نجح المهندس المصري حازم الشيخ وفريقه البحثي بالجامعة الألمانية بالقاهرة (GUC) في ابتكار تقنية جديدة تمكن صناع الصلب من إعادة استغلال فضلات عملية التصنيع المعروفة باسم "قشور الدرفلة" (Mill Scale) عبر تحويلها إلى حديد.

وناقش الشيخ هذا المشروع، وعلق على نتائج دراسته خلال منتدى "صناعة الصلب" بالشرق الأوسط الذي نظمته جمعية "تكنولوجيا الحديد والصلب" (AIST) لأول مرة في الشرق الأوسط بالعاصمة المصرية خلال يونيو/حزيران الماضي.

وقبلت الدراسة للنشر في دورية "ريزالتس إن ماتيريالز" (Results in Materials)، وتم نشر مسودة أولية على موقع "إس إس آر إن" (SSRN) في 6 يونيو/حزيران الماضي.

التخلص من فضلات صناعة الصلب ضروري

قشور الدرفلة هي طبقة من الحديد المؤكسد التي تغطي سطح الحديد الساخن (بسبب تعرضه للهواء) أثناء عمليات صناعة الصلب، وتركها دون إزالة يسبب مشكلات عدة، منها صدأ الصلب المنتج، وإضعاف قوته، وصعوبة التعامل معه باستخدام اللحام، لذا تزال تلك القشور.

ويوضح الشيخ المؤلف الرئيس للدراسة أن مصر تنتج سنويا نحو 200-300 ألف طن من هذه القشور دون وجود إمكانية استخدامها بصورة مباشرة، فيقوم المعنيون بتصديرها للخارج بمبالغ بسيطة إلى الدول التي تستطيع إعادة استخدامها، ويستخدم جزء منها في صناعات الإسمنت وتقنيات تنقية المياه.

لذا سعى الفريق البحثي إلى تطوير تقنية، بسيطة غير مرتفعة التكلفة، تسهم في إعادة تحويل هذا الحديد المؤكسد إلى حديد قابل للاستخدام من جديد في صناعة الصلب.

مصر تنتج سنويا نحو 300 ألف طن من قشور الدرفلة دون وجود إمكانية لاستخدامها بصورة مباشرة (شترستوك) ابتكار غير معقد ونتائج مميزة

ويشرح الشيخ التقنية الجديدة قائلا "يعتمد المشروع على استخدام ما يعرف باسم الفرن الدوار القلاب (Tilting rotary furnace) حيث تخلط قشور الدرفلة بالفحم تحت درجة حرارة مرتفعة ما بين 900 و1200 درجة مئوية، مما ينتج عنه تكون حديد ناعم، ثم يتم رفع الحرارة من جديد إلى نحو 1350 درجة مئوية.

ويتمثل الناتج النهائي لهذه العملية في "كرات" من الحديد، ويمنع هذا الشكل الكروي تعرض الحديد للأكسدة من جديد، ويصير بالإمكان شحن تلك الكرات لمصانع الصلب لإعادة استغلالها كحديد.

ويؤكد الشيخ أن نسبة استعادة الحديد من قشور الدرفلة وصلت إلى نحو 90% من الحالة المعدنية (أي 90% من الحديد) والمشروع قيد التنفيذ بالفعل، ويوجد نموذج أولي ينتج نحو ألف طن من الحديد شهريا.

وللتعليق على نتائج هذه الدراسة، أجرت الجزيرة نت حوارا مع الأستاذة الدكتورة إيمان صلاح المحلاوي، أستاذ هندسة المواد والفلزات كلية الهندسة جامعة القاهرة، وعضو مجلس إدارة جمعية تكنولوجيا الحديد والصلب.

وتوضح المحلاوي قائلة "لقد أجريت محاولات عدة سابقة تهدف إلى تحويل النفايات الصلبة إلى حديد صالح لإنتاج الصلب، وحققت تلك المحاولات نتائج جيدة لكنها عانت عقبات عدة أهمها عدم استعادة نسبة كبيرة من الحديد، وهو ما حققه الشيخ، فالاعتماد على تقنيته أدى إلى إنتاج مادة تحتوي على نحو 90% من الحديد، وهي النسبة الأعلى على الإطلاق".

الباحثون يسعون لاستخدام الهيدروجين الأخضر مستقبلا لاختزال الحديد بهدف التكيف مع التغيرات المناخية (شترستوك) مكاسب اقتصادية وفوائد بيئية

يسهم تحويل النفايات الصلبة إلى حديد في تعظيم مكاسب قطاع صناعة الصلب بوجه عام، ويشير الشيخ إلى أن سعر تصدير تلك النفايات لم يتعد 50 دولارا للطن الواحد، بينما قد يصل سعر طن الحديد المستعاد منها إلى نحو 400 دولار.

وعلى صعيد آخر، تمثل تلك النفايات تحديا بيئيا كبيرا، فهي قابلة للاشتعال ويصعب التخلص منها، وإعادة تحويل هذه النفايات لحديد تسهم في الحد من آثار التلوث التي تسببها، ويسعى القائمون على المشروع لاستخدام الهيدروجين الأخضر مستقبلا بدلا من الفحم لاختزال الحديد، الأمر الذي يحد من إنتاج الكربون ويسهم في التكيف مع التغيرات المناخية.

ولتحقيق هذه المكاسب، ينبغي التمكن من استخدام هذه التقنية على نطاق واسع، وهو ما أكدته الدكتورة المحلاوي موضحة "يمكن إضافة خطوات هذا المشروع إلى أقسام الصهر بمصانع إنتاج الصلب لتحويل النفايات الصلبة مباشرة إلى حديد من أجل إعادة استخدامه، لكن تحقيق هذا يتطلب إجراء بعض التجارب الإضافية نظرا لاختلاف نوع الأفران الموجودة في تلك المصانع عن الفرن المستخدم بالتعامل مع النفايات".

خطوات عدة قادمة

يعمل الفريق البحثي حاليا على تطوير إنتاجية مشروعهم بهدف زيادة كمية الحديد من ألف إلى ألفي طن بحلول عام 2024، ويسعون إلى إجراء مختلف التجارب بهدف تعميم استخدام التقنية في مصر والشرق الأوسط، إلى جانب تعظيم نسبة استعادة الحديد جراء الاعتماد على تقنيتهم المتطورة.

وتختتم المحلاوي حديثها قائلة "هذه التقنية نتاج مشروع الماجستير البحثي الخاص بالمهندس الشيخ، ولقد شرفت أن أكون من يناقش رسالته، وسعيدة بخروج المشروع إلى النور، وقد استطاع بالفعل تحويل النفايات إلى مواد قيمة تحقق مكاسب كبرى لصناعة الحديد".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

رحل جمعة بابو (أبو حديد)

*رحل جمعة بابو (أبو حديد)*
*أعمال جليلة لقدامى المحاربين من أبناء منطقة البيبور*
*في وحدة شعب جنوب السودان*

*ياسر عرمان*

بالأمس في مدينة جوبا رحل المناضل الكبير وأحد مؤسسي الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان الرفيق والصديق القائد جمعة بابو كاكا (أبو حديد) من الكتيبة (105) التي فجرت الكفاح المسلح في مدينة بور في 16 مايو 1983، بقيادة الراحل كاربينو كوانجن بول.
التقيت بأبي حديد في المرة الأولى في النيل الأزرق في 1987، وكانت المرة الأخيرة في آخر زيارة لي لمدينة جوبا قبل حوالي عام، وكنت قد قابلت أحد أقربائه الذي يعمل في حراسة الرئيس سلفا كير وسألته عنه وبعثت له بالتحايا النضرات فجاء لزيارتي في مكان إقامتي وتحدثنا طويلا عن ذكريات الأمس وعن الأصدقاء الراحلين والأحياء وعن قدامى المحاربين من منطقة البيبور من أبناء المورلي الذين ساهموا مساهمات جليلة في مسيرة الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان وفي وحدة شعب جنوب السودان وتاريخه المشترك، والمورلي وعاصمتهم هي مدينة البيبور في جنوب شرق أعالي النيل، وهم محاربين عظام لهم مساهمات عضدت من وحدة الجنوبيين ومستقبلهم المشترك، وشاركت نخبة منهم في تأسيس الحركة الشعبية والجيش والشعبي. وفي خاتمة لقائنا أخذنا صورا تبقي بعد أن نغيب، وطلب مني أن أرسلها له حتي يحتفظ بها في منزله.
لابد لي أن أذكر الرفاق والأصدقاء من منطقة البيبور الذين شاركوا جمعة بابو رحلته، ومن الراحلين أذكر لوقوشو لوكني الذي عملت معه في الرئاسة المتحركة لجون قرنق، وكلمنت كاتنجا زميلنا في المدرسة السياسية وكان قد درس في مدينة ود مدني، والشهيد ديفيد ناري الذي استشهد في النيل الأزرق، وكورك أدونج كورك وكتشنر موسانق وقايين، والأصدقاء الرفاق في جوبا، القائد كنيدي قايين ومارشال إستيفن مدير الإستخبارات العسكرية الحالي وحكيم لاكورنج. ولابد لي من تذكر القائد الشهيد ناشقاك ناشلوك العضو المناوب في القيادة العليا للحركة الشعبية والجيش الشعبي والذي استشهد في معارك كبويتا في منتصف الثمانينيات، وهو من مؤسسي الحركة الشعبية. لقد كانت لهم بصمة أعطت صورة زاهية لوحدة الجنوب والحركة الشعبية فطوبى لنضالاتهم.
ولابد لي أن أعتذر عن ما فاتني من واجب العزاء وأنا في عجلة من أمر الحياة،
و أن أسجل تعازي الحارة لأسر وأهل وأصدقاء لرفاق جميلين رحلوا عن دنيانا مؤخرا، وعلى رأسهم الصديق العزيز أجانق مدنق الذي أشاع البهجة في سنوات الغابة، ومتيانق ديل (حموري)، وماكير ثيونق مال الذي شاركت الأسبوع الماضي في مخاطبة مراسم وداعه، فلهم الرحمة والمغفرة عند مليك رحيم.
العزاء لأسرة القائد جمعة بابو (أبو حديد) وأهله وأصدقائه ومعارفه ولشعب وحكومة جنوب السودان.
والمجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام
29 ديسمبر 2024  

مقالات مشابهة

  • رحل جمعة بابو (أبو حديد)
  • أزمة النفايات تعود إلى الواجهة
  • دراسة بيئية شاملة بمدينة رأس سدر لتقييم جودة الرواسب والمخاطر الصحية
  • منتخب اليمن ينتصر على البحرين ويحقق أول فوز له في تاريخ كأس الخليج
  • كارثة بيئية بالبحر الأسود.. إنقاذ أكثر من 1200 طائر بعد غرق ناقلتي نفط (فيديو)
  • شرفي: الانتقال الطاقي في العالم شائك ومعقد جراء أسباب تقنية واقتصادية وجيوسياسية
  • خطيب المسجد الحرام: التعصب حجاب غليظ يحول بين الحق وصاحبه
  • عاطل يحول مسكنه لورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالمنوفية
  • طن حديد عز بكام؟.. مفاجأة في أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 27 ديسمبر 2024
  • شاب مصري يحول أشكال لعبة الشطرنج إلى مجسمات من الريف.. تعبر عن أصالتنا