خوارزميات غزة .. الممكن وغير الممكن
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
بالمفهوم الَّذي يفيد أنَّ الخوارزميَّات هي سلسلة خطوات منطقيَّة ومتسلسلة لإجراء حسابي ما، يكُونُ المنهج المعتمَد من المقاومة الفلسطينيَّة خوارزميًّا في التصدِّي للنَّزعة العنصريَّة التدميريَّة الَّتي دأب عَلَيْها الإسرائيليون.
لقَدْ تعدَّدت إنجازات المقاومة في المواجهة وتنوَّعت أساليبها في الردِّ الحاسم الَّذي فاقَ التصوُّرات في إرباكه تقديرات مؤسَّسات ومراكز بحث كانت تُقيِّم قناعاتها، أنَّ هذه المقاومة شاخت وباتَتْ تميل إلى التسويات والمهادنة وارتضاء الوصول إلى تفاهمات بغطاءات إقليميَّة ودوليَّة مُعيَّنة لا تُشكِّل أيَّ خطرٍ جدِّيٍ على «إسرائيل» الأمْرُ الَّذي يُزيح عن كاهلها الخوف من مفاجآت يُمكِن أن تُعِيدَ خلط الأوراق، خصوصًا مع قناعاتها أنَّ الردَّ بالكثافة النَّاريَّة وإنزال المزيد من الخسائر في صفوف المَدنيِّين الفلسطينيِّين هو الرادع وإحداث الترويع اللازم، لذلك اعتمدت القوّة الإسرائيلية على القتل والتدمير والتجويع والعزْلِ والتهجير ونسْفِ منازل عوائل المقاومين مع تكوين تراكميَّة دالَّة على ذلك بزعم أنَّ العبَث بالمقدرات الفلسطينيَّة مع المزيد من الإمعان والتشفِّي لا بُدَّ أن يعطيَ أرباحًا وازنةً لَهُمْ تستطيع التحييد إن لَمْ يكُنِ الاستسلام الكُلِّي للمشروع الاستيطاني الصهيوني.
لقَدْ أقام الإسرائيليون رؤيتهم العنصريَّة هذه، وامتنعوا عن الإصغاء إلى كُلِّ ما يعارض هذا التوجُّه بما في ذلك أكثر من 300 قرار وتوصية دوليَّة تُقرُّ بحقوق الشَّعب الفلسطيني.
لقَدْ أغفل الإسرائيليون حقيقة أنَّ المقاومة ليست عاقرًا، بل خصبة ولَّادة، وذات ذاكرة مُبدعة لِتحطيمَ غرور القوة لدى الإسرائيليِّين.
في الواقع سَقطَ الرَّدع الإسرائيلي جملةً وتفصيلًا، ولك فحسب أن تدرسَ، كيف تلقَّى العمل الاستخباري الإسرائيلي الصَّدمة، وكيف لَمْ تَعُد الماكينة الإعلاميَّة الَّتي تُروِّج للإسرائيليِّين صانعةَ رأيٍ عامٍّ، وكيف أنَّ المقاومة في غزَّة قادرة على المطاولة بمفاجآت في وصول صواريخها إلى العُمق الإسرائيلي بعد مُضيِّ شهر على الحرب، وكيف تراجع كُلِّيًّا مشروع تهجير سكَّان غزَّة إلى خارجها، وكيف باتَتِ القناعة عالَميًّا تتشكَّل بالمزيد من الوقائع عن النَّازيَّة الصهيونيَّة بعد أن كانت تتسلَّى تمثيليًّا بِدَوْر الضحيَّة.
إنَّ الإنجازات الَّتي تحقَّقت للمقاومة الفلسطينيَّة في السَّابع من تشرين الأوَّل 2023 صنعت قاعدة أمل قويِّ في إنصاف حقِّ الشَّعب الفلسطيني بتقرير مصيره بعد أن صوَّتَت على قرار في الأُمم المُتَّحدة (140) دَولة بالدَّعوة إلى وقف الحرب وامتناع (45) دَولة عن التصويت ورفض (14) دَولة للقرار، على رأس هذا العدد القليل، الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة.
إنَّ القراءة الدَّقيقة والمتأنِّية للمداولات الَّتي جرت تحت سقف المنظَّمة الدوليَّة خلال الأيَّام القليلة الماضية تكشف بالدليل القاطع كيف تبَلْوَر موقفٌ عالَمي وازن يمنع البقاء عِنْد حدود التمنِّي الَّذي قَدْ يجرُّ منطقة الشَّرق الأوسط إلى حرب عالَميَّة طاحنة مدمِّرة بنتائج مُرعِبة.
إنَّ الانتظار الإسرائيلي من خلال اللعب بالكثافة النَّاريَّة مضيعة واضحة للإسرائيليِّين أوَّلًا وإلَّا كيف لا يكون يأسًا إسرائيليًّا خالصًا حين يقول إلياهو وزير التراث الإسرائيلي، إنَّ الخلاص من غزَّة يقتضي ضربها بقنبلة نوويَّة مع عِلْمِه المُسبق أنَّ ذلك يعني انتحار «إسرائيل» ليس إلَّا.
المعادلات الجديدة، الَّتي تشكَّلت بفضل المقاومة الفلسطينيَّة، رسمت حدود الممكن وغير الممكن للسَّلام العادل في المنطقة وتلك أولى النتائج.
المُمكن اندحار الاحتلال والذَّهاب إلى سلام عادل يتمُّ فيه الاعتراف الكامل بحقِّ الفلسطينيِّين في إقامة دَولتهم الَّتي عاصمتها القدس الشرقيَّة، كما أعتقد جازمًا أنَّ أولى الخطوات إفراغ أقفاص الأسرى الفلسطينيِّين من ساكنيها مقابل إفراج المقاومة الفلسطينيَّة عن أسرى الإسرائيليِّين، أمَّا غير المُمكن فهو تشبُّث حكومة نتنياهو بأجندة الذَّاكرة العنصريَّة المغلقة الَّتي تسبَّبت للإسرائيليين بورمٍ غير حميدٍ.
عادل سعد
كاتب عراقي
abuthara@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
المجلس العلمي يتحفظ على إلغاء التعصيب والتوارث بين المسلم وغير المسلم والنسب
قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية اليوم إن المجلس العلمي الأعلى تخفظ على ثلاثة قضايا رفعت إليه لابداء رأيه وهي: استعمال الخبرة الجينية للالحاق النسب، بالنسبة للعلاقة غير الشرعية لكن وافق على تحميل مسؤولية النفقة للرجل المعني، كما تحفظ على إلغاء العمل بقاعدة التعصيب، لكنه فتح باب الهبة و أيضا تحفظ على التوارث بين المسلم وغير المسلم مع إمكانية الهبة.
المجلس أبدى موافقته الشرعية على عدة تعديلات أخرى، إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك.
طما وافق على تخويل الأم الحاضنة النيابة “القانونية” عن أطفالها.
واعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية.
ووجوب النفقة على الزوجة بمجرد العقد عليها.
وإيقاف بيت الزوجية عن دخوله في التركة، وجعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهما، ديونا مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك الذي بينهما، وبقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها.
وقال وزير الأوقاف ان العلماء فوضوا للملك النظر في ما أبدوه من الآراء وذلك من زاوية “المصلحة” التي هي المقصد الأسمى للدين، والتي يعتبر ولي الأمر أحسن من يقدرها، لثقتهم بالتبصر الذي يميز الإمامة العظمى، وحرص أمير المؤمنين على التوفيق في المسيرة الإصلاحية التي يقودها، بكل حكمة وبعد نظر، بين المحافظة على الثوابت الدينية والوطنية، والسعي لتحقيق المزيد من الكرامة والعزة والإنصاف لرعاياه الأوفياء، في مراعاة للتطورات التي يعرفها المجتمع المغربي.
كلمات دلالية المغرب مدونة الأسرة