استقالة رئيس وزراء البرتغال على خلفية قضية فساد
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
تقدم رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا باستقالته إثر فضيحة فساد تتعلق بعقود في مجال الطاقة أدت الى توجيه التهم لأحد وزرائه ومدير مكتبه.
وقال كوستا خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء إن "مهام رئيس الوزراء لا تتوافق مع أي شبهة تتعلق بنزاهتي. في هذه الظروف قدمت استقالتي إلى رئيس الجمهورية" مارسيلو ريبيلو دي سوزا الذي قبلها.
وتتعلق القضية، بحسب النيابة، بشبهات "اختلاس وفساد من جانب شاغلي مناصب سياسية واستغلال النفوذ" في إطار منح تراخيص لاستكشاف الليثيوم وإنتاج الهيدروجين.
وقال المدعي العام في بيان الثلاثاء إنه خلال التحقيق "ذكر المشتبه بهم اسم رئيس الوزراء وسلطته". وأضاف أن هناك شبهات بأنه تدخل شخصيا "لحلحة إجراءات" في إطار هذه القضية وسيكون أنطونيو كوستا "موضع تحقيق مستقل". لكن كوستا قال في كلمته أمام الصحافيين إنه "فوجئ" بفتح هذا التحقيق.
ويهتم المحققون بشكل أكثر تحديدا بمنح تراخيص "استكشاف مناجم الليثيوم" في شمال البرتغال، وفي "مشروع لإنتاج الطاقة من الهيدروجين" وفي "مشروع بناء" مركز بيانات من شركة "Start Campus" في سينيس، على بعد حوالي 100 كلم جنوب لشبونة.
وداهمت سلطات التحقيق، صباح الثلاثاء، المقر الرسمي لرئيس الوزراء وعدة منازل ووزارات ومكاتب محاماة. ونظرا للعناصر التي جمعها المحققون و"لخطر الهروب ومواصلة النشاط الإجرامي"، أصدر القضاء "مذكرات توقيف" بحق مدير مكتب كوستا ورئيس بلدية سينيس واثنين من المسؤولين الإداريين في شركة Start Campus.
كما تم توجيه التهم إلى وزير البنى التحتية البرتغالي جواو غالامبا، وكذلك رئيس مجلس إدارة الوكالة البرتغالية لحماية البيئة. وكانت هذه الوكالة قد أعلنت مطلع أيلول/ سبتمبر أنها أعطت موافقتها، في ظل شروط معينة، على مشروع ثان في البلاد لاستخراج الليثيوم، وهو معدن يستخدم في تصنيع البطاريات وضروري لانتقال الطاقة. كما حصل أول مشروع لمنجم الليثيوم، بشروط، على ترخيص من الوكالة البرتغالية لحماية البيئة في أيار/ مايو الماضي.
وتحتج منظمات بيئية غير حكومية وقسم من السكان المحليين في هذه المنطقة الريفية على مشاريع التعدين هذه.
وتعد البرتغال التي تملك أكبر احتياطي من الليثيوم في أوروبا، المنتج الرئيسي له، لكن إنتاجها في الوقت الحالي يُستخدم بالكامل في صناعة السيراميك والأواني الزجاجية.
بعد فوزه الكبير في الانتخابات في 30 كانون الثاني/ يناير 2022 الذي منحه غالبية مطلقة لتضمن استقرار حكومته، بدأت شعبية كوستا تتراجع بسبب الفضائح المتكررة. ومن أبرزها قضية "تابغيت" على اسم شركة الطيران العامة والتي استقال أكثر من عشرة وزراء ووزراء دولة بسببها. وهذه الفضيحة ظهرت قبل سنة إثر الكشف عن دفع تعويض نهاية الخدمة لمسؤولة في الشركة بلغ 500 ألف يورو، ثم تولت هذه المسؤولة قيادة شركة المراقبة الجوية وعُينت بعد أشهر في منصب وزيرة الدولة للخزانة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية البرتغالي فساد التحقيق البيئة التعدين فساد البيئة البرتغال تحقيق تعدين سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس الوزراء
إقرأ أيضاً:
لافا جاتو.. قضية فساد عابرة للحدود بدأت من مغسلة سيارات
في مغسلة سيارات مكتظة في حي برازيليا هوتيل الجنوبي في العاصمة برازيليا، قلة هم من كانوا على علم بأن محطة "بوستو دا توري" (Posto da Torre) التي تقع فيها المغسلة، لم تكن تغسل السيارات فحسب، بل كانت تغسل الأموال أيضا.
من بين هؤلاء كان بعض العمال الأكبر سنا، وعدد من السياح، والأهم بعض الصحفيين الفضوليين، وهم تحديدا من بدؤوا في البحث عن "كيف ولمن غسلت مغسلة السيارات الأموال؟"، وأطلقوا على القضية اسم "عملية غسيل السيارات" المشهورة باسمها البرازيلي "أوبراسا لافا جاتو" (Operação Lava Jato).
أن تخرج فضيحة فساد من شركة عابرة للقارات أو حزب سياسي أو حتى نادٍ رياضي، فإن ذلك يعد من الأخبار الموسمية المعتادة، لكن أن تكون مغسلة سيارات هي القادح الأولي لأكبر فضيحة فساد في تاريخ أميركا اللاتينية، وربما في التاريخ، فإن ذلك يحتاج إلى خيوط متشابكة وروابط عجيبة، بين مغسلة سيارات في أحد أحياء البرازيل وتورط رؤساء سابقين وسياسيين ورجال أعمال في قضايا فساد.
كان الصحفي في صحيفة "آي-دي-إل ريبورترز" (IDL-Reporteros) البيروفية غوستافو غوريتي جالسا في مكتبه عام 2011 عندما كُلف بالنظر في صفقات بين شركة البناء البرازيلية "أوديبرخت" وحكومة بيرو بعد أن أصبحت الشريك الرئيس في مشاريع البناء العامة.
لفت طلب الشركة المتزايد للأموال والمطالبة المتكررة بإبرام عقود جديدة في مشاريع البناء العامة في البلاد نظر غوريتي، فنشر تقريرا عن ذلك دون أن يدرك أنه سيكون الفتيل الذي ستشعله نار الفضول الذي يتملك الصحفي لتطلق لهيب تحقيق عابر للحدود، بعد أن أدرك أن للقضية أطرافا تتعدى حدود بيرو.
وبينما كان غوريتي يقود التحقيقات مع فريقه في الصحيفة، إذ بدأت الشرطة البرازيلية بالاشتباه في استخدام محطة "بوستو دا توري" في غسيل الأموال، وما لم تتوقعه الشرطة ولا الصحفي غوريتي، هو أن كليهما سيجد الآخر يبحث في ملفات شركة النفط البرازيلية المملوكة للدولة.
إعلانمن ناحية غوريتي، كانت الرائحة تقود لا محالة إلى البرازيل، بالنظر إلى جنسية شركة البناء المتعاقدة مع حكومة بيرو، لكن من ناحية الشرطة البرازيلية، فقد كانت القضية في بداياتها محلية ولا يوجد ما يأخذها إلى الخارج.
فور أن طفت "لافا جاتو" على السطح، شرع غوريتي بالتواصل مع صحفيين من دول أخرى لتوسيع عمليات الاستقصاء، فبدأ بالصحفي الاستقصائي البنمي رولاندو رودريغيز، ثم المراسل الاستقصائي البرازيلي غولميري أمادو، وعام 2015 أسفر التعاون عن الحصول على قرص صلب (فلاش ميموري) يحتوي على أكثر من ألفي صفحة من البرقيات الدبلوماسية المسربة التي أظهرت أن وزارة الخارجية البرازيلية كانت تضغط على حكومات دول أخرى لصالح شركة أوديبرخت وشركات برازيلية أخرى.
في عام 2017، وبعد أن انضم عدد كبير من الصحفيين الاستقصائيين ذوي الخبرة من دول لاتينية مختلفة، حصل أحدهم على تسجيل صوتي لأحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة أوديبرخت في أثناء عقده تسوية قانونية مع الولايات المتحدة والبرازيل وسويسرا، اعترف خلالها بدفع نحو 800 مليون دولار أميركي رشاوى، من دون تحديد المُتلقي، وفي أي المشاريع كانت، لكنه كشف عن تورط رؤساء برازيليين ونوابهم.
لكن ماذا عن محطة غسيل السيارات وتحقيقات الشرطة البرازيلية؟
وجدت الشرطة أن محطة غسيل السيارات كانت تُستخدم لغسيل أموال مجرمين عبر تجار عملات، الذين قادت التحقيقات لمعرفة أنهم موظفون لدى أكبر مدير تنفيذي في شركة النفط البرازيلية المملوكة للدولة "بتروبراس"، والذي بدوره يُعد واحدا من بين عديد من المديرين الآخرين في شركات أخرى مملوكة لشركة النفط، ومن بينها شركة أوديبرخت.
ومع توسع التحقيقات، تبين أن المتهمين دفعوا نحو ملياري دولار رشاوى من شركة بتروبراس والشركات الفرعية، حتى أن شركة أوديبرخت أنشأت قسما كاملا يسمى "العمليات الهيكلية" للتعامل مع رشاوى و"مدفوعات خارجية" بقيمة 780 مليون دولار ذهبت إلى شخصيات سياسية وأحزاب بارزة في البرازيل و12 دولة أخرى في أميركا اللاتينية إلى جانب أنغولا وموزمبيق.
إعلان كيف انتهت القضية؟أدين في القضية نحو 170 شخصا ووجهت التهم إلى 12 رئيس دولة ورئيسا سابقا في دول مثل البرازيل وبيرو وبنما، ومن بينهم الرئيس البرازيلي حينها لولا دا سيلفا، ونتج عنها إعادة أكثر من 600 مليون يورو إلى حسابات البرازيل مع تعهد بإعادة أكثر من مليارين آخرين.
ليس هذا هو الجزء الأكثر إثارة في القضية، فالمحكمة التي حكمت فيها تواجه هي الأخرى تهما بالفساد السياسي، فيما يمكن وصفه بـ"الفساد المستشري".
فقد كشف موقع "ذي إنترسبت" عام 2019 عن رسائل تظهر أن القاضي الرئيسي في قضية "لافا جاتو" سيرجيو مورو، تآمر مع المدعين لمنع الرئيس لولا دا سيلفا من الترشح لانتخابات عام 2018 لصالح منافسه جايير بولسونارو الذي كان متراجعا في نسب الاستطلاع، ثم وبعد فوزه عُين مورو وزيرا للعدل.
وبعد نشوب خلافات بين الرجلين، استقال مورو من الوزارة عام 2020 وكشف عن حقيقة تدخل بولسونارو في القضية بشكل مباشر، وهو ما ترك انطباعا سيئا لدى الرأي العام الذي كان يرى في مورو ورفاقه أبطالا في محاربة الفساد.
وفي حين أعلن الرئيس بولسونارو "القضاء على الفساد في البرازيل"، تقرّب من تحالف "سنتراو" الذي يضمّ أحزابا معروفة بتقديم الدعم مقابل الحصول على خدمات كانت في صميم فضيحة "لافا جاتو"، وذلك من أجل استمالتها للفوز في انتخابات 2022 دون عقبات، لكن النتيجة كانت إطلاق سراح دا سيلفا وفوزه في الانتخابات الرئاسية.