أفتتح الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، اليوم، ندوة تحديات العلوم الاجتماعية في الوطن العربي: آفاق التحول ورؤى مستقبلية، والتي نظمتها المكتبة لمناقشة مستقبل العلوم الاجتماعية، وشارك فيها مجموعة من الأساتذة والخبراء في مجال علم الاجتماع من الوطن العربي ومن جامعات القاهرة والإسكندرية.

وطرح الدكتور أحمد زايد عددًا من القضايا والتحديات التي تواجه مستقبل علم الاجتماع في الوطن العربي، ومنها إشكالية تمركز علم الاجتماع حول النظرية الأوروبية، وضرورة مواكبة علم الاجتماع للتغيرات العالمية والعولمة والتقدم التكنولوجي وتدفقات الأفكار والأجندات.

وأكد زايد على أهمية إعادة النظر في العلاقة بين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية لتكون علاقة تعاون، كما أشار إلى أهمية دور علم الاجتماع في ظل الأزمات الطارئة كجائحة كوفيد - 19، إلى جانب دوره في دراسة المشكلات الاجتماعية التي أصبحت عابرة للقارات. كما لفت إلى وجود مشكلات ثقافية وأخلاقية تنشأ عن تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.

وطرح زايد تساؤلا حول أسباب غياب الريف في بحوث الاجتماع، فالمجتمعات الريفية تشهد تغيرات كبيرة لم يتطرق لها الباحثون. كما أشار إلى أن علم الاجتماع يجب أن يلتفت إلى التغيرات الحالية التي تطرأ على شكل الطبقات الاجتماعية والحدود بينها. وتحدث زايد عن كيفية اختيار المشكلات البحثية وهل هي تدرس المجتمع بالفعل؟ كما أكد أن مناهج البحث تحتاج إلى تطوير.

وأضاف مدير مكتبة الإسكندرية، أهمية أن يكون الباحث في علم الاجتماع على وعي ومثقف بالعلوم الأخرى خاصة الفلسفة مُؤكدًا أهمية أن نوسع رؤيتنا نحو الأشياء، فنحن نعاني من علاقتنا بالعلوم الأخرى، لافتا إلى أن هناك نظرة دونية للعلوم الاجتماعية من قادة الفكر في العالم العربي.

وجاءت الجلسة الأولى للندوة بعنوان "آفاق التحول في العلوم الاجتماعية"، تحدث فيها الأستاذ الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور هاني خميس عبده، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وأدار الجلسة الدكتور جيلالي المستاري.

وتحدث الدكتور سعيد المصري عن "مستقبل العلوم الاجتماعية بين التحديات والفرص"، لافتا إلى وجود غايات تسعى إليها العلوم الاجتماعية في العالم العربي، وهي المعرفة الدقيقة حول السلوك الاجتماعي والكيفية التي يتشكل بها المجتمع وكيف يتغير، واكتساب القدرة على التحرر من القيود الاجتماعية وصور الاستغلال والظلم الاجتماعي، ودعم السياسات العامة وعمليات اتخاذ القرار بشأن إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية، وتشكيل الوعي المجتمعي لتمكين الناس من القدرة على تحسين أساليب حياتهم بإرادتهم.

ولفت إلى وجود ممارسات وأنماط معرفية في ضوء هذه الغايات وهي الممارسة الأكاديمية التي تختص بمعرفة منظمة ومنهجية ولغة علمية رصينة وهي موجهة أساسا لجمهور العلماء وتنتج في الجامعات ومراكز البحوث الفكر، والممارسة النقدية التي تهتم بفهم الظواهر الاجتماعية وتوجه لجمهور الناشطين في المجتمع المدني والحركات الاجتماعية، والممارسة التطبيقية التي تركز على تقديم المشورة العلمية العاجلة حول اقتراح سياسات وصور وتدخلات تفيد في حل المشكلات المجتمعية وتوجه المشورة للمسئولين في الحكومة والسلطة ومنظومة عملية اتخاذ القرار، والممارسة التنويرية التي تهتم بقضايا الوعي الاجتماعي وتنمية البشر وتوجه للجمهور العام من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية والمجتمع المدني.

وتحدث المصري عن بعض أوجه الخلل في العلوم الاجتماعية ومنها التباس البنية المؤسسية لتعليم العلوم الاجتماعية بين نمطي إنتاج المعرفة الأكاديمية وإنتاج المعرفة لحل المشكلات المجتمعية، والقصور في تعليم العلوم الاجتماعية وضعف مستوى التأهيل في الدراسات العليا ونقص الاعتمادات في الموازنة المخصصة للبعثات الدراسة، واتساع الفجوة بين العرض والطلب حيث يتم تخريج أعداد هائلة سنويا بشهادات جامعية لا تؤهلهم لمتطلبات سوق العمل المتغيرة، وذلك إلى جانب تفاوت الحضور الأكاديمي فيما بين التخصصات المختلفة، وضعف الحضور المحلي في الشأن السياسي والاجتماعي، وضعف الحضور المعرفي العربي دوليا، والحواجز اللغوية للتراكم المعرفي.

ولفت الدكتور سعيد المصري إلى عدد من الفرص أمام علم الاجتماع منها وجود بنية تكنولوجية رقمية وقواعد بيانات دولية تتيح فرص الوصول إلى المعرفة المتخصصة في العلوم الاجتماعية بلغات مختلفة، واتساع فرص التعاون الدولي لوجود مؤسسات دولية وإقليمية مانحة تساعد في تمويل التدريب والبحوث، ووجود طلب سياسي على العلوم الاجتماعية نظرا لأن المشكلات المجتمعية الراهنة تستوجب توظيف العلوم الاجتماعية بصورة أكثر فعالية لمواجهتها.

وأكد المصري على ضرورة وضع عدد من الأولويات في مجال العلوم الاجتماعية، ومنها أولويات أكاديمية ككسر العزلة الاجتماعية والتجاوب مع الهموم والتحديات والطموحات المجتمعية وتأصيل الوظيفة النقدية للعلوم الاجتماعية، وأولويات فكرية كالنظر في إشكالية العلاقة بين الدولة العربية والمجتمع والنظر في التراث الثقافي وإعادة النظر في علاقة السكان بالموارد.

وألقى الدكتور هاني خميس عبده كلمة بعنوان "البحوث البينية في علم الاجتماع وتقدم المجتمعات الإنسانية خلال الألفية الجديدة: تجارب عملية وخيارات مستقبلية"، تحدث فيها عن نزعة الانقسام والتخصص داخل العلوم الاجتماعية، والملامح المنهجية للبحوث البينية، وأهميتها، إلى جانب تقديم نماذج عملية من البحوث البينية.

وأشار إلى أن الانقسام القائم بين العلوم الاجتماعية مبالغا فيه، فتلك التقسيمات والحدود صناعية، لأن تلك العلوم تدرس الشيء نفسه وبالتحديد المجتمع، لافتا إلى أن علم الاجتماع بوصفه علم المجتمع لا يمكن أن ينعزل عن بقية العلوم الأخرى، مثل علم النفس والفلسفة والتاريخ والاقتصاد، لأجل التوصل إلى استنتاجات حول واقع المجتمع وكلية العلاقات الاجتماعية وفهم البناء الاجتماع في شموليته.

ولفت إلى أن البحوث البينية تعمل على دمج الرؤى والأفكار عن المشكلة محل الاهتمام المشترك من أجل الوصول إلى فهم أكثر شمولية وحلا علميا، مُؤكدًا على أن البحوث البينية تساهم في مواجهة وحل المشكلات المجتمعية والتحديات المحلية والإقليمية والعالمية، وتوفير المعلومات لصانعي القرار الذين يحتاجون بصورة متزايدة إلى المعلومات.

وتحدث عن بعض المبادرات الدولية في مجال البحوث البينية ومنها التكنولوجيا الحيوية حيث يشكل هذا التخصص مجالًا بحثيًا جديدًا يعتمد على تكامل عدد من العلوم الطبيعية، وتكنولوجيا المعلومات ويعتمد على العلوم التكنولوجية والطبيعية وكذلك العلوم الاجتماعية والإنسانية، وعلم الاجتماع الرقمي.

وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "تحديات البحث في العلوم الاجتماعية في العالم العربي"، تحدث فيها الدكتور الجيلالي المستاري، الأستاذ في مركز البحث الانثروبولوجي والاجتماعي في الجزائر والدكتور عبد الوهاب بلغراس، أستاذ علم الاجتماع بوهران في المغرب، والدكتور أحمد موسى بدوي، المركز العربي للعلوم الاجتماعية، وترأس الجلسة الدكتور خالد عبد الفتاح.

وقال الدكتور خالد عبد الفتاح إن التكنولوجيا الحديثة لها انعكاسات سلبية كبيرة على المجتمعات العربية خاصة فيما يتعلق برأس المال المجتمعي مُوضحًا أن علماء الاجتماع في مصر قصروا في إعادة قراءة التاريخ في المجتمع المصري خاصة في فترة ما بعد عام 1952مُؤكد أهمية دراسة الظواهر الاجتماعية في مصر بشكل موضوعي ومعمق، لكي نقف على التغيرات التي حدثت للمجتمع.

وتحدث الدكتور الجيلالي المستاري عن تحديات إنتاج المعرفة في العلوم الاجتماعية في الجزائر خاصة بعد الاستقلال، لافتًا إلى أن ثنائية اللغة تمثل التحدي الأول، فيما تتعلق التحديات الأخرى بكثرة المعاهد المتخصصة في الدراسات الاجتماعية في مقابل اختلاف الدراسات من جيل لآخر.

بدوره، قدم الدكتور عبد الوهاب بلغراس، ورقة بحثية بعنوان بحث ظواهر التدين في المجتمعات العربية وتساءل عن كيفية الخروج من الدراسات فيما هو ديني إلى ما هو اجتماعي، لافتًا إلى أن دراسة ظاهرة التصوف أمر ضروري وليس شرطا أن يدرس هذه الظاهره من يعتنقون الفكر المتصوف.

من جانبه تحدث الدكتور أحمد موسى بدوي عن دراسة الظواهر الحديثة وتأثير تطورات التكنولوجيا على المجتمعات مؤكدا ضرورة أن تكون هناك دراسات مخصصة لبحث تأثير التكنولوجيا الحديثة على المجتمعات العربية، لافتًا إلى أن هناك قصورا في هذا المبحث.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الوطن العربي مكتبة الإسكندرية جائحة كوفيد 19 تحديات العلوم الاجتماعية العلوم الاجتماعیة فی فی العلوم الاجتماعیة المشکلات المجتمعیة البحوث البینیة الدکتور أحمد علم الاجتماع الوطن العربی الاجتماع فی ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

الدقهلية تستعرض الخطة العاجلة لتحسين الخصائص السكانية الاجتماعية

 عقد اللواء محمد صلاح ابو كريشه السكرتير العام لمحافظة الدقهلية، اجتماعا لاعضاء  اللجنه التنسيقية للسكان تناول خلاله الخطة العاجلة لتحسين الخصائص السكانية الاجتماعية والاقتصادية من خلال خفض البطالة، ونسبة الأمية وغياب الوعي، وخفض نسب زواج الأطفال، والقضاء على الجهل التعليمي، والحد من التسرب من التعليم. 
وقد نظمت الاجتماع  اماني علم الدين مدير عام المجلس القومي للسكان بالدقهلية.

 وشارك في الاجتماع اعضاء اللجنة من ممثلي مديريات الصحة والتربية والتعليم والاوقاف والازهر والقوي العاملة والتضامن الاجتماعي والشباب والرياضة والثقافة، وممثلي المجلس القومي للمرأة وفرع هيئة تعليم الكبار ومركز اعلام المنصورة وبناء وتنمية القرية ومركز المعلومات بالمحافظة وجهاز تنمية المشروعات والجمعية المصرية لتنظيم الاسرة.

 
وتناول الاجتماع استعراض ما تم تنفيذه في اطار التوصيات الصادرة عن الاجتماع السابق للمجلس الاقليمي للسكان برئاسة محافظ الدقهلية حيث تم تحديد مركز المنصورة لتحسين الخصائص السكانية به حيث تم  عمل حصر فعلي على ارض الواقع للمؤشرات السكانية بقريه بني مراس والتي تم اختيارها لتنفيذ فاعليات الخطة العاجلة حيث تم تنفيذ اعمال الحصر من خلال الرائدات الريفيات والشباب والرياضة والجمعيات الاهلية وهيئة تعليم الكبار بمشاركة المعهد العالي للخدمة الاجتماعية جامعة المنصورة، كما تم تنفيذ قوافل توعوية لتحسين الخصائص السكانية وزيارات منزلية للرائدات الريفيات وتنفيذ ندوات عن اهمية تنظيم الاسرة وخطورة الزواج المبكر اضافة الي ندوات لمواجهة العنف ضد المرأة واهمية التعليم والصحة الانجابية والتمكين الاقتصادي للمرأة والمشروعات الزراعية والصناعية وفرص تمويل هذه المشروعات من خلال الاقراض وندوات عن التصدي للامية والبطاله والعمل علي خفض معدلات المواليد و قريه كوم بني مراس من القري التابعة للوحده المحليه للقرية الام "طناح" استهدفت الفاعليات الارتقاء بالخصائص السكانية بالقرية.
 

وأكد السكرتير العام، أن القضية السكانيه من أخطر القضايا المجتمعية وتحتاج الي تضافر جهود كافة الجهات لوضع حلول لها، وتقرر خلال الاجتماع تكثيف قوافل توعويه في قري مركز المنصوره تشمل التوعيه الصحيه  والاجتماعيه والتوعية للحفاظ علي البيئة وايضا التوعية بخطوره الاميه والتسرب من التعليم، بالاضافة الي نشر ثقافه العمل الحر من خلال خطه مكثفه بمشاركة كافة الجهات المعنية وفي المقدمة جامعه المنصورة.

 وشدد على ضرورة أن تتضمن الجهود الفاعليات تفعيل دور الازهر والاوقاف في التصدي لظواهر اجتماعية طارئة مثل العنف والاقدام علي الانتحار وبيان حرمة تلك السلوكيات من منظور ديني واخلاقي في خطبة الجمعة والدروس الدينية بالمساجد.


 يأتي تنفيذ تلك الخطة في اطار الاستراتيجية الوطنية السكانيه والتي تتضمن عددا من المحاور وتشمل( حوكمة الملف السكاني والبيئة والاستثمار في الثروة البشرية وضمان الحقوق الانجابية  والاتصال والإعلام من أجل التنمية و التعليم والتعلم و تدعيم دور المرأة) وذلك لضمان حياة كريمة للأجيال الحالية والقادمة من تعليم وصحة وفرص عمل، ولكي يخرج لنا جيل واعي ومثقف متسلح بسلاح العلم والمعر.

وذلك في إطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية ببناء الإنسان المصري وتوفير حياة كريمة له وضمان حقه في التعليم والصحه وفرص العمل من خلال معالجة القضايا السكانية وتنظيم الزيادة السكانية وفقاً للمعدلات الطبيعية ، وتنفيذاً لتكليفات الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء بالعمل علي ملف القضايا السكانية باعتباره أحد أكبر معوقات البناء والتنمية ، وبالمتابعة المستمرة من الدكتوره منال عوض وزيرة التنمية المحلية في هذا الشأن .

مقالات مشابهة

  • مكتبة الإسكندرية تختتم فعاليات ماراثون اقرأ
  • أوراق الإمام محمد عبده المجهولة.. ندوة في مكتبة الإسكندرية
  • 26 يناير.. مكتبة الإسكندرية تنظم مسابقات «فيرست ليجو» بعنوان «اكتشاف الحياة البحرية»
  • "أوراق الإمام محمد عبده المجهولة" ندوة في مكتبة الإسكندرية
  • مكتبة الإسكندرية تكشف أوراق الإمام محمد عبده المجهولة
  • سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية يزور مكتبة الإسكندرية
  • ندوة بعنوان تحديات الأمن القومى المصرى بمحافظة دمياط بحضور اللواء سمير فرج
  • الدقهلية تستعرض الخطة العاجلة لتحسين الخصائص السكانية الاجتماعية
  • «الدبيبة» يتابع خطط عمل وزارتي الشؤون الاجتماعية والشباب لعام 2025
  • برنامج أنشطة مكتبة الطفل لإجازة منتصف العام الدراسي بمكتبة الإسكندرية