جريدة الوطن:
2025-02-02@14:33:59 GMT

خوارزميات غزة .. الممكن وغير الممكن

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

خوارزميات غزة .. الممكن وغير الممكن

بالمفهوم الَّذي يفيد أنَّ الخوارزميَّات هي سلسلة خطوات منطقيَّة ومتسلسلة لإجراء حسابي ما، يكُونُ المنهج المعتمَد من المقاومة الفلسطينيَّة خوارزميًّا في التصدِّي للنَّزعة العنصريَّة التدميريَّة الَّتي دأب عَلَيْها الإسرائيليون.
لقَدْ تعدَّدت إنجازات المقاومة في المواجهة وتنوَّعت أساليبها في الردِّ الحاسم الَّذي فاقَ التصوُّرات في إرباكه تقديرات مؤسَّسات ومراكز بحث كانت تُقيِّم قناعاتها، أنَّ هذه المقاومة شاخت وباتَتْ تميل إلى التسويات والمهادنة وارتضاء الوصول إلى تفاهمات بغطاءات إقليميَّة ودوليَّة مُعيَّنة لا تُشكِّل أيَّ خطرٍ جدِّيٍ على «إسرائيل» الأمْرُ الَّذي يُزيح عن كاهلها الخوف من مفاجآت يُمكِن أن تُعِيدَ خلط الأوراق، خصوصًا مع قناعاتها أنَّ الردَّ بالكثافة النَّاريَّة وإنزال المزيد من الخسائر في صفوف المَدنيِّين الفلسطينيِّين هو الرادع وإحداث الترويع اللازم، لذلك اعتمدت القوّة الإسرائيلية على القتل والتدمير والتجويع والعزْلِ والتهجير ونسْفِ منازل عوائل المقاومين مع تكوين تراكميَّة دالَّة على ذلك بزعم أنَّ العبَث بالمقدرات الفلسطينيَّة مع المزيد من الإمعان والتشفِّي لا بُدَّ أن يعطيَ أرباحًا وازنةً لَهُمْ تستطيع التحييد إن لَمْ يكُنِ الاستسلام الكُلِّي للمشروع الاستيطاني الصهيوني.


لقَدْ أقام الإسرائيليون رؤيتهم العنصريَّة هذه، وامتنعوا عن الإصغاء إلى كُلِّ ما يعارض هذا التوجُّه بما في ذلك أكثر من 300 قرار وتوصية دوليَّة تُقرُّ بحقوق الشَّعب الفلسطيني.
لقَدْ أغفل الإسرائيليون حقيقة أنَّ المقاومة ليست عاقرًا، بل خصبة ولَّادة، وذات ذاكرة مُبدعة لِتحطيمَ غرور القوة لدى الإسرائيليِّين.
في الواقع سَقطَ الرَّدع الإسرائيلي جملةً وتفصيلًا، ولك فحسب أن تدرسَ، كيف تلقَّى العمل الاستخباري الإسرائيلي الصَّدمة، وكيف لَمْ تَعُد الماكينة الإعلاميَّة الَّتي تُروِّج للإسرائيليِّين صانعةَ رأيٍ عامٍّ، وكيف أنَّ المقاومة في غزَّة قادرة على المطاولة بمفاجآت في وصول صواريخها إلى العُمق الإسرائيلي بعد مُضيِّ شهر على الحرب، وكيف تراجع كُلِّيًّا مشروع تهجير سكَّان غزَّة إلى خارجها، وكيف باتَتِ القناعة عالَميًّا تتشكَّل بالمزيد من الوقائع عن النَّازيَّة الصهيونيَّة بعد أن كانت تتسلَّى تمثيليًّا بِدَوْر الضحيَّة.
إنَّ الإنجازات الَّتي تحقَّقت للمقاومة الفلسطينيَّة في السَّابع من تشرين الأوَّل 2023 صنعت قاعدة أمل قويِّ في إنصاف حقِّ الشَّعب الفلسطيني بتقرير مصيره بعد أن صوَّتَت على قرار في الأُمم المُتَّحدة (140) دَولة بالدَّعوة إلى وقف الحرب وامتناع (45) دَولة عن التصويت ورفض (14) دَولة للقرار، على رأس هذا العدد القليل، الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة.
إنَّ القراءة الدَّقيقة والمتأنِّية للمداولات الَّتي جرت تحت سقف المنظَّمة الدوليَّة خلال الأيَّام القليلة الماضية تكشف بالدليل القاطع كيف تبَلْوَر موقفٌ عالَمي وازن يمنع البقاء عِنْد حدود التمنِّي الَّذي قَدْ يجرُّ منطقة الشَّرق الأوسط إلى حرب عالَميَّة طاحنة مدمِّرة بنتائج مُرعِبة.
إنَّ الانتظار الإسرائيلي من خلال اللعب بالكثافة النَّاريَّة مضيعة واضحة للإسرائيليِّين أوَّلًا وإلَّا كيف لا يكون يأسًا إسرائيليًّا خالصًا حين يقول إلياهو وزير التراث الإسرائيلي، إنَّ الخلاص من غزَّة يقتضي ضربها بقنبلة نوويَّة مع عِلْمِه المُسبق أنَّ ذلك يعني انتحار «إسرائيل» ليس إلَّا.
المعادلات الجديدة، الَّتي تشكَّلت بفضل المقاومة الفلسطينيَّة، رسمت حدود الممكن وغير الممكن للسَّلام العادل في المنطقة وتلك أولى النتائج.
المُمكن اندحار الاحتلال والذَّهاب إلى سلام عادل يتمُّ فيه الاعتراف الكامل بحقِّ الفلسطينيِّين في إقامة دَولتهم الَّتي عاصمتها القدس الشرقيَّة، كما أعتقد جازمًا أنَّ أولى الخطوات إفراغ أقفاص الأسرى الفلسطينيِّين من ساكنيها مقابل إفراج المقاومة الفلسطينيَّة عن أسرى الإسرائيليِّين، أمَّا غير المُمكن فهو تشبُّث حكومة نتنياهو بأجندة الذَّاكرة العنصريَّة المغلقة الَّتي تسبَّبت للإسرائيليين بورمٍ غير حميدٍ.

عادل سعد
كاتب عراقي
abuthara@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

مؤمن الجندي يكتب: رقصة الممكن والمستحيل

الحلم هو الشرارة الأولى لكل إنجاز، وهو الضوء الذي يشق ظلام العادي والمألوف، يحرك القلوب الطامحة والعقول المتوثبة، لكنه في الوقت ذاته قد يكون وهمًا زائفًا إذا لم يزِن المرء خطاه بين الحلم والإمكان.. فمتى يكون الحلم وقودًا للنجاح، ومتى يكون عبئًا يسحب صاحبه إلى هاوية الخيبة؟

مؤمن الجندي يكتب: بين العرق والذهب وصمت الكادحين مؤمن الجندي يكتب: كيف يُروى الغياب بعد الرحيل؟ مؤمن الجندي يكتب: بالونة مزدوجة مؤمن الجندي يكتب: انكسار روح

قد يقف الإنسان على ضفة الطموح، ناظرًا إلى الضفة الأخرى حيث المجد والعظمة، لكنه ينسى أن بينهما نهرًا عميقًا يحتاج إلى قارب متين ليعبره.. كثيرون غرقوا لأنهم قفزوا في النهر دون أن يتعلموا السباحة، وآخرون ظلوا واقفين على الضفة مكتفين بالنظر، فحُرموا حتى من المحاولة.. إن الحلم بلا تخطيط كأشرعة بلا ريح، وكطائر يحاول الطيران بجناح مكسور.

إنه لمن السذاجة أن يضع المرء نفسه في مضمار سباق لا يمتلك له عُدة، متجاهلًا إمكانياته وظروفه، معتقدًا أن الرغبة وحدها كافية لعبور المستحيل.. هنا يتحول الحلم إلى خدعة، والوهم إلى قيد يسلب الإنسان راحته، فيبقى أسيرًا بين نار التمني ومرارة العجز.

وأرى اليوم أحلام جماهير الزمالك لا تزال تحلق في السماء، لكن واقع النادي يسحبها إلى الأرض بقوة، إذ لا الوضع المالي يسمح ببناء فريقٍ قادر على المنافسة، ولا تحركات مجلس الإدارة المنتخب تعكس طموح المدرجات التي تنتظر المعجزات، فيما يبقى الهجوم الجماهيري، رغم شدته، بلا تأثير فعلي إن لم يصاحبه تغيير حقيقي في آليات الإدارة واتخاذ القرار.. بين الحلم والواقع فجوة تتسع، وبين الأمل والغضب تتأرجح جماهير تبحث عن نادٍ يعكس تاريخه، لا أن يكون مجرد ذكرى لأمجاد مضت.

الاعتراف بالواقع.. فضيلة لا استسلام

ومن وجهة نظري، أن تعترف بحدود إمكانياتك لا يعني أن تتخلى عن طموحك، بل يعني أن تفهم أدواتك وتحسن استخدامها.. ليست كل الأبواب تُفتح بالقوة، أحيانًا تحتاج إلى المفتاح الصحيح! والقفز فوق الواقع بلا حساب قد يكون سقوطًا مدويًا لا نهوض بعده.

في النهاية، الواقعية ليست قتلًا للأحلام، بل هي غربلة لها، تمييز بين الحلم القابل للتحقيق والوهم الذي لا طائل منه.. فالناجحون هم أولئك الذين عرفوا كيف يمدون جسورًا بين الحلم والواقع، فلم يكونوا عبيدًا لأحلام غير قابلة للتحقيق، ولم يكونوا أسرى للخوف من الطموح.

قبل أن تغامر، اسأل نفسك هل هذا الحلم يستحق أن أرهق ذاتي لأجله؟ وهل لدي العزيمة والإمكانات لبلوغه؟ وإن لم أملكها الآن، هل أستطيع أن أكتسبها؟ إن كانت الإجابة نعم، فانطلق ولا تخف.. وإن كانت لا، فابحث عن حلم آخر أكثر واقعية، فأحيانًا يكون إدراك حدودنا أعظم إنجاز نحققه.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل أعمالها الاستفزازية بحق الشعب الفلسطيني
  • حتى لا يكسر العدوان الإسرائيلي معنويات السوريين
  • بالفيديو .. الأسير الإسرائيلي سيغال يشكر القسام
  • مخططات العدو الصهيوني تصطدم بالإرادة الحرة للشعب الفلسطيني
  • المقاومة السورية تعلن بدء عملياتها ضد الاحتلال الإسرائيلي والشرع
  • رئيس حماس في غزة: هيبة الاحتلال الإسرائيلي سقطت وهزيمته باتت ممكنة
  • في الجولان..موالون للأسد في سوريا يفتحون النار على الجيش الإسرائيلي
  • في رحلة العودة.. الغزاويون يحطمون أحلام العدو الإسرائيلي
  • مؤمن الجندي يكتب: رقصة الممكن والمستحيل
  • شاهد | المقاومة الفلسطينية تنتزع حرية أسراها رغماً عن العدو الإسرائيلي