رصد – نبض السودان
كشف مفاوضون من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أن المحادثات غير المباشرة بينهما، والمستمرة منذ 12 يوما في جدة بالسعودية، حققت تقدما في الملف الإنساني، لكنها تواجه تعقيدات في خطوات بناء الثقة، وخلافات بشأن ترتيبات وقف الأعمال العدائية، بينما تأمل الوساطة في تقدم يرافق القمة السعودية الأفريقية.
وبعد توقفها أكثر من 4 أشهر، استؤنفت المفاوضات بين الجيش والدعم السريع في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، برعاية أميركية وسعودية، وانضم إليهما في هذه الجولة ممثل للاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا “إيغاد”.
ومنع الوسطاء الوفدين المتفاوضين من الإدلاء بأي تصريح حول سير عملية التفاوض، على أن تتولى الوساطة إبلاغ وسائل الإعلام عن نتائجها متى ما رأت ذلك ممكنا “منعا لتضارب المعلومات أو التشويش عليها”.
في هذا السياق، قال عضو في فريق الجيش المفاوض، إن تقدما طفيفا تحقق في الملف الإنساني استنادا إلى مبادىء “إعلان جدة” الموقّع في مايو/أيار الماضي.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح مصدر -طلب عدم كشف هويته- أنه اتُفق على حماية القوافل الإنسانية وفتح كل طرف ممرات لها في منطقة سيطرته، واحترام المبادئ الإنسانية الأساسية، والحياد وعدم التحيز واستغلال العمليات الإنسانية لغير أغراضها.
وذكر أنه اتُفق على السماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية دون عوائق وتسهيلها، بما في ذلك المعدات الطبية، وضمان حركة العاملين في مجال الإغاثة، واعتماد إجراءات سهلة وسريعة لجميع الترتيبات “اللوجستية” والإدارية للعمليات الإنسانية.
وأضاف أن الاتفاق شمل -أيضا- الامتناع عن التدخل في العمليات الإنسانية الرئيسة، وعدم مرافقة العاملين في المجال الإنساني عند قيامهم بنشاطاتهم، مع مراعاة إجراءات هذا العمل في السودان.
وأفاد أن الاتفاق شدد على حماية واحترام العاملين والأصول والإمدادات والمكاتب والمستودعات والمرافق الأخرى في المجال الإنساني، كما شُدد على عدم التدخل في النشاطات الإنسانية، وضمان آمن لممرات النقل ومناطق التخزين والتوزيع، وحظر مهاجمة الأفراد أو مضايقتهم أو ترهيبهم أو احتجازهم بشكل تعسفي، أو الهجوم على إمدادات ومنشآت الإغاثة.
وعن إجراءات بناء الثقة، قال عضو فريق الجيش المفاوض، إن وفد الدعم السريع “حاول إقحام قضايا سياسية في المفاوضات، رغم أن الوساطة حددت من اليوم الأول أن هذه الجولة لن تناقش أي قضايا ذات طبيعة سياسية”.
وقال إن وفد الجيش وافق على خطوات لبناء الثقة تشمل وقف الحملات الإعلامية المتبادلة، وإجراء حوار عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين قيادي من كل جانب، لتجاوز القطيعة النفسية وتهيئة مناخ المفاوضات، مشيرا إلى أن الطرف الآخر حاول إقحام قضايا لتسجيل موقف سياسي أكثر من دفع عملية التفاوض.
في المقابل، أوضح عضو في فريق “الدعم السريع” المفاوض أن الملف الإنساني تم التوافق بشأنه، لكنهم اقترحوا قضايا موضوعية ومهمة لبناء الثقة وخفض التصعيد وتحسين بيئة المفاوضات، لضمان تقدمها في ملف وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية والعسكرية.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال المفاوض -الذي طلب عدم كشف هويته- إنهم اقترحوا وقف التصعيد الإعلامي بكل أشكاله وعقد لقاءات بين قيادات من الطرفين، لمناقشة الملفات التي يمكن أن تؤدي لتسريع المفاوضات بشأن القضايا المعقدة التي تحتاج إلى إرادة سياسية.
وكشف أنهم اقترحوا إعادة اعتقال نحو 30 من قيادات النظام السابق من حزب المؤتمر الوطني المحظور، الذين فروا من سجن كوبر في أبريل/نيسان الماضي، وذلك لأنهم يؤججون الحرب ويحرضون على استمرارها، حسب وصفه.
وذكر أنهم شددوا على ضرورة اعتقال الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات مؤخرا، لتورّطه في دفع الشباب من حركته للانخراط في القتال إلى جانب الجيش، كما أنه يتحرك بحرية في المدن التي يسيطر عليها الجيش، وهو مطلوب للقضاء في قضية الانقلاب على النظام الديموقراطي في 1989، وظل مختفيا.
كما اقترح الدعم السريع، حسب المصدر، منع حزب المؤتمر الوطني من ممارسة النشاط السياسي، لأنه محظور بموجب القانون رغم أن قياداته التي غادرت السجون تمارس نشاطها في ولايات بشرق السودان وشماله، وتعقد لقاءات مع كوادرها تحت نظر السلطات.
غير أن عضوا من فريق الجيش، رأى طلب الدعم السريع بشأن إعادة توقيف قيادات النظام السابق مزايدة سياسية لا صلة لها بالمفاوضات، وأُقحمت بإيعاز من جهات سياسية لها ارتباط بالدعم السريع.
ويعتقد أن الدعم السريع هو المسؤول عن إخراج نحو 20 ألف سجين من سجون ولاية الخرطوم عندما اقتحمتها قواته، وقال إن الرئيس المعزول عمر البشير و3 من رموز النظام السابق لا يزالون في المستشفى العسكري بأم درمان تحت حراسة عسكرية. أما من غادروا سجن كوبر فكان ذلك بطلب من الشرطة التي عجزت عن حمايتهم وتوفير الطعام لهم، واشترط توقيعهم على تعهد بتسليم أنفسهم للمحكمة متى ما سمحت الظروف الأمنية بذلك.
وعن تعثر المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، قالت مصادر قريبة من الوساطة، إن وفد الجيش متمسك بخروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمستشفيات والمؤسسات الخدمية والأعيان المدنية أولا، ومغادرة الطرق وإزالة الارتكازات التي أقامتها.
وفي المقابل تتمسك قوات الدعم السريع بوجودها في طرقات ولاية الخرطوم والمداخل التي تسيطر عليها واستمرار ارتكازاتها، وتطالب بضمانات بشأن إنسحابها من المواقع المدنية في العاصمة.
وفي حديثها للجزيرة، قالت المصادر إن الضمانات متوفرة، وذلك بإنشاء منصة مشتركة للرقابة من عسكريين من دول مختلفة للفصل بين القوات، وانسحاب قوات الدعم السريع إلى معسكرات حول العاصمة، وإنهاء المظاهر العسكرية من الطرق ونشر الشرطة، وتحدثت عن مقترحات لم يكشف عنها لتجاوز الخلافات.
وأعربت مصادر –طلبت عدم كشف هويتها- عن أملها في توصّل الطرفين إلى اتفاق بوقف النار قبل القمة السعودية الأفريقية والقمة العربية الأفريقية بالمملكة العربية السعودية في 9 و11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، لمنح المفاوضات السودانية زخما ودعما إقليميا ودوليا يسهم في إنهاء الأزمة خلال فترة وجيزة، خاصة أن القضايا الأمنية والعسكرية المتبقية معقدة وتتطلب إرادة ورغبة قوية من طرفي التفاوض.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: اتفاق تفاصيل جدة دقيقة عن الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
وحدات الجيش السوداني تحرز تقدما بالخرطوم في مواجهة الدعم السريع
احتدمت الاشتباكات في العاصمة الخرطوم مع استمرار حرب السودان ضد قوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو في مناطق مختلفة، وفق ما أفادت شبكة العربية.
تجري اشتباكات منذ ساعات في مدينة الخرطوم بحري على وقع مواجهات عسكرية متواصلة في المناطق الجنوبية منها باتجاه عمق ووسط المدينة.
ونجحت وحدات من الجيش دعومة بالمدفعية في إحراز تقدم وقطعت مسافات في طريقها نحو مقر سلاح الإشارة جنوبي المدينة.
في المقابل، سعت قوات الدعم السريع الموجودة في بعض أحياء منطقة بحري القديمة إلى إعاقة تقدم الجيش بالاشتباك مع القوات المتقدمة.
وفي مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد، دعت الدعم السريع في بيان قوات الجيش إلى المغادرة خلال 96 ساعة.
وقللت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش من تلك الدعوة، فيما أعلنت القوات المشتركة لحركات دارفور مساندتها للجيش، واستعدادها لمواجهة أي محاولة جديدة من قبل الدعم السريع للاقتراب من مدينة الفاشر.
كان نائب قائد الجيش السوداني وعضو مجلس السيادة الانتقالي شمس الدين كباشي، شدد الأسبوع الماضي، بعد استعادة مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، على أن الطريق لاستعادة العاصمة بات مفتوحاً.
يذكر أن الخرطوم باعتبارها عاصمة السودان تتكون من 3 مدن هي الخرطوم (جنوب شرق) وبحري (شمال شرق) وأم درمان (غربا) وترتبط فيما بينها بجسور على نهري النيل الأزرق والنيل الأبيض.
ويسيطر الجيش حاليا، على معظم أجزاء أم درمان، باستثناء مناطق محدودة جنوب وغرب المدينة لا تزال تحت قبضة قوات الدعم السريع.
وفي بحري، يُحكم قبضته على شمال المدينة، باستثناء مصفاة الجيلي التي يسيطر عليها الدعم السريع بالإضافة إلى أجزاء من شمال وشرق المدينة.
وفي الخرطوم، يسيطر الجيش على منطقة المقرن، إضافة إلى مقار عسكرية مهمة مثل القيادة العامة ومقر سلاح المدرعات، والأحياء المحيطة بها مثل اللاماب والشجرة، وجزء من منطقة جبرة.
بينما تسيطر قوات الدعم السريع، على وسط الخرطوم، بما في ذلك القصر الرئاسي، وأحياء في جنوب وشرق المدينة.
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني ضد الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.