المؤتمر العُماني للصيرفة الإسلامية يوصي باستكمال المنظومة التشريعية للقطاع وصياغة "ميثاق وطني" لحوكمة الأداء
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
◄ الدورة الحالية تبحث تعزيز تنافسية الصيرفة الإسلامية والتمويل لصناعة فرص مستدامة
◄ أوراق عمل ونقاشات لصياغة مُحددات جديدة لقطاع مصرفي إسلامي يُلبي أولويات المستقبل
◄ وزير "الأوقاف": الكيانات المصرفية الإسلامية أداة لا غنى عنها في ضمان الاستقرار المالي
◄ الطائي: ضرورة طرح منتجات استثمارية جديدة وإيجاد بدائل تمويلية واستثمارية تواكب العصر
◄ العمري: تطبيق مبدأ تقاسم المخاطر في المعاملات المالية يعزز الحوافز المقدّمة لمختلف الأطراف
◄ دمج التقنيات المتطورة يعزز من تأثير التمويل الإسلامي في تحقيق أهداف التنمية
◄ العمري: نضع اللمسات الأخيرة على إطار ترخيص المصارف الرقمية
◄ 7 مليارات ريال إجمالي أصول المصارف والنوافذ الإسلامية بنمو سنوي 13%
◄ قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية العُماني يحتل المرتبة 14 عالميًا من بين 70 دولة
الرؤية- فيصل السعدي- سارة العبرية
تصوير/ نواف المحاربي
رعى معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية، صباح أمس، أعمال الدورة الثانية من "المؤتمر العُماني للصيرفة الإسلامية" (الصيرفة الإسلامية والتمويل: التنافسية وصناعة فرص الاستثمار)، والتي تبني هذا العام على نجاح واسع رافق أعمال الدورة الأولى من المؤتمر، في ضوء ما تفرضه مسيرة تطور قطاع الصيرفة الإسلامية في سلطنة عُمان من ضرورة تهيئة الأجواء المتجددة لمناقشة المعينات المحققة لتنافسية القطاع.
وثمَّن معالي الدكتور وزير الأوقاف والشؤون الدينية، راعي المؤتمر، توقيت وعنوان الدورة الثانية، مؤكدا أن تنافسية قطاع الصيرفة الإسلامية ومناقشة كيفية صناعة فرص استثمار مستدام فيه، هو أحد الأولويات التنموية التي تفرضها المرحلة الحالية من مسيرة نهضتنا المتجددة، بقيادة عاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه..
وأكد معاليه أن ما يشهده عالم اليوم من تجاذبات اقتصادية وسياسية وجيوإستراتيجية، فرض اختلافا في الدور الوظيفي للنظام المصرفي، والذي لم يعد مجرد وسيلة لتعزيز أحجام المدخرات وتوفير التمويل ومنح الائتمان فحسب؛ بل أصبحت الكيانات المصرفية أداة لا غنى عنها في ضمان الاستقرار المالي وتعزيز قدرة الاقتصادات على مواجهة التحديات والأزمات، موضحا معاليه أن التجربة العُمانية المتألقة في الصيرفة الإسلامية استطاعت أن تثبت جدارتها وتضع بصمتها الواضحة على سوق المال والأعمال بمنتجات متوافقة مع الشريعة، وبفكر ومنهج ومؤسساتي انعكس في صورة نجاح ملحوظ تبرزه مؤشرات نمو وتنويع حجم أعمال البنوك والنوافذ الإسلامية العاملة بالسلطنة، وكذلك معدلات انتشارها الجغرافي، دون التخلي عن أحكام الشريعة الإسلامية.
وأشار معالي الدكتور وزير الأوقاف والشؤون الدينية إلى أن قطاع الصيرفة الإسلامية في سلطنة عُمان، مطالب اليوم بأخذ خطوات أسرع على درب تعزيز مساهماته التنموية من خلال منتجات وخدمات مبتكرة تسهم في توفير المتطلبات التنموية الأساسية، وتحقيق النمو والتوازن لمختلف القطاعات الاقتصادية؛ مع التركيز على توفير التمويل ونشر الوعي الادخاري لدى الأفراد، واستحداث أدوات ووسائل مالية ومصرفية لها تأثيرها في زيادة فاعلية وإنتاجية عوامل الإنتاج، لتلبية أولويات وأهداف الرؤية الوطنية المستقبلية "عُمان 2040".
وقدم الكلمة الافتتاحية لأعمال الدورة الثانية حاتم بن حمد الطائي الأمين العام للمؤتمر؛ حيث أعرب عن أمله في أن يكون المؤتمر منصة واعدة للتباحث والتشاور أمام المهتمين حول المتغيرات الحالية والمستجدات التي تطرأ على قطاع الصيرفة الإسلامية؛ باعتباره قطاعا متطورا يفرض على الجميع حث الخطى من أجل تعزيز تنافسيته، ورفع مستوى إسهاماته في مسيرة التنمية الشاملة بالبلاد، خصوصا بعدما تمكن من تقديم نفسه من خلال النتائج، كأحد الأذرع الأصيلة في حفز جهود التنويع الاقتصادي.
وأضاف الطائي أن هذه المؤسسات المصرفية تضع خططًا للمستقبل نحو تحقيق تحولات جوهرية في النموذج الاقتصادي الوطني، المُرتكِز في معظمه اليوم على الإيرادات النفطية؛ عبر أحد الأهداف الإستراتيجية لرؤية عُمان عشرين أربعين، والتي تتطلع للوصول إلى "نمو مبني على الاستثمار والإنتاج والتصنيع والتصدير"، نحو مصاف الدول المتقدمة.
وأوضح أن القطاع المصرفي العُماني عموما، والصيرفة الإسلامية في القلب منه، يعد من أهم قطاعات الأمان الاقتصادي؛ لدوره الأساسي في حفظ التوازن المالي والاستقرار الاقتصادي، مشيرًا إلى أن القطاع المصرفي في عُمان تعرض- كغيره من القطاعات- لضغوط نتيجةً للتحديات التي فرضتها بعض الظروف العالمية؛ سواء على مستوى الصحة؛ مثل: جائحة كورونا، أو الاقتصاد كأزمة أسعار النفط، أو التحديات الجيوإستراتيجية من حروب تدور رحاها من حولنا، إلّا أن القطاع ووفق التصنيفات الائتمانية العالمية، حافظ على معدلات رسملة جيدة، وهو ما شكّل صمام حماية للمنظومة الاقتصادية بشكل عام.
واستعرض الطائي جانبًا من الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالقطاع؛ إذ عقد مقارنة سريعة بين نتائج نهاية العام 2022، والنتائج المرصودة بنهاية الربع الثاني من هذا العام؛ حيث ارتفع إجمالي الأصول للبنوك والنوافذ الإسلامية مجتمعة من 6.4 مليار ريال عُماني نهاية العام الماضي، إلى 7 مليارات ريال بنهاية يوليو 2023، وهذه السبعة مليارات تعادل 17.2% من إجمالي أصول القطاع المصرفي بالكامل في السلطنة. أما رصيد التمويل فارتفع من 5.4 مليار بنهاية 2022، إلى حوالي 5.8 مليار ريال عُماني، وأيضا ارتفع إجمالي الودائع من 4.8 مليار ريال بنهاية العام الماضي ليصل لدى البنوك والنوافذ الإسلامية إلى نحو 5.3 مليار ريال بنهاية يوليو 2023، بزيادة قدرها 12.9%، مؤكدًا أنها مؤشرات تعكس مستوى جيدًا ومستقرًا لأداء القطاع.
غير أن الطائي أشار إلى أنه خلال تقريبًا عشر سنوات منذ انطلاق خدمات الصيرفة الإسلامية في عُمان، ومع هذا الكم من التطورات المعززة للمركز المالي للبنوك الإسلامية المحلية ودعم قدرتها التنافسية، يحق لنا أن نسأل: متى ستخرج المؤسسات المالية العاملة بقطاع الصيرفة الإسلامية؛ سواء كانت بنوكا أو نوافذ إسلامية أو شركات تأمين تكافلي، عن إطار الحدود التقليدية لمساهماتها في تلبية متطلبات النشاط الاستهلاكي للأفراد والقطاع الخاص والمؤسسات العامة؟ وأوضح أن هذا يفرض على البنوك والنوافذ الإسلامية أن تبحث عن حلول عملية قابلة للتطبيق من أجل طرح منتجات استثمارية جديدة للقطاعين العام والخاص، وإيجاد بدائل تمويلية واستثمارية تواكب العصر وتلبي توقعات المستثمرين والشركات.
وأكد أنه يتعين على مؤسسات القطاع المصرفي الإسلامي طرح أدوات متطورة لإدارة السيولة في السوق؛ إذ ما زالت هناك إشكاليات في إدارة السيولة في ظل شح أدوات السيولة الموجودة في القطاع المصرفي الإسلامي، وذلك نتيجة لعدم وجود أدوات تمويل قصيرة الأجل لاستثمار السيولة.. بالتأكيد هناك بعض الأدوات قصيرة الأجل، مثل عقود المرابحة، لكننا نفتقر بشدة لسوق خاصة بالأدوات قصيرة الأجل في عُمان، على غرار أذون الخزانة التي يصدرها البنك المركزي العُماني باستمرار.
وشدد الطائي على أهمية تعزيز الحوكمة وتمكين مبادئها في كافة القطاعات، مشيرًا إلى الحاجة ماسة لما يُشبه "الميثاق الوطني لحوكمة المصارف الإسلامية" يُلبي احتياجات هذه المؤسسات؛ ويمنح الثقة في البيانات والمعلومات المحاسبية.
وتطرق الطائي إلى الابتكار والتكنولوجيا المالية المعروفة باسم "الفين تك FinTech" في القطاع؛ باعتبارهما أبرز النقاط التي تتطلب مزيدًا من التعمق والنقاشات والبحث لضمان التطبيق بشكل متكامل، لافتًا إلى تعزيز الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، والأتمتة الذكية، والمدفوعات الرقمية، ونظام التشفير البيئي، والأمن السيبراني، بما يضمن تحقيق تنمية مستدامة للصناعة المالية الإسلامية من خلال الحلول المبتكرة، والإسهام في تقليل مخاطر التمويل.
وأكد الطائي أن الجهود الوطنية المبذولة للوصول إلى نظام مالي مستدام في السلطنة، تتطلب تجاوز الحلول التقليدية، وتمكين الابتكار في التفكير، من أجل تمكين الابتكار في نوعية وطريقة تنفيذ الحلول؛ وعلى المعنين والفاعلين بالقطاع المصرفي بعمومه والصيرفة الإسلامية خصوصا، حث الخطى من أجل نظام مالي مواكب للتطورات وملب للتطلعات، مخاطره قليلة، وقدرته عالية على إيجاد مسارات نمو جديدة، وبناء كفاءات تشغيلية وطنية بامتياز، تضمن تنافسية حقيقية للقطاع.
بيان الافتتاح
وألقى سعادة طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني، بيان الافتتاح؛ حيث قال إن أكثر من عقدٍ من الزمن مضى على إطلاق خدمات الصيرفة الإسلامية في سلطنة عُمان. وتساءل سعادته عن الأثر المتوقع للصيرفة الإسلامية في تحقيق رؤية "عُمان 2040"، وفي مختلف مجالات القطاع المالي في السلطنة. وأضاف أن رؤية عُمان 2040 تتوخى- من بين أمورٍ أخرى- تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي وتنمية رأس المال البشري والرفاه الاجتماعي والشمول والتنمية المستدامة والتكنولوجيا والابتكار والمشاركة الإقليمية والعالمية وتنمية القطاع الخاص. وأشار العمري إلى أن قرار تأسيس قطاع الصيرفة والتمويل الإسلامي أثبت دوره الإستراتيجي في تحقيق العديد من أهداف رؤية عُمان 2040؛ حيث ساهم هذا القطاع في تعزيز الادخار والاستثمار المحلي وبناء قاعدة استثنارية متنوعة.
وذكر العمري أن البنك المركزي العُماني أجرى استطلاعًا، تمضن تصريحًا لإحدى النوافذ الإسلامية بالتأكيد على أن "خدمات الصيرفة الإسلامية استقطبت ما يقارب 130 ألف زبون من زبائن قطاع الخدمات المصرفية بالتجزئة، إضافة إلى بناء علاقات تجارية مع أكثر من 350 مؤسسة". واعتبر العمري هذا الرقم الذي يمثل نافذةً واحدةً فقط، أحدث تأثيرًا ملحوظًا في تعزيز المُدخرات المحلية وتوسيع نطاق وصول المنتجات والخدمات المالية إلى مختلف شرائح المجتمع تعزيزًا للشمول المالي.
وأشار سعادة الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني إلى أن هذا القطاع ساهم في تمكين الشركات والمؤسسات التجارية من خلال تنويع مصادر تمويلها وزيادة رؤوس أموالها؛ مما يعني تعزيز قطاع ريادة الأعمال والقدرة التنافسية وخلق فرص العمل في المنظومة الاقتصادية. وتابع قائلًا: "شهدنا المزيد من الاستثمارات في أسواق الأسهم الخارجية في العديد من مؤسسات التمويل الإسلامي، مثل المصارف الإسلامية وشركات التكافل والصناديق الإسلامية والأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ومنصات التمويل الجماعي". وأضاف أن القطاع ساهم في توسيع نطاق المنتجات المتاحة للزبائن والشركات والدخول إلى أسواق أكثر جودةً وتنوعًا وتطوّرًا مما أدى إلى تحسين مستوى الكفاءة وجودة الخدمة وتعزيز الابتكار والرقمنة.
وشدد العمري على أن المصارف والنوافذ الإسلامية أصبحت في الوقت الحالي شريكًا رئيسيًا ومؤثرًا في تمويل العديد من مشاريع البنية الأساسية في سلطنة عُمان إلى جانب المموّلين المشاركين في مشاريع التمويل الجماعي أو المشترك.
وأوضح أن هذا القطاع أتاح للبنك المركزي العُماني وغيره من الهيئات التنظيمية للقطاع المالي، أداء دورٍ أكثر فاعلية وتأسيس شراكات مع الهيئات المختصة بوضع معايير التمويل الإسلامي العالمي، مثل مجلس الخدمات المالية الإسلامية، وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، والسوق المالية الإسلامية الدولية، واللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، ووكالات التصنيف وغيرها. كما أتاح هذا القطاع للبنك المركزي العُماني توّلي دورًا قياديًا في إيصال تجرية سلطنة عُمان الناجحة للعالم، وذلك في مجالات تطوير السياسات والمعايير واللوائح الخاصة بقطاع التمويل الإسلامي.
وتطرق سعادته إلى الحديث عن التكنولوجيا المالية والمصارف الرقمية والتمويل الإسلامي، وقال إنَّ مؤسسات الصيرفة الإسلامية بحاجة إلى تحقيق الاستفادة القصوى من الباقة المتنوعة من العقود الشرعية في التطبيقات المالية، حيث لم يتم توظيف العقود التي تعزّز العمل الخيري وتقاسُم المخاطر بشكلٍ كامل لتوسيع نطاق التمويل والاستثمار والحلول الوقائية. وأكد العمري أن تطبيق مبدأ تقاسم المخاطر في المعاملات المالية يعزز الحوافز المقدّمة لكلٍ من المؤسسات المالية وأصحاب المشاريع التجارية أو المستثمرين لدراسة ورصد المعاملات لمعرفة الجدوى التجارية منها والمخاطر المترتبة عليها.
وقال سعادة الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني إن دمج التقنيات المتطورة مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي يعزز من تأثير التمويل الإسلامي للمُضي قّدمًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأوضح أن هذه التقنيات تتيح فهمًا أعمق للمتطلبات الفريدة لقطاعات السوق المختلفة، مشيرًا إلى أهمية تمهيد الطريق لوضع حلولٍ مالية مصممّة حسب الحاجة واختيار العقود المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، واكتساب مؤسسات التمويل الإسلامي فهمًا أكثر شمولًا للمخاطر المصاحبة يؤدي إلى اتخاذ قرارات تتسّم بالمرونة.
وأكد العمري أن البنك المركزي العُماني مستمر في توفير بيئة مواتية للابتكار؛ وذلك من خلال البيئة التجريبية الرقابية وإستراتيجية التكنولوجيا المالية الحديثة، من خلال فتح المزيد من القنوات لشركات التكنولوجيا المالية للاختبار والتعلّم أو حتى الانسحاب إن لزم. وقال إن البنك المركزي العُماني منح إلى الآن موافقةً مبدئية للعديد من شركات التكنولوجيا المالية لإجراء اختبار مباشر لمنتجاتها وخدماتها المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وكشف العمري أن البنك المركزي يعمل حاليًا على وضع اللمسات الأخيرة على إطار ترخيص المصارف الرقمية، والذي سيتضمن عقودًا متوافقة مع الشريعة الإسلامية جاهزة للاستخدام. ونحن على ثقةٍ تامة بأن هذا من شأنه أن يساهم في تعزيز إمكانيات مجتمعنا للانخراط في الأنشطة الاقتصادية من خلال كسر القيود الجغرافية وخفض تكاليف المعاملات. علاوةً على ذلك، سيتيح للأفراد والشركات سهولة الوصول إلى أفضل الحلول الشخصية المدعومة بتحليل البيانات.
تطور الخدمات
وبالأرقام، أوضح سعادته أن إجمالي أصول المصارف والنوافذ الإسلامية وصل إلى 7 مليارات ريال عُماني، بزيادةٍ قدرها 13 بالمائة على أساسٍ سنوي، وذلك حتى سبتمبر 2023، كما قدّمت المؤسسات المصرفية الإسلامية تمويلًا بقيمة 5.8 مليار ريال عُماني، وبلغ إجمالي الودائع لديها 5.3 مليار ريال عُماني، لافتًا إلى أن هذا يتوافق مع حصة سوقية تبلغ 17.6 بالمائة من حيث إجمالي الأصول وأكثر من 19 بالمائة من حصة السوق من حيث التمويل الإسلامي والودائع الإسلامية.
وقال إن قطاع الصيرفة الإسلامية أصبح منذ إطلاقه، أحد المحرّكات الأساسية لنمو القطاع المصرفي في سلطنة عُمان؛ حيث شهد قطاع الخدمات المصرفية التقليدية في سلطنة عُمان خلال الفترة من 2013 إلى ديسمبر 2022 نموًّا سنويًا مركّبًا قدره 4.3 بالمائة، فيما بلغ النمو السنوي المركّب لقطاع الخدمات المصرفية الإسلامية خلال هذه السنوات العشر 25.8 بالمائة.
وتابع سعادته: وفي مقابل متطلبات كفاية رأس المال البالغة 11 بالمائة، بلغت نسبة كفاية رأس المال للقطاع 15.5 بالمائة، مشيرًا إلى أن الجزء الأكبر من رأس المال التنظيمي المذكور يتميز بالجودة العالية إلى حدٍ ما؛ حيث يصنّف من المستوى الأول. وأضاف: "يدعم هذا النمو في الأصول انخفاض نسبة التمويل المتعثّر إلى 2.1 بالمائة، وهي أقل بكثير من نسبة القروض المتعثرة البالغة 4.4 بالمائة للقطاع المصرفي بأكمله".
ومن حيث التواجد المادي، أوضح أن المؤسسات المصرفية الإسلامية واصلت توسيع عملياتها في جميع محافظات سلطنة عُمان بحوالي 100 فرع تقريبًا، إلى جانب الخدمات المصرفية في مكاتب الخدمات ووحدات الفروع المتنقلّة، إضافة إلى منصات الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والهاتف النقال، كما قام البنك المركزي العُماني مؤخرًا بمنح الموافقة المبدئية لفتح نافذة صيرفة إسلامية يتم من خلالها إطلاق صندوق أسهم إسلامي.
ووفقًا لتقرير الاستقرار الصادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية لعام 2023، تحتل الحصة السوقية لقطاع الخدمات المصرفية الإسلامية في سلطنة عُمان حاليًا المرتبة الخامسة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، والمرتبة 14 على المستوى العالمي من بين أكثر من 70 دولة تمتلك مؤسسات مصرفية إسلامية.
وأعرب العمري عن أمله في أن تعمل مخرجات هذا المؤتمر على تطوير قطاع الصيرفة والتمويل الإسلامي في سلطنة عُمان تحقيقًا لأهداف رؤية "عُمان 2040" الرامية إلى تنمية القطاع الخاص وخلق فرص العمل والتنويع الاقتصادي وتعزيز رأس المال البشري والتنمية والرفاه الاجتماعي.
الكلمة الرئيسية
إلى ذلك، قدَّم الدكتور ماجد بن محمد الكندي أستاذ الفقه المساعد رئيس وحدة الشريعة بجامعة السلطان قابوس، الكلمة الرئيسية؛ حيث سلط الضوء على أهمية التوسع في الاقتصاد الإسلامي، لا سيما وأن البيئة الاقتصادية في عُمان جاذبة لنمو هذا القطاع. كما فنّد الكندي عددًا من التحديات التي تواجه المصرفية الإسلامية في عُمان.
تلى ذلك العرض الرئيسي للدورة الحالية من المؤتمر، والذي قدمه خالد الكايد الرئيس التنفيذي لبنك نزوى؛ حيث استعرض مسيرة تطور قطاع المصرفية الإسلامية في سلطنة عُمان، ودور بنك نزوى في إثراء التجربة المصرفية المتوافقة مع الشريعة.
بعدها، انطلقت وقائع الجلسة النقاشية، والتي أدارها الكاتب والمحلل الاقتصادي المهندس سالم بن سيف العبدلي، بمشاركة كوكبة من الخبراء والمختصين وممثلين عن الإدارات التنفيذية والعمليات بالبنوك والنوافذ الإسلامية وشركات التأمين التكافلي والمختصين. وناقش المشاركون في الجلسة مسارات وفرص التمويل الإسلامي في سلطنة عُمان؛ لوضع نقاط وآليات واضحة تساعد في رحلة تعزيز تنافسية القطاع ورفع مستوى إسهامه التنموي؛ بنظرة تحليلة للأداء. وطُرحت تساؤلات حول الإطار القانوني والتشريعي الحالي وقدرته على تعزيز نمو القطاع ومواجهة التحديات وتحقيق تنافسية القطاع، وقدرة قطاع الصيرفة الإسلامية والتمويل في السلطنة على صناعة فرص استثمارية حقيقية ومستدامة، ومدى مساهمة وإمكانات أسواق رأس المال الإسلامية في تمويل المشاريع التنموية، إضافة لهيكل الصناعة المصرفية الإسلامية ومتطلبات النشاط الاستهلاكي والاستثماري والاقتصادي للأفراد والقطاع الخاص والمؤسسات العامة، وكيفية توسيع نطاق المنتجات الإسلامية في سلطنة عُمان، وجهود وفرص السلطنة على مضمار التكنولوجيا المالية والابتكار الرقمي. كما سلطت الجلسة الضوء على منهجية الاستفادة من الطفرة الحالية لتطوير إسهامات القطاع سواء على مستوى التقنيات أو حلول الدفع المصممة للتمويل الإسلامي.
أوراق عمل
وشهد المحور الرئيسي من المؤتمر والذي حمل عنوان "نحو قطاع مصرفي إسلامي يلبي أولويات المستقبل"، تقديم عدد من أوراق العمل، استهلها علي بن أحمد اللواتي مساعد مدير عام الأعمال المصرفية للشركات في "ميثاق" للصيرفة الإسلامية بورقة عمل حول "أسواق رأس المال الإسلامية وتوسيع نطاق الفرص الاستثمارية"، أبرز من خلالها عدة مفاهيم اقتصادية تتعلق بقطاع المصرفية الإسلامية، مع التركيز على دور "ميثاق" في تعزيز نمو وتطوُّر القطاع.
فيما قدَّم عيسى بن سالم الريامي رئيس إدارة الالتزام والتدقيق الشرعي في بنك العز الإسلامي عرض التجربة الأولى والتي تضمنت إبراز استراتيجية البنك وخطط تعزيز الشراكة؛ حيث تحدث عن المنتجات التي يقدمها البنك والشراكات مع القطاعين العام والخاص،. ثم عرض البنك الأهلي الإسلامي التجربة الثانية ضمن ذات المحور.
وتحت عنوان "الصكوك والصناديق الإسلامية.. وفرص الاستثمار المستدام"، قدَّم محمد الملا البلوشي رئيس الأعمال المصرفية المميزة وإدارة الثروات بـ"ميسرة" للخدمات المصرفية الإسلامية ورقة عمل، حول "التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية وإدارة الثروات"، أشار فيها إلى التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، والذي يسمى أيضا التمويل الإسلامي، ويتم تطبيقه وفق نظام مالي تحكمه مبادئ الشريعة الإسلامية. وقال البلوشي إن التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية يتبع بعض المعايير الأساسية؛ الأول هو الرفض الصريح للربا، مما يشير إلى أن جميع أشكال التبادلات ذات الفائدة من المحرمات. وأبرز البلوشي قاعدة أساسية أخرى تتمثل في تقاسم المخاطر، حيث يعمل قطاع المصرفية الإسلامية على تقاسم كل من الفوائد والأضرار بين الأطراف، مما يعزز الشعور بالتنظيم والمنفعة المشتركة. وأكد أن التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية يحمل أهمية كبيرة للمسلمين وغيرهم ممن يبحثون عن ترتيبات متعلقة بالمال يتردد صداها مع قيمهم الأخلاقية والدينية.
إلى ذلك، قدَّم الدكتور أحمد بن مظفر الرواحي الرئيس التنفيذي لشركة توافق للاستشارات المالية الإسلامية ورقة عمل حول "التكنولوجيا المالية والابتكار الرقمي في التمويل الإسلامي"، وقال إن التكنولوجيا المالية مرَّت بأطوار تاريخية متعددة، الطور الأول في عام 1939؛ حيث اخترع لوثر جورج جهاز الصراف الآلي، غير أن معظم المتعاملين لم يتقبلوه، فأُزيل بعد ستة أشهر، ثم ظهر مرة أخرى عام 1967م ببنك باركليز على يد جون شيفورد. أما الطور الثاني فكان عام 1950؛ حيث أُصدرت أول بطاقة دفع باسم "داينرز كلوب" من قبل شركة ديسكفر للخدمات المالية، فيما جاء الطور الثالث في عام 1958م عندما صدرت بطاقة دفع إلكتروني باسم "أمريكان إكسبريس" من قبل شركة أمريكان إكسبريس، وقدمت لحامليها عددًا من الخدمات المالية. وأشار الروحي إلى الطور الرابع الذي بدأ عام 1958م بعدما أطلق "بنك أوف أمريكا" أول برنامج لبطاقة ائتمان المستهلك "فيزا كارد"، فيما انطلقت الطور الخامس في عام 1971؛ حيث تأسست بورصة ناسداك في مدينة نيويورك الأمريكية، وكانت أول بورصة إلكترونية تعمل عبر الهاتف والحواسيب فقط، وهي متخصصة في الشركات التقنية. وتابع أن الطور السادس بدأ في عام 1973؛ حيث أُنشئ نظام "سويفت" في بلجيكا بمبادرة مشتركة بين البنوك العالمية لتبادل وتسوية المعاملات المالية الدولية بين البنوك والمؤسسات المالية والشركات والأفراد، مشيرًا إلى أن العالم اليوم يشهد تحولا جديدا في المعاملات المالية المتمثلة في التكنولوجيا المالية والنقود الرقمية. وأسهب الرواحي في الحديث عن إسهامات القوانين التشريعية العُمانية في التمهيد للتكنولوجيا المالية، والتعريف بالتكنولوجيا المالية، مع إبراز التحديات في التكنولوجيا المالية والابتكار الرقمي، ومنها التحديات القانونية والأمنية والفنية والشرعية.
بعدها قدَّم إلياس بن أحمد الرواحي مدير مطالبات المركبات بالمدينة تكافل ورقة العمل التالية حول "الابتكار وصناعة الفرص عبر منتجات مالية إسلامية مستدامة". فيما اختتم محمد بن سعيد الراشدي رئيس قسم الدراسات والبحوث بمؤسسة التزام للاستشارات الشرعية المالية، ورقة العمل الأخيرة حول "التحديات والحلول المحتملة لتوسيع نطاق المنتجات الإسلامية في السلطنة.
يُشار إلى أن أعمال الدورة الحالية انطلقت بتنظيم من جريدة "الرؤية"- رائدة إعلام المبادرات- وبشراكة إستراتيجية مع البنك المركزي العُماني، وبرعاية رئيسية من ميثاق للصيرفة الإسلامية وبنك العز الإسلامي وبنك نزوى.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: قطاع الصیرفة الإسلامیة البنک المرکزی الع مانی الصیرفة الإسلامیة فی مع الشریعة الإسلامیة التکنولوجیا المالیة المصرفیة الإسلامیة المالیة الإسلامیة المعاملات المالیة للصیرفة الإسلامیة ملیار ریال ع مانی التمویل الإسلامی الخدمات المالیة الرئیس التنفیذی القطاع المصرفی أعمال الدورة القطاع الخاص فی السلطنة هذا القطاع مشیر ا إلى أن القطاع م المخاطر رأس المال وأوضح أن فی تعزیز ا المالی فی تحقیق ا إلى أن فی ع مان أکثر من من خلال تعزیز ا تحقیق ا وقال إن تمویل ا فی عام من أجل أن هذا
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تكثف استهداف المنظومة الصحية في شمال غزة
نيويورك (الاتحاد)
أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تواصل مبادراتها الإنسانية لإغاثة نازحي غزة «أونروا»: طفل يقتل كل ساعة في غزةواصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدافها لمستشفيات شمال قطاع غزة المحاصر، مما أدى إلى إصابة عدد من المرضى والجرحى.
وأفادت مصادر طبية فلسطينية بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي أجبرت أمس، الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الإندونيسي شمال القطاع، سيراً على الأقدام، وسط قصف مدفعي وجوي مكثّف طال أقسام المستشفى ومحيطه.
وأشارت المصادر الطبية إلى إصابة نحو 20 شخصاً في مستشفى كمال عدوان، إثر عمليات النسف المستمرة في ساحاته، وسط دعوات فلسطينية بتحرك دولي عاجل لحماية المنظومة الصحية ومستشفيات قطاع غزة من العدوان الإسرائيلي.
وفي سياق متصل، أكدت الأمم المتحدة أن القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الفلسطيني، ما زالت مستمرة. أفادت بذلك المتحدثة المساعدة باسم الأمم المتحدة ستيفاني تريمبلاي، في مؤتمر صحفي عقدته بمقر المنظمة في ولاية نيويورك الأميركية مساء أمس.
وأوضحت تريمبلاي أن المؤسسات التابعة للأمم المتحدة تحاول بشتى السبل إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مضيفة أن قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة تمكنت في 20 ديسمبر الجاري من الدخول إلى شمال غزة رغم القيود الإسرائيلية.
في السياق، أعلن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توم فليتشر، أمس، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل منع العاملين الإنسانيين من الوصول بشكل هادف إلى المحتاجين في قطاع غزة، مشيراً إلى أنه تم رفض أكثر من 100 طلب للوصول إلى شمال القطاع منذ 6 أكتوبر الماضي. وأضاف فليتشر، في بيان صحفي عقب زيارته الأولى إلى الشرق الأوسط بصفته أيضاً منسق الإغاثة الطارئة للأمم المتحدة، أن غزة أصبحت حالياً المكان الأخطر لتقديم الدعم الإنساني في عام شهد مقتل أكبر عدد مسجل من العاملين في المجال الإنساني. وأوضح أنه نتيجة لذلك أصبح من المستحيل تقريباً إيصال حتى جزء بسيط من المساعدات المطلوبة على الرغم من الاحتياجات الإنسانية الهائلة.
واعتبر فليتشر أن حصار شمال غزة الذي استمر لأكثر من شهرين «أثار شبح المجاعة» في حين أن جنوب القطاع مكتظ للغاية، ما يخلق ظروفاً معيشية مروعة واحتياجات إنسانية أعظم مع حلول الشتاء. وحذر وكيل الأمين العام من استمرار غارات الاحتلال الجوية على المناطق المكتظة بالسكان في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك المناطق التي أمرت قوات الاحتلال بالانتقال إليها، ما تسبب في الدمار والنزوح والموت.
في غضون ذلك، قالت تقارير إعلامية في غزة، أمس، إن إسرائيل تقتل عناصر تأمين المساعدات الإنسانية الواصلة إلى القطاع وتوفر رعاية كاملة لسرقتها، وذلك من أجل تجويع المدنيين.
وأضافت: «الاحتلال الإسرائيلي يوفر رعاية كاملة لسرقة المساعدات، ويقتل عناصر تأمينها لتجويع المدنيين ولخلق بيئة اقتصادية خانقة تؤدي إلى غلاء فاحش في الأسعار وفق خطة ممنهجة».