هل تضطر مصر والأردن لمحاربة إسرائيل؟
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
قال الرئيس المصري وملك الأردن قبل أيام إن طرد الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية سيكون بمثابة إعلان حرب. أنا على يقين بأن إخلاء مؤقتا للفلسطينيين على الأقل سيحدث. فهل ستنشب الحرب؟
ولعل أهم ما حدث في 7 أكتوبر الماضي بفلسطين هو فقدان سياسيي المنطقة القدرة على التأثير في مجرى الأحداث. ومن تلك اللحظة فصاعدا تتطور الأحداث وفق القوانين الجيوسياسية، ليصبح أقصى ما يتمكن السياسي أن يفعله هو أن يخطو خطوة واحدة إلى اليسار أو إلى اليمين داخل الممر الذي يرسمه منطق الأحداث.
ومن المستحيل إنكار أنه قبل الإنذار الروسي للولايات المتحدة وحلف "الناتو" في ديسمبر 2021، كانت موسكو تحاول التوافق مع النظام العالمي الأمريكي مع احترام مجموعة معينة من المصالح الروسية، وكان هذا هو المسار العام للنخبة الروسية الحاكمة، والذي بدا أنه لا يوجد بديل له.
أعتقد أنه بناء على نتائج الأشهر الأولى من الحرب، كان لدى كثير من الناس انطباع بأن العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا نفسها كانت تعتبر حجة أقوى في المساومة مع الغرب أكثر من كونها حربا طويلة المدى واسعة النطاق، أو ربما خطوة نحو صراع عالمي.
الآن، نرى مدى سرعة سير عملية تأميم الطبقة الحاكمة في روسيا، نفس الأوليغارشيين وممثلي النخبة الروسية الذين يكرهون روسيا، وخدموا الغرب أثناء وجودهم في أعلى المناصب في البلاد، يضطرون الآن إما إلى المغادرة إلى إسرائيل أو الرضوخ صاغرين لخدمة مصالح روسيا. وبرغم رغبتهم في صنع السلام مع الغرب، إلا أن منطق الأحداث لا يسمح لهم بذلك.
في الوقت نفسه، عادت السياسة الخارجية الروسية، تحت ضربات الغرب، وضد رغبات النخبة الروسية، إلى المنطق الذي أنشأ روسيا العظمى من مجرد إمارة موسكو، ألا وهو التوسع من خلال تحييد التهديدات الوجودية على حدودها. وهذا المنطق، يفرض على روسيا، في السراء والضراء، توسعا لا نهاية له (بالقدر الذي تسمح به قوتها) وفي الاتجاه الذي يأتي منه التهديد. أي أنه من الممكن الافتراض أنه على الرغم من الشعارات حول إعادة توجيه روسيا من أوروبا إلى آسيا، إلا أن روسيا سوف تتقدم نحو أوروبا، لأن التهديد يأتي من أوروبا، لهذا ستستمر روسيا استراتيجيا في التحرك نحو الغرب، ولكن الآن ليس بالطريقة التي يريدها الغرب.
إقرأ المزيدفي المقابل، نشأت في الغرب، وبسرعة كبيرة، من مكان ما في أعماق اللاوعي، موجة هائلة من كراهية مخفية سابقا لروسيا، ما أدى إلى استبعاد دوستويفسكي وتولستوي، وتطهير برامج الجامعات الغربية من الأدب الروسي العظيم، وحظر الفنانين والمؤلفين الموسيقيين الروس، وهو ما يتعارض مع حقوق الملكية الخاصة "المقدسة" لدى الغرب، فيما تمت مصادرة رؤوس أموال رجال الأعمال الروس، وحتى سيارات المواطنين الروس العاديين الذين لم يحالفهم الحظ ببقائهم في هذه اللحظات بأوروبا. فقدت روسيا والثقافة الروسية والشعب الروسي في أذهان الغرب حقهم في الوجود، في غضون شهرين فقط، على الرغم من أن السبب في ذلك هو الأفعال التي يرتكبها الغرب نفسه بانتظام وبيسر كبير. وصل الغرب على الفور إلى الحد الأقصى الممكن لما كان يمثل لعدة قرون جوهر وجوده: "الهجوم على الشرق" والتوسع الاستعماري من خلال الإبادة الجماعية لأعدائه.
باختصار، تبخرت في غضون أشهر قليلة الطبقات التي نشأت خلال العقود القليلة الماضية، وسيطرت الدوافع الجيوسياسية التي حددت مسار التاريخ على مدار السبعمئة عام الماضية أو أكثر، بدءا من الحملات الصليبية.
في إسرائيل وفلسطين ودول أخرى في المنطقة نرى نفس الشيء. فالزعماء من الجانبين، أو بالأحرى من كل الأطراف الكثيرة، الذين كانوا في السابق مدفوعين بمصالح مالية أو تجارية، والذين عملوا في السنوات الأخيرة بمنطق المال والصفقات، بمنطق الاتفاقات الإبراهيمية، تحولوا فجأة إلى لغة الصراع من أجل الوجود، لغة الحرب والتطهير العرقي. وأصبحت مجتمعات الأطراف المتحاربة متطرفة على الفور، وتوحدت في مواقف متطرفة. فضلا عن ذلك، فإن الصراع في الشرق الأوسط يكتسب، على نحو متزايد، وسيستمر في اكتساب طابع صراع الأديان والحضارات، حيث لا أهمية هناك للدوافع العقلانية.
في الوقت نفسه، لا يمكن إنكار وجود اتجاه معاكس. على سبيل المثال، تواصل روسيا توريد المواد الخام والطاقة إلى أوروبا، بما في ذلك عبر الأراضي الأوكرانية، في حين تستمر روسيا في دفع مقابل العبور لكييف. السلوك عملي للغاية، عكس كل العواطف والأفكار العامة حول الأخلاق. وحزب الله كذلك ليس في عجلة من أمره للتدخل بشكل كامل في حرب غزة.. فهل يمكن الحديث إذن عن فقدان السياسيين السيطرة؟
إقرأ المزيدمن الممكن نعم. فتلك أشياء صغيرة لا تغيّر الاتجاه العام للوضع. فالمسار الاستراتيجي للبشرية جمعاء يمر بالأزمة الاقتصادية العالمية، وهي الأزمة الأكبر منذ عدة قرون، وربما حتى منذ ألف عام. فالوضع في كل بلدان العالم تقريبا يتأرجح على حافة الانهيار، ولا أحد يدري في أي من البلدان سيعطي الانهيار إشارة البدء لسلسلة من ردود الفعل التي ستؤثر على العالم أجمع. إلا أن هذا يمكن أن يحدث في أي وقت، وعلى أي حال سيحدث قريبا نسبيا، في السنوات القليلة المقبلة.
سوف ينخفض الاقتصاد بشكل كبير، وستزداد البطالة بعدة أضعاف، وفي بعض البلدان بأضعاف مضاعفة. وسينخفض مستوى المعيشة بشكل كبير، وسيشعر الناس بالصدمة والرعب، وسيرتفع ألم وغضب الناس العاديين إلى عنان السماء.
سوف تختفي بعض الدوافع العقلانية ليس فقط من سلوكيات الشوارع، بل وأيضا من تصرفات السياسيين. سيخرج الناس إلى الشوارع ويطالبون بالأشياء الأساسية: العدل والحقيقة والمسؤولية والوفاء بالوعود والأخلاق والمبادئ. ولن يهم حينئذ واقعية أو جدوى مطالب الشارع، المهم هو أن العواطف والمشاعر والإيمان هي ما سيحكم السياسة.
لا أعرف ما الذي سيصبح أهم وأعمق شعور في أوروبا أو في روسيا، لكن في الدول العربية سيكون الدين، الإسلام. لهذا، وفي رأيي المتواضع، لن يكون هناك مفر من أسلمة السياسة وحرب دينية مع إسرائيل بمشاركة معظم دول المنطقة (وبالدرجة الأولى الجيران). لكن هذا لا ينفي بالمناسبة إمكانية (أو حتمية) تورط المنطقة في الصراع بين الولايات المتحدة والصين.
فما الذي يجب على القادة العرب أن يفعلوه في هذا الوضع؟ في رأيي، يتعيّن النظر على ما يقوم به الثعلب الخبيث رجب طيب أردوغان. وكما يقول المثل: إذا لم تتمكن من منع شيء، عليك بقيادته. قبل أن يفوت الأوان.
إلا أن تلك نصيحة عقلانية وعملية، تتنافى وروح وجوهر هذا المقال. وإذا أردنا أن نكون متسقين، فعلينا القول إن الحكام العرب لن يفلتوا بتصنّع القتال من أجل الإيمان والعدالة، بل سيتعين عليهم القتال من أجل الإيمان والعدالة. ولن أكتب عن البدائل، فقد أصبحت واضحة وجلية للعيان.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الناتو العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا ألكسندر نازاروف أخبار مصر أخبار مصر اليوم ألكسندر نازاروف اسماعيل هنية الأزمة الأوكرانية الجيش الروسي الحرب على غزة الشرق الأوسط العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا القضية الفلسطينية الملك عبدالله الثاني بنيامين نتنياهو حركة حماس حركة فتح حلف الناتو طوفان الأقصى عبد الفتاح السيسي قطاع غزة محمود عباس هجمات إسرائيلية وزارة الدفاع الروسية إلا أن
إقرأ أيضاً:
هل تستطيع أوروبا تعويض كييف عن المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن؟.. خبراء يجيبون
لا شك أن تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقا لخبراء.
يرى معهد كيل الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في الفترة من 2022 إلى 2024. ويقول مصدر عسكري أوروبي لوكالة "فرانس برس" إن جزءا من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولا في مواجهة الروس "فسيكون الأمر معقدا في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، بدون مساعدات جديدة" بالنسبة للأوكرانيين.
ويقول المحلل الأوكراني فولوديمير فيسينكو: "إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه وما لدينا وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لستة أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير".
ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة ليون 3، أن "في معادلة حرب الاستنزاف أنت تضحي إما بالرجال أو بالأرض أو بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما أن تنسحب أو تضحي بالرجال".
في ما يلي أربعة مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأمريكية:
الدفاع المضاد للطائرات
تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها أو بنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.
بعيدا عن خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا سبعة أنظمة باتريوت أمريكية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز "SAMP/T" حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.
يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن "الصواريخ البالستية مهمة جدا لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا فإن ترامب سيساعد بوتين على قتل المدنيين".
ويشرح ليو بيريا-بينييه من مركز إيفري الفرنسي للأبحاث: "مع الباتريوت، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأمريكية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأمريكيين وتسليمها للأوكرانيين أم أن الأمريكيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم".
لتوفير ذخائر الباتريوت، تقوم ألمانيا ببناء أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.
ويقول ميشال: "إن أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة "SAMP/T" جيدة جدا ولكنها ليست متنقلة، ويتم إنتاجها بأعداد صغيرة جدا. لا بد من زيادة الإنتاج، حتى لو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا". لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا-بينييه أن "العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين".
ويضيف يوهان ميشال: "إن إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا"، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات "إف-16" و"ميراج 2000-5"، ولديهم مجال لزيادة جهودهم في هذا المجال.
ضربات في العمق
يمكن للمعدات الأمريكية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، وهو ما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ "أتاكمس أرض-أرض" التي تطلقها راجمات "هايمارز" التي أعطت واشنطن نحو أربعين منها لأوكرانيا.
ويشير ميشال إلى أنها "إحدى المنصات القليلة في أوروبا".
ويقول بيريا-بينييه: "إن أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين". ويقترح ميشال أن "هناك أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأنا. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية".
ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى "الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك"، مثل صواريخ "سكالب" الفرنسية، و"ستورم شادو" البريطانية.
ولكن بيريا-بينييه يشير إلى أن "المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها".
القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات
في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل.
يقول ميشال: "ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ جافلين الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات "FPV" بشكل جيد".
وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا-بينييه إلى أن "أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءا".
في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 ملم بمعدل 1,5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد عن 1,2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.
الاستطلاع/الاستعلام
تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تقوم بجمع المعلومات ومعالجتها.
ويقول فيسينكو: "من المهم جدا أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية".
ويشير ميشال إلى أن "الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، والعديد منهم يعتمدون بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال".