في ذكرى معركة الفلوجة.. جرائم الاحتلال الإسرائيلي بغزة على خطى الأمريكان
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
تتبع قوات الاحتلال الإسرائيلي سياسة إحراق الأرض افي غزة الآن، من خلال سلسلة المجازر التي يرتكبها العدو ضد المدنيين، متسببة في وفاة أكثر من 10 آلاف أشخاص، ومعظمهم من الأطفال.
كل ذلك يحدث بمساعدة وتغطية من الولايات المتحدة الأمريكية حيث استخدمت إسرائيل أساليب إجرامية تتعارض مع المواثيق الدولية والأعراف، إذ قامت بقطع الكهرباء والمياه والوقود عن قطاع غزة.
فعلت أمريكا ذات الأمر في عام 2014 عندما قامت مجندة أمريكية بإهانة مواطن عراقي في الفلوجة. إذ قامت تلك المُجندة بخلع حذائها العسكري وضربت الرجل على رأسه.
كانت المجندة تحمل سلاحها وتحتمي بزملائها في الجيش، وظنت أن الرجل سيخاف ولن يجرؤ على اتخاذ موقف، لكنها لم تكن تعرف أن ما فعلته ليس مقبولًا بالنسبة لمواطن عراقي، وعلى الفور دخل الرجل إلى منزله وأحضر سلاحه وأطلق على تلك المُجندة فأسقطها.
استفز هذا الجيش الأمريكي، الذي سرعان ما قام بتصفية هذا الرجل وسط أهله.
منذ تلك اللحظة بدأت اشتباكات بين الأهالي في المنطقة وبين الدورية الأمريكية، وراح نتاج ذلك العديد من أهالي المنطقة أدى ذلك، بالإضافة إلى بعض الاستفزازات الأخرى من الجيش الأمريكي، إلى قيام المقاومين في الفلوجة بعمل كمين لأربعة جنود أمريكيين.
كان الجنود الأربعة يقودون قافلة من المساعدات إلى قاعدة أمريكية في الفلوجة، عندما هجم عليهم المحاربون العراقيون وأشعلوا النيران في سياراتهم، وقد التقطت الكاميرات هذه الواقعة، بل وتمت إذاعتها بشكل مباشر على التلفاز.
رأي القادة الأمريكيون ما حدث لجنودهم على الهواء مباشرة فشعروا بالإهانة الشديدة، خاصة عندما تأكدوا من أن ما حدث كان مُجهزًا له وكان بمثابة المصيدة للجنود الأربعة، وأن التصوير التلفزيوني كان جزءًا من الخطة. بالتالي قرروا القيام بمعركة كبرى للانتقام مما حدث.
كان اتخاذ هذا القرار أمرًا سهلًا بالنسبة للقادة الأمريكيين الواثقين من قوة جيشهم وتسليحه الجيد. وفي نفس الوقت كان هناك نوع من الاستهانة بقدرة أهل الفلوجة على الصمود.
في شهر أبريل من عام 2004 احتشدت قوات المارينز الأمريكية واستعدت لدخول الفلوجة، لكنهم تفاجأوا بما حدث. إذ خرج معظم أهالى الفلوجة للدفاع عن حدودهم ومنعوا القوات الأمريكية من الدخول. وفي نفس الوقت قامت بعض العشائر من خارج الفلوجة بتطويق القوات الأمريكية ومنع العتاد والإمدادات التي كانت تأتيهم من قواعدهم.
وفجأة أصبحت القوات الأمريكية مُحاصَرة بدلًا من أن تكون هي المُحاصِرة، وبدأت معنوياتهم تنخفض مع مرور الساعات والأيام. ثم انهارت ثقتهم بأنفسهم شيئًا فشيئًا مع سقوط المئات منهم. كان الرقم المُعلن عن خسائر الأمريكان في معركة الفلوجة الأولى حوالي 500 جندي أمريكي، بينما في الواقع كانت الخسائر أكبر من هذا بكثير. إذ أخفت القيادة الأمريكية الأعداد الحقيقية للقتلى حتى تُحافظ على الروح المعنوية للجيش وعلى هيبته أمام العالم. وما يؤكد ذلك هو أنهم طلبوا هُدنة ووقف لإطلاق النار بشكل رسمي، وربما هذه أحد المرات النادرة في التاريخ كله التي يطلب فيها الجيش الأمريكي هدنة أثناء حرب من حروبه الكثيرة.
وما يؤكد أيضًا أن الخسائر كانت كبيرة للجيش الأمريكي في هذه المعركة، هو أن "بوش" صرَّح لوسائل الإعلام وقال إنه يُصلي ويدعو الله من أجل أن تنجو قواته من هذه المعركة وتقل الخسائر في أرواح الجنود. وكان هذا بمثابة الانتصار الأول للجيش العراقي على أمريكا وقتها. لكن المعركة لم تنتهِ بعد.
وبعد حوالي 7 أشهر من محاولة الدخول الفاشلة إلى الفلوجة، أرادت القوات الأمريكية أن تُعيد الكرَّة مرة أخرى وتدخل الفلوجة، فحدثت معركة الفلوجة الثانية.
هذه المرة كان الجنود الأمريكيون أقل ثقة في قدراتهم، فقاموا بمضاعفة أعداد الجنود لأكثر من 6 أضغاف وأصبحوا أكثر من المحاربين العراقيين ب 15 ضعفًا، ثم مهدوا للدخول بقصف مدفعي من بعيد. وهذا يُثبت أنهم أدركوا مقدار القوة التي يملكها أهالي الفلوجة، وهي تذكرنا الآن بشجاعة وقوة مدينة أخرى نعرفها جميعًا ونتمنى لها الصمود.
قبل البدء في الدخول قاموا بقطع الكهرباء والماء على أهالي الفلوجة، لكنهم أثناء محاولة الدخول الثانية تعرضوا لنفس ما تعرضوا له في المرة الأولى. بالتالي قرروا التنازل عن الدخول البري مؤقتًا، ولم يعد أمامهم إلا الاعتماد على السلاج الجوي لإيقاع خسائر كبيرة بالمدينة. واستخدموا كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، مثل قنابل الفسفور الأبيض الممنوعة دوليًّا.. مما أدى إلى خسائر كبيرة في أرواح الأهالي، وتحولت المدينة العامرة إلى مجموعة من الحجارة المتراكمة.
وسط كل هذه الخسائر لم يكن أمام الأهالي خيارًا غير ترك المدينة والهجرة إلى مناطق أخرى. وهذا يجعلنا نفكر في مدى التشابه والتقارب بين تلك الواقعة وما يحدث الآن: ما أشبه الليلة بالبارحة!
رغم دخول القوات الأمريكية في النهاية إلى المدينة، إلا أن الأهالي والمحاربين الذين أصروا على البقاء استمروا في إزعاج القوات الأمريكية وتوجيه الضربات لها. وقد قال معظم القادة الأمريكيين، وعلى رأسهم" بول بريمر" الذي كان يتولى الحكم الإداري للعراق: "إن الفلوجة مدينة صعبة للغاية ومن الصعب السيطرة على أهلها، وقد سببت للجيش الأمريكي العديد من المشاكل". ولكي يبرر ما حدث له ولجيشه من أهل هذه المدينة، قال إن صدام حسين نفسه لم يكن يستطيع السيطرة على أهل الفلوجة. وبالتأكيد فإن بريمر قال ذلك ليحفظ ماء وجهه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الفلوجة الجيش الأمريكي القوات الأمریکیة فی الفلوجة ما حدث
إقرأ أيضاً:
أزمة المفاوض اللبناني بين مطرقة الأمريكان وسندان الفرقاء من شركاء الوطن!!
تحدثنا في مقال سابق عن سعي دولة الاحتلال، وخلفها أمريكا الشريك والمخطط الرئيس لكافة المصائب التي تحدث في منطقتنا العربية، ومعهما ومن خلف الستار بعض حكومات المنطقة، إلى تعويض خسائرها وستر عوراتها وإخفاء فضائحها في المعارك التي خاضتها مع المقاومة في غزة ولبنان، والتي بلغت مبلغا كان بمثابة التكفير عن العار والخذلان الذي مارسته بعض الأنظمة العربية التي سارعت بالارتماء في أحضان العدو الصهيوني؛ رغبا في نيل رضا الأمريكي والفوز بوعده في تنفيذ صفقة القرن، ورهبا من غضبه ووعيده!..
وأخطر ما تنتظره المقاومة اللبنانية تحديدا بعد بلائها الحسن وتضحياتها الجسام بخيرة قادتها وصفوة شبابها؛ ليس المزيد من عمليات القصف والخسف -التي لا تهدأ وتيرتها- تطال الحاضنة الشعبية في لبنان وقلبها في العاصمة بيروت من منازل وأبنية ومؤسسات خدمية ومستشفيات وسيارات للإسعاف، تماما كالذي فعلته الآلة الحربية الإجرامية والمدعومة أمريكيا في غزة؛ من تدمير لم يحدث له مثيل في القرنين العشرين والحادي والعشرين..
لكنني أعني بالأخطر هنا هو اللعب على التباين الأيديولوجي في التركيبة السكانية المعقدة للشعب اللبناني بطوائفه متشعبة الاتجاهات والتحالفات؛ ما بين مسيحيين مارون وكاثوليك مرتبطين بأوروبا وفي قلبها فرنسا التي تكفي وحدها لتأجيج أي صراع وإفشال أي تفاهمات! أو بين سنّة مرتبطين بحكومات المكون السني العربي الممزق وخلفها تقف بعجزها الدائم "جامعة الدول العربية"! أو شيعة وعلويين لا يخفى على القاصي والداني ارتباطهم ولُحمتهم بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، ناهيك عن بقية الطوائف مثل الدروز والزرادشت والبهائيين.. الخ، وأمريكا وخلفها أوروبا تلعبان على تلك التباينات والتشابكات في المصالح وعلى مرجعية كل طائفة، وشبكة العلاقات التي تؤثر على القرارات حتى بين مكونات الوطن الواحد!..
ولقد اعتدنا كلما زادت ضربات المقاومة وأوجعت في جسد العدو الصهيوني أن يسارع الراعي الرسمي للاحتلال -البيت الأبيض- إلى إرسال مبعوثه وموفده إلى المنطقة العربية، كما صرح بذلك نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله، السيد "محمود قماطي"، في حديثه مع فضائية الجزيرة قائلا: لولا قوة المقاومة لما سعت أمريكا إلى الحل! وهو ما يحدث الآن في جولات المبعوث الأمريكي إلى بيروت "آموس هوكشتاين" لإجراء ما يسمى بمحادثات السلام، لممارسة الضغوط على الفرقاء اللبنانيين ومحاولات الابتزاز الحقيرة التي تجيدها الإدارة الأمريكية.. تماما كما حدث في ملف الوساطة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وأخواتها من فصائل المقاومة الفلسطينية، والضغوط التي مارستها أمريكا على الوسطاء (قطر، مصر) من خلال وزير خارجيتها "أنتوني بلينكن"، ورئيس وكالة المخابرات المركزية "وليم بيرنز"، وهو ما ضجت من منه الدوحة وأعلنه المتحدث باسم الخارجية القطرية؛ أن دولة قطر لن تخضع لمزيد من محاولات الابتزاز!
لا حل إذا إلا كما قال الأمين العام لحزب الله، السيد "نعيم قاسم"، في بيانه الأخير والذي تناقلته الصحف والمحطات الفضائية: لدينا مساران لا ينفصلان، أولهما مسار المقاومة، وثانيهما المفاوضات، وأن المقاومة باقية في كل الحالات، نجحت المفاوضات أو فشلت، وأن على العدو أن يتوقع الرد على وسط تل أبيب إذا أقدم على استهداف بيروت، وأن المقاتلين مستعدون لخوض معركة طويلة.. الخ.
ولا حل كذلك إلا بتفاهمات الفرقاء اللبنانيين للحيولة دون أي محاولات رخيصة من طرف الإدارة الأمريكية، مثل الحديث عن ضرورة تطبيق القرار الأممي الصادر من مجلس الأمن رقم "1701" والذي يقضي بنزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان (حزب الله)! وأنه لن توجد أي قوات مسلحة غير قوات اليونيفيل والجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، إلى غيرها من شروط القرارات المعطلة التي لا تعاد الحياة إليها إلا لمناكفة المقاومة والنيل من المكاسب التي حققتها، وليس حبا في الحكومة اللبنانية ولا انتصارا لشرعيتها!..
وذلك تماما كما يتناول الراعي الأمريكي -عنوة!- المفاوضات بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، والحديث عن المصالحة الفلسطينية وإنهاء القطيعة بين فصائل المقاومة ومنظمة التحرير الفلسطينية بتكوينها الحالي؛ من أعضاء حركة فتح ورجال السيد "أبي مازن" في السلطة الفلسطينية، صاحبة الصك الرسمي والحصري في الحديث باسم الشعب الفلسطيني، رضي الشعب أم لم يرض! أقيمت انتخابات أو لم تقم! فهؤلاء باقون بقوة الأمر الواقع، باقون بقوة الراعي الأمريكي، باقون بتزكية أصحاب المنح السخية في منطقتنا العربية، والتي يتم تحويلها عبر بنوك الاحتلال الإسرائيلي لتصل إلى السيد القابع في مقر إقامته بمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله!