الجزيرة:
2025-01-31@18:00:48 GMT

مقتلة غزة.. حين تعرّى الجميع

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

مقتلة غزة.. حين تعرّى الجميع

لم يفاجئني أو يصدمني تصريحُ وزير التراث الإسرائيليّ "عميحاي إلياهو" الذي طالبَ فيه بضرب قطاع غزّة بقنبلة نوويّة والتخلّص من الفلسطينيين كافةً. بل إن تصريحه هو التطوُّر الطبيعيّ للمقتلة التي تجري في قطاع غزّة، ونتابعها على الهواء مباشرة صوتًا وصورة، دون أن يتحرّك أحد بجدّية لإيقافها. تصريحُ عميحاي يأتي في سياق أوسع من الشراكة الغربية، وليس فقط التواطؤ، قولًا وفعلًا فيما يجري بقطاع غزة، وهو- قطعًا- ليس نشازًا أو غريبًا عنه.

فإذا كان مقتل ما يزيد على عشرة آلاف شخص- أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، وإصابة الآلاف، وهدم ما يقرب من نصف المنازل والبيوت في قطاع غزة على رؤوس أصحابها- لم يحرّك ساكنًا سواء لدى العرب أو الغرب، فماذا نتوقّع من مسؤول صهيونيّ متطرف؟!

حقيقة الأمر، فإن مقتلة غزة عرّت وكشف سوءات الجميع شرقًا وغربًا، ولم ينجُ من ذلك سوى ضحاياها الذين سقطوا ودفعوا أرواحهم ثمنًا للحرية ضد محتل متطرف ومجنون. فشل العرب جميعًا في توفير الحماية لشعب غزّة الأعزل، ولم يجرؤُوا على اتخاذ موقف قوي يمكنه ردع إسرائيل ووقف جرائمها. وظلت مطالبهم بوقف إطلاق النار مجرد كلمات تتكسّر على صخرة التواطؤ و"الفيتو" الأميركيّ.

عرّت مقتلة "غزة" الكثير من ادعاءات الغرب وإعلامه ونخبته حول احترام حقوق الإنسان. وقد سقطت وسائل الإعلام الغربية سقوطًا مروّعًا في فخّ الانحياز الأعمى للرواية الإسرائيلية الكاذبة

خمس دول عربية تطبّع علاقاتها مع الكيان ولم تجرؤ إحداها على استدعاء سفير الكيان لديها؛ لإبلاغه احتجاجها على ما يجري في قطاع غزة، ناهيك عن سحب سفيرها من تل أبيب أو التهديد بقطع العلاقات. سحبت الأردن سفيرها بعد مرور شهر على المقتلة وبعد سقوط الآلاف من الضحايا ما بين شهداء ومصابين، ولكن إسرائيل لم تكترث أو تهتمّ واستمرت في مسلسل القصف والقتل.

جاء وزير الخارجية الأميركي بلينكن للمنطقة، ليس لوقف الحرب وإنقاذ بعضٍ مما تبقى من ماء وجه بلاده، ولكن لتقديم الغطاء وشراء الوقت لإسرائيل من أجل ارتكاب المزيد من المذابح والمجازر. جاء وفي جَعبته اقتراح خجول، ومفهوم جديد أدخله في قاموس النزاعات والحروب، اسمه "هدنة إنسانية مؤقتة" Humanitarian Pause.

لم يجرؤ الرجل على اقتراح "هدنة طويلة المدى"، وكيف ذلك وهو يشاطر إسرائيل هدفها الأحمق والمجنون بمحاولة القضاء على المقاومة الفلسطينية، ورغم ذلك قرّعه بنيامين نتنياهو ورفض مقترحه بالهدنة الإنسانية، وردّ على مقترحه عمليًا بقصف ثلاثة مستشفيات وعدة مدارس تؤوي نازحين فلسطينيين، وبإسقاط المزيد من القنابل الفسفورية على أطفال ونساء قطاع غزة.

ثم ذهب إلى عمّان كي يكرّر نفس كلامه الممجوج حول حق إسرائيل في الدفاع عن النفس. وهو يعلم جيدًا أن ما تفعله تل أبيب ليس دفاعًا عن النفس، بل هو هجوم جنوني على شعب أعزل ومحاصر منذ أكثر من عقد ونصف. جاء ليكرر أكاذيبه حول استخدام المقاومة أهالي غزة كدروع بشرية، وذلك في تبرير فج لجرائم إسرائيل ضد المدنيين من الأطفال والنساء. وكان تحدث- بوجه بارد قبل زيارته في الكونجرس الأميركي- حول ضرورة دعم إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين، فقاطعه نشطاء أميركيون واتهموه بالتواطؤ مع ما يجري في غزة، مطالبين بوقف إطلاق النار وإنهاء المقتلة فورًا.

يحاول بلينكن، ومن خلفه رئيسه جو بايدن، شراء أكبر قدر ممكن من الوقت لصالح إسرائيل من أجل إتمام عمليتها البرية في قطاع غزة وتهجير سكانها. بايدن- الذي يفخر بكونه صهيونيًا رغم أنه ليس يهوديًا- يتوسل الآن لنتنياهو كي يوافق على مقترح "وقف تكتيكي" للقتال من أجل ضمان السماح للمدنيين بالهروب من جحيم القصف الإسرائيلي.

أما الأكثر دهشة واستغرابًا، فقد جاء قبل يومين حين طلبت إدارة بايدن من الكونجرس الأميركي نقل قنابل دقيقة التوجيه لإسرائيل بقيمة 320 مليون دولار، وذلك بدلًا من القنابل الكبيرة التي تلقيها إسرائيل على الفلسطينيين. أي أن بايدن يقول لنتنياهو: بدلًا من أن تقتل 200 فلسطيني أو أكثر، يمكن أن تكتفي فقط بقتل خمسين فلسطينيًا أو مائة. فيا لعطف بايدن وإنسانيته!!

أيضًا، عرّت مقتلة "غزة" الكثير من ادعاءات الغرب وإعلامه ونخبته حول احترام حقوق الإنسان. وقد سقطت وسائل الإعلام الغربية سقوطًا مروّعًا في فخّ الانحياز الأعمى للرواية الإسرائيلية الكاذبة حول ما يجري في قطاع غزة. وشاهدنا تعليقات المذيعين والمراسلين لكبريات الشبكات الإخبارية مثل (سي إن إن) و(بي بي سي) وغيرهما، وجميعها ينضح بالتحيز الأعمى لإسرائيل، ويتغافل عمدًا عن أصل المشكلة في فلسطين وهو الاحتلال الإسرائيلي. وقرأنا مانشيتات وعناوين لصحف أميركيّة كانت تحظى بقدر من المصداقية مثل واشنطن بوست ونيويوك تايمز وول ستريت جورنال، وهي تدافع عن وحشية وهمجية إسرائيل في قتل الأطفال والنساء والمدنيين.

في حين تابعنا، ولا نزال، حملات التخويف والترويع والاستهداف التي تقوم بها الشبكات الداعمة لإسرائيل داخل الجامعات الغربية، خاصة في أميركا وألمانيا وفرنسا ضد كل من ينتقد جرائم إسرائيل تجاه سكّان قطاع غزّة. بل وقرأنا مقالات في هذه الجرائد تدافع عن الاحتلال الاستيطاني في فلسطين وتهاجم كل من يتحدث عنه أو يناقشه ولو من منظور بحثي وأكاديمي.

ستظل مقتلة غزة شاهدةً على أكبر عملية تواطؤ ضد شعب أعزل، وستظل صور أطفال غزة- الذين قتلتهم إسرائيل بوحشية- كابوسًا يطارد كلَّ مَن كان بإمكانه وقف هذه المقتلة، أو على الأقلّ رفضها وانتقادها، ولم يفعل!

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی قطاع غزة ما یجری

إقرأ أيضاً:

حماس: مماطلة إسرائيل في إدخال المساعدات إلى غزة قد تؤثر على إطلاق سراح المحتجزين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أفادت وكالة الأنباء الفرنسية، نقلًا عن مسؤولين في حماس، بأن مماطلة إسرائيل في إدخال المساعدات إلى غزة قد تؤثر على إطلاق سراح المحتجزين.

وأسفرت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر عن استشهاد أكثر من 47 ألفا وإصابة أكثر من 111 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية ومرافق الحياة الأساسية.

وكان سريان اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وصفقة تبادل المحتجزين والأسرى، قد بدأ يوم الأحد، 19 يناير، وتبلغ المرحلة الأولى منه 42 يومًا.

يذكر أنه تم الإعلان يوم الأربعاء 15 يناير عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة "حماس" والعودة إلى الهدوء المستدام ينفذ على ثلاث مراحل؛ بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية؛ ليبدأ سريان الاتفاق اعتبارًا 19 يناير، وهو ما أعقبه تسليم حماس لثلاث محتجزات إسرائيليات، بجانب إفراج الاحتلال عن 90 أسيرًا فلسطينيًا.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تفرج السبت عن 90 أسيرا فلسطينيا
  • «الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
  • إسرائيل تعترف باستهداف فلسطينيين في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النار
  • مبعوث ترامب يصل إسرائيل لتعزيز وقف إطلاق النار في قطاع غزة.. فيديو
  • رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني في حوار لـ«البوابة نيوز»: القيادة المصرية الحكيمة مارست كل الضغوط على إسرائيل لإيقاف العدوان.. موقف ترامب لن يختلف استراتيجيًا وواقعيًا عن بايدن.. نأمل وضع حد للعدوان
  • وفاة أسيرين فلسطينيين من غزة في سجون إسرائيل
  • ماذا تحمل زيارة المبعوث الأميركي ويتكوف إلى إسرائيل؟
  • السفير السعودي لدى بريطانيا: لن نطبع مع إسرائيل دون حل للقضية الفلسطينية
  • ويتكوف في إسرائيل ويخطط لزيارة ممر نتساريم
  • حماس: مماطلة إسرائيل في إدخال المساعدات إلى غزة قد تؤثر على إطلاق سراح المحتجزين