ماذا يريد الاحتلال من استهداف مسرح الحرية في جنين؟
تاريخ النشر: 3rd, July 2023 GMT
جنين- لم تنتصف الساعة الثامنة صباح اليوم الاثنين حتى دكت طائرات الاحتلال المسيّرة بالقذائف الصاروخية مسرح الحرية في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، ليكون هدفا من أهداف إسرائيل خلال اقتحام المخيم للقضاء على المقاومة وفقا لما يقوله الاحتلال.
وخلال ثوانٍ حوّل الاحتلال مدخل المسرح وأسواره وصرح الشهيد هناك إلى أنقاض، ثم ما لبث أن اقتحمه عشرات الجنود وحولوه والمنازل الملاصقة إلى ثكنة عسكرية يستهدفون من خلالها كل ما يتحرك على الأرض.
وإضافة إلى ذلك جرفت الآليات العسكرية شارع المسرح وأغلقت بالسواتر الترابية مدخله، ودمرت خدمات البنية التحتية من الماء والكهرباء ووسائل الاتصال المختلفة، قبل أن تحرق بنيران قذائفها مركبات المواطنين.
وقال المسؤول الإداري في مسرح الحرية مصطفى شتى إن مخيم جنين بأسره يواجه عقابا جماعيا إسرائيليا، وإن مسرح الحرية جزء منه، وإن استهدافه بهذا الشكل المباشر "يعيد الصورة لاجتياح المخيم عام 2002 وهدم المسرح".
ومنذ ذلك الحين -يضيف شتى- يواجه مسرح الحرية صلف الاحتلال وإرهابه، سواء بملاحقة أعماله أو باقتحاماته المتواصلة، ولا سيما خلال العامين الأخيرين.
لوحة فنية داخل إحدى غرف مسرح الحرية (الجزيرة نت) أبطال حقيقيونوتشرّب مسرح الحرية فكره المقاوم خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1989، وذلك على يد آرنا مير خميس، وهي ناشطة يهودية متزوجة من المناضل الفلسطيني صليبا خميس حينما أرادت بطريقتها وعبر ما عرف وقتها بـ"بيت الطفولة" تخفيف معاناة أطفال المخيم.
ثم ما لبث أن حوّلته إلى "مسرح الحجر" (نسبة لانتفاضة الحجارة)، واتخذت من غرفة على سطح منزل الأسير المقاوم زكريا الزبيدي مقرا لمسرحها، وفيه أعدت أعمالها المختلفة، وكان أبرزها "القنديل الصغير" عن قصة الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، والذي فاز بجائزة عالمية استغلتها آرنا في توسيع المسرح وتطوير أعماله.
وبعد وفاة آرنا (1994) واصل نجلها جوليانو خميس (قتل عام 2011 أمام مسرح الحرية برصاص مجهولين) ما بدأته أمه، فأطلق فيلمه الوثائقي "أولاد آرنا" الذي تميز بأن أبطاله هم قادة المقاومة، مثل الأسير زكريا الزبيدي وبعض شهداء اجتياح عام 2002، وصولا إلى تشييده مسرح الحرية عام 2006.
وهكذا شكّل مسرح الحرية مناخا مهما للمقاومة، بل كان جزءا منها، وواصل أعماله في الداخل والخارج، فقدم على سبيل المثال مسرحية "الحصار" عام 2017 التي تناولت حصار الاحتلال للمقاومين داخل كنيسة المهد عام 2002، وحظيت بانتشار عالمي واسع حشدت ضده وحاربته "الجماعات الصهيونية" في الخارج.
وقبل أشهر كان آخر أعماله "مترو غزة" (عن حلم التواصل والهوية الفلسطينية بين الضفة والقدس وغزة)، كما واصل نشاطاته التثقيفية مستهدفا شرائح مختلفة من المجتمع -ولا سيما النساء والأطفال- عبر برامج مختلفة كان آخرها المخيم الصيفي "أكاديمية المسرح" قبل أيام.
وعلى طريقته يقاوم مسرح الحرية -كما يقول شتى- دون أن ينكر على أحد مقاومته، بل يرى أن المقاومة في مخيم جنين بكل أشكالها تسير جنبا إلى جنب ضد الاحتلال، مضيفا أن "مسرح الحرية قطعة فسيفساء في لوحة مقاومة المخيم".
صورة الأسير المقاوم زكريا الزبيدي برفقة أطفال في مخيم جنين نصبت عند مدخل مسرح الحرية (الجزيرة نت) حرب غير تقليديةبدوره، يقول المدير الفني للمسرح أحمد طوباسي إن أفراد المسرح اعتقلوا واحتجزوا لدى الاحتلال مرات عدة، وتم التضييق عليهم وحوصروا فنيا وثقافيا وكذلك ماليا بوقف المانحين المصاريف التشغيلية للمسرح استجابة لسياسة "محاربة الإرهاب العالمية"، واشتراطهم عودتها بضرورة إنكار "العمل المقاوم" ضد الاحتلال، وهو ما رفضوه جملة وتفصيلا.
ويضيف طوباسي للجزيرة نت أن الاحتلال يريد أن يردع حالة المقاومة بالضفة الغربية وكسر شوكتها، فهو يدرك حجم تأثير المسرح خاصة، والعمل الفني والثقافي عموما.
كما أن الحرب -يقول الطوباسي- لم تعد تقليدية، وإن تبنيهم كمسرح للمقاومة الثقافية هو تصد للدعاية الإسرائيلية التي نقلت صورة مغلوطة إلى العالم عن الفلسطينيين، وتأكيد على حق الفلسطيني في استخدام كل أشكال المقاومة ما دام الاحتلال موجودا.
وأضاف "نحن نؤمن كمسرح أن الانتفاضة الثالثة لا بد أن تكون ثقافية، فالفن والثقافة أقوى الأسلحة واللغات للتواصل مع العالم، ولا نسقط بالمقابل طرق المقاومة الأخرى".
مسرح الحرية شكّل حالة مقاومة فريدة منذ تأسيسه عام 1989 وقدم عروضا فنية وفعاليات منوعة (الجزيرة نت) المسرح يقاوم بطريقتهمن جهته، يقول الناقد الفني الفلسطيني سعيد أبو معلا إن مسرح الحرية يقود مشروع المقاومة الثقافية في المخيم وفلسطين عموما، ويتبنى أجندة وطنية وفنية وثقافية، وهو من أبرز المؤسسات التي تعمل على ذلك.
وأضاف أبو معلا أن المسرح لا يحمل السلاح ولا يدرب عليه، وإنما يعمل على رفع صوت الفلسطيني محليا وعالميا، وهذه مهمة أصيلة يجب أن تستمر.
وأوضح أن كل أعمال المسرح تسير في خدمة مشروع المقاومة الثقافية، ففيه ممثلون محترفون وأعمال فنية ذات جودة عالية وقيمة فنية مهمة، وغالبا ما تُعرض محليا وعربيا وعالميا، وهو ما يجعل الوجع الفلسطيني حاضرا ومرئيا، وهو ما لا تريده إسرائيل بصفتها دولة احتلال.
وأكد الناقد الفني أن الثقافة والمقاومة تكملان بعضهما، ولا يمكن الانتصار ميدانيا دون انتصار ثقافي، واعتبر أن مسرح الحرية جزء أصيل من مخيم جنين وحكاية معاناته، ووجوده إستراتيجي ودليل وعي فني وثقافي، وأنه يسير في نفس طريق العمل المقاوم.
وفي الوقت الذي يُقصف فيه مسرح الحرية ويحاصر بالترسانة العسكرية يستعد القائمون عليه للعمل الجديد "الشهداء يعودون إلى رام الله" للكاتب الفلسطيني الأسير وليد دقة، ليؤكدوا أن المقاومة مستمرة بكل أشكالها.
قبل أشهر كان آخر أعمال مسرح الحرية "مترو غزة" عن حلم التواصل بين الضفة والقدس وغزة (الجزيرة نت)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مخیم جنین
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تتمدد بمحاذاة مواقع اليونيفيل وحزب الله يواصل استهداف العمق حتى ما بعد حيفا
رفع العدوّ الإسرائيلي، أمس، وتيرة غاراته الجوية ولا سيما على الضاحية الجنوبية، بالتوازي مع محاولته تحقيق اختراقات برّية في الجبهة الجنوبية. وأمس هو اليوم الرابع على التوالي الذي يُغير فيه العدو على الضاحية خلال ساعات النهار، مستهدفاً عبر أكثر من موجة، مبانيَ في الغبيري وبرج البراجنة وحارة حريك والحدث، ومبنى في الطيونة مقابل حرج بيروت.
وكتبت" الاخبار": في المقابل، تصدّت المقاومة للقوات المتوغّلة داخل الأراضي اللبنانية، فيما شنّت عدداً من الهجمات النوعية في عمق فلسطين المحتلة، واستهدفت تجمّعات لقوات العدو في المستوطنات القريبة من الحدود. ووفقاً لـ«الإعلام الحربي»، استهدفت المقاومة بالصواريخ تجمّعات لقوات العدو عند الأطراف الشرقية والجنوبية لبلدة مركبا، والأطراف الشرقية (مرتفع كحيل) لبلدة مارون الرأس، والأطراف الشرقية لبلدة طلوسة، وفي بوابة العمرا عند الأطراف الجنوبية لبلدة الخيام. كما استهدفت تجمعاً عند الأطراف الغربية لبلدة الجبين بصاروخٍ موجّه، وتجمعين في بلدتي مارون الرأس وحانين، بمحلّقة مفخّخة كبيرة وطائرة مُسيّرة انقضاضية. وفي الداخل المحتل، استهدفت المقاومة قاعدة شراغا (المقر الإداري لقيادة لواء غولاني) شمال عكا بصلية صاروخية، وقاعدة طيرة الكرمل جنوب حيفا بصلية من الصواريخ النوعية. كما استهدفت بالصواريخ مستوطنة ديشون وتجمّعات لقوات العدو في مستوطنات مسكاف عام وسعسع ويرؤون وبرعام والمنارة ودوفيف وفي ثكنة يفتاح. واستهدفت تجمعاً في مستوطنة يرؤون بمُسيّرة انقضاضية وتجمعاً في ثكنة دوفيف بمُسيّرة انقضاضية أخرى.
وكان بدأ يوم أمس، مبكّراً عند ساعات الفجر، حين اندلعت اشتباكات بين قوات العدو والمقاومين في بلدة شمع، وأطراف طيرحرفا. واستهدفت المقاومة تجمّعاً لجنود العدو في باحة مقام شمعون الصفا الواقع على تلة في الأطراف الشرقية لبلدة شمع، فانكفأ هؤلاء جنوباً باتجاه محيط بلدة طيرحرفا. وكانت قوات العدو في شمع، قد تعرّضت لثلاثة استهدافات متتالية، ما أدّى إلى سقوط إصابات مؤكدة في صفوفها. وقبل ذلك، استهدفت المقاومة دبّابتي ميركافا في وادي عين علما، بين علما الشعب وطيرحرفا، ودبابة أخرى في وسط بلدة شمع. كما استهدفت جرّافة وناقلة جند، كانت من ضمن القوة المؤلّلة التي دخلت إلى شمع من مثلث الجبين - طيرحرفا، ومن وادي ججيم وتلّة إرمد في الوادي المتصل من الضهيرة وعلما الشعب إلى شمع وطيرحرفا. وبالتزامن، استهدفت مدفعية العدو وادي عين علما وطيرحرفا بالقذائف الفوسفورية والمدفعية، قبل أن يشن الطيران المعادي غارات عدة على طيرحرفا ومجدل زون وشيحين. كما أشارت معلومات إلى أن قوات العدو قامت بتفخيخ مقام شمعون الصفا، وعدد من المنازل المحيطة، تمهيداً لتفجيرها لاحقاً. وبعد التصدّي في شمع، انكفأت القوة المعادية إلى وادي ججيم، فيما انكفأت قوة أخرى كانت مرابضة على مثلّث الجبين باتجاه وادي الجبين - يارين.
وكتبت" الشرق الاوسط": ركز الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية بالأراضي اللبنانية، الجمعة، في القطاع الغربي، ساعياً إلى إنشاء منطقة عازلة بمحاذاة الشاطئ البحري بالناقورة، تمتد على مسافة 9 كيلومترات داخل العمق اللبناني، وتقوم من خلالها باستعادة السيطرة النارية على المنطقة الواقعة جنوب مدينة صور، والتي كانت محتلة قبل انسحابها من جنوب لبنان في عام 2000
وجاء التقدم الإسرائيلي في منطقة تعجّ بمواقع «اليونيفيل» التي يبدو أنها أطلقت تحوّلاً في تجربتها منذ 18 عاماً، وسط مفاوضات لوقف إطلاق النار، تطالب فيها مسودات الاتفاق بـ«حرية الحركة» للبعثة الدولية بمعزل عن التنسيق مع الجيش اللبناني، وذلك بإعلانها مساء الخميس الرد على مصادر النيران إثر تعرض إحدى دورياتها لإطلاق نار في جنوب لبنان، عقب اكتشاف ذخيرة على جانب إحدى الطرق جنوب الليطاني.
وتسعى القوات الإسرائيلية من خلال هذا التقدم إلى إحكام السيطرة على الواجهة البحرية التي تمتد جنوباً إلى الناقورة، وتنشئ مربعاً حدودياً يضع الأحراج الحدودية الكثيفة في حامول واللبونة، تحت السيطرة الإسرائيلية، وتالياً، محاصرة مقاتلي «حزب الله» الموجودين في المنطقة، حسبما تقول مصادر لبنانية مواكبة لتفاصيل المعركة عن كثب.
وفي حال السيطرة على هذا المربع، فإن إسرائيل تكون قد تعمقت نحو 9 كيلومترات في داخل الأراضي اللبنانية بمحاذاة الساحل، وهي أكبر نقطة وصول داخل لبنان. وبدأت تتوغل إليها انطلاقاً من بلدتي الضهيرة ويارين، لنحو 5 كيلومترات باتجاه شمع (شمال)، وتشكل الحد الشرقي لهذا المربع. وبمجرد وصولها إلى البحر، تكون قد أحكمت السيطرة على مربع يمتد نحو 9 كيلومترات على الحدود، و9 كيلومترات على شاطئ البحر، و5 كيلومترات من الشرق، و4 كيلومترات من شمال المربع إلى غربه.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الإسرائيلية استطاعت التقدم في منطقة أمنية حيوية توجد فيها مقرات وقواعد عسكرية ضخمة لقوات «اليونيفيل»، مما يجعل من استهدافها معقداً، منعاً لإصابة مقرات «اليونيفيل» بالرشقات الصاروخية ورصاص مقاتلي «حزب الله»، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي وفق هذه الاستراتيجية، «يحتمي بقواعد (اليونيفيل)، ويستغلها للمرور بمحيطها».
وقالت المصادر إن الجيش الإسرائيلي «يسعى لتطويق مقاتلي الحزب في المنطقة»، حيث يُعتقد أن هناك عشرات المقاتلين الذين يتحصنون في الأودية والمناطق الحرجية. وأشارت المصادر إلى أن القوات الإسرائيلية «شوهدت تحمل عبوات تشبه عبوات الأكسجين أو الغاز»، مضيفة: «لا يُعلم ما إذا كانت ستستخدمها لدخول جنودها إلى أنفاق متوقعة في المنطقة، في حال كانت (أوكسجين)، أو لضخ الغازات في الأنفاق بغرض تخدير مقاتلي الحزب فيها، واحتجازهم».