أخي المسلم الذي تغتاب إخوانك وأرحامك وأصدقائك هل ترضى أن أحدًا من البشر يذكرك بالسوء وبما لا ترضى ولا يرضى الله؟!.. إذن تفكر لحظة وراجع نفسك على انتهاك أعراض البشر والخوض في أعراض اخوانك، قال الله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء ـ 36(.
الغيبة هي أشد الامراض وأعظمَ العذاب، فقد صَحَّ فيها أنَّها أربى الرِّبا، وأنها لو مُزجِت بماء البحر لأنتنتْه وغيَّرت رِيحَه، وأنَّ أهلها يأكُلون الجِيَف في النار، وأنَّ لهم رائحةً مُنتِنة فيها، وأنهم يُعذَّبون في قبورهم، والغِيبة من الكبائر.
ولقد ذُكرتِ امرأةٌ لرسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم) ذُكِرت بكثرةِ صلاحها وصومها، ولكنَّها تُؤذِي جيرانها بلسانها، فقال: هي في النار(، قالت عائشة ـ رضي الله عنها: قلت للنبي ـ صلَّى الله عليه وسلَّم: حسبُك من صفيَّة كذا وكذا، قال بعض الرواة: تعني قصيرة، فقال ـ صلوات الله وسلامه عليه:(لقدْ قلتِ كلمةً لو مُزِجت بماء البحر لمزجتْه في) أي: لأنتنتْه وغيَّرت ريحه، وعن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم) قال في خطبته في حجة الوداع:(إنَّ دماءَكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ، كحرمة يومكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدكم هذا، ألاَ هل بلغْتُ؟.(
يقول ابن عبَّاس ـ رضي الله عنه:(إذا أردتَ أن تذكر عيوبَ صاحبك، فاذكرْ عيوبك)، وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):(يُبصِر أحدُكم القذاةَ في عين أخيه، ولا يبصر الجِذْع في نفسه)، فعلى المسلم أن يتبع الأمر الرباني والهدي النبوي في أثناء حديثه ويحفظ جميع جوارحه وخاصة لسانه عن ما حرَّمَ الله، قال أبو عاصم النبيل: لا يذكر في الناس ما يكرهونه إلا سفلة لا دين لهم، قال عبدالله بن وهب: نذرت أني كلما اغتبت إنسانًا أن أصوم يومًا، فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانًا أن أتصدَّق بدرهم، فمن حُبِّ الدراهم تركتُ الغيبة وقال سفيان الثوري: أقل معرفتك بالناس تقل غيبتك قال أكتم بن صيفي لبنيه: إياكم والنميمة، فإنها نار محرقة، وإن النمام ليعمل في ساعة ما لا يعمل الساحر في شهر، وقال رجل لعمرو بن عبيد: إني لأرحمك مما يقول الناس فيك قال: أفتسمعني أقول فيهم شيئاً ؟ قال: لا قال: إياهم فارحم. قيل لعبدالله بن المبارك: إذا صليت لم لا تجلس معنا؟ قال: ما أصنع معكم، أنتم تغتابون الناس.
فاحذر الغيبة فإنها مزرية في الدنيا بصاحبها ومخزية له في الآخرة والذي يخوض في اعراض البشر لأبد من أتخاذ قرارًا من هذه اللحظة قرار في نفسه أن كل كلمة وكل حركة تكون بعيدًا عن الغيبة وفي ذكر محاسن اخواننا ومع كل من يجلس معنا في أي مجلس نقف معه موقفًا شديدًا وحازمًا ونوجه بخطورة الغيبة وإخواننا الذين يغتابهم بل يجب ان لا ننسى أولادنا وننبههم بخطورة الغيبة ومغادرة هذه المجالس التي تكثر فيها الهرج والغيبة، لأن خطرها سوف يمتد إلى أجيالنا من بعدنا، لذا علينا أن نحفظ ونصون جوارحنا عن لغو الحديث الذي يهتك أعراض الناس قال تعالى:(وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) (الهمزة ـ 1)، وقال تعالى:(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (الانعام ـ 68).
إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري
كاتب عماني
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ـ رضی الله
إقرأ أيضاً:
التواضع زينة الأخلاق.. تأملات في قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}
التواضع سمة عظيمة تزين الإنسان وترفع قدره بين الناس، وهو خلق دعا إليه الإسلام وأكد عليه القرآن الكريم في مواضع عديدة، ومن أبلغ هذه الدعوات ما ورد في قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].
التواضع في القرآن الكريمفي هذه الآية الكريمة، يوجه الله تعالى الإنسان إلى التحلي بفضيلة التواضع، محذرًا من مظاهر الكبر والغرور التي تتنافى مع جوهر الإيمان. فقد نهى الله عز وجل عن صعر الوجه، وهو الميل به عن الناس تكبرًا واحتقارًا لهم، كما نهى عن المشي في الأرض بمرح وأشر، لأن ذلك يعكس غطرسة لا تليق بالإنسان المؤمن.
وقد جاء في تفسير الإمام النسفي: أن المقصود بـ {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ} هو الإقبال على الناس بوجه بشوش وعدم إظهار التعالي عليهم. أما {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}، فهو تحذير من المشي بغرور وتفاخر، لأن الله لا يحب المتكبر الذي يعدد مناقبه ويتفاخر على الآخرين.
التواضع في السنة النبويةالتواضع خلق عظيم تجسد في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان خير قدوة في معاملته للناس. فقد كان يجالس الفقراء ويزور المرضى ويجيب دعوة الضعفاء. وقال صلى الله عليه وسلم: "وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ" [رواه مسلم].
أثر التواضع في بناء المجتمعالتواضع لا يقتصر على كونه خلقًا فرديًا، بل هو ركيزة أساسية في بناء مجتمع متحاب ومتسامح. فالإنسان المتواضع يُحبّه الناس ويقتربون منه، بينما ينفرون من المتكبر الذي لا يرى سوى نفسه.
كيف نطبق التواضع في حياتنا اليومية؟استقبال الآخرين بوجه بشوش: كن ودودًا وبشوشًا في تعاملك مع الجميع، بغض النظر عن مكانتهم أو حالتهم الاجتماعية.
الاعتراف بفضل الآخرين: لا تجعل النجاح يدفعك لتقليل قيمة من حولك، بل اشكر من ساعدك وأثنِ على جهودهم.
التواضع في الحديث: تجنب التفاخر بإنجازاتك أمام الآخرين، وشاركهم قصصك بروح متواضعة.
الإنصات للآخرين: اجعل وقتًا للاستماع لآراء من حولك، واحترم أفكارهم دون تقليل من شأنها.
التواضع خلق عظيم يجلب المحبة والقبول، وهو مفتاح السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة. فلنجعل من هذه الآية الكريمة نبراسًا نهتدي به في تعاملاتنا اليومية، ولنتذكر أن الكبر لا يزيد الإنسان إلا بعدًا عن الآخرين وعن رحمة الله.