ما زالت أحداث الحرب المروعة والمثيرة للاشمئزاز في الشرق الأوسط تثير كثيرا من التعليقات منذ السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولكن مساحة التعبير المتبقية في أوروبا، وفي فرنسا على وجه الخصوص، لا تزال تضيق بأي نوع من الدعم للحقوق الفلسطينية.

بهذه الكلمات، لخص موقع "أوريان 21" الفرنسي مقالا للباحث لوران بونفوا من المعهد الوطني للبحث العلمي حاول فيه أن يعري موقف السلطات الفرنسية التي وصمت، منذ اللحظة الأولى، أي تحركات من أجل فلسطين، وذهبت إلى حد إصدار وزير الداخلية جيرالد دارمانين تعليمات تحظر المظاهرات، وإصدار وزير العدل تعميما لتوسيع نطاق القيود المفروضة على حرية التعبير كلما تم تناول المسألة الإسرائيلية-الفلسطينية، إذ يرى الوزير أن تصوير هجوم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على إسرائيل على أنه شكل من أشكال المقاومة المشروعة، دعم "للإرهاب".

ونبه الكاتب إلى تناقض مجلس الدولة الفرنسي، عندما وافق على حظر المظاهرات في باريس، لكنه سمح بها في مرسيليا، واستعرض قضية طرد الناشطة اليسارية الفلسطينية مريم أبو دقة، واعتبر أنها ترمز لانجراف السلطة العامة في فرنسا، غير أن المثال الأكثر بشاعة على التضييق هو طلب السيناتور اليمينية فاليري بوير سحب الجنسية الفرنسية من لاعب كرة القدم كريم بنزيمة، بسبب تغريدة دعم فيها المدنيين في غزة، بعد أن ردد وزير الداخلية الفرنسي مزاعم من قبل أن الرياضي المقيم بالسعودية ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.

وسائل الإعلام مرعوبة

وهكذا، تبقى المساحة المتاحة للشرح ووضع السياق والتعبير عن التضامن البسيط مع الشعب الفلسطيني آخذة في التقلص بشكل لا مثيل له، حتى إن ملاحظة تقلص المساحة أصبحت من المحرمات، ومن المستحيل شرحها علنا لوسائل الإعلام المهيمنة.

واستمر الكاتب ليقول إن المجال الإعلامي نفسه، خارج النطاق الصارم للسلطة السياسية، منخرط في تقليص المساحة المتبقية للتعبير المؤيد للحقوق الفلسطينية، حتى إن العديد من المتخصصين في المجتمع الفلسطيني والأكاديميين رفضوا التعبير عن أنفسهم، رغم خبرتهم في الإذاعة والتلفزيون، ووجد بعضهم أن الدعوات التي وُجهت لهم ألغيت فجأة من قبل وسائل الإعلام، وكأنهم أصبحوا فجأة يمثلون خطرا بالنسبة لفرق التحرير الحذرة جدا.


قطعوا الاتصال واعتذروا للمستمعين

وساق الكاتب حادثة وقعت في إحدى الإذاعات العامة، عندما عبر المخرج الفلسطيني فراس خوري عن الحاجة إلى النظر في دولة ثنائية القومية والنأي عن الطبيعة الدينية والعرقية للدولة الإسرائيلية. فقد أثار هذا الكلام انزعاجا واضحا بين الصحفيين في الإذاعة الذين قطعوا الاتصال بالضيف ثم الاعتذار عن السماح بظهور مثل هذه التصريحات على الهواء.

ويوضح رد الفعل هذا –حسب الكاتب- المواقف المؤيدة لإسرائيل بين الصحفيين، كما يوضح شكلا من أشكال الجهل في سياق تتغير فيه حدود الخطاب، كما يوضح أن مواجهة هذه الخطوط الحمراء الجديدة ستكون أكثر صعوبة في المستقبل، ومن ثم ستبقى إدانة الحقائق الواضحة المتمثلة في الاحتلال والظلم والجرائم والعنصرية، مقتصرة على الدوائر المهمشة لفترة طويلة.

فرنسا وألمانيا

وقد أثار "هجوم حماس" بحجمه الكبير القلق على نطاق المجتمعات الغربية، لكن عملية تضييق حرية التعبير في فرنسا وألمانيا هي الأكثر قوة حاليا، ربما لأسباب تاريخية مرتبطة بــالمحرقة، يضاف إلى ذلك وجود أقليات مسلمة ويهودية كبيرة في فرنسا.

ومع أن بعض الزعماء السياسيين أبدوا تأييدهم علنا لإسرائيل، في بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، فإن المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين وضد قصف غزة لم تكن محظورة، ونقلت وسائل الإعلام في بعض الأحيان مواقف شجاعة هناك.

وبعيدا عن التأثير المباشر على الذين يدافعون علنا عن حقوق الفلسطينيين، فإن هذا التراجع الأوروبي، الألماني والفرنسي على وجه الخصوص، لفضاء التعبير مثير للقلق، خاصة أن تقييد التحليلات، يؤثر على الفهم، "ومن يستطيع -غير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون– أن يظن بشكل معقول أن مكافحة "عنف حماس" تتطلب الأساليب نفسها التي استخدمها التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية".

وختم الكاتب بأن حظر المظاهرات الداعمة للفلسطينيين، والسماح للخطابات الداعمة لإسرائيل من قبل القادة الأوروبيين والأميركيين، يسهم بشكل مباشر في ترسيخ الانطباع بأن الغرب قد توقف عن الدفاع عن القيم العالمية، ومن ثم لا مفاجأة في عجزه عن التواصل مع جيرانه في الجنوب، ولا في تجاهل دعواته لدعم أوكرانيا أو أي قضية أخرى.

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

"حرية": قوات الاحتلال تعمدت توجيه هجماتها تجاه أطفال غزة

غزة - صفا

أصدر تجمع المؤسسات الحقوقية "حرية"، يوم الأربعاء ورقة حقائق تفصيلية بمناسبة يوم الطفل العالمي، تحت عنوان: "أطفال غزة في طليعة ضحايا العدوان".

وذكر "حرية" في الورقة بشكل تفصيلي أرقام وإحصائيات جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الغزيين منذ السابع من اكتوبر 2023 وحتى تاريخ 20/ نوفمبر/ 2024.

وبين "حرية" أن طواقمه رصدت ووثقت خلال الفترة التي تغطيها الورقة آلاف الحالات التي كان الأطفال أحد ضحاياها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأوضح "حرية" أن الانتهاكات التي تعرض لها أطفال قطاع غزة  تعددت وتنوعت حيث شملت جرائم القتل والاعتداء على السلامة الشخصية بالضرب واحياناً بالإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة، وكذلك الاعتقال، والحرمان من العلاج، والتهجير القسري، والتجويع، والحرمان من الحقوق الأساسية بما يشمل حقهم في التعليم والسكن الملائم والصحة وغيرها من الحقوق التي كفلتها لهم قواعد الشرعة الدولية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأطفال.

وبين "حرية" في ورقة الحقائق المعدة أن قوات الاحتلال قتلت منذ بدء العدوان على قطاع غزة (17390) طفل تقل أعمارهم عن 18 عام، كما وأصيب (22110)  طفل آخرين يحتاجون للسفر  لتلقي العلاج في ظل  فقدان الأدوية اللازمة لهم.

وجاء في الورقة أن (1250) حالة بتر للأطراف السفلية في صفوف الأطفال الغزيين سجلت منذ بدء العدوان نتيجة إصابتهم بشظايا مقذوفات وصواريخ إسرائيلية، كما توفي (55) طفلا نتيجة سوء التغذية والجفاف، بفعل سياسة التجويع التي تنتهجها قوات الاحتلال في عدانها ضد المدنيين.

وسجل "حرية" وفاة (217) طفلا حديث الولادة "خدج" نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن الحضانات  والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الصحية.

كما سجل اعتقال قوات الاحتلال لعشرات الأطفال خلال توغله في المدن والمخيمات في محافظات قطاع غزة أو خلال مرورهم عبر الحواجز العسكرية التي تقيمها قوات الاحتلال، وتعرضوا لأفظع أنواع التعذيب والإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة داخل المعتقلات الإسرائيلية.

وقال "حرية":  إن (3500) طفل، لا تتوفر لدى عوائلهم أي معلومات حول مصيرهم حتى اللحظة، كما هناك (35 ألف) حالة لأطفال يعيشون دون والديهم أو أحدهما.

وبين "حرية" من خلال ورقة الحقائق أن قوات الاحتلال الحربي أجبرت عشرات الآلاف من الأطفال الغزيين على النزوح القسري، وفي عشرات الحالات سجل "حرية" نزوح أطفال بدون أسرهم بعد أن فقدوهم نتيجة الهجمات الحربية التي تنفذها قوات الاحتلال دون مراعاة لقواعد وأحكام القانون الإنساني، كما سجل تعرض عشرات الآلاف من الأطفال الغزيين على مستوى محافظات قطاع غزة لسوء التغذية والتجويع الممنهج الذي تعتمده قوات الاحتلال وسيلة في عدوانها المتواصل بحق المدنيين.

وتطرقت ورقة الحقائق إلى الحماية الدولية التي أضفتها قواعد القانون الدولي الإنسان على الأطفال، وتعرضت لحقوقهم الدنيا التي كفلتها الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأطفال. و ذكر "حرية" أن صمت الأسرة الدولية  والأمم المتحدة وأجهزتها  المختلفة على جرائم قوات الاحتلال بحق الأطفال الغزيين، عزز  تنصل قوات الاحتلال من مبادئ وقيم وأعراف النزاعات المسلحة، وجعلها تتمادى في انتهاك تلك القواعد والأعراف,.

وفي نهاية الورقة التفصيلية أكد "حرية" على ضرورة إنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي حظي بها مجرمي الحرب الإسرائيليين على مدار عقود من الزمن.

وأكد "حرية" على ضرورة قيام الأسرة الدولية  والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالتحرك العاجل والتدخل السريع الذي يضمن توفير الحماية للشعب الفلسطيني عموماً وللأطفال على وجه الخصوص.

وجدد "حرية" مطالبته للأمين العام للأمم المتحدة باتخاذ خطوات جدية في سياق ضمان إدراج سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل دائم  ضمن قائمة " العار" السنوية للجهات المنتهكة لحقوق الأطفال.

مقالات مشابهة

  • بسبب فرنسا.. خلافات تعيق اتفاق الهدنة في لبنان
  • فرنسا تبرر سماح بايدن لنظام كييف بضرب العمق الروسي
  • النائب العام للدولة والمدعي المالي الفرنسي يبحثان التعاون القضائي
  • المسلماني: نتنياهو يترصد للرئيس الفرنسي بسبب مطالبته بإنهاء الحرب
  • "حرية": قوات الاحتلال تعمدت توجيه هجماتها تجاه أطفال غزة
  • الرئاسة الفلسطينية: نرفض تماما إنشاء منطقة عازلة لتوزيع المساعدات في غزة
  • الرئاسة الفلسطينية ترفض خطة إنشاء منطقة عازلة لتوزيع المساعدات في غزة
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: «حرية العمل ضد حزب الله» شرط الاتفاق مع لبنان
  • النائب العام للدولة والمدعي العام المالي الفرنسي يبحثان التعاون القضائي
  • أزمة بين فرنسا وأذربيجان بسبب "الاستعمار" و"جرائم ماكرون"