باحثون وأدباء يؤكدون: العرب في الأندلس بصمات لا تمحى في الهندسة والزراعة والكيمياء والشعر
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
الشارقة - الوكالات
أكد أكاديميون متخصصون بالشأن الأندلسي أن التأثير العربي في الأندلس لم يقتصر على الجانب الثقافي والأدبي فحسب، بل امتد إلى الجانب المعرفي الذي شمل مجالات علمية متنوعة، كالهندسة المعمارية وعلوم الزراعة والكيمياء، والتي أسهمت في تطور الحضارة الأوروبية، كما ترك العرب أثراً أدبياً بارزاً في مختلف أنواع الأدب، وخاصة الشعر الذي ازدهر بأساليب وموضوعات جديدة، ظهرت بصمات العربي عليها بكل وضوح.
جاء ذلك خلال ندوة لمجلة الناشر الأسبوعي، تحت عنوان: "بصمة الأندلس.. أثر الثقافة العربية في شبه جزيرة إيبيريا"، التي نظمتها هيئة الشارقة للكتاب، ضمن فعاليات الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، واستضافت كلاً من الدكتور والباحث محمود مقدادي، والدكتورة نويمي فيرّو، والباحث والشاعر خالد الريسوني، وأدارها الإعلامي والشاعر علي العامري، مدير تحرير مجلة "الناشر الأسبوعي".
الابتكار العربي في الزراعة الأندلسية
وفي حديثه حول "الأثر العربي في الزراعة الأندلسية"، أكد الدكتور محمد مقدادي، أن الوجود العربي في شبه الجزيرة الإيبيرية استطاع أن يشكل مدرسة الفلاحة الأندلسية، التي برزت من خلال العلماء العرب الذين أبدعوا علم الفلاحة، وأثروا المكتبة العالمية بالعديد من المنجزات في القطاع الزراعي، ونقلوا العلم من علم نظري إلى علم تطبيقي، مشيراً إلى أن العرب أنشأوا الحدائق النباتية التي استخدموها للتجارب، كما أتوا بنباتات جديدة لمواءمتها مع بيئة الأندلس.
وقال مقدادي: "أبدع العرب كذلك علم الكيمياء الزراعية، التي تضمن حماية المزروعات، ومكافحة الآفات التي تصيب المزروعات والحيوانات، أيضاً ابتكروا المبيدات السائلة والصلبة والغازية، وسبقوا العالم في استخدام المكافحة الحيوية، التي تقوم على استخدام أعداء حيوية مفيدة تقضي على الكائنات الضارة، من ذلك جلبهم النمل الصحراوي من بغداد، لمكافحة حشرات كانت تصيب النباتات الزراعية في الأندلس.
4 آلاف كلمة إسبانية من أصل عربي
وتحدثت الدكتورة نويمي فيرّو، حول أثر اللغة العربية في اللغة الإسبانية، مؤكدة أن علماء اللغة الإسبانية الحديثة يشيرون إلى وجود أربعة آلاف كلمة من أصل عربي، وهو ما يمثل 8% من مفردات اللغة بأكملها، وأن اللغة العربية لم تزل حية في مختلف أبواب المعرفة الإسبانية، وأن الثقافة التي تأثرت بها إسبانيا لها معنى واسع يتجاوز الأدب والفنون والفكر إلى العلوم والاكتشافات.
وفي جزئية التأثر الإسباني المعماري بالهندسة العربية، لفتت فيرو إلى أن عناصر العمارة العربية التي تأثرت بها العمارة الإسبانية، ومنها ما يطلق عليها "الفن المدجن"، وهو دليل على انفتاح الثقافة الإسبانية على الثقافة العربية، رغم ما كانت عليه العلاقات بين الجانبين من توتر في القرن الثالث عشر، وهذا ما أثمر بقاء صروح معمارية خالدة تؤرخ للوجود العربي في الأندلس.
رثاء الأمكنة... إبداعي أندلسي خالص
وفي ورقته التي حملت عنوان "التأثير العربي الأندلسي في شعر جيل الـ27.. لوركا نموذجاً"، أوضح الدكتور والباحث خالد الريسوني، أن الشاعر الغرناطي فيديريكو غارسيا لوركا كان يمتلك وعيه المتجذر بالعمق الثقافي العربي، والذي ظهر في كتاباته الأولى، مثل قصيدة "غرناطة.. مرثية متواضعة"، لأن الرثاء في الشعر الإسباني والغربي عموماً كان مرتبطاً بالأشخاص، ولم يكن معروفاً في الأمكنة، والشاعر الغرناطي لوركا كان سالكاً فيه سبيل أبي الفتح الرندي في قصيدته الشهيرة التي يرثي بها الأندلس "لكل شيء إذا ما تم نقصان".
وأضاف: "على الرغم من تأثر لوركا بالشعر العربي في تجاربه الأدبية الأولى، إلا أنه تأثر أيضاً كغيره من الشعراء المنتمين إلى جيل الـ27 (شعراء الأدب الإسباني في القرن العشرين الذين ظهروا عام 1927)، بالمستعرب الإسباني إيميليو غارسيا غوميث، ومن أبرز ثمار هذا التأثر "ديوان التماريت" الذي احتفى فيه لوركا بالشعرية العربية والغرناطية خاصة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"أبوظبي للغة العربية" يكرّم الفائزين بـ "أصدقاء اللغة"
كرّم مركز أبوظبي للغة العربية، الطلبة الفائزين بالدورة الرابعة لمسابقة أصدقاء اللغة العربية السنوية المخصّصة للطلبة، ضمن الفئة العمرية من 8 إلى 16 عاماً، من الناطقين باللغة العربية، والناطقين بغيرها.
وفاز في المسابقة كلٌّ من الطالبة الإماراتية مريم المرزوقي، من مجمع زايد التعليمي – دبي، وهي من أصحاب الهمم، والطالبة المصرية مرام محمد حجاج من مدرسة الشامخة – أبوظبي، والطالب السوري إسماعيل عبدالمعين دعاس من مدرسة النهضة – أبوظبي، واستحقّ الفائزون الثلاثة نيل جائزة المسابقة النقدية، وقيمتها 10 آلاف درهم إماراتي، وذلك بعد أن اجتازت مقاطع الفيديو الخاصة بهم (التي لا تتجاوز دقيقتين) اختبارات لجنة التحكيم.
وتعكس المسابقة استراتيجية المركز في الاهتمام بالمبدعين من أصحاب الهمم، والاستثمار بقدراتهم، وتمكينهم من تحقيق طموحاتهم، ودمجهم في المجتمع ليكونوا عناصر قادرة بشكل فاعل في المساهمة ببناء مستقبل أكثر إشراقاً وتطوّراً، كما تنسجم مع توجّهات القيادة الرشيدة بإعلان عام 2025 "عام المجتمع" حيث تستهدف فعاليات المركز جميع أفراد المجتمع تحقيقاً لاستراتيجية تنموية، يحرص من خلالها على إثراء المخزون الثقافي، والفكري، والمعرفي لمختلف الفئات والشرائح المجتمعية.
وهنأ المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية سعيد حمدان الطنيجي، الطلبة الفائزين بالمسابقة، أثناء حفل تكريم أقيم بالمركز، كما وجّه الشكر لوزارة التربية والتعليم، والكوادر العاملة في المجال التعليمي، وأهالي الطلبة المشاركين، على المستوى الرائد والمتقدم الذي ظهرت به المشاركات.
وأكّد حرص مركز أبوظبي للغة العربية على توفير بيئة مشجعة ومنضبطة تسمح بتحقيق تطلعات الأهالي والآباء في تمكين أبنائهم من امتلاك ناصية اللغة العربية وإجادة التعبير بواسطتها عن أحلامهم وآمالهم لما في ذلك من أثر كبير في بناء شخصيتهم وتطورها، وتحسين مداركهم، عبر غرس المعاني الرفيعة للثقافة العربية في نفوسهم ووجدانهم في سن مبكّرة.
يذكر أن المسابقة استقبلت أكثر من ألف مشاركٍ في دورتها الحالية من دول عربية، وأجنبية مثل: كوريا، وإيران، والهند، وباكستان، وأمريكا، بارتفاع بلغت نسبته 400% مقارنة بالدورات الماضية.
وتواكب المسابقة توجّهات المركز في خلق جيل متفاعل مع لغته وتراثه، حريص على قيمه، وتعزيز معارفه بثقافته الأصيلة وريادتها الحضارية، لتكون مصدر إلهام وفخر للأجيال الناشئة.