معبر رفح في ظل حرب عنيفة وسلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة، تتجمع الشاحنات المحملة بالمساعدات الإغاثية أمام معبر رفح البري من الجانب المصري، بانتظار الحصول على إذن الدخول، على أمل تخفيف معاناة أهالي القطاع الذين يرزحون تحت العدوان الإسرائيلي منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

تتجمع الشاحنات في صفين أمام بوابة المعبر على مسافة 500 متر تقريبا، وبجانبها مجموعة من المتطوعين لإفراغ وإعادة تعبئة المواد الإغاثية، ينتظرون منذ أيام الإذن بدخول جميع المساعدات، بعدما تمكنت بالفعل أكثر من 100 شاحنة من الدخول وإفراغ حمولتها من المساعدات الإنسانية في الجانب الفلسطيني من المعبر، ليتم بعد ذلك إغلاقه وفتحه على فترات متفاوتة.

المتطوعون أكدوا أنهم لن يغادروا معبر رفح حتى يتم إدخال المساعدات للفلسطينيين بغزة (الجزيرة) إصرار على البقاء

أصوات الانفجارات لا تتوقف، مخلفة ضحايا جددا على مدار اليوم في القطاع وسط وضع إنساني مأساوي. تتسبب بفزع لحسن سيد، الذي تمدد بجوار شاحنته المحملة بالمواد الإغاثية والمتوقفة أمام معبر رفح، محاولا النوم بعد ساعات طويلة من الأرق والترقب دون راحة.

ينتظر حسن (28 عاما) بفارغ الصبر إشارة أو كلمة تدل على فتح المعبر، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الذي يضم نحو 2.3 مليون شخص يعيشون في ظروف صعبة بدون مياه أو كهرباء أو مواد إغاثية.

وفي وقت تشتد فيه الهجمات الإسرائيلية، يتطلع العديد من الأفراد والجمعيات الخيرية إلى فتح المعبر لإدخال المساعدات بشكل عاجل وبكميات كبيرة دون شروط. وينتظر حسن وغيره من المتطوعين هذه اللحظة المهمة.

وعن الانتظار وظروف المعيشة، يقول كارم محمدي -سائق إحدى الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية- والمصطفة أمام بوابة معبر رفح، إنه موجود أمام المعبر منذ 12 يوما ينتظر الدخول لإفراغ حمولته في الجانب الفلسطيني، مشيرا إلى أن شاحنته تحتوي على مواد غذائية مُعلبة، وبطاطين وبعض المفروشات.

المتطوعون والمرابطون أمام معبر رفح يتابعون مشاهد قصف الطيران الإسرائيلي لقطاع غزة (الجزيرة)

ويصف محمدي ظروف الانتظار قائلا "أنتظر أنا والعشرات من السائقين منذ أيام، نسمع أصوات القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، ونشاهد ألسنة النيران، وهي تعلو في السماء، ما يزيدنا إصرارا على البقاء والانتظار أكثر إلى حين الإذن لنا بالدخول وإفراغ حمولة شاحناتنا والعودة لتحميلها مرة أخرى".

تتحرك الشاحنات ببطء، وعلى بعد أمتار من المعبر، يجلس جمال عبد الواحد ينتظر إذن الدخول، ليفرغ حمولة شاحنته في الجانب الفلسطيني، وهي عبارة عن مواد غذائية مُعلبة، وحبوب، ومياه شرب.

يقول عبد الواحد "منذ 12 يوما تم إبلاغنا أننا سنحمل مواد إغاثية لإخواننا في قطاع غزة، رحبنا أنا وزملائي، ووافقنا بكل سعادة، وصلنا هنا -أمام معبر رفح- منذ 10 أيام، لكننا فوجئنا أننا سنفرغ الحمولة في "المنطقة المحايدة" بين بوابتي المعبر، الأمر الذي انعكس علينا بالأسى".

وتابع "كنا نريد دخول غزة، لكن بات أقصى طموحنا هو الوصول لبوابة المعبر لإفراغ الحمولة".

مجموعة من المتطوعين أثناء تناول وجبة غداء أعدها أهالي سيناء (الجزيرة) أيادي الخير

أمام منفذ رفح البري، نصب متطوعون نحو 80 خيمة قبل أن يتم إزالتها لاحقا من قِبل السلطات الأمنية المصرية خشية إصابة المتطوعين بشظايا القصف الإسرائيلي المتواصل على الجانب الفلسطيني، حسب ما ذكر الموجودون هناك، في وقت يقوم أهالي شمال سيناء بإعداد الطعام مسبقا في منازلهم، وبمساعدة بعض الجمعيات العاملة في الجانب الخيري والأهلي، حيث يتم توزيع الوجبات على جميع المتطوعين صباح مساء.

في مكان الانتظار أمام بوابة المعبر، يقف يسري سالم محدقا على مشهد سقوط الصواريخ والمتفجرات على القطاع. ويقول -للجزيرة نت- إنه وغيره من شباب محافظة شمال سيناء، أتوا لمساعدة منتسبي الجمعيات الأهلية والخيرية في نقل وتغليف المواد الإغاثية، لكن المشهد الذي يرونه يوميا يدمي قلوبهم، كما يقول.

أحمد علي، أحد المشرفين والمنظمين لآلية العمل التطوعي بجمعية "الشاب السيناوي" قال في حديثه مع الجزيرة نت، إن المتطوعين لديهم إصرار كبير على إدخال كافة المساعدات، ولديهم حماسة للعمل التطوعي تحت أي ظرف، وجميعهم في انتظار فتح المعبر بشكل مستدام، على حد قوله.

ويضيف "تدخل المساعدات من البوابة الرئيسية للمعبر، ونضطر لتفريغ شحنات الإغاثة وتغليفها، ومن ثم إعادة تعبئتها مرة أخرى بشكل مكدس، إذ نضع في الشاحنة الواحدة حمولة شاحنتين أو أكثر لنتمكن من إيصال أكبر كمية من المساعدات للجانب الفلسطيني".

سيارات الإسعاف والإغاثة الإنسانية تنتظر إذن الدخول للجانب الفلسطيني من معبر رفح (الجزيرة)

ووفقا لمصدر يعمل بمنفذ رفح البري -فضل عدم ذكر اسمه-، فإن قوات الأمن المصرية قامت بتعزيز الحماية على جانبها من الحدود بتدابير إضافية مثل وضع الحواجز الخرسانية، مما يتسبب في بطء دخول شاحنات الإغاثة للجانب الفلسطيني.

وأكد المتطوعون الموجودون أمام المعبر أنهم لن يغادروا المكان حتى يتم إدخال كل المساعدات للفلسطينيين، وعبروا عن استيائهم من الانتظار الطويل وعدم الضغط الدولي على إسرائيل لتوفير ممر آمن لمرور المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجانب الفلسطینی أمام معبر رفح فی الجانب

إقرأ أيضاً:

لصحراء نظيفة.. عشرات المتطوعين يجمعون النفايات جنوبي المغرب

يجمع متطوعون النفايات المتناثرة وسط أحراش على مشارف بلدة محاميد الغزلان الصحراوية في جنوب المغرب، في مبادرة للتوعية بأهمية مكافحة التلوث البيئي في الصحراء.

وتجمّع نحو 50 مشاركا في الدورة الـ20 للمهرجان الدولي للرحل منتصف أبريل/نيسان للمساهمة في هذه المبادرة بتنظيف المنطقة من بقايا الأدوات البلاستيكية، وذلك في أجواء مرحة تحت أمطار خفيفة.

وخلال 5 ساعات جمع المتطوعون بين 400 إلى 600 كيلوغرام من النفايات، حسب المنظمين، وشارك بذلك فنانون ونشطاء من المجتمع المدني المحلي وسياح أجانب.

ويقول مؤسس المهرجان نور الدين بوغراب لوكالة الصحافة الفرنسية إنه عادة ما تركز مثل هذه المبادرات على تنظيف الشواطئ أو الغابات، لكن الصحراء أيضا تعاني من التلوث الناجم عن الأنشطة البشرية.

ويصف بوغراب، وهو من سكان محاميد الغزلان، حملة التنظيف، بأنها "نداء من أجل حماية صحاري العالم" من التلوث.

المتطوعون جمعوا نحو 600 كيلوغرام من النفايات على مشارف بلدة محاميد الغزلان الصحراوية (الفرنسية) البلاستيك أساس التلوث

ويقول العالم المتخصص في الدراسات الصحراوية مصطفى ناعمي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن التلوث في هذا المجال القاحل يعزى بالأساس إلى الإنتاج المكثف للمواد البلاستيكية وانخفاض معدل إعادة تدويرها، إضافة إلى النفايات التي تنقلها الرياح.

إعلان

ويقدر إنتاج النفايات المنزلية في المغرب بنحو 8,2 أطنان سنويا، وفقا لوزارة الانتقال الطاقي. وهو "ما يكفي لملء 2780 مسبحا أولمبيا"، حسب الخبير في التنمية المستدامة حسن شواوطة.

ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية أن نحو 6 إلى 7% فقط من هذه النفايات تخضع لإعادة تدوير في المملكة التي تضم نحو 37 مليون نسمة.

نحو 50 متطوعا شاركوا بجمع النفايات على مشارف بلدة محاميد الغزلان الصحراوية (الفرنسية) الحفاظ على الصحراء

وهدفت حملة التنظيف إلى إبراز مدى أهمية الحفاظ على هذه البيئة الصحراوية، كما يقول أحد المتطوعين رونالد لوفلوك، وهو مصور فوتوغرافي فرنسي جاء من نيويورك حيث يقيم للمشاركة في المهرجان الذي شمل أنشطة فنية.

ويشير الفنان المالي عثمان آغ عمر إلى أهمية مثل هذه المبادرات بالنسبة للحيوانات المحلية، إذ تشكل النفايات خطرا على قطعان الماشية، وهي مورد عيش أساسي لسكان الواحات الصحراوية.

ويستطرد مذكرا بأن النفايات البلاستيكية لها تأثيرات مضرة على البيئة الصحراوية، إذ تلوث الأراضي والمراعي والأنهار ومناطق الترحال الرعوي.

كان هذا النوع من الترحال بحثا عن الكلأ سائدا في هذه المناطق على مدى قرون، لكنه يتجه نحو الانقراض في المغرب تحت تأثير التغيرات المناخية على المسالك المعتادة للرعاة، مما يدفعهم أكثر فأكثر للتخلي عنه.

وحسب آخر معطيات رسمية تعود للعام 2014، يقدر عدد الرحل في المغرب بنحو 25 ألفا، مما يمثّل تراجعا بنسبة 63% مقارنة مع عام 2004.

وينبّه أستاذ علم الاجتماع القروي محمد مهدي إلى أن فئة مربي المواشي "لم تستفد كثيرا" من الدعم الذي توفره الدولة لمواجهة تداعيات الجفاف، مقارنة مع المزارعين الذين ينتجون مواد موجهة للتصدير.

ويأمل مشارك آخر في الحملة هو رئيس فرقة "حمام الصحراء" لموسيقى غناوة محمد أوجعة في أن تكون المبادرة انطلاقة لسلسلة مبادرات أخرى لتنظيف الصحراء.

إعلان

ويختم مشددا على أهمية العمل من أجل "بيئة نظيفة في هذه المناطق الصحراوية للأجيال المقبلة".

مقالات مشابهة

  • السيد القائد يدعو لخروج مليوني واسع يوم غدٍ الجمعة نصرةً لغزة ودعماً للشعب الفلسطيني
  • ميديابارت: المساعدات الإنسانية لغزة.. ألف عقبة إسرائيلية
  • هل تفلح الضغوط الدولية على إسرائيل في إدخال المساعدات لغزة؟
  • لصحراء نظيفة.. عشرات المتطوعين يجمعون النفايات جنوبي المغرب
  • الرئيس الفلسطيني: يجب رفع حصار الاحتلال عن قطاع غزة والسماح ودخول المساعدات
  • ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو لإدخال المساعدات لغزة بدون عائق
  • دول أوروبا الكبرى تدعو الاحتلال للسماح بدخول المساعدات فورًا لغزة
  • وزيران إسرائيليان يرفضان إدخال المساعدات لغزة ويطالبان باحتلال القطاع
  • العشائر الفلسطينية تطالب الهيئات العربية والدولية بفرض إدخال المساعدات لغزة
  • الأمم المتحدة تؤكد أن الكيان الإسرائيلي يمنع دخول المساعدات لغزة منذ 50 يوما