجرامي إلى انتهاك القواعد الداخلية للمجلس. وعلى مر العقود، تطورت أشكال فرض الانضباط في المجلس.

رشيدة طليب دافعت عن موقفها

وأشد الإجراءات هي الطرد، ثم اللوم، ثم التوبيخ، وفق موقع مجلس النواب.

ويتطلب طرد العضو من المجلس موافقة أغلبية الثلثين. أما اللوم والتوبيخ، وهما مصطلحان متشابهان، فيتطلبان الأغلبية البسيطة للمجلس بكامل هيئته.

"والتوبيخ هو للانتهاكات الخطيرة، واللوم للانتهاكات الأكثر خطورة، أما الطرد فهو لأشدها خطورة"، وفق موقع الحكومة.

ويعرف موقع مجلس النواب اللوم على أنه "رفض المجلس العميق لسلوك العضو"، أما التوبيخ فهو تعبير أيضا عن رفض المجلس للسلوك لكنه يستدعى إدانة أقل من اللوم.

وتشير قواعد المجلس إلى أنه عندما يوافق الأعضاء على توجيه اللوم بأغلبية الأصوات، يجب على العضو المدان "الوقوف في وسط المجلس" بينما يقرأ الرئيس قرار اللوم بصوت عالٍ. 

ولا يعني توجيه اللوم إبعاد العضو عن منصبه أو منعه من ممارسة حقوقه أو التمتع بالامتيازات، لكنه فقط تعبير عن الإدانة العلنية لسلوكه، إذ أن هذا السلوك لا يصل إلى حد الطرد الذي يتم تفعيله لمواجهة "سلوك مخل بالنظام" والأخير يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء.

وطليب هي العضو الـ26 في قائمة منشورة على الموقع الإلكتروني للمجلس للأعضاء الذين تعرضوا لهذا الإجراء على مدار تاريخه. وسجلت أول حالة في عام 1832، عندما سب النائب، ويليام ستانبيري، من ولاية أوهايو، رئيس مجلس النواب آنذاك، أندرو ستيفنسون.

وآخر الحالات المسجلة كانت في يونيو من هذا العام، عندما صوت المجلس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، لصالح توجيه اللوم إلى النائب الديمقراطي من كاليفورنيا، آدم شيف، بسبب تعليقات أدلى بها عن التحقيقات في علاقات الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بروسيا. واتهم المجلس النائب بـ"تضليل الرأي العام الأميركي، والسلوك غير اللائق لعضو منتخب في مجلس النواب".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: توجیه اللوم مجلس النواب رشیدة طلیب

إقرأ أيضاً:

من نحن؟

أكتب في انتظار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يفترض أن تقف بموجبه آلة المجزرة الإسرائيلية، بعد أكثر من ٤٦ ألف ضحية فلسطينية أمام أعين العالم، غير الضحايا في لبنان وسوريا. والسؤال الذي يدفعني للكتابة هنا يشبه كتابة ما بعد الصدمة، من أنا؟ ومن هؤلاء؟ من نكون نحن ومن الآخر، والآخرون؟ ليقع هذا وأشباهه؛ لأن ما حدث مزلزل، ومباشر ظل يصلنا لحظة وقوعه، ونحن آمنون نواصل حياتنا كما هي، بل وربما سافرنا وارتحلنا وعدنا، ونحن نتفرج، على المجزرة، لزمن طويل، ممدد بالفظاعة والخجل والعجز والكذب على الذات؛ وهذه مأساة حقيقية مزرية للإنسان المعاصر، أن تتحول المجزرة إلى موضوع فرجة مباشرة، على الهاتف.

هذا النوع من الرعب المعمم الذي يهز أركان الكيان الإنساني جعلني، بالإضافة لأسباب أخرى، أتوقف عن متابعة الأخبار منذ مدة، مندفعًا للبحث عن فهم ما، آملًا في أن الانهماك في البحث سيخفف شيئًا ما من أساي الشخصي، ذلك أن مجرد التفكير بالرقعة العربية الشاسعة من الخراب الذي يحيط بإسرائيل المتوحشة مرعب، حديقة خلفية لجيش إسرائيل، في دول الطوق أو ما تبقى من كل الأنظمة العربية التي ضعفت وتهلهلت وانهارت وكان آخرها النظام البعثي في سوريا؛ تلك الأنظمة التي سقطت مخلّفة وراءها الخراب، والفوضى، بعد العمران والنظام والاستقرار الشكلاني على الأقل لعقود طويلة، لكنني أنظر بتأثير اللحظة فأراه العمران والنظام الذي فشل في البقاء، لم يعرف كيف يصعد ببلده، ولا كيف يطور ذاته، رغم كل التحالفات المزعومة، ولا كيف يستوعب متغيّرات المنطقة، ولا كيف يحمي نفسه في النهاية من فساده وانحلاله وسقوطه ومعاركه المخزية، تاركًا الإنسان العادي مكشوفًا عاريًا أمام كل من يملك السلاح، أجمل أحلام شبابه الهجرة، بكل ما تحمله الهجرة من معان، تلك الأنظمة التي ظلت طوال عقود تتبجح بأسطوانات الأمن والأمان والقبضة الحديدية والحكم العسكري.

للثقافة العامة يد فيما حدث ولا يمكن ألا نلوم الثقافة، لقد تعودنا على إلقاء اللوم على غيرنا منذ الحقبة الاستعمارية، وقد خرج الاستعمار القديم منذ منتصف القرن الماضي، فعدنا نلقي اللوم على الهيمنة والنفوذ، بوصفها الاستعمار الجديد، ما بعد الكولونيالي، كما تعودنا على إلقاء اللوم على أشقائنا وإخوتنا، وباختصار تعودنا على إلقاء اللوم على الآخر، وهو الأمر نفسه الذي ما زلنا نفعله إلى اليوم، حتى أصبح الأمر عادة قارّة نعود إليها عند كل مشكلة، صغرت أو كبرت، سياسية كانت أو شخصية؛ لم لا يكون الآخر مجرد شماعة وهناك مشكلة فينا نحن؟ فعلينا أن نصغي حتى للتهم الموجهة إلينا من أعدائنا، إن إلقاء اللوم على الآخرين سهل، وهو يعفي الذات من المساءلة، فهل نحن نتهرب من أنفسنا ومن مواجهة أخطائنا؟ ومنذ متى ونحن نفعل ذلك؟

لا تفيدنا ثقافة إلقاء اللوم على الآخر في شيء، وبهذه الطريقة نحن نطالب الآخر بأن يصلح من نفسه، ولا نطالب أنفسنا بإصلاح ذواتنا، نطالب الآخر بأن يحسن من أساليبه معنا، وهو يفعل ذلك بدوافعه الذاتية بالمناسبة دون توقف، لكن كل ذلك مبني على فهمه ومنظوره لذاته، ومبني على فهم ودراسة لنا نحن، بوصفنا ظاهرة يريد مواصلة السيطرة عليها واستغلالها؛ والمكتبة مليئة بالكتب الأجنبية عنا، ونحن نذهب إليها لنعرف من نحن، أو لنعرف ماذا حدث بالضبط، أو على الأقل لنحصل على رواية أدق عن روايتنا نحن للأحداث، لكن عبارة سقراط الكلاسيكية لا تقول اعرف نفسك فحسب، بل أعرف نفسك بنفسك.

في المقابل يمكننا المواصلة بعيدًا في جلد الذات، والنواح على الذات كأننا أمام جثة، لكن تلك إحدى مصائبنا الأخرى التي استغرقت فكرنا حتى صارت لازمة تتكرر، وكأننا أمام خيارين متطرفين، إلقاء اللوم على الآخر أو قتل أنفسنا عبر جلد ذواتنا واحتقار أنفسنا، والعبارات الجاهزة أكثر من أن تعد وأن تحصى، هكذا نحن، نقول، وكأننا لا نعرف من نحن بعد كل هذه القرون، وكأننا لم ندرس أنفسنا، ولم ننظر لوجوهنا في مرآتنا، أو في أي مرآة، يبدو كما لو أننا لم نحاول الإجابة، أو أن الإجابة التي قدّمها لنا مفكرونا وعلماؤنا لا قيمة لها، فنحن لا نبني عليها شيئًا، بل نهرب طوال الوقت للماضي السحيق، لما قبل كل هذا، للحظة قديمة، صنم ما، نتمسح به ونرفض كل صورة أخرى، ونحن أسرى تلك الصورة التي يقدمها الفقه القديم معتمدًا على كتب التراث بوصفها الصورة التي يجب أن نكون عليها، تلك الصورة نفسها التي حين حاول متحمسونا بعثها في الحاضر أنتجوا لنا القاعدة وداعش والنصرة، وأشباهها.

أما نحن فلا نملك صورة لنا الآن، وحتى الصور القديمة لنا هي صور متلاعب بها، بالفوتوشوب التاريخي، لأغراض سلطوية وسياسية وتاريخية، بل هناك الكثير من الصور المحجوبة والممنوعة من التداول، لنا نحن، وبيننا نحن، وكل تلك الظلمة تمنعنا من معرفة من نكون نحن، ليس في الماضي فحسب، بل الآن، من نحن الآن؟ ولا عجب بعدها أن يذهب كل منا في جهة ، وأننا قابلون دومًا للخلافات وافتعال المشاكل بل والحروب مع بعضنا البعض، وأن كل تقدم وتطور شكلاني أقمناه يبقى فترة قبل أن يسقط وينهار بنا معه.

هل نعتقد أننا نتقدم فعلًا؟ وأن لا وجه للشبه بين قاهرة وبغداد عشرينيات القرن الماضي ودبي والرياض عشرينيات هذا القرن؟

بعض الأسئلة تعود باستمرار باحثة عن إجابة أكثر دقة وعمقًا، الشاب الذي يبحث عن جذوره وتاريخه ويحاول معرفة من يكون مدفوعًا بسؤال من أنا؟، كما تعلمنا رواية جوستاين غاردنر عالم صوفي، هو مثال مصغّر عن المؤرخ الذي يفني عمره وجهده في البحث والتنقيب في تاريخ الأمة، مدفوعًا بسؤال من كنا؟ أو من نكون؟ والسؤال نفسه له غرض وجداني أكبر في داخل الفرد أو الجماعة أو البشرية كلها، لا يمكننا حصره بالطبع، لكننا يمكن أن نقول أن من أغراضه الواضحة محاولة تعيين موقع الفرد وسط الجماعة، والجماعة وسط الجماعات الأخرى، والأمة بين الأمم، والبشرية في الأرض.

بشكل أو بآخر نحن في محاولة فهم، محاولة للاقتراب من الحقيقة برأي كارل بوبر، ما دامت الحقيقة اليقينية والقطعية والنهائية غير ممكنة بالإثبات الفيزيائي لنظرية النسبية، هكذا ستكون كل محاولة في هذا السبيل محكومة بأنها مجرد اقتراب واحد أو حتى أكثر بقليل، من وجوه الحقيقة الألف.

عادة سيروي الأب لابنه رواية مشذبة، رسمية، عن نفسه، بوصفه واقعًا تحت تأثير سلطة الأب، وسيروي الابن مشاهداته عن الأب، ويكوّن تصوره الخاص عن أبيه وعن نفسه، وكذلك تفعل كل سلطة، أما ما هي الصورة الأقرب للأب، والابن، فتلك حكاية ستختلف حولها الآراء من واقع اختلاف الخطاب ومحركاته وسلطته، لكن هناك دومًا حاجة إلى تصور ما عن الذات، تنبني عليه أفعال تلك الذات المستقبلية، ولا شيء أفضل من الصدق الخالص والحقيقة إذا أريد لذلك البناء والعمل التالي أن يدوم.

إذًا من نحن؟ من كنا ومن نحن اليوم؟ ما الذي أنتجنا؟ وأين نحن اليوم؟ ما هو تصورنا الذاتي عن أنفسنا؟ كيف رأينا وكيف نرى أنفسنا؟ بما نحن كبشر، وككتل بشرية وجماعات تخضع لتأثيرات ، بينية وثقافية وسياسية وبيئية، ذلك هو مناخ الأسئلة التي تحملها هذه الزاوية، وهذه هي الفاتحة.

إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • رئاسة البرلمان تؤكد صحة خبر شراء سيارات فارهه بمبلغ (54) مليار ديناراً للأمانة العامة لمجلس النواب
  • البرلمان ينفي شراء سيارات لصالح نوابه بـ54 مليار دينار
  • البرلمان يوضح حقيقة شراء سيارات لصالح النواب بـ 54 مليار دينار
  • وكيل مجلس الشيوخ ينعى النائب الراحل جلال الهريدي: قدم مسيرة حافلة بالعطاء
  • النائب نادر الخبيري: مصر ركيزة أساسية لدعم واستقرار المنطقة
  • من نحن؟
  • وفاة النائب السابق عبد الفتاح الشرنوبي والعزاء غدًا في كفر الشيخ
  • الشيوخ يعلن خلو مقعد النائب الراحل جلال الهريدي.. ماذا سيحدث غدا؟
  • مجلس النواب يبارك انتصار المقاومة ويجدد ثبات موقف اليمن المساند لفلسطين
  • مجلس النواب يبارك انتصار المقاومة ويجدد ثبات موقف اليمن المساند للقضية الفلسطينية