واشنطن- أنهت المحكمة العليا في واشنطن دورتها القضائية في 30 يونيو/حزيران المنقضي بسلسلة من القرارات التي أبرزت الانقسامات السياسية والأيديولوجية الحادة بين القضاة المحافظين الستة ونظرائهم الليبراليين الثلاثة.

ووصف الرئيس جو بايدن تشكيلة المحكمة بأنها "ليست عادية"، واتهم قضاتها المحافظين بتعزيز أجندتهم الأيديولوجية.

وتتكون المحكمة من 9 قضاة وتؤخذ قراراتها بالأغلبية البسيطة، بينهم 6 من المحافظين عيّنهم رؤساء جمهوريون هم: جون روبرتس، رئيس المحكمة، وإيمي كوني باريت وبريت كافانو ونيل جورستش وكلارنس توماس وصموئيل أليتوا، إضافة لـ3 قضاة ليبراليين عينهم رؤساء ديمقراطيون هم: كيتانجي براون جاكسون وإيلينا كاجان وسونيا سوتومايور.

احتجاجات واسعة شهدتها الولايات المتحدة عقب إلغاء قرار "رو ضد واد" الخاص بالإجهاض (الفرنسية) قرارات تغير وجه الحياة في أميركا

مثّل إلغاء المحكمة العليا في يونيو/حزيران 2022 قرارها الذي أصدرته عام 1973 بحق الإجهاض في الولايات المتحدة، وترك الولايات منفصلة لتحديد قوانين الإجهاض الخاصة بها، حدثا تاريخيا عكس توازن القوى الجديد داخل المحكمة العليا.

واستكمالا لمسار المحكمة بأغلبيتها المحافظة، وخلال الأسبوع الأخير من دورة المحكمة التي انتهت بنهاية يونيو/حزيران، اتحد القضاة المحافظون الستة واتخذوا عدة قرارات مصيرية منها أهمها:

رفض خطة بايدن للإعفاء من القروض الطلابية؛ إذ أحبطت المحكمة العليا هذه الخطة التي استهدفت إلغاء حوالي 430 مليار دولار من ديون الطلاب الفدرالية. وأحبط القضاة قرار بايدن بإلغاء ديون حوالي 20 مليون مقترض كانوا على وشك الخلاص منها، و23 مليونا آخرين كان متوسط ديونهم قد تقلص من 29 ألفا و400 دولار إلى 13 ألفا و600 دولار، وأصبح على هؤلاء الآن البدء بدفع ديونهم مع بداية أكتوبر/تشرين الأول المقبل. منع الجامعات الأميركية من الأخذ في الاعتبار العرق في عملية القبول. وأحيا القضاة المعنى الواضح للتعديل الدستوري رقم (14) الداعي لحظر التمييز على أساس العرق. وتم تطبيق هذا القانون في قضايا رفعها أولياء أمور لطلاب من أصول آسيوية ضد جامعتي "هارفارد" و"نورث كارولينا". السماح للشركات والأفراد برفض العمل على المواد والمنتجات التي تروّج لزواج المثليين، حيث دعمت المحكمة وانحازت إلى مصممة مسيحية إنجيلية للمواقع الإلكترونية لم ترغب في إنشاء موقع لزواج المثليين.

ولم يستطع القضاة الليبراليون الثلاثة المعيّنون من قبل رؤساء ديمقراطيين سوى كتابة معارضة لاذعة.

اتفاق رغم الانقسام الأيديولوجي

واختفى الانقسام الأيديولوجي في عدد من القضايا المهمة التي تَوقّع الجمهوريون أن تصوت فيها المحكمة بأغلبيتها المحافظة لصالحهم. ووقف عدد من القضاة المحافظين إلى جانب زملائهم الليبراليين لتشكيل أغلبية قلصت بعض أولويات الجمهوريين الأكثر طموحا ومنها الخاصة بإنفاذ قوانين صارمة ضد المهاجرين غير النظامين، أو بشأن حالة تعزيز سلطة الولاية مقابل الحكومة الفدرالية.

وأيدت المحكمة سياسات الهجرة التي تنتهجها إدارة بايدن والتي تعطي الأولوية لترحيل المهاجرين غير النظاميين الذين ارتكبوا جرائم خطيرة أو وصلوا مؤخرا إلى الولايات المتحدة.

كما أيدت المحكمة الأحكام الواردة في قانون حقوق التصويت، وهو جزء تاريخي من تشريعات الحقوق المدنية منذ الستينيات، حيث تطالب الولايات بضمان وجود تمثيل للأقليات في الكونغرس والمجالس التشريعية.

ورفضت المحكمة تأييد نظرية يمينية مفادها أن المجالس التشريعية للولايات لها السلطة الوحيدة لإدارة الانتخابات، وهو اقتراح كان يمكن أن يسمح للولايات بإلغاء نتائج أي انتخابات رئاسية مستقبلية.

وعقب خسارة ترامب انتخابات 2020، تحول أنصاره إلى نظرية جديدة لتعزيز فرص مرشحهم في البقاء في البيت الأبيض، مستشهدين بنظرية "الهيئة التشريعية المستقلة للولاية"؛ وسعوا إلى منع أحكام محاكم الولاية في بنسلفانيا وأماكن أخرى التي جعلت التصويت أسهل، وتمديد المواعيد النهائية لبطاقات الاقتراع بالبريد.

فضائح عدة أحاطت ببعض قضاة المحكمة العليا مؤخرا (الأناضول) تدهور سمعة ومكانة المحكمة

وشهدت المحكمة عددا من الفضائح خلال العام الأخير، من أبرزها تسريب مداولات قرارها المتعلق بالإجهاض والمرتبط بتغيير قرار قضية "رو ضد واد" (صدر عام 1973 ليكرّس حق المرأة في الإجهاض) لصحيفة "بوليتيكو" قبل أشهر من اعتماده رسميا.

كما تم الكشف عن إخفاق القاضيين كلارنس توماس وصامويل أليتو في الإفصاح عن قيامهم برحلات كهدايا، وتلقيهم مكافآت ضخمة من عدد من الأشخاص النافذين. ودفع ذلك لزيادة الضغط على المحكمة لاعتماد مدونة أخلاقية والقيام بعمل أفضل من حيث الكشف عن تقاريرها المالية لتأكيد شفافيتها.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "غالوب" موافقة 40% من الأميركيين على أداء ومهام المحكمة العليا في سبتمبر/أيلول 2022، بينما عارض 58%. وتقترب هذه النسبة من نسبة الرضا عن إدارة الرئيس جو بايدن، إلا أنها تزيد كثيرا عن نسبة الرضا الشعبي على أداء الكونغرس، والتي بلغت 20% في مايو/أيار الماضي، مقابل معارضة 77% لأداء المشرعين الأميركيين.

وبعد انتهاء العطلات الصيفية، تعود المحكمة لمباشرة أعمالها في أكتوبر/تشرين الأول القادم، حيث من المقرر أن تستمع إلى العديد من القضايا التي يحتمل أن تكون تاريخية وتنطوي على محاولة اليمين الأميركي الحد مما يعتبره السلطة المترامية الأطراف للحكومة الفدرالية.

ومن هذه، قضيتان مهمتان:

الأولى تتحدى شرعية "مكتب حماية تمويل المستهلك"، وهي وكالة أنشأها الديمقراطيون بعد الانهيار المالي في عام 2008. وتتعلق القضية الأخرى بسابقة قضائية طويلة الأمد تمنح الوكالات الحكومية سلطة تفسير كيفية تطبيق القوانين وإنفاذها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المحکمة العلیا

إقرأ أيضاً:

بايدن: سأنسحب من الانتخابات الرئاسية إذا “أمرني الرب” بذلك

#سواليف

أكد الرئيس الأميركي جو #بايدن إصراره على خوض #الانتخابات الرئاسية المقبلة قائلا إنه لن ينسحب إلا إذا أمره الرب بذلك، مقرا في الوقت نفسه بأدائه السيئ في مناظرته الأولى أمام منافسه الجمهوري دونالد #ترامب، والتي دفعت أعضاء في حزبه الديمقراطي للتحرك لثنيه عن الترشح.

وخلال مقابلة، مع شبكة “إيه بي سي” الأميركية -أمس الجمعة- قال بايدن ردا على سؤال إذا كان سينسحب من #السباق_الرئاسي في حال تشكلت لديه قناعة بأنه لن يستطيع التغلب على ترامب إن “هذا يعتمد على ما إذا نزل الرب وأخبرني بذلك، قد أفعل ذلك”.

وفي محاولة لتسويق نفسه للناخبين، قال إنه “لا يوجد أحد مؤهل أكثر منه لكي يكون رئيسا أو للفوز في الانتخابات الرئاسية” مشددا على أنه “لا يصدق” استطلاعات الرأي التي تمنح منافسه ترامب الأفضلية على الصعيد الوطني، وفي الولايات الرئيسية.

مقالات ذات صلة كتائب “القسام”: فجرنا عبوة تلفزيونية في قوة صهيونية راجلة بحي الشجاعية بغزة 2024/07/06

وبشأن المناظرة التلفزيونية التي جمعته مع خصمه ترامب في 27 يونيو/حزيران الماضي، قال “لا أعتقد أنني شاهدتها”.

لكن بعد الضغط عليه من قبل الصحفي الذي أجرى المقابلة حاول بايدن تبرير سوء أدائه قائلا “كنت مريضا وينتابني شعور سيئ، وكنا نحاول أن نتبين ما الخطب. أجروا فحصا ليروا إن كنت مصابا بعدوى أم لا، فيروس ما. لكن لم أكن مصابا. كانت لدي نزلة برد حادة”.

وردا على سؤال بشأن الانتقادات الموجهة بشأن قدراته العقلية بعد المناظرة وعما إذا كان مستعدا للخضوع لاختبار ذلك، قال بايدن البالغ (81 عاما) “أنا أخضع لاختبار إدراكي كل يوم أنا لا أقوم بحملتي الانتخابيّة فحسب، بل أقود العالم”.
إعلان

وخلال مقابلته التلفزيونية أمس تحدث بايدن بطلاقة نسبية مقارنة بمناظرته التلفزيونية مع ترامب، لكن رغم ذلك كان صوته مشوشا وجُمله غير مكتملة في بعض الأحيان أو مفككة بعض الشيء.

وقال مساعد كبير للديمقراطيين في مجلس النواب لوكالة رويترز بعد مشاهدة مقطع قصير بثته القناة قبل المقابلة “لا أرى كيف سيستمر بايدن هذا الأسبوع كمرشح”.

المطالبة بالانسحاب

وخلال المقابلة التي استغرقت 22 دقيقة، دافع بايدن بشدة في المقابلة عن ترشحه لولاية ثانية في مواجهة ترامب، في حين أن بعض الأعضاء المنتخبين في معسكره يطالبونه بالانسحاب، وقال إن “السيناتور مارك وارنر هو الوحيد الذي يطالبني بالانسحاب”.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن وارنر يعمل لتجميع أعضاء بمجلس الشيوخ لمطالبة بايدن بسحب ترشحه، وأبدى وارنر قلقه من أن بايدن لا يستطيع إدارة حملة قادرة على هزيمة ترامب.

ونقلت الصحيفة عن عضو ديمقراطي بمجلس الشيوخ قوله “نعتقد أن أشخاصا حول بايدن لا يقدمون له صورة دقيقة عن التداعيات، مؤكدة أن هناك إجماعا متزايدا بين الديمقراطيين بمجلس الشيوخ على أن بايدن كمرشح رئيسي غير قابل للاستمرار”.

ونقلت صحيفة “بوليتيكو” عن مصادر في الحزب الديمقراطي إن وارنر سينظم اجتماعا بعد غد الاثنين للديمقراطيين بمجلس الشيوخ لمناقشة مسار بايدن كمرشح رئاسي، كما نقلت “واشنطن بوست” أيضا عن مصدرين مطلعين قولهما إن “رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ يحشد الديمقراطيين للطلب من بايدن عدم الترشح”.

ويعقد بايدن مؤتمرا صحفيا الخميس المقبل، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي، حسبما أكد مسؤول أميركي كبير رفض ذكر اسمه أمس الجمعة، “الرئيس يعقد مؤتمرا صحافيا وسيردّ على أسئلة وسائل الإعلام”.
توجهات الناخبين

من جانبها، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية اليوم أن 86% من الديمقراطيين قالوا إنهم سيصوتون لصالح بايدن أمام منافسه ترامب في انتخابات الرئاسة التي تجرى في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ووفقا لاستطلاع الرأي تقل تلك النسبة عن السابقة التي بلغت 93% من الديمقراطيين الذين قالوا في فبراير/شباط الماضي إنهم سيصوتون لبايدن.

وشمل استطلاع الرأي 150 من الناخبين المسجلين أجريت المقابلات معهم بين 29 يونيو/حزيران الماضي والثاني من يوليو/تموز الجاري.

مقالات مشابهة

  • عاجل النص الكامل.. قرارات هامة للمحكمة في محاكمة 22 متهم بخلية القاهرة الجديدة الإرهابية
  • بايدن: سأنسحب من الانتخابات الرئاسية إذا “أمرني الرب” بذلك
  • بايدن: سأنسحب من الانتخابات الرئاسية إذا أمرني الرب بذلك
  • الولايات المتحدة: بايدن يعلن نيته الترشح لعهدة رئاسية ثانية في انتخابات 2024
  • بايدن بزلة جديدة: فخور بكوني أول امرأة سوداء في البيت الأبيض
  • بايدن يخبر الحكام الديمقراطيين أنه بحاجة للمزيد من النوم وتقليل العمل ليلا
  • «بايدن» يفاجئ الحكام الديمقراطيين بشأن قدرته العقلية: أحتاج إلى النوم
  • بينها الانسحاب.. بايدن يواجه الغرق السياسي في أخطر 48 ساعة
  • أخطر 48 ساعة في مسيرة بايدن السياسية.. هذا ما ينتظره
  • "وول ستريت جورنال": الضغوط تتزايد على بايدن مع خوف الديمقراطيين من خسائر كبيرة في انتخابات نوفمبر