الشارقة - الوكالات

 

انطلقت اليوم (الأربعاء) فعاليات الدورة العاشرة من مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات، الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب بالتزامن مع فعاليات الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023، بالتعاون مع جمعية المكتبات الأمريكية، مستضيفة أمناء مكتبات وخبراء ومتخصصين من كبرى المكتبات العالمية حول العالم، ليناقش -على مدار يومين- دور المكتبات في تعزيز الإبداع والتعلم الرقمي، وتعزيز استراتيجيات الاستدامة، ويبحث أهمية القطاع المكتبي في التطوير المهني، وتأثير الذكاء الاصطناعي والوسائط المتعددة على المكتبات العامة والمدرسية.

 

وتحدث خلال الافتتاح سعادة أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، وإميلي درابنسكي، رئيسة جمعية المكتبات الأمريكية، بحضور نخبة من الخبراء الدوليين. وكان المؤتمر استبق فعالياته بتنظيم ورش عمل تفاعلية لتعريف المشاركين على أفضل الممارسات التي تضمن تطوير خدمات المكتبات.

صناعة مترابطة

وفي كلمته خلال الافتتاح، قال سعادة أحمد بن ركاض العامري: "آمن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بأنَّ المكتبات دورها مركزي وجوهري في نهضة الأمم والحضارات، وأكد أنَّ الثقافةَ والمعرفة خير ما يجتمع عليه البشر من كلّ الأجناس والأعراق والمذاهب فكان مشروع الشارقة الحضاري، مشروع معرفة. وثقافة.. وكتاب".

وأضاف العامري: "في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها قطاع إنتاج المعرفة والوصول إليها، وفي عالم يعيش اليوم تطوراً هائلاً في تقنيات الذكاء الصناعي، تمتد على مختلف مناحي الحياة، فإن مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات يؤكد أنه المنصة التي تناقش وتستشرف مستقبل هذا القطاع، داعماً خيارات العاملين فيه، حيث يناقش في دورة هذا العام تأثير الذكاء الصناعي على عمل المكتبات، ويبحث فرص مساعدة أمناء المكتبات على تطوير أنماط أعمالهم، كما يتوقف عند دور المكتبات في الوصول للاستدامة وتجاوز تحديات التغير المناخي".

وتابع: "نفخر اليوم بأن تكون الشارقة هي المكان الوحيد الذي يستضيف هذا المؤتمر للعام العاشر على التوالي خارج الولايات المتحدة الأمريكية، بالتعاون مع جمعية المكتبات الأمريكية، كما نفخر بأن نحتفل قريباً بمرور مئة عام على تأسيس مكتبات الشارقة العامة، مسجلين منجزات كبيرة في التأكيد على دور المكتبة في بناء المجتمعات".

 

مشروعات ثقافية ملهمة

بدورها قالت إميلي درابنسكي، رئيسة جمعية المكتبات الأمريكية: "تمثل المكتبات قيمة عظيمة للمجتمعات؛ فهي تساهم في تطويرها وتحسينها من خلال توفير المعرفة والثقافة والترفيه لجميع الفئات العمرية والاجتماعية، ومن خلال تجربتي كرئيسة لجمعيات المكتبات الأمريكية، أرى كل يوم كيف تعمل المكتبات كمدينة صغيرة في العالم الكبير، حيث تجتمع الأفكار والآراء والمواهب والتحديات والحلول".

وأضافت: "المكتبات تساهم في إثراء التنوع في حياتنا؛ والتنوع يمنحنا القوة، من هنا فإننا نقدر دور العاملين فيها، الذين يمثلون حافزاً للتغيير والابتكار، ويساهمون في خلق بيئة للجميع، يجدون فيها كل ما يحتاجون إليه من فرص وموارد وخدمات، حتى الأطفال يجدون في المكتبات ملاذاً للعب والترفيه الذي يرتبطون من خلاله بالقراءة والمعرفة".

 

التكامل بين الذكاء الاصطناعي والمكتبات

وناقشت أولى جلسات اليوم الأول موضوع الذكاء الاصطناعي والمكتبات: التأثير والتحديات والفرص، وقدمتها الدكتورة العنود سبحي، الأستاذ المساعد والمشرف على قسم تقنية المعلومات بجامعة الملك عبد العزيز، في السعودية، مشيرة إلى أن العلاقة بين المكتبات والذكاء الاصطناعي هي علاقة تكامل، فالذكاء الصناعي يساعد المكتبات في تحسين جودة وكفاءة وتنوع خدماتها، مثل البحث والتصنيف والتوصية والتحليل والتخصيص والتفاعل، وبالمقابل، تساعد المكتبات الذكاء الصناعي في تطوير وتطبيق أدوات وأساليب جديدة لمعالجة المعلومات واكتشافها، مثل توفير المصادر والمحتويات والبيانات التي تثري مخزونه المعلوماتي.

وقالت: "تساهم التقنيات المتقدمة في تنظيم وإدارة الموارد المكتبية بشكل ملموس، إذ تتيح للعاملين إعداد الفهارس وتوصيف الكتب والمواد بطريقة ذكية وبشكل أكثر دقة وفاعلية، من خلال الاستفادة من معالجة اللغة الطبيعية، وهذا يساعد على تحسين تصنيف المكتبة، وتوفير رؤية أعمق في العناصر المتاحة، بالإضافة إلى ذلك، يستطيع الذكاء الصناعي التنبؤ بالكتب والمواد التي ستكون مطلوبة، مما يساعد المكتبات على إدارة مقتنياتها ومخزونها بشكل أكثر فاعلية".

 

جلسات اليوم الأول

وتحت عنوان "إعادة بناء الطلاب: مشروعات فنية عالمية"، تحدثت  كارولين فيبرت، أمين مكتبة مدرسة سودلي الابتدائية، في مدارس مقاطعة الأمير وليام العامة، بفرجينيا في الولايات المتحدة. واستضافت الجلسة الثالثة التي حملت عنوان "المكتبة كمصدر دائم للإبداع، مكتبة إثراء نموذجاً"، كلاً من طارق خواجي، المستشار الثقافي في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وعلي السعدي، متخصص أنظمة المكتبات والخدمات الفنية في المركز، ونادين الأشقر، المدير الإقليمي الثاني لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، قسم المكتبات العالمية والتعليم، بـ "أوفر درايف" بالولايات المتحدة.

أما الجلسة الرابعة من المؤتمر، التي جاءت بعنوان: "تجربة القراءة الرقمية لجيل ألفا: تعرف على جمهورك المستهدف"، فاستضافت الدكتور عماد صالح، أستاذ ورئيس قسم علم المعلومات بجامعة حلوان المصرية، بينما كان "تحديات تطوير مجموعات المكتبات المدرسية" محور الجلسة الخامسة، وتحدث خلالها الدكتورة فوزية جيلاني، أمين مكتبة رئيسي، بمدارس بلوم تشارتر، بمدينة العين في دولة الإمارات، وواضحة جمعة الشامسي، متخصصة مصادر التعلم، في مدرسة محمد بن خالد للتعليم الأساسي بالعين. ثم انتقلت الجلسة السادسة بالحضور إلى موضوع "تعزيز منح المكتبات: جوائز الشارقة للأدب المكتبي ومساهمتها في هذا المجال"، مع إيمان بوشليبي، مدير مكتبات الشارقة العامة. 

وحول "الاستدامة: أفكار وممارسات للبرامج في مكتبتك"، تحدثت رينيه تانر، أمين مكتبة العلوم ورئيس خدمات الأبحاث والأستاذ المشارك في كلية رولينز، بفلوريدا. بينما ناقشت مورا ماديجان، أمينة مكتبة مدرسة نورث سبرينغفيلد الابتدائية في فرجينيا "البرامج الإبداعية: مراكز التعلم ومعايير المكتبات"، وأجابت الدكتورة هبة محمد إسماعيل في جلستها عن سؤال "كيف يشكل التطوير المستمر مسقبلك المهني"، فيما اختتمت أعمال اليوم الأول من "مؤتمر المكتبات" بجلسة قدمها راغوناثان. م. و، أمين مكتبة أول في مدرسة جيمس وستمنستر، بدبي، وتناولت موضوع "مرافق الذكاء الاصطناعي والوسائط المتعددة في المكتبات المدرسية، إمكانيات مستقبلية. 

 

المكتبات داعماً للطلاب والشباب

وتستمر جلسات المؤتمر في يومه الثاني، حيث تتناول عدداً من المحاور والأفكار التي تصب في تعزيز واقع المكتبات في مجتمع المعرفة، وتستضيف نخبة من المتخصصين والخبراء الذين يناقشون المكتبات ودورها في تمكين العمل المناخي، والفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في المكتبات العامة، كما يتضمن برامج في الكتابة الإبداعية، وموضوعات ترشد الطلاب إلى مواجهة التحديات من خلال الكتب، وتعرفهم على طرق إنشاء مراكز للأعمال والوظائف والأبحاث عبر التقنيات الرقمية. كما تسلط الضوء على الأدوات والمصادر المساعدة للطلاب وهيئة التدريس، ودور جمعيات واتحادات المكتبات في توفير المعلومات والموارد.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی الشارقة الدولی الذکاء الصناعی المکتبات فی من خلال

إقرأ أيضاً:

عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي

 

 

 

د. سعيد الدرمكي

الذكاء الاصطناعي (AI) هو قدرة الأنظمة الحاسوبية على محاكاة الذكاء البشري، مثل التعلم واتخاذ القرار، ويُستخدم في مجالات عدة كالصحة، والصناعة، والتكنولوجيا، مما يعزز الكفاءة والإنتاجية. في المقابل، يشير الذكاء العاطفي (EI) إلى القدرة على فهم وإدارة العواطف، مما يسهم في تحسين التواصل، والقيادة، واتخاذ القرارات الفاعلة. ورغم اختلاف مجاليهما، فإن تكاملهما أصبح ضروريًا لتعزيز الفاعلية في مختلف المجالات.

كان يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي على أنهما كيانان منفصلان، إذ ارتبط الذكاء الاصطناعي بالقدرات الحسابية والمنطقية، حيث يركز على تحليل البيانات واتخاذ القرارات بناءً على الخوارزميات، دون أي بُعد عاطفي. في المقابل، اعتُبر الذكاء العاطفي مهارة بشرية بحتة، تتمحور حول إدارة المشاعر والتفاعل الاجتماعي، مما جعله وثيق الصلة بالقيادة والتواصل. الفرق الأساسي أن الذكاء الاصطناعي يُعامل كأداة تقنية، بينما يُنظر إلى الذكاء العاطفي كجزء من الذكاء البشري يصعب محاكاته بالتقنيات.

يُعد كل من الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي مكملًا للآخر، حيث يواجه كل منهما تحديات دون الآخر؛ فالذكاء الاصطناعي، دون الذكاء العاطفي، يعاني من ضعف في فهم المشاعر البشرية واتخاذ قرارات تتسم بالتعاطف، مما قد يؤثر على جودة التفاعل مع البشر. في المقابل، يواجه الذكاء العاطفي صعوبات في تحليل البيانات الضخمة، والتنبؤ بالاتجاهات، وتحسين الإنتاجية، واتخاذ القرارات المعقدة دون الاستعانة بقدرات الذكاء الاصطناعي. لذلك، أصبح التكامل بينهما ضروريًا لتعزيز الكفاءة البشرية والتقنية معًا.

ويمكن تحقيق هذا التكامل من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل المشاعر عبر النصوص، والصوت، وتعبيرات الوجه، مما يتيح فهمًا أعمق للتفاعل البشري. في المقابل، يسهم الذكاء العاطفي في تحسين الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير برمجيات تجعله أكثر استجابة للمشاعر البشرية، مما يساعد في إنشاء واجهات مستخدم أكثر إنسانية وتفاعلية، تعزز تجربة المستخدم وتجعل التقنيات الذكية أكثر توافقًا مع الاحتياجات الاجتماعية.

ويسهم تكامل الذكاءين في تحسين العديد من المجالات. ففي قطاع الأعمال، يُستخدم الذكاء الاصطناعي العاطفي لتعزيز تجربة العملاء من خلال تحليل مشاعرهم والاستجابة لها بذكاء. وفي مجال الطب، تُوظَّف الروبوتات لدعم المرضى نفسيًا وعاطفيًا، مما يسهم في تحسين رفاهيتهم. أما في الموارد البشرية، فتعتمد الشركات على أدوات متطورة لتحليل رضا الموظفين وتعزيز تفاعلهم، مما يساعد في خلق بيئات عمل أكثر استجابة ومرونة.

ورغم الفوائد الكبيرة لهذا التكامل، فإنه يواجه تحديات تتعلق بالخصوصية والانحياز الخوارزمي وتأثيره على التفاعل البشري. فالذكاء الاصطناعي لا يمتلك وعيًا حقيقيًا، بل يعتمد على تحليل الأنماط والاستجابات المبرمجة، مما يجعله غير قادر على الإحساس الحقيقي. كما إن هناك مخاوف بشأن جمع البيانات الشخصية دون إذن، والانحياز في تحليل المشاعر، ومخاطر التلاعب النفسي بالمستخدمين. ويبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والعنصر البشري، بحيث لا يحل الذكاء الاصطناعي محل الذكاء العاطفي، بل يكمله لتعزيز الفاعلية دون المساس بجوهر التفاعل الإنساني.

أما فيما يتعلق بدور الأبحاث والتكنولوجيا في تحقيق التكامل، فيجب تطوير أنظمة قادرة على فهم المشاعر البشرية باستخدام تقنيات التعلم العميق وتحليل اللغة الطبيعية. كما ينبغي تعزيز الذكاء العاطفي الاصطناعي ليكون أداة داعمة للتجارب البشرية، بحيث يساعد في تحسين التفاعل والتواصل دون أن يحل محل المشاعر الإنسانية.

المستقبل يعتمد على التكامل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي، مما يؤدي إلى ثورة في مجالات العمل والتعليم والتفاعل الاجتماعي، مع ضرورة وضع ضوابط أخلاقية تضمن التوازن البشري. يسهم هذا التكامل في تحسين بيئات العمل من خلال تحليل مشاعر الموظفين وتعزيز الإنتاجية، كما يتيح التعليم التكيفي الذي يستجيب لعواطف الدارسين، مما يعزز تجربة التعلم. وفيما يتعلق بالعلاقات البشرية، فإنه يدعم التواصل الفاعل، لكنه قد يؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية إذا أُسيء استخدامه، مما يستدعي توجيه هذا التطور بما يحقق أقصى فائدة دون الإضرار بالجوانب الإنسانية.

من هنا، يمكن الاستنتاج أن التكامل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي ضروري لتحقيق توازن فاعل بين الكفاءة التقنية والبعد الإنساني. فالذكاء الاصطناعي يُسهم في تعزيز الإنتاجية والدقة، بينما يضمن الذكاء العاطفي اتخاذ قرارات تتماشى مع القيم الإنسانية. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا لا تستطيع محاكاة المشاعر البشرية بشكل كامل، إلا أنها قادرة على دعم الفهم العاطفي وتعزيز التفاعل البشري.

لذا.. فإنَّ تحقيق أقصى استفادة من هذا التكامل يتطلب توجيه التطور التكنولوجي نحو تعزيز القيم الإنسانية، وضمان الاستخدام الأخلاقي للابتكارات التقنية، بما يسهم في رفاهية المجتمعات واستدامة التطور ودعم مستقبل أكثر ذكاءً وإنسانيةً.

مقالات مشابهة

  • عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي
  • الخوارزمية الأولى: أساطير الذكاء الاصطناعي
  • حَوكمة الذكاء الاصطناعي: بين الابتكار والمسؤولية
  • ميزات جديدة لمساعد الذكاء الاصطناعي Gemini
  • علامة HONOR تكشف عن استراتيجيتها المؤسسية الجديدة التي تسعى من خلالها لإتمام انتقالها إلى شركة متخصصة في نظام الأجهزة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • جولد بيليون تكشف الجديد عن سعر الذهب وحجم الطلب
  • «الثقافي العربي» يناقش الرؤية الفكرية في أدب الطفل
  • معارض وشركات الذكاء الاصطناعي في ملتقى الشارقة الرياضي
  • Alexa+.. قفزة نوعية في الذكاء الاصطناعي.. أبرز ميزات المساعد الذكي الجديد من أمازون
  • الذكاء الاصطناعي يتفوق على الأطباء في تحليل أنسجة سرطانية