مفوضية اللاجئين: أزمة إنسانية تفوق التصور تتكشف في السودان بعيدا عن أنظار العالم
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
حذرت مسؤولة في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين من أن القتال الذي يتزايد نطاقه ووحشيته “يؤثر على شعب السودان، والعالم صامت بشكل فاضح”.
التغيير: وكالات
قالت مسؤولة في الأمم المتحدة إن الحرب التي اندلعت دون سابق إنذار حولت منازل السودانيين التي كانت تنعم بالسلام إلى مقابر، منبهة إلى أن أزمة إنسانية تفوق التصور تتكشف فصولها في السودان، بعيدا عن أعين العالم وعناوين الأخبار.
زارت دومينيك هايد، مديرة قسم العلاقات الخارجية لدى مفوضية شؤون اللاجئين السودان مؤخرا، وتحدثت للصحفيين أمس الثلاثاء في جنيف، حيث قدمت إيجازا حول الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك.
وحذرت من أن القتال الذي يتزايد نطاقه ووحشيته، يؤثر على شعب السودان، “والعالم صامت بشكل فاضح، على الرغم من استمرار انتهاكات القانون الدولي الإنساني مع الإفلات من العقاب”.
وقالت دومينيك هايد إن “من المخزي أن الفظائع التي ارتكبت قبل 20 عاما في دارفور يمكن أن تتكرر اليوم مرة أخرى في ظل عدم إيلاء الاهتمام الكافي”.
ونتيجة لذلك، اضطر ما يقرب من ستة ملايين شخص إلى ترك منازلهم- فر أكثر من مليون شخص منهم إلى بلدان مجاورة يعاني بعضها من الهشاشة. وتمثل النساء والأطفال الغالبية العظمى من هؤلاء النازحين.
وأفادت دومينيك هايد بحدوث مزيد من حالات النزوح بسبب النزاع الذي اندلع مؤخرا في دارفور، حيث يعاني الآلاف في سبيل البحث عن المأوى، وينام الكثيرون تحت الأشجار على قارعة الطرقات.
وأعربت عن قلق بالغ إزاء عدم تمكن هؤلاء الأشخاص من الوصول إلى الاحتياجات الضرورية الأساسية مثل الغذاء والمأوى ومياه الشرب النظيفة.
مستقبل ملايين الأطفال في خطروقالت مسؤولة المفوضية إنها زارت ولاية النيل الأبيض في السودان الأسبوع الماضي، حيث يعيش نحو أكثر من 433 ألف نازح داخليا. وكانت هذه الولاية تستضيف نحو 300 ألف لاجئ– أغلبهم من جنوب السودان– في 10 مخيمات.
أدى الارتفاع الحاد في عدد النازحين إلى فرض ضغوط كبيرة على الخدمات الأساسية في المخيمات، حسبما قالت دومينيك هايد.
وكما هو الحال في شتى أنحاء السودان، فقد أغلقت المدارس أبوابها على مدى الأشهر السبعة الماضية، حيث يتخذ النازحون من هذه المدارس مأوى مؤقتا لهم. ولذلك تحذر دومينيك من أن تعليم ومستقبل ملايين الأطفال في السودان في خطر.
أما الوضع الصحي فهو كارثي، حيث توفي أكثر من 1,200 طفل دون الخامسة من العمر في ولاية النيل الأبيض خلال الفترة بين مايو وسبتمبر، نتيجة لتفشي مرض الحصبة المقترن بالمستوى الحاد من سوء التغذية.
وحذرت دومينيك من وفاة أربعة أطفال على الأقل- أسبوعيا- في هذه الولاية مع عدم توفر الأدوية والطواقم والإمدادات الأساسية.
تزايد وتيرة اللجوءوأشارت مفوضية اللاجئين إلى تزايد وتيرة لجوء السودانيين إلى دول الجوار بشكل كبير. ففي تشاد، يبلغ معدل عدد الواصلين حديثا إلى 700 شخص في اليوم الواحد.
وقالت دومينيك هايد إنها زارت مدينة الرنك الحدودية مع جنوب السودان، خلال الأسبوع الماضي، وقضت أسبوعا هناك، مشيرة إلى أن هذه المدينة شهدت ارتفاعا حادا في أعداد اللاجئين الواصلين إليها.
وخلال فترة الأسبوع الذي قضته في المدينة، قالت المسؤولة الأممية إن أكثر من 20 ألف شخص عبروا الحدود إليها من السودان، وبعضهم من اللاجئين جنوب السودانيين العائدين إلى ديارهم.
وقالت إن مركز الإيواء المؤقت– الذي أنشئ لاستقبال 3,000 شخص– يستضيف حاليا نحو 20 ألف شخص أغلبهم لاجئون من السودان.
“وأينما اتجهتم، ستجدون أشخاصا في كل مكان، والوضع يتدهور باستمرار. أما حالة المياه والصرف الصحي، فهي على درجة من السوء قد تؤدي إلى تفشي وباء الكوليرا. لقد قضيت 30 عاما وأنا أعمل في هذا المجال، وهذا من أسوأ الأوضاع التي شهدتها”.
وقالت دومينيك هايد إن الأرقام مهولة، مشيرة إلى عبور أكثر من 362 ألف شخص الحدود إلى جنوب السودان منذ بدء الصراع في السودان.
حاجة ماسة إلى التمويل لمواكبة الاحتياجاتوقالت مسؤولة مفوضية اللاجئين إن وكالات الإغاثة تبذل قصارى جهدها للمساعدة، إلا أن الاحتياجات تشكل ضغطا كبيرا عليها. “يصل فريق عملنا الليل بالنهار، إلا أن قدراتنا لا تكفي لمواكبة المتطلبات، ونحن بحاجة ماسة إلى التمويل لتنفيذ خطط استجابتنا”.
تغطي خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين الاحتياجات الإنسانية في الدول المجاورة التي تستقبل اللاجئين من السودان، وهي ممولة حاليا بنسبة لا تتجاوز الـ 39 بالمائة.
وأشارت دومينيك إلى إطلاق نداء للحصول على مليار دولار لتغطية العمليات التي يقوم بها 64 شريكا في خمسة بلدان. وبالتوازي مع ذلك، ما زال نداء التمويل المنفصل والمخصص للاحتياجات الإنسانية داخل السودان ممولا بنسبة لا تتجاوز ثلث المبلغ المطلوب، علما بأنه يسعى للوصول إلى 18.1 مليون شخص ويتطلب تمويلا بقيمة 2.6 مليار دولار.
وأكدت السيدة دومينيك على الأهمية الكبيرة للنداءين الإنسانيين، منبهة إلى أن الناس داخل السودان سيواصلون العبور إلى الدول المجاورة إذا لو تتوفر لهم المساعدة الإنسانية العاجلة. وأشارت إلى أن تشاد- على سبيل المثال- تعاني في سبيل الاستجابة للأعداد الكبيرة من الوافدين. واختتمت حديثها بالقول:
“في حال لم نتمكن من مساعدة هذه الدول على تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين، فإن الناس سيحاولون إيجاد سبيل للأمان ومستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم، حتى إن كان ذلك من خلال تعريض أرواحهم للخطر بوضع أنفسهم تحت رحمة مهربي البشر، والقيام برحلات خطيرة محفوفة بالمخاطر”.
* مركز أنباء الأمم المتحدة
الوسوماحتجاجات تشاد السودان جنوب السودان دومينيك هايد مفوضية اللاجئين ولاية النيل الأبيضالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السودان جنوب السودان مفوضية اللاجئين ولاية النيل الأبيض مفوضیة اللاجئین جنوب السودان فی السودان أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس: أزمة العالم ليست اقتصادية.. بل في نقص المحبة
أجرت الإعلامية مارتا زابلوكا حوارًا صحفيًّا مع قداسة البابا تواضروس الثاني، لصالح وكالة الأنباء البولندية (P. A. P).
وحول سؤال من يعايشون أزمات إيمانية أو الشك، أضاف البابا: “الابتعاد عن الله يدخل الإنسان في دائرة الشك واليأس، مما يؤدي إلى مشكلات خطيرة مثل الإلحاد والانتحار. العالم اليوم بحاجة إلى المزيد من الحب، فالجوع الحقيقي في العالم ليس للمادة بل للمحبة."
وشدد قداسة البابا على أهمية المحبة والخدمة في دور الكنيسة لمساعدة كل إنسان.
وعن رؤيته لتحقيق الوحدة بين المسيحيين، أوضح قداسة البابا تواضروس أن الطريق يتطلب عدة خطوات:
أولاً: إقامة علاقات محبة مع كل الكنائس. ثانيًا: إجراء دراسات متخصصة لفهم تاريخ وعقائد كل كنيسة.
ثالثًا: السير في خطوات حوار لاهوتي معمق.
وأخيرًا: أن نصلي من أجل تحقيق هذه الرغبة، لأن رغبة المسيح أن يكون الجميع واحدًا.
وفيما يخص تحقيق الوحدة على أرض الواقع، أشار قداسته إلى أن هناك بالفعل خطوات حقيقية قائمة، وقال: هناك محبة متبادلة، وحوارات لاهوتية جادة، مثل الحوار القائم بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، والذي ساعدنا على فهم بعضنا البعض بشكل أعمق. ولا ننسى أن الانشقاق وقع عام ٤٥١ ميلاديًا، أي منذ خمسة عشر قرنًا، ولذلك فتصحيح المسار يحتاج إلى وقت طويل وجهد مستمر.
وعن كيفية تعميق الفهم بين الكنيستين، قال: "من الضروري أن تتعرف الكنيسة الكاثوليكية أكثر على عقائدنا وتقاليدنا. فلدينا تراث كبير وكنوز روحية من شروحات الآباء الأوائل، والكنيسة القبطية تسير في خط مستقيم منذ أيام المسيح وحتى اليوم. وأضاف: "لدينا أكثر من ٢٠٠ يوم مخصصة للأصوام كل عام، ولدينا ألحان كنسية عظيمة باللغة القبطية، وفنون الأيقونات المقدسة، وزيارة أديرتنا والتعرف على حياتنا الرهبانية يشكل خطوة مهمة للتقارب"
وحول زيارته لبولندا، أوضح أن هذه هي الزيارة الأولى لقداسته لها، وقال: “قرأت كثيرًا عن بولندا منذ وقت قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، البولندي الأصل، كما تعرفت على مدينة كراكوف والرئيس البولندي الشهير ليخ ڤاونسا. وازدادت رغبتي في زيارتها بعد زيارة الرئيس البولندي الحالي وقرينته إلى مصر، واستقبلناهما في كاتدرائية مار مرقس بالعباسية، والتقيا كذلك بفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وعن عدد الأقباط في أوروبا وخارج مصر، قال قداسته: "يبلغ عدد الأقباط خارج مصر حوالي ٣ ملايين، من أصل ٩ ملايين مصري مقيمين بالخارج. الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا تضم أكبر عدد من الأقباط. ولدينا كنائس وأديرة هناك، تخدمهم" ومسؤولية الكنيسة أن ترعى كل إنسان حتى لو كان في بلد لا يوجد به سوى ثلاثة أو أربعة أفراد، حيث يزورهم الكاهن كل ستة أشهر"
تحدث قداسة البابا عن أبرز المشكلات التي تواجه الأسر المسيحية في حياتهم بصفة عامة، فأشار إلى أن: "أول مشكلة هي المشكلات الاقتصادية، ولا سيما لدى الأسر المحتاجة منهم. ثانيًا التعليم، حيث أن التعليم الجيد مكلف للغاية. ثالثًا تأثير الإعلام الرقمي، الذي أثر على فكر وأخلاقيات الشباب، وهو أمر لا يتماشى مع ثقافتنا الشرقية. وهنا يأتي دور الكنيسة أن تحافظ على نقاوة الفكر وتحصين أبنائها من هذه المؤثرات"
كما أكد أن مصر رغم التحديات، لا تعاني من اضطهاد ديني بين المسلمين والمسيحيين، قائلاً: "نعيش في محبة وتلاحم منذ قرون. نعمل ونتعلم ونتعالج معًا. التقارير التي تصدر عن حقوق الإنسان كثيرًا ما تكون مسيسة. أدعوكم لزيارة مصر ورؤية الحقيقة بأنفسكم."
عن مصادر الدعم الروحي، قال: “الدعم الحقيقي يأتي من الله وحده، ومن الكنائس والأديرة. الله محب لكل البشر، صانع للخير، وضابط للكل. لذلك، نحيا في طمأنينة وسلام، ونكرر كل يوم: يا ملك السلام، أعطنا سلامك.”