ثدييات المحيط المتجمد الشمالي تعاني بسبب تغير المناخ والضوضاء
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
قد تبدو الأصوات في المحيطات مألوفة لمن اعتادوا مشاهدة الأفلام الوثائقية التي نقلت لنا بعض جوانب الحياة البحرية، لكن خريطة تلك البيئة الصوتية البحرية يمكن أن توفر ثروة معرفية لعلماء الأحياء البحرية، ويمكن من خلالها رصد التغيرات البيئية، خاصة في ظل التأثيرات الناتجة عن تغير المناخ.
أرخبيل سفالبارد وتأثيرات الأطلنطيفقد ركز بحث جديد، نُشر في دورية "فرونتيرز إن مارين ساينس"، على أرخبيل سفالبارد بالنرويج، وهو موقع مهم في القطب الشمالي شهد ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الجليد البحري خلال العقود الأخيرة، حيث أثرت التغيرات التي تحدث في المحيط "الأطلنطي" على الأرخبيل، وعلى الإنتاج الأولي للكائنات الحية المجهرية في المحيط، مما أثر على السلسلة الغذائية وصولا إلى الكائنات الحية ذات المستوى الأعلى مثل الثدييات البحرية.
وكما يشير التقرير المنشور على موقع "فيز دوت أورغ"، فقد تمت دراسة استجابة المنطقة لظاهرة الاحتباس الحراري السريع من خلال استخدام الميكروفونات البحرية المتخصصة بين عامي 2017 و2020 في موقعين ساحليين أحدها في شرق الأرخبيل والآخر في الغرب، ومن ثم بُني المشهد الصوتي للأرخبيل، مما وثق وجود الثدييات البحرية وأنواعها ودورة تكاثرها.
أرخبيل سفالبارد في القطب الشمالي شهد ارتفاعا في درجات الحرارة وانخفاض الجليد البحري في العقود الأخيرة (غيتي)وقد وفر هذان الموقعان مقارنة مثيرة للاهتمام حيث تستمر الظروف الشبيهة بالقطب الشمالي في الموقع الشرقي مع المياه القطبية الباردة والجليد البحري المنجرف لمعظم العام وما يقرب من نصف المساحة المغطاة في أشهر الذروة من مارس/آذار إلى أبريل/نيسان.
وفي المقابل شهد الموقع الغربي تغيرا سريعا، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري وتدفق مياه المحيط الأطلسي الأكثر دفئا والأكثر ملوحة، مما قلل من تركيز الجليد البحري، وبالتالي وفر مؤشرا لكيفية تصرف الثدييات البحرية في العقود القادمة مع تغير بيئتها المحيطة.
الخريطة الصوتية واختلافاتهاوللوصول إلى تلك النتائج استخدم صامويل لوبيت وزملاؤه في المعهد القطبي النرويجي، مكبرات صوت مائية خاصة مثبتة على مراس ثابتة قادرة على تسجيل ترددات تتراوح بين 10 و16384 هرتزا داخل دائرة نصف قطرها 30 كيلومترا، وذلك لإنتاج مخططات طيفية، وهي تمثيل مرئي للموجات الصوتية.
وكان المشهد الصوتي للأرخبيل عبارة عن مزيج من أصوات الجيوفونيات -الأصوات المحيطة من العالم الطبيعي مثل أصوات الرياح وولادة الجليد- والأصوات الحيوية -من الكائنات الحية، مثل الثدييات البحرية- والأصوات البشرية -الضوضاء الناتجة عن الأنشطة البشرية مثل الرحلات السياحية وقوارب الصيد-.
حوت ساي من الثدييات التي تهاجر موسميا إلى أرخبيل سفالبارد بالقطب الشمالي (غيتي)وقد اكتُشف 11 نوعا من الثدييات البحرية في جميع أنحاء المشروع، 5 منها مستوطنة في القطب الشمالي وهي الحيتان مقوسة الرأس، وكركدن البحر، والحيتان البيضاء، والفقمة الملتحية، والفظ، بالإضافة إلى فقمة القيثارة المهاجرة إقليميا و5 أنواع من الحيتان المهاجرة موسميا وهي حوت ساي، والحوت الزعنفي، والحوت الأزرق، والحوت الأحدب، وحوت العنبر.
ووجد الباحثون اختلافا كبيرا في المشهد الصوتي للأرخبيل بين الشرق والغرب، حيث شهد الموقع الشرقي معظم الضوضاء الناجمة عن حركة الجليد البحري والثدييات البحرية في القطب الشمالي مع سفن الشحن العرضية، في حين كانت أصوات الموقع الغربي في الغالب ناتجة عن ذوبان الأنهار الجليدية وأنشطة القوارب السياحية البشرية المنشأ، مع عدد أقل من الأصوات الحيوية.
كما تم اكتشاف أنواع من الثدييات البحرية في القطب الشمالي على مدار العام في الشرق مع وجود عدد قليل من الأنواع المهاجرة، 4 من أصل 8 تستوطن القطب الشمالي، في حين كانت أنواع القطب الشمالي موجودة في جميع الفصول باستثناء فصل الخريف في الغرب، إجمالي 8 أنواع، 3 منها في القطب الشمالي، حيث لوحظ وجود عدد أكبر من الأنواع المهاجرة موسميا خلال الصيف وحتى أوائل الشتاء.
نشاط بشري وتلوث ضوضائيولوحظت في الغرب أيضا تغيرات في أنماط التكاثر، فقد كان للفقمات الملتحية موسم صوتي قصير مقارنة بالدراسات السابقة في التسعينيات وأوائل القرن الـ21، مما يشير إلى انخفاض نشاط التزاوج في المضيق البحري تماشيا مع الاختفاء الموسمي للجليد الطافي.
أنواع نادرة من حيتان القطب الشمالي التي يؤثر فيها التلوث الضوضائي (غيتي)ويشكل التلوث الضوضائي المتزايد الناتج عن أصوات الجيوفونيات والأصوات البشرية مصدر قلق إزاء بقاء الثدييات البحرية التي تعتمد على المشهد الصوتي للقيام بالاتصالات والملاحة والعثور على الطعام لمسافات طويلة. فهناك أنواع مثل كركدن البحر حساسة بشكل خاص للضوضاء في بيئتها المحيطة، وقد وجدت هذه الدراسة أنها توقفت عن الاتصال في الوقت نفسه الذي بدأ فيه استخدام مسدس الهواء في المضيق البحري.
وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن تعطيل وظائف الحياة الحيوية هذه كان له تأثيرات قابلة للقياس على الثدييات البحرية في الأرخبيل وسلوكياتها الطبيعية.
وكما يشير الباحثون فإن البشر صمموا جميع أنواع الاختراعات، ولكنهم لم يفكروا في ما تحدثه تلك الاختراعات من تأثيرات تحت الماء. وكما يؤكدون فإن الضوضاء هي إحدى المشاكل الكبيرة التي يجب معالجتها في محيطاتنا. ويسلط هذا البحث الضوء فقط على قمة جبل الجليد المجازي للتأثير الذي ستحدثه الضوضاء الطبيعية والبشرية على البيئة البحرية في القطب الشمالي وسكانها التي كانت نقية سابقا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی القطب الشمالی الجلید البحری
إقرأ أيضاً:
البيئة تستعرض تجربة مصر في دمج ملف تغير المناخ بالمجتمعات العمرانية الجديدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة في الحوار رفيع المستوى حول المدن وأزمة المناخ، بحضور ميشال ملينار، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للموائل ضمن فعاليات الدورة الثانية عشرة للمنتدى الحضري العالمي المقام في القاهرة بمشاركة 30 ألف شخص من 180دولة، تحت شعار "كل شيء يبدأ محليًا - لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة"، والذي تنظمه الحكومة المصرية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية "الهابيتات" خلال الفترة من 4 -8 نوفمبر الجاري.
وبدأت وزيرة البيئة، في بيان لها اليوم، بالترحيب بالمشاركين في المنتدى الذي تستضيفه مصر في وقت حرج يشهد فيه العالم آثار واضحة لتغير المناخ من خلال التقلبات الجوية والفيضانات الحالية، والتي تعد دليلا على العلاقة المترابطة بين تغير المناخ والمدن، مشيرةً إلى أن التقارير توضح أن المدن تسبب جزء كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال عمليات البناء، وفي الوقت ذاته تعد المدن من أكثر المجالات تأثرا بتغير المناخ، مما يتطلب مدخل سياسي شامل يراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في التصدي لتأثيرات المناخ والمدن.
وعرضت وزيرة البيئة تجربة مصر في دمج ملف تغير المناخ في المجتمعات العمرانية الجديدة، من خلال إعداد عدد من دراسات تقييم الأثر البيئي الاستراتيجي من منظور اجتماعي والاعتماد عليها في تخطيط المدن العمرانية الجديدة، والاعتماد الطاقة المتجددة ووسائل النقل الصديقة للبيئة مثل الأتوبيسات الكهربائية والدراجات، وتشجيع نظام الدراجات التشاركية في المدن الجديدة.
كما أشارت وزيرة البيئة للحلول القائمة على الطبيعة كمدخل عظيم في مواجهة آثار تغير المناخ وربطه بالتنوع البيولوجي والحفاظ على استدامة نوعية الحياة للمجتمعات المحلية، مشيرةً الى المشروع المهم الذي تنفذه مصر مع صندوق المناخ الأخضر لمواجهة ارتفاع سطح البحر في 7 محافظات باستخدام الحلول القائمة على الطبيعة، كما أطلقت مصر المبادرة العالمية ENACT للحلول القائمة على الطبيعة بالشراكة مع ألمانيا وعدد من الدول الأخرى وشركاء التنمية والتي تمضي في مسارها في حشد الشراكات والتمويل.
كما عرضت وزيرة البيئة التوصيات الصادرة من تقرير مراجعة سياسات النمو الأخضر في مصر بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCED وفي قلبها المدن وتغير المناخ، وكيفية إشراك القطاع الخاص وتقليل المخاطر له لتغيير طريقة العمل المعتادة في البناء والتخطيط، وضرورة ايجاد إطار حاكم للمدن، ومراعاة جزء التخطيط وتوفير الحوافز الخضراء.
كما أشارت إلى دور تدوير المخلفات في استدامة المدن، ومراعاة هذا في تنفيذ المنظومة الجديدة لإدارة المخلفات، وإصدار قانون تنظيم ادارة المخلفات الذي يقوم على فكر الاقتصاد الدوار وإشراك القطاع الخاص، وإعادة استخدام مخلفات الهدم والبناء لتكون مدخلا جديدًا في عملية البناء، وأيضًا استخدام المخلفات في عمليات الفن التشكيلي في تجميل المدن.
ويهدف الحوار للتعرف على الرؤى القابلة للتنفيذ في استراتيجيات التكيف مع المناخ والتخفيف من حدته التكنولوجية والمالية والمجتمعية، والوقوف على التحديات، من خلال دراسة الحلول المحلية الناجحة والمبتكرة، وذلك للمساعدة في تمكين صانعي القرار من تشكيل سياسة المناخ العالمية والتحول نحو التنمية الحضرية القادرة على التكيف مع المناخ.
وأكدت وزيرة البيئة أن تغير المناخ يعد تحديا للمدن والمناطق الحضرية مع اتساع التنمية الحضرية، كما يتطلب مواجهته لضمان المرونة والتنمية المستدامة، موضحةً ان المدن يمكن أن تعزز قدرتها على التكيف مع المناخ من خلال تعزيز إشراك أصحاب المصلحة وجمع جهود الحكومات المحلية والشركات والمجتمعات في تنفيذ المشروعات التجريبية للحلول المبتكرة، والتوسع في المبادرات الناجحة باستخدام تكنولوجيا تحليل البيانات في صنع القرار وتأمين مصادر التمويل الوطنية والدولية.
وشددت الدكتورة ياسمين فؤاد على أن مواجهة آثار المناخ على التنمية الحضرية يتطلب تحقيق العدالة البيئية من خلال عمليات شاملة لصنع القرار، تشترك فيها المجتمعات المهمشة وتقوم على أطر عمل حاكمة، إلى جانب اهمية الاستثمار في الطاقة المتجددة، البنية التحتية الحضرية المرنة للتأثيرات المناخية، والإدارة الفعالة للمياه، مشيرةً إلى دور زيادة الوعي المجتمعي وتعبئة الاستثمارات من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص في خلق شعور بالمشاركة الحقيقية في جهود المناخ، وتحقيق التكيف مع آثار تغير المناخ.
وأكدت وزيرة البيئة أن الاستراتيجية الوطنية المصرية بشأن تغير المناخ لعام 2050 كإطار عمل شامل تساهم في دمج الاستدامة في التنمية الحضرية، من خلال التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مع تعزيز القدرة على التكيف مع الآثار المناخية، من خلال مبادرات مثل تحسين كفاءة الطاقة، والتوسع في النقل العام، وزيادة المساحات الخضراء، كما تؤكد الاستراتيجية على التعاون بين مختلف أصحاب المصلحة لتعزيز البيئات الحضرية القابلة للتكيف، وتحقيق أهدافا محددة مثل اعتماد كود وطني للمباني الخضراء وتطوير أنظمة جمع مياه الأمطار لتعزيز القدرة على التكيف مع المناخ.
وأضافت، أن خطة المساهمات المحددة وطنيا (NDC) أيضًا، حددت إجراءات التكيف في القطاعات الحيوية من خلال الإجراءات القطاعية والشاملة، مثل استراتيجيات الإنذار المبكر والتنبؤ بالطقس والفيضانات، لتعزيز القدرة على مواجهة التحديات المناخية بشكل عام.