مراوح خشبية تروي تاريخ مدينة كوبية على قائمة التراث العالمي
تاريخ النشر: 3rd, July 2023 GMT
في ترينيداد -وهي مدينة أسسها المستعمرون في كوبا عام 1514- يستلهم النجّار خوسيه ميغيل كادالسو البالغ 39 عاما تاريخ مسقط رأسه لصنع مراوح خشبية فريدة من نوعها مستوحاة من الفن الديني وآثار العبودية في الوقت نفسه.
ويقول الحرفي إن "المروحة لا تزال رائجة، سواء كقطعة زخرفية أو لمنفعتها"، وذلك في دار للمعارض أقامها في منزل من القرن الـ18 في المركز التاريخي للمدينة على بعد 350 كيلومترا في جنوب شرق هافانا.
وتُعرض على الجدران البيضاء مراوح ذات أشكال لافتة أكثريتها تستخدم لغايات الزخرفة، ابتكر تصاميمها بنفسه وصنعها يدويا في المشغل الخاص به.
بدأت القصة عام 2003 بُعيد تخرّج كادالسو في مدرسة ترميم الفنون والحرف بالمدينة، وقد وقع الشاب البالغ بالكاد 17 عاما حينها في حب حاجز خلفي في مذبح عائد إلى عام 1913 تم تركيبه في أقدم كنيسة بالمدينة "سانتيسيما ترينيداد" التي أعيد بناؤها مرات عدة بعد هجمات قراصنة وعواصف.
أحد شوارع مدينة ترينيداد الكوبية المدرجة منذ عام 1988 في قائمة مواقع التراث العالمي (شترستوك) ترميم ما أفسده الزمنوقرر كادالسو ترميم القطعة الفنية في وقت فراغه "من أجل حب الفن والإيمان"، بهدف أساسي هو إصلاح ما أفسده الزمن وإزالة الأضرار التي تسبب بها النمل الأبيض والبوم.
واستمرت أعمال الترميم الدقيقة هذه لمدة عامين، وشكّل ذلك "حافزا" لكادالسو ليصنع لاحقا عالمه الإبداعي الخاص به رغم تأكيده أن عمله لا يتعدى كونه إعادة تفسير لما تركه التاريخ والحرفيون لهذه المدينة العريقة المدرجة منذ عام 1988 في قائمة مواقع التراث العالمي.
من زهرة زنبق منسوخة من مذبح إلى حلقة كانت تُستخدم قيدا حديديا للعبيد المسخرين للخدمة في مزارع قصب السكر، مرورا بأفاريز على الطراز الإسباني الأندلسي بما يشبه أقفاصا تقليدية للطيور.. "لا اختراعات" في هذه الأعمال وفق هذا الأب لـ3 أطفال، والذي يحاول كسب لقمة العيش من خلال فنه.
يعتمد الفنان والنجار كادالسو على أدوات بسيطة في بلد يعاني من نقص المواد الخام والأساسية (الفرنسية)ويبدي كادالسو سعادة في كل يوم لدى رؤيته ملامح الانبهار لدى المارة الذين يلقون نظرة على عمله من شوارع الزقاق المرصوف بالحصى، فيما يبلغ قطر أكبر مروحة حوالي 4 أمتار ويتطلب أشهرا عدة من العمل.
وعلى صعيد الخشب، يسترجع كادالسو ألواحا وعوارض خشبية عند تحديث المساحات الداخلية للمنازل القديمة في المدينة، وهو يعمل بشكل أساسي مع نبتة تعرف باسم "سويتينيا ماهاغوني" (Swietenia mahagoni)، والكركديه (Talipariti elatum) وخشب الساج (Tectona grandis).
وبالنسبة للأدوات في بلد يعاني من نقص المواد الخام والأساسية يرغب كادالسو في أن يكون لديه تنوع أكبر ليعكس بشكل أفضل ذاكرة مدينته في أعماله.
وتتميز ثقافة كوبا بروافدها المتنوعة التي تشمل التأثيرات الأوروبية والأفريقية والهندية والأميركية، بالإضافة إلى خصائص تراثية عربية من خطوط ولوحات وعادات غذائية وسلوكية وفدت إلى أرخبيل الجزر الواقع في شمال البحر الكاريبي منذ نشوئها نتيجة الهجرات والثقافة الأندلسية المرتبطة بالثقافة الإسبانية الأساسية في البلاد.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
فاطمة الزهراء قُدوة المرأة ومشعلُ نور في تاريخ الأُمَّــة
صفاء المتوكل
فاطمة الزهراء بنت رسول الله، سيدة نساء العالمين، جسدت في حياتها قيم وأخلاق الإسلام على أرقى مستوى، تربت على الإيمان والتقوى ومكارم الأخلاق، كانت -عليها السلام- تقوم بمسؤوليتها من دون كلل أَو تعب وعلى درجة عالية ومستوى رفيع من التواضع، كانت علاقتها بالله عابدة ناسكة تتورم قدماها من كثرة التهجد والمناجاة.
قدمت الزهراء مدرسة متكاملة للمرأة ونموذجًا راقيًا للنساء المؤمنات، كانت أمًا لأبيها، وزوجة صالحة، وأمًا عظيمة لأبنائها؛ فهي مدرسة ومعلِّمة تربى على يديها سيدا شباب الجنة الحسن والحسين -عليهما السلام- وجبل الصبر زينب، وكانت أنموذجاً في وعيها وإيمانها وحيائها وحشمتها وجهادها وصبرها وإحسانها وإيثارها، قدمت للمرأة القُدوة الحقيقية والنموذج الراقي.
كانت حياة الزهراء -عليها السلام- مليئة بالجهاد والصبر والاحتساب؛ فهي لم تتوان لحظة واحدة في نصرة الحق والوقوف بكل شموخ واعتزاز واقتدار مع أبيها وزوجها، فمسيرة حياتها الجهادية تحكي عن عظيم وعي وثقة راسخة بالله ومواقف لامرأة قوية تقف بوجه الأعداء كصخرة تتحطم معها كُـلّ المؤامرات.
الزهراء لقبت بأم أبيها وهي كنية تحمل دلالات عميقة تعكس علاقتها الوطيدة بوالدها وحنانها عليه ودورها المحوري في حياته، كانت حريصة على تلبية حاجاته ومواساته، كان الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: (فاطمة بضعة مني من أحبها فقد أحبني ومن أبغضها فقد أبغضني).
ولدت في مكة المكرمة ونشأت في بيت النبوة محاطة بتعاليم الإسلام وقيمه السامية، كانت تجسيدًا للطهارة والعفة والصبر وارتبطت حياتها ارتباطاً وثيقًا بالدعوة الإسلامية.
نالت الزهراء أم أبيها بكمال إيمانها وأخلاقها مقامات عالية شهدت لها آيات قرآنية وأحاديث من والدها تحكي لنا ما كانت عليه من طهر وعفة وتقى وأنها قُدوة وأسوة لنساء العالمين، ويجب أن تكون منهجاً ترجع إليه كُـلّ امرأة مؤمنة كانت تهتم بروضة الشهداء وتزورهم وتصلحها وترممها، وفي ذلك: إحياء لقضية الجهاد وفضيلة الشهادة وتربية الأجيال على حب الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، هي القُدوة التي نتعلم منها، سلام على روح النبوة وأم الأئمة.
لقد قدمت السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- مثالًا عظيمًا للمرأة المسلمة التي تجسد قيم الطهر الصبر، والتفاني في خدمة الحق من خلال سيرتها العطرة أظهرت كيف يمكن للمرأة أن تكون ركنًا أَسَاسيًّا في بناء المجتمع الإسلامي تحمل مسؤولياتها بكل عزم وإيمان، كانت قُدوة في العبادة والشجاعة والإصرار على العدالة وعاشت حياتها بكل تواضع وتضحية؛ مِن أجلِ المبادئ التي آمنت بها.
إن إرث السيدة فاطمة الزهراء يظل حيًّا في قلوب المسلمين، ومشعل نور يضيء الطريق للأجيال القادمة كما كانت الزهراء، فَــإنَّ كُـلّ امرأة مسلمة يمكن أن تكون صانعة للمستقبل، بل ومنارة تهتدي بها الأُمَّــة في طريقها نحو التقدم والعدالة.