تتبع قوات الاحتلال الإسرائيلي سياسة إحراق الأرض افي غزة الآن، من خلال سلسلة المجازر التي يرتكبها العدو ضد المدنيين، متسببة في وفاة أكثر من 10 آلاف أشخاص، ومعظمهم من الأطفال.

كل ذلك يحدث بمساعدة وتغطية من الولايات المتحدة الأمريكية حيث استخدمت إسرائيل أساليب إجرامية تتعارض مع المواثيق الدولية والأعراف، إذ قامت بقطع الكهرباء والمياه والوقود عن قطاع غزة.

حتى المستشفيات ومحطات الطاقة الشمسية تعرضت للقصف هذا المشهد المؤلم يعيد إلى الأذهان ما حدث في الفلوجة قبل 19 عامًا.

فعلت أمريكا ذات الأمر في عام 2014  عندما قامت مجندة أمريكية بإهانة مواطن عراقي في الفلوجة. إذ قامت تلك المُجندة بخلع حذائها العسكري وضربت الرجل على رأسه. 

كانت المجندة تحمل سلاحها وتحتمي بزملائها في الجيش، وظنت أن الرجل سيخاف ولن يجرؤ على اتخاذ موقف، لكنها لم تكن تعرف أن ما فعلته ليس مقبولًا بالنسبة لمواطن عراقي، وعلى الفور دخل الرجل إلى منزله وأحضر سلاحه وأطلق على تلك المُجندة فأسقطها.

استفز هذا الجيش الأمريكي، الذي سرعان ما قام بتصفية هذا الرجل وسط أهله.

منذ تلك اللحظة بدأت اشتباكات بين الأهالي في المنطقة وبين الدورية الأمريكية، وراح نتاج ذلك العديد من أهالي المنطقة أدى ذلك، بالإضافة إلى بعض الاستفزازات الأخرى من الجيش الأمريكي، إلى قيام المقاومين في الفلوجة بعمل كمين لأربعة جنود أمريكيين.

 كان الجنود الأربعة يقودون قافلة من المساعدات إلى قاعدة أمريكية في الفلوجة، عندما هجم عليهم المحاربون العراقيون وأشعلوا النيران في سياراتهم، وقد التقطت الكاميرات هذه الواقعة، بل وتمت إذاعتها بشكل مباشر على التلفاز.

رأي القادة الأمريكيون ما حدث لجنودهم على الهواء مباشرة فشعروا بالإهانة الشديدة، خاصة عندما تأكدوا من أن ما حدث كان مُجهزًا له وكان بمثابة المصيدة للجنود الأربعة، وأن التصوير التلفزيوني كان جزءًا من الخطة. بالتالي قرروا القيام بمعركة كبرى للانتقام مما حدث.

كان اتخاذ هذا القرار أمرًا سهلًا بالنسبة للقادة الأمريكيين الواثقين من قوة جيشهم وتسليحه الجيد. وفي نفس الوقت كان هناك نوع من الاستهانة بقدرة أهل الفلوجة على الصمود.

في شهر أبريل من عام 2004 احتشدت قوات المارينز الأمريكية واستعدت لدخول الفلوجة، لكنهم تفاجأوا بما حدث. إذ خرج معظم أهالى الفلوجة للدفاع عن حدودهم ومنعوا القوات الأمريكية من الدخول. وفي نفس الوقت قامت بعض العشائر من خارج الفلوجة بتطويق القوات الأمريكية ومنع العتاد والإمدادات التي كانت تأتيهم من قواعدهم.

وفجأة أصبحت القوات الأمريكية مُحاصَرة بدلًا من أن تكون هي المُحاصِرة، وبدأت معنوياتهم تنخفض مع مرور الساعات والأيام. ثم انهارت ثقتهم بأنفسهم شيئًا فشيئًا مع سقوط المئات منهم. كان الرقم المُعلن عن خسائر الأمريكان في معركة الفلوجة الأولى حوالي 500 جندي أمريكي، بينما في الواقع كانت الخسائر أكبر من هذا بكثير. إذ أخفت القيادة الأمريكية الأعداد الحقيقية للقتلى حتى تُحافظ على الروح المعنوية للجيش وعلى هيبته أمام العالم. وما يؤكد ذلك هو أنهم طلبوا هُدنة ووقف لإطلاق النار بشكل رسمي، وربما هذه أحد المرات النادرة في التاريخ كله التي يطلب فيها الجيش الأمريكي هدنة أثناء حرب من حروبه الكثيرة.

وما يؤكد أيضًا أن الخسائر كانت كبيرة للجيش الأمريكي في هذه المعركة، هو أن "بوش" صرَّح لوسائل الإعلام وقال إنه يُصلي ويدعو الله من أجل أن تنجو قواته من هذه المعركة وتقل الخسائر في أرواح الجنود. وكان هذا بمثابة الانتصار الأول للجيش العراقي على أمريكا وقتها. لكن المعركة لم تنتهِ بعد.

وبعد حوالي 7 أشهر من محاولة الدخول الفاشلة إلى الفلوجة، أرادت القوات الأمريكية أن تُعيد الكرَّة مرة أخرى وتدخل الفلوجة، فحدثت معركة الفلوجة الثانية.  

هذه المرة كان الجنود الأمريكيون أقل ثقة في قدراتهم، فقاموا بمضاعفة أعداد الجنود لأكثر من 6 أضغاف وأصبحوا أكثر من المحاربين العراقيين ب 15 ضعفًا، ثم مهدوا للدخول بقصف مدفعي من بعيد. وهذا يُثبت أنهم أدركوا مقدار القوة التي يملكها أهالي الفلوجة، وهي تذكرنا الآن بشجاعة وقوة مدينة أخرى نعرفها جميعًا ونتمنى لها الصمود.

قبل البدء في الدخول قاموا بقطع الكهرباء والماء على أهالي الفلوجة، لكنهم أثناء محاولة الدخول الثانية تعرضوا لنفس ما تعرضوا له في المرة الأولى. بالتالي قرروا التنازل عن الدخول البري مؤقتًا، ولم يعد أمامهم إلا الاعتماد على السلاج الجوي لإيقاع خسائر كبيرة بالمدينة. واستخدموا كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، مثل قنابل الفسفور الأبيض الممنوعة دوليًّا.. مما أدى إلى خسائر كبيرة في أرواح الأهالي، وتحولت المدينة العامرة إلى مجموعة من الحجارة المتراكمة.

وسط كل هذه الخسائر لم يكن أمام الأهالي خيارًا غير ترك المدينة والهجرة إلى مناطق أخرى. وهذا يجعلنا نفكر في مدى التشابه والتقارب بين تلك الواقعة وما يحدث الآن: ما أشبه الليلة بالبارحة!

رغم دخول القوات الأمريكية في النهاية إلى المدينة، إلا أن الأهالي والمحاربين الذين أصروا على البقاء استمروا في إزعاج القوات الأمريكية وتوجيه الضربات لها. وقد قال معظم القادة الأمريكيين، وعلى رأسهم" بول بريمر" الذي كان يتولى الحكم الإداري للعراق: "إن الفلوجة مدينة صعبة للغاية ومن الصعب السيطرة على أهلها، وقد سببت للجيش الأمريكي العديد من المشاكل". ولكي يبرر ما حدث له ولجيشه من أهل هذه المدينة، قال إن صدام حسين نفسه لم يكن يستطيع السيطرة على أهل الفلوجة. وبالتأكيد فإن بريمر قال ذلك ليحفظ ماء وجهه. 
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الفلوجة الجيش الأمريكي القوات الأمریکیة فی الفلوجة ما حدث

إقرأ أيضاً:

عظم شهيدك.. 9 مارس يوم الشهيد ذكرى الفداء والتضحية في سبيل الوطن

في التاسع من مارس من كل عام، تحيي مصر و القوات المسلحة ذكرى يوم الشهيد، وهو ذكرى استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق الذي استشهد عام 1969 على الجبهة وسط جنوده، حينما ضرب أروع الأمثال في الفداء والتضحية من أجل حماية الوطن.

ففي يوم 8 مارس 1969، شنت المدفعية المصرية قصفا لنقاط العدو على خط بارليف حققت فيها نتائج مبهرة، وفى اليوم التالي، قرر الفريق أول عبد المنعم رياض في التاسع من مارس أن يكون على الجبهة بين ضباطه وجنوده يشد من أزرهم، وذهب الشهيد لمقر قيادة الجيش الثاني وفور وصوله، استقل سيارة عسكرية للجبهة، وأصر على زيارة المواقع الأمامية التي لا يفصلها عن العدو سوى عرض القناة، وانطلق يسأل الجنود ويستمع لهم.

وفجأة، انهالت دانات المدافع الإسرائيلية بعد وصول الفريق أول عبد المنعم رياض للموقع المتقدم وتجددت اشتباكات المدفعية وتبادل الجانبان القصف، وراح الشهيد يشارك في توجيه وإدارة المعركة النيرانية وإلى جانبه قائد الجيش ومدير المدفعية.

وأصدر الشهيد "رياض" أوامره إلى قائد الموقع وضباطه بأن يتصرفوا بسرعة حتى يديروا المعركة وبقى في مكانه يراقب اتجاه دانات المدافع، وبعدها بدقائق معدودة سقطت قذيفة مدفعية بالقرب من الخندق الذي يحتمي فيه الشهيد ومعه قائد الجيش ووقع انفجار هائل وانطلقت الشظايا إلى داخل الحفرة، فتوفي الشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض، وحُمل جثمان الشهيد في عربة عسكرية إلى مستشفى الإسماعيلية ومنه إلى مستشفى المعادي العسكري بالقاهرة.

والتاريخ يؤكد دائماً على أن عطاء أبطال القوات المسلحة على مر العصور، يجسد الشرف والتفاني والإخلاص والانتماء الذي يعكس عقيدة الجيش المصري العظيم، حيث ستظل العسكرية المصرية، رمزا للفداء والتضحية في سبيل الحفاظ على هذا الوطن العظيم.

وفي يوم الشهيد، تظل القوات المسلحة، هي رمز الوفاء لأبطاله، الذين ضحوا بأروحهم ودمائهم فداء للوطن، ترد لهم الجميل وتقدم لهم العطاء والتكريم، وتحيط أسرهم وأبنائه بالرعاية والاهتمام بما قدموه لوطنهم من تضحيات وبطولات حفظت له كرامته وأمجاد خلوده.

وفي ذكرى يوم الشهيد، يتجدد عهد الأبطال بالذود عن مصرنا الغالية بكل غال ونفيس، نتذكر هؤلاء الأبطال الذين وهبوا حياتهم للوطن، فلم يهابوا الموت، بل أقدموا عليه، مؤمنين بحق بلدهم عليهم وقدسية ترابها وفريضة الدفاع عنه وشرف الشهادة في سبيله.

فـ العسكرية المصرية ستظل رمزا للفداء والتضحية، في سبيل الحفاظ على هذا الوطن العظيم، ولعل عطاء أبطال القوات المسلحة على مر العصور، يجسد الشرف والتفاني والإخلاص والانتماء الذي يعكس عقيدة الجيش المصري العظيم.

اهتمام رئاسي بالشهداء والمصابين

يولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، اهتمام غير مسبوق بتكريم الشهداء وتخليد أسمائهم على المشروعات القومية وقلاع التنمية، كذلك الاهتمام برعاية أبنائهم وأسرهم وتلبية جميع مطالبهم واحتياجاتهم، كما وجه الرئيس السيسي بتأسيس صندوق رعاية شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والأمنية والإرهابية وأسرهم لتوفير كافة سبل الحياة الكريمة لهم.

لقد كانت ومازالت بطولات وتضحيات رجال قواتنا المسلحة الباسلة هي أسس الانتصارات والأمجاد المصرية عبر التاريخ بل وهي سر خلود الوطن والحفاظ على سيادته وكرامته، كما أن تضحيات الشهداء كانت ومازلت وقوداً للبناء والتنمية والتقدم وأساساً قوياً أنطلقت منه معجزة البناء والتنمية والتقدم التي أضاءت مصر خلال السبع سنوات الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • حرب العاشر من رمضان | كيف استعادت مصر سيناء من الاحتلال الإسرائيلي
  • الشعب الجمهوري: يوم الشهيد ذكرى عطرة سجلها التاريخ بحروف من نور
  • نائب: يوم الشهيد ذكرى خالدة في وجدان المصريين
  • إحياء ذكرى الفريق عبد المنعم رياض.. قصة الاحتفال بـ يوم الشهيد في مصر
  • في ذكرى يوم الشهيد.. ماذا تقدم القوات المسلحة لأسر الشهداء والمصابين
  • عظم شهيدك.. 9 مارس يوم الشهيد ذكرى الفداء والتضحية في سبيل الوطن
  • أحمد نجم يكتب: في ذكرى استشهاد الجنرال الذهبي
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 48,453 شهيداً
  • الخارجية الفلسطينية تطالب بحماية المرأة الفلسطينية من جرائم الاحتلال الإسرائيلي
  • بنك الأهداف.. فيلم للجزيرة يوثق إستراتيجيات حرب الاحتلال بغزة