باحث مصري يحول نفايات الصلب إلى حديد ويحقق مكاسب بيئية واقتصادية
تاريخ النشر: 3rd, July 2023 GMT
نجح المهندس المصري حازم الشيخ وفريقه البحثي بالجامعة الألمانية بالقاهرة (GUC) في ابتكار تقنية جديدة تمكن صناع الصلب من إعادة استغلال فضلات عملية التصنيع المعروفة باسم "قشور الدرفلة" (Mill Scale) عبر تحويلها إلى حديد.
وناقش الشيخ هذا المشروع، وعلق على نتائج دراسته خلال منتدى "صناعة الصلب" بالشرق الأوسط الذي نظمته جمعية "تكنولوجيا الحديد والصلب" (AIST) لأول مرة في الشرق الأوسط بالعاصمة المصرية خلال يونيو/حزيران الماضي.
وقبلت الدراسة للنشر في دورية "ريزالتس إن ماتيريالز" (Results in Materials)، وتم نشر مسودة أولية على موقع "إس إس آر إن" (SSRN) في 6 يونيو/حزيران الماضي.
التخلص من فضلات صناعة الصلب ضروريقشور الدرفلة هي طبقة من الحديد المؤكسد التي تغطي سطح الحديد الساخن (بسبب تعرضه للهواء) أثناء عمليات صناعة الصلب، وتركها دون إزالة يسبب مشكلات عدة، منها صدأ الصلب المنتج، وإضعاف قوته، وصعوبة التعامل معه باستخدام اللحام، لذا تزال تلك القشور.
ويوضح الشيخ المؤلف الرئيس للدراسة أن مصر تنتج سنويا نحو 200-300 ألف طن من هذه القشور دون وجود إمكانية استخدامها بصورة مباشرة، فيقوم المعنيون بتصديرها للخارج بمبالغ بسيطة إلى الدول التي تستطيع إعادة استخدامها، ويستخدم جزء منها في صناعات الإسمنت وتقنيات تنقية المياه.
لذا سعى الفريق البحثي إلى تطوير تقنية، بسيطة غير مرتفعة التكلفة، تسهم في إعادة تحويل هذا الحديد المؤكسد إلى حديد قابل للاستخدام من جديد في صناعة الصلب.
ويشرح الشيخ التقنية الجديدة قائلا "يعتمد المشروع على استخدام ما يعرف باسم الفرن الدوار القلاب (Tilting rotary furnace) حيث تخلط قشور الدرفلة بالفحم تحت درجة حرارة مرتفعة ما بين 900 و1200 درجة مئوية، مما ينتج عنه تكون حديد ناعم، ثم يتم رفع الحرارة من جديد إلى نحو 1350 درجة مئوية.
ويتمثل الناتج النهائي لهذه العملية في "كرات" من الحديد، ويمنع هذا الشكل الكروي تعرض الحديد للأكسدة من جديد، ويصير بالإمكان شحن تلك الكرات لمصانع الصلب لإعادة استغلالها كحديد.
ويؤكد الشيخ أن نسبة استعادة الحديد من قشور الدرفلة وصلت إلى نحو 90% من الحالة المعدنية (أي 90% من الحديد) والمشروع قيد التنفيذ بالفعل، ويوجد نموذج أولي ينتج نحو ألف طن من الحديد شهريا.
وللتعليق على نتائج هذه الدراسة، أجرت الجزيرة نت حوارا مع الأستاذة الدكتورة إيمان صلاح المحلاوي، أستاذ هندسة المواد والفلزات كلية الهندسة جامعة القاهرة، وعضو مجلس إدارة جمعية تكنولوجيا الحديد والصلب.
وتوضح المحلاوي قائلة "لقد أجريت محاولات عدة سابقة تهدف إلى تحويل النفايات الصلبة إلى حديد صالح لإنتاج الصلب، وحققت تلك المحاولات نتائج جيدة لكنها عانت عقبات عدة أهمها عدم استعادة نسبة كبيرة من الحديد، وهو ما حققه الشيخ، فالاعتماد على تقنيته أدى إلى إنتاج مادة تحتوي على نحو 90% من الحديد، وهي النسبة الأعلى على الإطلاق".
يسهم تحويل النفايات الصلبة إلى حديد في تعظيم مكاسب قطاع صناعة الصلب بوجه عام، ويشير الشيخ إلى أن سعر تصدير تلك النفايات لم يتعد 50 دولارا للطن الواحد، بينما قد يصل سعر طن الحديد المستعاد منها إلى نحو 400 دولار.
وعلى صعيد آخر، تمثل تلك النفايات تحديا بيئيا كبيرا، فهي قابلة للاشتعال ويصعب التخلص منها، وإعادة تحويل هذه النفايات لحديد تسهم في الحد من آثار التلوث التي تسببها، ويسعى القائمون على المشروع لاستخدام الهيدروجين الأخضر مستقبلا بدلا من الفحم لاختزال الحديد، الأمر الذي يحد من إنتاج الكربون ويسهم في التكيف مع التغيرات المناخية.
ولتحقيق هذه المكاسب، ينبغي التمكن من استخدام هذه التقنية على نطاق واسع، وهو ما أكدته الدكتورة المحلاوي موضحة "يمكن إضافة خطوات هذا المشروع إلى أقسام الصهر بمصانع إنتاج الصلب لتحويل النفايات الصلبة مباشرة إلى حديد من أجل إعادة استخدامه، لكن تحقيق هذا يتطلب إجراء بعض التجارب الإضافية نظرا لاختلاف نوع الأفران الموجودة في تلك المصانع عن الفرن المستخدم بالتعامل مع النفايات".
خطوات عدة قادمةيعمل الفريق البحثي حاليا على تطوير إنتاجية مشروعهم بهدف زيادة كمية الحديد من ألف إلى ألفي طن بحلول عام 2024، ويسعون إلى إجراء مختلف التجارب بهدف تعميم استخدام التقنية في مصر والشرق الأوسط، إلى جانب تعظيم نسبة استعادة الحديد جراء الاعتماد على تقنيتهم المتطورة.
وتختتم المحلاوي حديثها قائلة "هذه التقنية نتاج مشروع الماجستير البحثي الخاص بالمهندس الشيخ، ولقد شرفت أن أكون من يناقش رسالته، وسعيدة بخروج المشروع إلى النور، وقد استطاع بالفعل تحويل النفايات إلى مواد قيمة تحقق مكاسب كبرى لصناعة الحديد".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
باحث فلكي: لا نرى سوى 5% من الكون.. والمادة المظلمة تتحكم في المجرات
كشف الباحث في برنامج علوم الفلك والفضاء الإثرائي، مصعب الشريف، لـ ”اليوم“، عن جوانب أحد أعظم ألغاز الكون المعاصر والمتمثل في ”المادة المظلمة“.
وأوضح أن هذه المادة الغامضة، التي لا تتفاعل مع الضوء ولا يمكن رؤيتها مباشرة، تمثل الجزء الأكبر من إجمالي كتلة الكون، وتلعب دوراً محورياً في التحكم بسلوك المجرات والنجوم من خلال تأثير جاذبيتها الهائل.
أخبار متعلقة باحثة فلكية: موجات الجاذبية نافذة ثورية لفك ألغاز الكونعمره ملايين السنين.. الإعلان عن كشف أثري جديد بالمملكة اليوم3 خطوات.. إجراءات التقديم على برنامج "فرص" لشاغلي الوظائف التعليمية .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } باحث فلكي: لا نرى سوى 5% من الكون.. والمادة المظلمة تتحكم في المجراتكون مجهولوأشار الشريف إلى أن كل المادة العادية التي نعرفها ونرصدها في الكون، من كواكب ونجوم ومجرات، لا تشكل سوى حوالي 5% فقط من إجمالي مكوناته، أما النسبة الساحقة المتبقية، فتبقى مجهولة وغامضة، وتتصدرها المادة المظلمة والطاقة المظلمة.
وأضاف أنه على الرغم من عدم قدرتنا على رؤية المادة المظلمة، إلا أن تأثير جاذبيتها هو ”الغراء الكوني“ الذي يحافظ على تماسك النجوم داخل المجرات ويمنعها من الانفلات والتبعثر، وهو ما يتعارض مع التوقعات المبنية على حساب جاذبية المادة المرئية وحدها وفقاً لقانون نيوتن.
مصعب الشريف
وحول كيفية الاستدلال على وجودها، أفاد الشريف بأن العلماء لاحظوا أن النجوم الموجودة في الأطراف الخارجية للمجرات تدور بسرعات عالية جداً لا يمكن تفسيرها بكمية المادة المرصودة في تلك المجرات.
فوفقاً للحسابات التقليدية، كان يجب أن تتغلب سرعة هذه النجوم على جاذبية المجرة وتنفلت منها، وهذه الظاهرة غير المتوقعة دفعت العلماء بقوة إلى افتراض وجود كمية هائلة من ”مادة“ خفية وغير مرئية توفر الجاذبية الإضافية اللازمة لتفسير هذه السرعات العالية والحفاظ على بنية المجرة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } باحث فلكي: لا نرى سوى 5% من الكون.. والمادة المظلمة تتحكم في المجراتتوازن كونيونبه الباحث الفلكي إلى ضرورة التمييز بين المادة المظلمة والطاقة المظلمة، موضحاً أنهما قوتان متضادتان رغم تشابه الاسم.
وأشار إلى ـن المادة المظلمة تعمل كقوة جاذبة تحاول تجميع أجزاء الكون، بينما تعمل الطاقة المظلمة، التي تشكل النسبة الأكبر من محتوى الكون «حوالي 69%»، كقوة طاردة تتسبب في تسارع تمدد الكون، مبينًا أن التوازن الدقيق بين هاتين القوتين هو ما يحدد مصير الكون.
وتطرق الشريف، إلى نظرية مثيرة للاهتمام تربط المادة المظلمة بنشأة الثقوب السوداء الهائلة في بدايات الكون، قائلاً إن بعض الدراسات تشير إلى احتمال أن تكون المادة المظلمة قد عملت كـ ”وقود خفي“ ساهم في تسريع نمو هذه الثقوب بعد الانفجار العظيم، ما قد يفسر أحجامها الضخمة التي يصعب تفسيرها بالاعتماد على عمر الكون فقط.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } باحث فلكي: لا نرى سوى 5% من الكون.. والمادة المظلمة تتحكم في المجرات
ورغم كل هذه التأثيرات والأدلة غير المباشرة، أكد الشريف أن الطبيعة الحقيقية للمادة المظلمة لا تزال لغزاً علمياً كبيراً. فبينما تُعتبر جسيمات النيوترينو مرشحاً محتملاً، إلا أنها لا تمتلك الكتلة الكافية لتفسير كل التأثيرات المرصودة. ولهذا، يواصل العلماء البحث عن جسيمات افتراضية أخرى مثل ”الويمبس“ «WIMPs» أو ”الأكسيونات“ «Axions»، والتي لم يتم اكتشافها بعد.
واختتم مصعب الشريف حديثه لـ ”اليوم“ بالتأمل في محدودية المعرفة البشرية أمام اتساع الكون وغموضه، قائلاً: ”كلما تقدمنا في فهم الكون، نكتشف أن ما نعرفه ليس سوى قطرة في محيط. فالمادة المظلمة مثال حي على مدى عمق هذا الغموض الكوني، وعلى أن لكل سر عظيم خالق أعظم.“