قصة القدس في الإسلام..ما هي أهميته ودلالة مسرى النبي إليه؟ علي جمعة يوضح
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
قصة القدس في الإسلام واحدة من الأمور التي يكثر التساؤل عنها، حيث قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إنه قد تجلت أهمية بيت المقدس في الإسلام عندما أسري بالرسول ﷺ من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي, فكان ذلك إيذانا بانتقال الأرض المقدسة والمسجد الأقصي إلى ظل الدين الخاتم والرسالة الأخيرة, وظهر اهتمامه بها مع أولي مراحل الدعوة; يوم أن كان المسلمون قلة قليلة مستضعفة في مكة, لترسخ مكانتها في القلوب رسوخ عقيدة التوحيد, ولتؤكد مكانة القدس في الإسلام كواحد من أهم المعالم الإسلامية.
وأوضح علي جمعة في بيان قصة القدس في الإسلام : ففي هذه الرحلة المباركة تجلت وحدة الرسالات السماوية وأصل التوحيد, فكل الرسل جاءوا بدعوة الإسلام, قال تعالي: { قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } وقد التقي رسولنا الكريم ﷺ في هذه الرحلة بإخوانه من الأنبياء, وصلوا صلاة واحدة يؤمهم فيها صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, للدلالة علي أن آخر الرسل موصول بأولهم.
ومما عزز مكانة القدس في الإسلام أن الصلاة التي هي عماد الدين فرضت خلال رحلة المعراج منها إلي السماء ،وكانت القدس هي القبلة الأولي حتى جاء الأمر بتحويلها إلي البيت الحرام بعد ذلك ،لقد أصبحت هذه الرحلة رمزا أبعد وأوسع من حدود الزمان والمكان لتأكيد أن الإسلام هو دين الله الخاتم وهو الدين الذي أرسل بأصله الأنبياء والمرسلون لهداية العالمين.
وشدد علي جمعة: فكما أرسل الله سبحانه الرسل بالعهد القديم والعهد الجديد, قد ختمهم برسول الله محمد ﷺ الذي أنزل معه الرسالة الخاتمة: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } [آل عمران: 81] وفي الحديث أن رسول الله ﷺ قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتا فأحسنه وأجمله, إلا موضع لبنة من زاوية, فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا اللبنة, وأنا خاتم النبيين» [صحيح البخاري]
واختتم قائلاً:"قد كانت عودة المسلمين للقدس في عهد عمر بن الخطاب مثالًا لعظمة هذا الدين الخاتم".
قصة الإسكندر الأكبر والقدسفي عام 332 ق. م احتل الفاتح المقدوني الإسكندر الأكبر القدس; فدخلها ناويا تدميرها وقتل من فيها; إلا أن اليـ هود هرعوا لاستقباله خارج المدينة يتقدمهم الشيوخ والكهنة طالبين العفو; فسكت عنهم وأقرهم على عاداتهم وأعفاهم من الجزية. وبعد وفاته عانى سكان المدينة الشدائد على يد قواده الذين اقتسموا مملكته بينهم، ففي عهد بطليموس دك حصون المدينة وبطش بسكانها وأرسل منهم مائة ألف أسرى إلى مصر عام 320 ق.م.
وفي العهد البيزنطي تنفس النصارى الصعداء; لأن قسطنطين تولى عرش الأباطرة، ولم يسمح لهم ببناء الكنائس فقط والانتشار في مملكته، بل تنصر هو نفسه، ولم يمض وقت طويل حتى زارت أمه هيلانة القدس وقامت ببناء كنيسة القيامة (335 م) وخربت البناء الذي كان على الصخرة، وجعلتها مطرحا لقمامات البلد عنادا لليهود، وفرض قسطنطين على اليهود أن يتنصروا، فتنصر فريق منهم ومن لم يتنصر قتل أو غادر البلاد. (صبح الأعشى).
ولما اعتلى جوليان الجاحد عرش بيزنطة (360م) ألغى اضطهاد اليـ هود، وأمر بإعادة بناء الهيكل، إلا أن الأمر لم يتم، وبعد وفاته عام 451م انقسمت الكنيسة إلى شرقية وغربية وكانت كنيسة القدس تتبع الكنيسة الغربية، وعندما تولى جوستانيان الحكم بنى كنيسة العذراء في موضع المسجد الأقصى الحالي (تاريخ القدس).
وفي عهد هرقل (610 - 614م) دب الضعف في الدولة البيزنطية فلم يستطع الوقوف في وجه كسرى الذي أرسل جيوشه فاحتل القدس (614م) وذبح من سكانها تسعين ألفا، وساعدهم اليـ هود في محاربة النصارى وتخريب كنائسهم، وأقبلوا نحو الفرس من طبرية وجبل الجليل وقرية الناصرة ومدينة صور وبلاد القدس; فنالوا من النصارى كل منال، وأعظموا النكاية فيهم، وخربوا لهم كنيستين بالقدس، وحرقوا أماكنهم، وأخذوا قطعة من عود الصليب، وأسروا بطريرك القدس وكثيرا من أصحابه، إلا أن هرقل جمع شتات جيشه في عام 627 م، فغلب الفرس بحيلة دبرها على كسرى حتى رحل عنهم، ثم سار من قسطنطينية ليمهد ممالك الشام ومصر ويجدد ما خربه الفرس منها، ودخل هرقل القدس عام 629 م حاملا على كتفه خشبة الصليب التي استردها من الفرس وانتقم من اليـ هود على فعلتهم، فراح يقتل منهم المئات (المواعظ والاعتبار).
هذه الوقائع بين الروم والفرس، لخصها القرآن الكريم على وجه الإجمال، فقال تعالى: (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم:1-3].
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القدس في الإسلام أهمية بيت المقدس في الإسلام البيت الحرام علي جمعة القران الكريم علی جمعة
إقرأ أيضاً:
فعل يقع فيه البعض نهى النبي عن فعله يوم الجمعة.. احذر الوقوع فيه
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من فعل يقوم به البعض أثناء خطبة الجمعة .
وأوضح الأزهر أن هذا الفعل هو إقامة الرجل غيره من مجلسه يوم الجمعة ليجلس فيه.
وتابع أن هذا النهى جاء درءًا للكراهية والبغضاء، وتربية للناس على حفظ الحقوق واحترام الآداب.
واستشهد بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «لا يُقِيمَنَّ أحَدُكُمْ أخاهُ يَومَ الجُمُعَةِ، ثُمَّ لْيُخالِفْ إلى مَقْعَدِهِ، فَيَقْعُدَ فِيهِ، ولَكِنْ يقولُ افْسَحُوا». [أخرجه مسلم].
واشارت الى أن الكلام أثناء خطبة الجمعة مكروه كراهة شديدة أيضا، لأن النبى قال "من قال لأخيه اصمت والإمام يخطب فقد لغى" أما زيادة "ومن لغى فلا جمعة له" فليست واردة.
من الأعذار المبيحة التي ترفع المؤاخذة على ترك صلاة الجمعة: غلبة النوم؛ الذي يُعجَز عن دفعه، على ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة، قال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (2 / 276، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ومن أعذارِها أيضًا: نحو زلزلةٍ وغلبة نُعَاسٍ]، وقال العلامة الشبراملسي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (1/ 372، ط. دار الفكر): «ولا يكره النوم قبل دخول الوقت. رملي. وهو شامل للعشاء، فلا يكره النوم قبل دخول وقتها، وشامل للجمعة أيضًا، فلا يكره النوم قبله، وإن خاف فوت الجمعة؛ لأنه ليس مخاطبًا بها قبل دخول الوقت].
وذكر العلامة الحضرمي الشافعي في "شرح المقدمة الحضرمية" (ص: 332، ط. دار المنهاج): [وفي الجمعة فلا رخصة في تركها تمنع الإثم، أو الكراهة إلا لعذر عامٍّ، نحو:.. (وغلبة النوم) والنعاس بأن يعجز عن دفعهما؛ لمشقة الانتظار حينئذٍ]، وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 252، ط. مكتبة القاهرة): [وتسقط الجمعة بكلِّ عذرٍ يُسقط الجماعة، وقد ذكرنا الأعذار في آخر صفة الصلاة].. والموضع المشار إليه هو قوله في (1/ 452): [ويعذر في تركهما.. من يخاف غلبة النعاس حتى يفوتاه فيصلِّي وحده وينصرف].
ويشهد لذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: «أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟! ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا..» رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.
وما أخرجه الشيخان -واللفظ للبخاري- من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لاَ يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ».
فإذا كان النوم عذرًا لمن هو في صلاته، فبالأولى يكون عذرًا لمَن يريد الدخول فيها. ينظر: "فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان" للإمام الرملي (ص: 352، ط. دار المنهاج).