بسبب غزة.. فرنسا تتراجع كثيرا في الدفاع عن حرية التعبير
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
ما زالت أحداث الحرب المروعة والمثيرة للاشمئزاز في الشرق الأوسط تثير كثيرا من التعليقات منذ السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولكن مساحة التعبير المتبقية في أوروبا، وفي فرنسا على وجه الخصوص، لا تزال تضيق بأي نوع من الدعم للحقوق الفلسطينية.
بهذه الكلمات، لخص موقع "أوريان 21" الفرنسي مقالا للباحث لوران بونفوا من المعهد الوطني للبحث العلمي حاول فيه أن يعري موقف السلطات الفرنسية التي وصمت، منذ اللحظة الأولى، أي تحركات من أجل فلسطين، وذهبت إلى حد إصدار وزير الداخلية جيرالد دارمانين تعليمات تحظر المظاهرات، وإصدار وزير العدل تعميما لتوسيع نطاق القيود المفروضة على حرية التعبير كلما تم تناول المسألة الإسرائيلية-الفلسطينية، إذ يرى الوزير أن تصوير هجوم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على إسرائيل على أنه شكل من أشكال المقاومة المشروعة، دعم "للإرهاب".
ونبه الكاتب إلى تناقض مجلس الدولة الفرنسي، عندما وافق على حظر المظاهرات في باريس، لكنه سمح بها في مرسيليا، واستعرض قضية طرد الناشطة اليسارية الفلسطينية مريم أبو دقة، واعتبر أنها ترمز لانجراف السلطة العامة في فرنسا، غير أن المثال الأكثر بشاعة على التضييق هو طلب السيناتور اليمينية فاليري بوير سحب الجنسية الفرنسية من لاعب كرة القدم كريم بنزيمة، بسبب تغريدة دعم فيها المدنيين في غزة، بعد أن ردد وزير الداخلية الفرنسي مزاعم من قبل أن الرياضي المقيم بالسعودية ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وسائل الإعلام مرعوبةوهكذا، تبقى المساحة المتاحة للشرح ووضع السياق والتعبير عن التضامن البسيط مع الشعب الفلسطيني آخذة في التقلص بشكل لا مثيل له، حتى إن ملاحظة تقلص المساحة أصبحت من المحرمات، ومن المستحيل شرحها علنا لوسائل الإعلام المهيمنة.
واستمر الكاتب ليقول إن المجال الإعلامي نفسه، خارج النطاق الصارم للسلطة السياسية، منخرط في تقليص المساحة المتبقية للتعبير المؤيد للحقوق الفلسطينية، حتى إن العديد من المتخصصين في المجتمع الفلسطيني والأكاديميين رفضوا التعبير عن أنفسهم، رغم خبرتهم في الإذاعة والتلفزيون، ووجد بعضهم أن الدعوات التي وُجهت لهم ألغيت فجأة من قبل وسائل الإعلام، وكأنهم أصبحوا فجأة يمثلون خطرا بالنسبة لفرق التحرير الحذرة جدا.
قطعوا الاتصال واعتذروا للمستمعين
وساق الكاتب حادثة وقعت في إحدى الإذاعات العامة، عندما عبر المخرج الفلسطيني فراس خوري عن الحاجة إلى النظر في دولة ثنائية القومية والنأي عن الطبيعة الدينية والعرقية للدولة الإسرائيلية. فقد أثار هذا الكلام انزعاجا واضحا بين الصحفيين في الإذاعة الذين قطعوا الاتصال بالضيف ثم الاعتذار عن السماح بظهور مثل هذه التصريحات على الهواء.
ويوضح رد الفعل هذا –حسب الكاتب- المواقف المؤيدة لإسرائيل بين الصحفيين، كما يوضح شكلا من أشكال الجهل في سياق تتغير فيه حدود الخطاب، كما يوضح أن مواجهة هذه الخطوط الحمراء الجديدة ستكون أكثر صعوبة في المستقبل، ومن ثم ستبقى إدانة الحقائق الواضحة المتمثلة في الاحتلال والظلم والجرائم والعنصرية، مقتصرة على الدوائر المهمشة لفترة طويلة.
فرنسا وألمانياوقد أثار "هجوم حماس" بحجمه الكبير القلق على نطاق المجتمعات الغربية، لكن عملية تضييق حرية التعبير في فرنسا وألمانيا هي الأكثر قوة حاليا، ربما لأسباب تاريخية مرتبطة بــالمحرقة، يضاف إلى ذلك وجود أقليات مسلمة ويهودية كبيرة في فرنسا.
ومع أن بعض الزعماء السياسيين أبدوا تأييدهم علنا لإسرائيل، في بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، فإن المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين وضد قصف غزة لم تكن محظورة، ونقلت وسائل الإعلام في بعض الأحيان مواقف شجاعة هناك.
وبعيدا عن التأثير المباشر على الذين يدافعون علنا عن حقوق الفلسطينيين، فإن هذا التراجع الأوروبي، الألماني والفرنسي على وجه الخصوص، لفضاء التعبير مثير للقلق، خاصة أن تقييد التحليلات، يؤثر على الفهم، "ومن يستطيع -غير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون– أن يظن بشكل معقول أن مكافحة "عنف حماس" تتطلب الأساليب نفسها التي استخدمها التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية".
وختم الكاتب بأن حظر المظاهرات الداعمة للفلسطينيين، والسماح للخطابات الداعمة لإسرائيل من قبل القادة الأوروبيين والأميركيين، يسهم بشكل مباشر في ترسيخ الانطباع بأن الغرب قد توقف عن الدفاع عن القيم العالمية، ومن ثم لا مفاجأة في عجزه عن التواصل مع جيرانه في الجنوب، ولا في تجاهل دعواته لدعم أوكرانيا أو أي قضية أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
تصاعد التوتر بين فرنسا والاحتلال .. وتوقيف عنصرين من الدرك الفرنسي في القدس لهذا السبب
سرايا - شهدت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إلى القدس، يوم الخميس، إشكالاً دبلوماسياً بين فرنسا والاحتلال الإسرائيلي، بعدما دخل أفراد من شرطة الاحتلال مسلحين إلى موقع يضم كنيسة تديرها باريس، دون إذن مسبق.
وأدان بارو هذا التصرف الذي وصفه بـ"غير المقبول"، رافضاً دخول الشرطة "الإسرائيلية" إلى موقع الإيليونة الواقع في جبل الزيتون، في حين تم توقيف عنصرين من الدرك الفرنسي من قبل قوات الاحتلال في المكان، بحسب ما أفادت به صحافية من وكالة فرانس برس.
وتصاعد التوتر بين فرنسا وإسرائيل في ظل الأزمة الراهنة بالمنطقة، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة تبادل تصريحات حادة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ففي أوائل أكتوبر، شدد ماكرون على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، إلا أن نتنياهو رد بالانتقاد، مؤكداً أن "إسرائيل" تتوقع الدعم من فرنسا بدلاً من فرض "قيود" عليها.
وفي وقت لاحق، أعرب ماكرون عن موقفه بضرورة وقف شحنات الأسلحة المستخدمة في الصراع في غزة ولبنان، في خطوة اعتبرها نتنياهو استفزازية، حيث وصف تصريحاته بـ"العار"، مشيراً إلى ما اعتبره دعماً من بعض الزعماء الغربيين لحظر الأسلحة على "إسرائيل".
كما كان نتنياهو قد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى نقل قوات "اليونيفيل" من مناطق القتال في لبنان، مطالباً بإبعاد قوات الأمم المتحدة عن مواقفها السياسية.
لكن هذا الطلب قوبل بالرفض من الأمم المتحدة، التي شددت على أن أي استهداف لعناصر "اليونيفيل" يعد جريمة حرب. يأتي ذلك بعد إصابات في صفوف القوة جراء اعتداءات إسرائيلية طالت عناصرها عمداً.
وكان ماكرون قد عبّر، الأسبوع الماضي، عن اقتناعه بأن الوقت قد حان لوقف إطلاق النار في لبنان، مما زاد من حدة التوتر بين الجانبين.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع صفحتنا على تيك توك
طباعة المشاهدات: 834
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 07-11-2024 09:40 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...