يعتقد كثيرون أن راحة البال حالة شعورية مثالية، وأن السعي وراءها هدف رئيس لضمان السعادة والصحة النفسية. لكن دراسات علمية أثبتت أن مشاعر نعتبرها سلبية، مثل الغضب، قد تكون وسيلة لتحقيق أصعب أهداف الحياة ومقاومة الشعور بالإحباط.

الغضب يحقق المستحيل

تكمن وظيفة المشاعر في تنبيهنا إلى المواقف المهمة التي تتطلب اتخاذ إجراءات.

على سبيل المثال، قد يشير الحزن إلى حاجة الشخص لطلب مساعدة أو دعم عاطفي، في حين قد يشير الغضب الصحي إلى حاجته لاتخاذ إجراء للتغلب على عقبة ما.

وبحسب بحث نشرته "جمعية علم النفس الأميركية" في أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن الغضب -رغم سلبيته- قد يكون حافزًا قويا لتحقيق الأهداف الصعبة أكثر من أي شعور آخر.

وأجرى الدراسة باحثو العلوم النفسية والدماغية في جامعة تكساس الأميركية، وشملت التجارب أكثر من 1000 مشارك، وبيانات مسوح لأكثر من 1400 مشارك.

الباحثون درسوا في تجاربهم الاستجابة لمشاعر عاطفية قوية، مثل: الغضب، أو الرغبة، أو الحزن، مقارنة بحالات عاطفية محايدة، مثل: الراحة، أو الاطمئنان، ثم قدموا للمشاركين هدفا صعبا مرة، وسهلا مجددا، وطلبوا منهم إنجازه.

تسخير مشاعر الغضب في تحقيق الأهداف يمكن أن يكون مفيدا (شترستوك) الغضب من خسارة الانتخابات

كما قام الباحثون أيضا بتحليل بيانات سلسلة من استطلاعات الرأي التي تم جمعها أثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية لعامي 2016 و2020، وطلبوا من المشاركين تقييم مدى غضبهم إذا لم يفز مرشحهم المفضل. وبعد الانتخابات، طلب من المشاركين عما إذا كانوا قد صوتوا ولمن صوتوا.

توقع بعض المشاركين في الاستطلاع الأول أنهم سيغضبون إذا خسر مرشحهم، وكانوا أكثر إقبالا على التصويت في الانتخابات. وفعلا، أثار غضبهم دوافع الانتماء إلى أحزاب سياسية، وممارسة نشاط سياسي.

الغضب يزيد قدرة الأشخاص

وكانت أبرز نتائج الدراسة ما وضحه الباحثون في تقريرهم، أن الغضب يزيد قدرة الناس على تحقيق أهدافهم، ويرفع مستواهم، على عكس الحالة المحايدة في مجموعة متنوعة من المواقف متوسطة الصعوبة.

كذلك لم يرتبط الغضب بتحقيق الأهداف إذا كانت سهلة المنال، بل ارتبط فقط بمواقف يصعب تجاوز عقباتها، ويستحيل حصر فوائدها.

كيف تستغل غضبك؟

لتتمكن من تحويل غضبك إلى طاقة داخلية بناءة، نقدم لك بعض النصائح المفيدة:

اعرف السبب: الغضب نتيجة محتملة للخوف، سواء كان خوفا من المجهول، أو خوفا من الفشل، أو من الهجر، أو من الشعور بضآلة الذات، أو من الظلم، لذلك نصح ريكاردو ويليامز، رئيس قسم علم النفس الديناميكي في جامعة روما سابينزا، بالكشف عن سبب الغضب، قبل أن نسعى لجني فوائده. اعترف بأخطائك: وهذا يتطلب وعيا ذاتيا، لمصارحة النفس بأخطائها، أو بخطأ الآخرين في حقها، أو الاعتراف بأي تهديد يمس احترام الذات، وتلك خطوتك الأولى، التي يتبعها كتابة أسباب خوفك دون حرج، خاصة وأنك ستحتاجها لتأجيج مشاعر غضبك كلما هدأت ناره. تجنب لوم نفسك: لا تخجل من الاعتراف بالفشل، وتحمل مسؤوليتك عما حدث، ثم اجتهد في كتابة حلول تتضمن تغييرا في سلوكيات تتبعها، أو اكتساب مهارة تتفوق بها على زملائك في العمل، أو رفع إنتاجيتك لتعويض خصم الشهر الماضي، باختصار، استغل غضبك لصياغة أهداف ملموسة وقابلة للقياس. أبدع: حوّل غضبك إلى شيء إيجابي وإبداعي. كما يفعل رائد الأعمال، كريس مايرز، والذي قال في تقرير على موقع "فوربس" أنه استفاد من مرات غضبه، حين ما استغلها لحشد الآخرين حول قضيته أو هدفه، لأن الغضب عاطفة عالمية، وينجذب لها ملايين الغاضبين، ومناصرو الحقوق. استعد سيطرتك: استعد شعورك بالاتساق مع أهدافك، واستقلاليتك، ودوافعك لتحقيق الهدف بعد تعرضك لتجربة الفشل، ومنها إلى استعادة احترامك لذاتك، وسيطرتك على مجريات حياتك، وتلك الأخيرة ستتحقق نتيجة سعيك وراء هدفك. حرر غضبك: يرتبط كبت الغضب بالسلوكيات المدمرة للذات والآخرين، لذلك لا تدع مشاعرك لتعالج نفسها، لكن نظمها من خلال ممارسة المشي، أو الجري، أو صعود سلالم منزلك، أو رفع أوزان متوسطة. ويمكنك أيضًا ممارسة تمرين تنفس كلما راودتك أفكار تدميرية، فقط افتح كفيك، والمس خنصرك بالإبهام في يدك اليمنى، وخذ شهيقا، ثم خذ زفيرا بينما يلمس خنصرك الإبهام في يدك اليسرى، أكمل بالتتابع لبقية أصابعك، ثم أعد الكرة عكسيا ليكون الخنصر آخر أصابعك.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أبرزها مصر والإمارات.. كيف تستغل القوى الإقليمية الحرب السودانية لتحقيق مكاسبها؟

يشهد السودان واحدة من أكثر الحروب دموية في العالم، والتي دخلت عامها الثاني، في ظل تنافس داخلي بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وتدخلات إقليمية ودولية تسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية من النزاع. ومع تزايد الأزمات الإنسانية، تبرز أسئلة حول تأثير القوى الكبرى على مستقبل السودان.

تصعيد داخلي وتحولات ميدانيةاعلان

اندلعت الحرب بالسودان في نيسان/ أبريل 2023 بعد توتر طويل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وفي كانون الثاني/ يناير 2024، وجهت الولايات المتحدة اتهامات رسمية لقوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية.

كما فرضت عقوبات على قائد القوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، متهمة قواته بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق تشمل القصف العشوائي للبنية التحتية المدنية واستخدام الأسلحة الكيميائية. 

ورغم الاتهامات الموجهة للطرفين، يبدو أن القوات المسلحة السودانية قد استعادت زمام المبادرة. فقد استعاد الجيش السيطرة على العاصمة الخرطوم ومعظم ولاية الجزيرة الاستراتيجية، ما أدى إلى إضعاف قوات الدعم السريع.

الجنرال السوداني عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية.Hussein Malla/ AP

وترى المحللة السودانية خلود خير أن التطورات الأخيرة قد تكون نقطة تحول لصالح الجيش، مؤكدة أن موارد قوات الدعم السريع بدأت تُستنزف بشكل كبير. 

مصالح دولية وتدخلات إقليمية

تتصارع القوى الإقليمية والدولية على الاستفادة من الصراع السوداني. الإمارات ومصر هما من أبرز اللاعبين، اذ تدعم الأولى قوات الدعم السريع، بينما تدعم الثانية القوات المسلحة السودانية. 

تربط الإمارات مصالح اقتصادية وثيقة بقوات الدعم السريع، خصوصاً في تجارة الذهب. وتُعد الإمارات واحدة من أكبر مستوردي الذهب السوداني، وتوفر لقوات الدعم السريع دعماً عسكرياً ومالياً مقابل تصدير الذهب.

من ناحية أخرى، تعتمد مصر على السودان لتأمين جزء من مواردها الذهبية، وتشير تقارير إلى ازدهار تجارة تهريب الذهب عبر الحدود الشمالية للسودان. 

قوات الدعم السريع في منطقة شرق النيل عام 2019.Hussein Malla/ AP

وإلى جانب المصالح الاقتصادية، يلعب الموقع الجيوسياسي للسودان دوراً محورياً. الإمارات تسعى لتعزيز سيطرتها على الموانئ السودانية، في محاولة لتقويض نفوذ السعودية في المنطقة. في الوقت نفسه، تضغط روسيا وإيران للوصول إلى ميناء بورتسودان، حيث تُستخدم هذه الورقة كورقة مساومة للحصول على دعم دولي. 

أزمة إنسانية متفاقمة

بينما تتنافس القوى الكبرى على موارد السودان، يعاني المدنيون من أزمة إنسانية حادة. نزح الملايين من السودانيين إلى دول الجوار، مع استقبال مصر النصيب الأكبر منهم. ومع ذلك، يُلقي الاقتصاد المصري المتدهور بظلاله على اللاجئين، حيث تُحمل الحكومة المصرية التدفق السكاني السوداني مسؤولية تفاقم أزماتها. 

وفي الداخل، يتعرض المدنيون لانتهاكات مروعة من جميع الأطراف. تقارير الأمم المتحدة تؤكد ارتكاب الطرفين جرائم حرب كبرى، بينما تشير الاتهامات الأمريكية إلى ارتكاب قوات الدعم السريع إبادة جماعية.

مجموعة من الأشخاص يصعدون إلى شاحنة أثناء مغادرتهم الخرطوم، السودان، في عام 2023.AP

وعلى الرغم من ذلك، يخشى محللون أن يؤدي التركيز على طرف واحد إلى زيادة تعقيد النزاع وإطالة أمد الحرب. 

الدور الدولي ومستقبل النزاع

تتداخل المصالح الدولية في السودان مع تنافسات إقليمية، اذ تسعى دول مثل الإمارات وروسيا لتعزيز نفوذها على حساب قوى أخرى. الإمارات تستثمر في الموانئ السودانية، بينما ترى روسيا في السودان فرصة لتعويض خسائرها في سوريا وليبيا. 

Relatedالحرب الأهلية في السودان تخلّف أزمة إنسانية غبر مسبوقة: 150 ألف قتيل و12 مليون نازحعلى ضفاف رحمة الطبيعة.. الفيضانات تشرّد 379 ألف في جنوب السودانالسودان: المجاعة آخذة في الازدياد والأزمة تتعمق.. ضحاياها الأساسيون ما بين لاجئ ونازح

من جهة أخرى، يرى محللون أن غياب استراتيجية دولية واضحة لحل النزاع يزيد من تعقيده. خلود خير تشير إلى أن المجتمع الدولي تجاهل علامات التحذير التي سبقت اندلاع الحرب، وركز على مصالحه الخاصة، مثل الهجرة والأمن في البحر الأحمر، متجاهلاً التوترات الداخلية. 

ورغم التنافس الدولي، يظل الحل السياسي هو الخيار الوحيد لإنهاء معاناة السودان. ومع ذلك، تبدو الأطراف الدولية أكثر اهتماماً بتحقيق مكاسبها الخاصة بدلاً من العمل على إنهاء النزاع.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية احتفالات بسيطرة الجيش السوداني على مدينة ود مدني الاستراتيجية ومعقل قوات الدعم السريع بايدن يستبق ولاية ترامب ويمدد ل 18 شهرا إقامة 800 ألف مهاجر من فنزويلا والسلفادور وأوكرانيا والسودان الولايات المتحدة تفرض عقوبات على 7 شركات مرتبطة بقوات الدعم السريع في السودان قوات الدعم السريع - السودانجمهورية السودانروسياالإمارات العربية المتحدةاقتصادمصراعلاناخترنا لكيعرض الآنNextعاجل. تصعيد متواصل في جنين: 12 قتيلا ونزوح قسري لمئات العائلات وسط تأكيد واشنطن دعمها الثابت لتل أبيب يعرض الآنNextعاجل. في اتصال مع ترامب.. بن سلمان يعلن عن خطة لاستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال 4 سنوات يعرض الآنNext واشنطن تعيد إدراج جماعة أنصار الله الحوثيين على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" يعرض الآنNext في موقع إعدام موسوليني.. طلاب إيطاليون يعلقون دمية لإيلون ماسك ردا على خطابه المستفز يعرض الآنNext ماكرون وشولتس يدعوان لوحدة أوروبية في مواجهة تهديدات ترامب الجمركية اعلانالاكثر قراءة تركيا: حصيلة ضحايا حريق منتجع التزلج ترتفع إلى 76 قتيلاً وأردوغان يتوعد بمحاسبة من كان السبب الحرائق تكتسح شمال سان دييغو.. إجلاء طارئ للمنطقة بسبب النيران المدمرة من دافوس.. وزير الخارجية السوري يدعو لرفع العقوبات ويؤكد طموح سوريا لأن تصبح نموذجاً للسلام والتنمية ترامب: لا أسعى لإيذاء روسيا وأحب الشعب الروسي وعلى بوتين إيقاف "الحرب السخيفة" فيه شفاء للناس ويقوم مقام الفياغرا أو هكذا قال مروّجوه.. فرنسا تشن حربا على "عسل الانتصاب" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبضحاياغزةألمانياروسيافلاديمير بوتينبشار الأسدجريمةطعنإيرانإسرائيلحروبالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • محافظ قنا: الحروب النفسية عبر نشر الرسائل السلبية بداية انهيار الشعوب
  • برج الثور وحظك اليوم الجمعة 24 يناير 2025.. استغل طاقتك لتحقيق أهدافك
  • "مهينة".. تهديد ترامب لموسكو بشأن أوكرانيا يثير الغضب
  • أبرزها مصر والإمارات.. كيف تستغل القوى الإقليمية الحرب السودانية لتحقيق مكاسبها؟
  • شعر الجليد.. ظاهرة غريبة تُحير العلماء منذ أكثر من 100 عام (فيديو)
  • عرقاب يُناقش تبادل الخبرات بين الشركات الجزائرية والألمانية
  • الدفاع الجديدي يقيل مدربه زكرياء عبوب بعد توالي النتائج السلبية
  • تأخر التعويضات يُشعل الغضب في جنوب لبنان ويضع حزب الله تحت الضغط
  • تحذيرات من عمليات احتيال تستغل شهرة شوكولاتة دبي
  • كاسبرسكي تحذر من عمليات خداع تستغل شوكولاتة دبي الشهيرة