هونغ كونغ-(أ ف ب) – عرضت شرطة هونغ كونغ الإثنين مكافأة مالية مقابل تقديم معلومات تؤدي إلى توقيف ثمانية نشطاء ديموقراطيين بارزين مقيمين في الخارج ومطلوبين على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم أمن قومي، في خطوة ندّدت بها لندن. وفرّ النشطاء الثمانية بعد أن فرضت بكين قانوناً شاملاً للأمن القومي في هونغ كونغ منتصف عام 2020 لقمع المعارضة في أعقاب احتجاجات حاشدة تخلّلها عنف عام 2019.

وقال كبير مفتّشي شرطة هونغ كونغ ستيفن لي “لقد ارتكبوا جرائم خطيرة للغاية تعرّض الأمن القومي للخطر”. وتضمّ المجموعة النواب السابقين المؤيدين للديموقراطية ناثان لو كوون تشونغ وتيد هوي تشي-فونغ ودينيس كووك وينغ-هانغ والنقابي المخضرم مونغ سيو-تات. أما الأربعة الباقون فهم النشطاء إلمر يوين غونغ-يي وفين لاو تشو-ديك وآنا كووك فونغ-يي وكيفين يام كين-فونغ. وجميعهم متهمون بالتواطؤ مع قوى أجنبية لتعريض الأمن القومي للخطر – وهي جريمة تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد. كما يُتهم بعضهم بالتخريب والتحريض على التخريب والانفصال. وأضاف ستيفن لي “لقد دعوا إلى فرض عقوبات للإضرار بمصالح هونغ كونغ وترهيب المسؤولين في هونغ كونغ مع استهداف عدد منهم بعض القضاة والمدعين العامين”. وتابع أنّ الشرطة لا يمكنها اعتقال النشطاء كونهم غادروا هونغ كونغ “لكنّنا لن نتوقّف” عن ملاحقتهم. وتبلغ قيمة المكافأة مليون دولار هونغ كونغي (127,644 دولارا أميركيا) مقابل معلومات عن أي ناشط “تؤدي إلى توقيفه أو إلى محاكمة مُرضية”. وجاء الإعلان عن قائمة المطلوبين بعد يومين من احتفال المدينة بالذكرى السادسة والعشرين لتسليمها من بريطانيا إلى الصين. وأوقف بموجب قانون الأمن القومي 260 شخصا في هونغ كونغ، واستعمل لتوجيه اتهامات إلى أكثر من 160 فردا وخمس شركات. وغالبية المتهمين هم من السياسيين والنشطاء والنقابيين والصحافيين البارزين المؤيدين للديموقراطية. وردّاً على إعلان المكافأة، حذّر وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي بكين قائلاً “لن نتسامح مع أي محاولات من جانب الصين لترهيب وإسكات أفراد في المملكة المتحدة وخارجها”. وكانت لندن علّقت عام 2020 معاهدة تسليم مجرمين مع هونغ كونغ احتجاجا على فرض بكين قانون الأمن القومي. وبريطانيا واحدة من عشر دول، من بينها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا، علّقت التعاون في المسائل الجنائية مع هونغ كونغ.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

إيران بين الآيديولوجيا والبحث عن الأمن القومي

دائماً تحتل الآيديولوجيا في الأنظمة الشمولية مكاناً مميزاً، وبعضها يقدمها على ضرورات الأمن القومي، وقد تضطر عند الضرورة القصوى لتغليب الأمن القومي على الآيديولوجيا؛ لذلك شاهدنا الخميني الراحل يقول -بألم بالغ- إن قبوله وقف الحرب مع العراق بمثابة تجرعه لكأس السم. لكن إيران في عهد خامنئي عادت للتمسك بالآيديولوجيا رغم تعرضها لهزائم واضحة؛ فأكدت أن ما حدث في لبنان صمود يرقى للانتصار على إسرائيل، وما حدث في سوريا تراجع تكتيكي وليس هزيمة.

هذا الإصرار على عبارة «الصمود- الانتصار»، والتمسك بمفهوم «التراجع» برهان جلي على أن الآيديولوجيا ما زالت مترسخة في التفكير الاستراتيجي لإيران، وأن كل ما حصل مجرد نكسة سرعان ما تزول؛ فالآيديولوجيا هي بمثابة ضمادات تحجب النظر الكاشف، فلا ترى القيادة إلا ما ترغب في رؤيته، لقناعتها الآيديولوجية بحتمية الانتصار. وبهذا تصبح خطواتها -الواحدة تلو الأخرى- خبط عشواء، لتنال في النهاية: الهزيمة المدوية.
ولنفترض -جدلاً- أن الحرب مع إسرائيل صمود في ثوب انتصار؛ لكن تكراره سيوصلنا إلى ما قاله الملك اليوناني بعد انتصاره على الرومان عام 279 قبل المسيح: «مع تكرار انتصار كهذا ستكون نهايتنا»؛ لا غرابة إذن أن يؤدي صمود كهذا لاحتلال الجنوب اللبناني، وربما أبعد.
كذلك يؤكد سقوط نظام الأسد، وتبرير إيران لذلك بأنه مؤامرة إسرائيلية- أميركية، وخيانة دولة مجاورة، وتجاهل الأسد للنصيحة، أنها لم تتعلم من درس لبنان؛ بل بقيت الآيديولوجيا تلون الواقع وترسم المستقبل الوردي. هذا التبرير يتعامى عن أن سبب وجود إيران في سوريا بالأساس هو مواجهة إسرائيل وأميركا، وبالتالي كيف تتعرض لمؤامرة وهي هناك لمحاربتها وهزيمتها؟! إنه نكران الواقع بامتياز، وإنه لحظة انكشاف أن الإمبراطور عريان.
هذا بالذات يستدعي تساؤلات حول التفاضل بين الآيديولوجيا والأمن القومي؛ فالأوطان تبقى، بينما الآيديولوجيات تتعدل، أو تختفي ولا تظهر إلا بعد أجيال. ولحماية الوطن الإيراني تجد القيادة نفسها أمام تحديات عدَّة، لعل أهمها اثنان: السلاح النووي الإيراني، والعودة إلى الحدود الطبيعية.
لم يعد السلاح النووي بمأمن بعد زوال أذرع إيران من المنطقة، ومع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب للسلطة، وبعد تدمير إسرائيل لدفاعات إيران الجوية، ومصانع إنتاج الصواريخ، واحتمال حل الأزمة الأوكرانية. فالرئيس ترمب العائد للسلطة معه ماركو روبيو وزيراً للخارجية، ومايك والتز مستشاراً للأمن القومي، وكلاهما من الصقور، وموقفهما العدائي من إيران جلي؛ ومعه كذلك قيادة يمينية (متشددة) في تأييدها لإسرائيل، مما يعني أن إيران لديها احتمالان: مواجهة أميركا، وهي معركة خاسرة عسكرياً واقتصادياً، بعد تهديم محور الممانعة، أو القبول بالتفاوض ووضع مراقبة دولية على برنامجها النووي. هذان الاحتمالان في غاية الصعوبة؛ لأن الآيديولوجيا لا تزال المُسيِّرة للتفكير الإيراني، وإذا لم يتغلب الأمن القومي بواقع الضرورة، فإن إيران ذاهبة لمواجهة مع أميركا ستنتهي بدمار برنامجها النووي، أو على الأقل العيش في ضنك اقتصادي شديد، قد يؤدي إلى تفجير ثورات من الداخل. وإذا ما تغلبت فكرة الأمن القومي -وهو المرجح- فإن إيران ستقبل تجرع كأس السم، كما تجرعه الخميني في حربه مع العراق، وتضع برنامجها النووي تحت المراقبة. وفي حال قبلت بالخيار الأخير فإن إيران تكون قد خسرت هدفها الأكبر، وهو حيازة السلاح النووي الهادف لردع أعداء الثورة.
أما خيار العودة للحدود الطبيعية، فليس في حقيقته خياراً إيرانياً، إنما هو تكريس لموت الآيديولوجيا، وانتصار لفكرة الوطن وحدوده؛ فإيران بانكفائها لحدودها، وبعيداً عن فكرة التوسع الآيديولوجي الديني، ونشر فكر الثورة، ستجد نفسها أمام مراجعة حقيقية، وحصاد مُر. لقد ضيع الإيرانيون على أنفسهم منذ عام 1979 فرصة بناء دولة طبيعية، ومضوا في فكرة الدولة الثورية، وسيكتشفون أن الدولة الثورية لم تعُد عليهم بالنفع، ولم تجلب سوى العداوات، ونبش الأحقاد التاريخية، وبناء السدود بين الجيران، وتحمل شظف العيش.
الثابت في رحلة الآيديولوجيا الإيرانية، وقبلها الاتحاد السوفياتي، أن فرض قناعات بالقوة على شعوب لتوسيع نفوذ الدولة الثورية، وتكريس الهيمنة الاقتصادية والعسكرية، هو الفشل الصارخ؛ فالشعوب وإن قبلت تحت وطأة القوة، أو براعة التزييف، فلا بد من أن تصحو، وتنتفض كما انتفض السوريون ضد بشار الأسد المؤدلج بعثياً، وضد إيران المؤدلجة ثورياً. فبشار الأسد لم يكن يتصور، بعد قمعه ثورة شعبه، وبعد نشر إيران وروسيا قواتهما، ورفعه شعار الآيديولوجيا كغطاء، لم يتصور -وكذلك إيران- أنهما سيخسران كل شيء؛ وهذا طبيعي لأن الآيديولوجي لاعب مقامر يعتقد دائماً أنه كاسب، وإن خسر فإنه يضاعف رهانه وتتعاظم خسارته، بينما الاستراتيجي تكون أولويته الأمن القومي، ولا يتردد أبداً في طرح الآيديولوجيا جانباً لحماية أمنه القومي.
السؤال: ماذا ستفعل إيران؟ لا أحد يعرف إلا المرشد خامنئي.

مقالات مشابهة

  • عبدالكبير: القضاء الليبي أفرج عن 20 تونسياً مقابل دفع غرامة مالية
  • الأمن الروسي يكشف معلومات جديدة عن مرتكب الهجوم ضد قائد قوات الدفاع الإشعاعي
  • مكافأة مالية للاعبي فريق النخبة أبوكساة بعد موقف بطولي على الطريق الزراعي|تفاصيل
  • إدارة لافيينا تقرر صرف مكافأة مالية للاعبي النخبة بسبب “ أنسانى ”
  • الخارجية الأمريكية: مكافأة الـ10ملايين دولار لأي معلومات عن «الجولاني» لا تزال قائمة
  • الأمن القومي العربي عند مفترق طرق
  • إيران بين الآيديولوجيا والبحث عن الأمن القومي
  • استشهاد ثمانية فلسطينيين في قصف إسرائيلي على شمال ووسط قطاع غزة
  • خططوا لمظاهرات تستهدف أمن الجزائر.. سنتان حبسا نافذا لشخصين و20 سنة لمتهمين فارين 
  • الأمن يضبط عامل بحوزته مليون قطعة ألعاب نارية