في مغامرة محفوفة بالمخاطر اختار المغربي عبد السلام بود (23 عاما) التوجه إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة على متن دراجة هوائية.
قادته الرحلة بين سبع دول إفريقية: موريطانيا، السنغال، مالي، بوركينفاسو، النيجر، تشاد، ثم السودان، واجه فيها مخاطر كثيرة سواء من الجماعات المسلحة، والحروب والحيوانات المفترسة، والحشرات، والأمراض المعدية فضلا عن الابتزاز من طرف قطاع الطرق وحراس الحدود.

حلم العمرة عبر دراجة

عبد السلام ابن مدينة مراكش، متزوج ويعمل ميكانيكيا، مولع منذ صغره بركوب الدراجات العادية، يقول: “منذ أن كان عمري 11 سنة أحببت الدراجة وتعلقت بها فكانت رياضة وهواية لا أفارقها، ولما بلغت العشرين سنة صرت أجوب بها المغرب”.

بدأت الفكرة تنضج لدى عبد السلام لما سمع بمغامرين يقطعون الأدغال الإفريقية، فحدد هدف أداء مناسك العمرة بالديار السعودية، مرورا بدراجته بين بلدان غرب ووسط وشرق إفريقيا ليصل بعدها إلى السودان ومنها عبر الباخرة إلى السعودية. جعل ذلك هدفا وحلما في نفس الآن.

يقول: “كان حلمي أن أذهب إلى السعودية بعد وصولي إلى السودان، ومنها أنهي الرحلة الإفريقية، فأبدأ رحلة الجزيرة العربية، حيث عزمت بعد أدائي لمناسك العمرة أن أدخل إلى قطر”.

مغامرة ومخاطرة

بدأ عبد السلام، رحلته شهر يناير 2023، وانتهت أواخر شهر أبريل من السّنة نفسها. قطع آلاف الكيلومترات بين هذه البلدان الإفريقية السبعة. تعرض فيها للتهديد الإرهابي وللتحقيق من طرف الجماعات المتطرفة.

يقول: “تعرضت لاستنطاق حول هويتي في الحدود بين مالي والنيجر، أوقفوني ووجهوا لي سيلا من الأسئلة. أسئلة (هذه الجماعات) تتمحور بالأساس حول جنسيتي، وماذا أفعل في تلك المناطق الحدودية”.

انتقل عبد السلام من مراكش إلى موريطانيا مرورا عبر معبر الكركرات متجها صوب العاصمة نواكشوط، ومنها إلى العاصمة السنغالية دكار مرورا عبر معبر “روصو” الرابط بين البلدين، ثم العاصمة واغادوغو ببركينافصو، ومن هناك إلى العاصمة المالية بماكو، وإلى نيامي عاصمة النيجر، ثم انجمينا عاصمة التشاد ومنها إلى الخرطوم عاصمة السودان.

جماعات مسلحة في كل مكان

كشف عبد السلام، أنه يصادف في كل الطرق التي يقطعها جماعات مسلحة وقطاع الطرق؛ وبالخصوص في المناطق الحدودية “لكن الحمد لله لم يحدث لي مكروه رغم ما صادفته وأنا في هذه الطريق الطويلة”.

كشف تقرير حديث، نشره “المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات”، خريطة الجماعات الإرهابية بإفريقيا، وبالخصوص المناطق التي تحرك فيها عبد السلام.

الحدود بين هذه البلدان متوترة وتخضع لسيطرة جماعات إرهابية وقطاع طرق، أي بلدان غرب إفريقيا ووسطها وصولا إلى الشرق بين السودان والصومال.

التقرير، كشف أن هذه المناطق تنشط فيها جماعة نصرة الإسلام المالية، وجماعة الثغراوي التي تنشط بمالي والنيجر وبوركينافصو ثم جماعة “الاعتصام السودانية”، إضافة طبعا إلى “القاعدة” وتنظيم الدولة الإسلامي “داعش”، التي تمركزت بالمنطقة وهي الجماعات التي من المحتمل أنها تعَرضت لعبد السلام.

يبدو من المعطيات التي كشفها التقرير، أن عبد السلام كان يغامر بحياته وهو يقطع المناطق الحدودية لهذه البلدان بدراجته العادية، فقد كان مهددا بالاختطاف أو الاغتيال في أية لحظة، خاصة بعد حالة اختطاف دراجين مغربيين في الفترة نفسها أي بداية أبريل 2023.

سجل التقرير ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية مطلع 2023، بمالي وبوركينافصو ونيجيريا، وهو التاريخ نفسه الذي بدأ فيه عبد السلام رحلته، بهذه المناطق، حيث ارتفعت معدلات هجمات تنظيم “داعش” في جنوب ووسط إفريقيا بمعدل 50 في المائة مقارنة مع سنة 2022، حسب التقرير دائما.

“أحب المغامرة وهذا هو الدافع الوحيد الذي جعلني أعيش التجربة، أعرف أنني غامرت بحياتي وكنت مهددا في أية لحظة، ولكن أنا مولع بهذه الهواية وحلمي أن أحقق الهدف الذي أريده”، يقول عبد السلام وكله إصرار من أجل نجاح تجربته.

تفتيش وانقلابات عسكرية

تعرض عبد السلام، وهو يشق طريقه إلى السودان لتفتيش مرات عدة من طرف حرس الحدود في البلدان التي دخلها، “فرغم أني أقدم لهم جواز سفري، لكنهم يطلبون مني مقابلا ماديا لكي يسمحوا لي بالمرور، وهذا ما أفعله لكي أستمر في المغامرة”.

قال المتحدث لـ “اليوم 24″، إنه جمع مبلغا لا يتعدي 4000 درهم، وهو المبلغ الكامل الذي قضى به أربعة أشهر وسافر به في سبعة بلدان، إضافة إلى مؤونة تتكون من مواد غذائية: خضر بالأساس وأرز وزيت وغيرها، وكذا متاع يتكون من أفرشة وخيمة وقنينة غاز من الحجم الصغير.

“أكيد أن المؤونة لا تكفي، لقد انتهت قبل إنهاء الرحلة، وكنت مجبرا أن اقتني بعض ما آكل في البلدان التي أدخل اليها، كما أني أصادف شاحنات نقل البضائع المغربية المتجهة إلى إفريقيا، والتي يمدني أصحابها ببعض المؤونة من خضر وماء وغيرها”، يقول عبد السلام.

كشف المتحدث، أنه لا يستطيع أن يأكل وجبات البلدان الإفريقية التي زارها، باعتبار أن أغلبها يكون مختلطا بلحم الخنزير أو حيوانات أخرى “غريبة”، لذلك يكتفي بالأرز في كل الوجبات أثناء تواجده بأي بلد إفريقي.

لسوء حظ المغامر المغربي أن رحلته تزامنت مع انقلابات عسكرية وحروب طاحنة بالمنطقة، خاصة الانقلاب الذي شهدته بوركينافصو في 23 يناير 2023، كما عرفت مالي والنيجر توترات حدودية كبيرة ومواجهات عسكرية مفتوحة مع جماعات إرهابية متطرفة.

“نعم واجهت مخاطر وحروبا، بل عاينت أمامي حيوانات مفترسة كالنمور، وكنت كل مرة مهددا بأن يصيبني مرض فتاك كالملاريا، إضافة إلى انتشار نوع من البعوض الذي قد ينقل لي أي مرض”، يقول عبد السلام، الذي أكد أن أمره مر بسلام رغم كل هذه المخاطر.

حرب السودان توقف المغامرة

يبدو أن المغامرات التي واجهت عبد السلام في موريطانيا والسنغال، ومالي والنيجر وتشاد، لم تنته بعد، اذ رافقته إلى السودان آخر محطة في رحلته قبل العبور إلى هدفه النهائي السعودية وأداء مناسك العمرة.

حين وصوله إلى السودان وبعد مدة قضاها في البلد، اندلعت في 15 أبريل 2023 مواجهات عنيفة بين القوات المسلحة السودانية وبين قوات الدعم السريع.

وقع ذلك في رمضان، حيث قضى عبد السلام 20 يوما الأولى بشكل عادي، غير أنه، “قبل انقضاء الشهر الفاضل بعشرة أيام تقريبا وقعت المواجهة، واندلعت حرب في كل المدن والشوارع، والتي كدت أفقد فيها حياتي حقيقة”.

هذه الحرب التي اندلعت فجأة في السودان آخر محطة قبل وصول عبد السلام إلى السعودية عبر باخرة كما خطط لذلك، هي التي أنهت حلم العمرة وتحقيق الهدف، حيث اضطر في 26 أبريل أن يستقل الطائرة المغربية التي خصصت لإجلاء المغاربة العالقين في البلد.

يقول: “انتهت رحلتي هنا، وبسبب الظروف الآمنية بالبلد اضطررت للرجوع في الطائرة إلى بلدي، على أمل أن أعيد المسار وأحقق الهدف”.

كلمات دلالية جماعات مسلحة دول افريقية رحالة مغربي سفر على متن دراجة مغامر مغربي

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: جماعات مسلحة دول افريقية إلى السودان عبد السلام

إقرأ أيضاً:

هند صبرى: «علا عبد الصبور» تشبهنى ..كل أدواري مغامرة

أبحث عن التجديد فى كل أعمالى الفنية.. وأحاول اكتشاف نفسى دائمًاخضت تجربة الإنتاج لإيمانى برسالة «البحث عن علا»«مفترق طرق» دراما صعبة وسعدت بردود فعل الجمهور

 

النجمة هند صبرى واحدة من أهم فنانات جيلها، تجمع بين الثقافة والموهبة، ما جعلها فنانة من طراز خاص، صنعت نجوميتها بنفسها باحترامها لعقلية مشاهديها فى اختيار الموضوع الجيد الذى تناقشه، ودائمة البحث عن السيناريوهات المختلفة والجريئة، ولذلك ارتبط معها الجمهور بالعديد من الأدوار.

شخصية د.علا عبدالصبور، إحدى الشخصيات التى نجحت فى تقديمها هند بشكل كبير، حتى أن الجمهور لم يتذكر أنها قُدمت فى 2010، حيث تلقى نسبة مشاهدة عالية فى كل عرض لها على الشاشة، بسبب مناقشتها مشكلة مجتمعية تهم كل الأسر المصرية وهى البحث عن الزوج المناسب لبناتهن، وتم تقديم العمل بشكل فنى مميز جعل الجمهور يحترم العمل وينتظر منه أجزاء أخرى.

فى الجزء الجديد من العمل تغير الموضوع، فأصبحت «علا» تجسد شخصية كل سيدة مطلقة وتبحث عن حياة جديدة، ترسم لنفسها واقعا مجتمعيا جديدا، وهو ما جعل الجمهور يتفاعل معها منذ الحلقات الأولى، حيث خاض معها الجمهور رحلة البحث عن زوج، ثم الاستقرار فى منزل، والانتقال من طبقة إلى أخرى، وتجربة الأمومة، والانفصال، حتى خوض سوق العمل بعد سنوات طويلة من كونها ربة منزل.

التقينا بها لنعرف تفاصيل العمل، وسر خوضها مجال الإنتاج، وفى حوارها قالت..

مقالات مشابهة

  • توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية
  • راشد عبد الرحيم: هدية لقحت
  • المالكي الذي سلم العراق لداعش يقول “سنحرر القدس “قريباً
  • برلمانية كندية بارزة من أصل مغربي مرشحة لزعامة الحزب الليبرالي تعتزل السياسة لتربية أبنائها
  • الشاعر المفكر الذي غادرعلى أجنحة الهوية
  • هند صبرى: «علا عبد الصبور» تشبهنى.. كل أدواري مغامرة
  • هند صبرى: «علا عبد الصبور» تشبهنى ..كل أدواري مغامرة
  • طلاب الدفعة (26 طب) مارسوا نفس الفوضي التي كانت تحدث في الخرطوم فتم طردهم الى السودان
  • كاتب كندي: نداءات السلام التي أطلقها المؤيدون الغربيون لإسرائيل تمثيلية ساخرة
  • تقرير تقصي الحقائق وقوة حفظ السلام هل تشكل مقدمه للفصل السابع