مخيم جنين- بين مجموعة من المواطنين، وسط ساحة مخيم جنين للاجئين شمال الضفة الغربية؛ سقط شاب عشريني بعد إصابته برصاص قناص إسرائيلي في ظهره، وكان قد خرج للتو مع مجموعة من الأهالي لتفقد ما أحدثته جرافة "دينايد" إسرائيلية عملاقة كانت مهمتها تدمير المكان.

في الشارع الذي تحول إلى حُفر وأكوام من التراب بعد تجريفه، حُطم أيضا عدد كبير من السيارات بشكل كامل، بعد أن سحقتها آليات الاحتلال، في حين تصاعدت أعمدة الدخان من مدخل المخيم القريب، وبدت ساحته المعروفة للناس هنا كساحة حرب حقيقية.

أكثر من 15 غارة إسرائيلية استهدفت مواقع عدة في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين (الفرنسية) عودة لمشاهد الاجتياح 2002

يقول ابن المخيم فريد بواقنة -وهو يطل من منزله المتضرر على ساحة مخيم جنين، بعد ساعات من بدء إسرائيل هجوما عسكريا عنيفا عليه- "نحن الآن في الأول من أبريل/نيسان 2002 تماما، كأنه لم تمض علينا كل هذه السنين". ثم خرج لتفقد الشارع والدمار الواسع الذي أحدثه الاحتلال.

ويعيد الهجوم الإسرائيلي العنيف الذي بدأ الليلة الماضية على مخيم جنين ذاكرة الاجتياح الذي نفذته إسرائيل على مناطق الضفة الغربية، ومنها مدينة جنين، إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2002، والمعروف أيضا بـ"معركة نيسان".

يقول بواقنة "نفس المشهد، نفس الدمار، وبنفس الأسلوب الإجرامي، تُعاد مشاهد عام 2002، كُتب علينا أن نعيش كل هذا مرات عدة كل سنوات".

وبشكل كامل مسحت جرافات الاحتلال الإسرائيلي معالم ساحة مخيم جنين، وهي الفضاء المكاني الأوسع في المخيم، وتجري فيها كافة فعالياته كبيوت العزاء والأفراح وتجمعات الناس.

ودمّرت المدرعات والجرافات الإسرائيلية البنية التحتية فيها، واقتلعت أعمدة الكهرباء، كما فاضت كميات كبيرة من المياه بالشارع بعد تجريف الشبكات الأرضية الواصلة إلى بيوت المخيم.

قصف واحتراق منازل

ومنذ الساعة الثالثة قصفت طائرة استطلاع إسرائيلية موقعا قال الاحتلال إن مقاومين فلسطينيين من "كتيبة جنين" تواجدوا فيه بالقرب من نادي مخيم جنين.

وقال المواطن بواقنة "بدأ القصف فجرا على موقع لرباط المقاومين في المنزل القريب منا، أطلقوا صاروخا أول وتبعه مباشرة صاروخ ثان، وأدى القصف إلى اشتعال النيران في المنازل القريبة، ومن بينها منزلنا".

اضطر بواقنة وعائلته للهرب من القصف، وقال "الحمد لله، تمكنت من نقل والدتي وأخواتي لمنزل الجيران قبل وصول النار إلينا".

وقبل أن تجتاح أطراف المخيم عشرات الآليات العسكرية الثقيلة، تحدث الاحتلال الإسرائيلي عن 15 غارة جوية استهدفت عدة مواقع داخل المخيم. ودخلت الآليات العسكرية تحت غطاء من الطائرات المسيّرة وطائرات الاستطلاع.

واستهدف القصف مدخل المخيم المعروف بـ"منطقة الأقواس" التي تحمل رموزا عدة، منها "حق العودة"، وهو واحد من أهم معالم مخيم جنين، وكتب عليه "محطة انتظار لاجئي المخيم لحين عودتهم".

وفي الطريق المفضي منه إلى الساحة والحارات، قال بواقنة "هذا الشارع الوحيد الواسع في المخيم، جرّفوه بالكامل وقطعوا عنا الكهرباء والماء".

ثم أضاف "لا نزال في طور ترميم دمار عام 2002، رجعونا 20 سنة للوراء". وأضاف "كل أهل المخيم يعيشون في رعب، الإصابات في كل المنازل، الآن أصيب شاب أمام أعيننا برصاص قناص هنا في هذا الشارع المدمر".

وبعد دقائق قليلة من انسحاب الجرافات الثقيلة من ساحة المخيم المدمرة، عادت المدرعات العسكرية للساحة وبدأت قوات الاحتلال إطلاق النار على كل من يتحرك في الشارع. على الفور هرب فريد بواقنة ليحتمي من الرصاص الكثيف، وبدأ يصرخ "رجعوا، رجعوا، اهربوا، جيش".

وكانت عائلة بواقنة هدفا لقوات الاحتلال التي اغتالت الأب والمعلم جواد بواقنة، أثناء محاولته إسعاف أحد الجرحى أمام منزله في مخيم جنين في يناير/كانون الثاني الماضي. وقال ابنه قبل هروبه "عدنا اليوم لتلك اللحظة وذلك الوجع، كنا ووالدتي نبحث عنه وعن الأمان الذي كان يشعرنا به وجوده".

ورغم قطع الكهرباء عن كافة أحياء المخيم، وتجريف أعمدة الإنارة والأسلاك الكهربائية، وتحطيم أبواب المنازل على نطاق واسع، وتدمير السيارات؛ يقول سكان المخيم في الحارة القريبة من الساحة الرئيسية إنهم اعتادوا على مشاهد الدمار وهدم البيوت، وإن صمودهم عام 2002 لمدة 20 يوما سيتكرر هذه المرة أيضا "حتى لو استمر العدوان أياما وأسابيع طويلة". وقال بعضهم وهم يتفقدون الدمار "لا شيء سيخرجنا من هنا حتى لو أبادونا كلنا".

الدمار أمام المحلات في الشارع الرئيسي لمخيم جنين (الجزيرة) حصار للسكان واستهداف الرموز

ومنذ الساعات الأولى للعملية، انتشر قناصة الاحتلال بشكل كثيف على المباني العالية في أطراف المخيم الواقع بقلب مدينة جنين، وهم يرصدون حركة السكان في كل منزل وزقاق، في حين تكافح فرق الإسعاف للوصول إلى البيوت المحاصرة والمصابين داخل حارات المخيم، حيث أعاق تجريف الشوارع وتدميرها حركتها كثيرا.

في حي الهدف المشرف على مخيم جنين، تمركز عدد من قناصة الاحتلال داخل منزل الأسير زكريا الزبيدي ومنزل شقيقه الشهيد داود، الذي قتله الاحتلال العام الماضي، كما يمنع جنود الاحتلال سكان البناية المكونة من 4 شقق للعائلة من مغادرتها.

يقول جمال الزبيدي (عم الأسير زكريا) للجزيرة نت "اتصلت بابنتي وهي زوجة زكريا، وقالت لي إنها محاصرة مع أبنائها وأبناء أشقاء زكريا، وإن القناصة متمركزون داخل العمارة، ويطلقون النار على كل من يتحرك". و"منذ الصباح يحتجزون 11 شخصا داخل المنازل في البناية، كلهم أطفال مع أمهاتهم".

دمار لتسويق "إنجاز"

على أطراف الساحة المدمرة أيضا، تحصن عدد من المقاومين الفلسطينيين، واشتبك عدد منهم مع قوات الاحتلال التي لم تدخل عمق المخيم وتمركزت على أطرافه.

وقال الناطق باسم القوى الوطنية والإسلامية مراد طوالبة "المخيم صامد والمقاومون في موقعهم، نحن مستعدون للمواجهة مع إسرائيل وقواتها".

ويرى طوالبة -في حديث للجزيرة نت- أن إسرائيل تلجأ لقصف المخيم لعدم قدرتها على دخول عمقه أرضا لمواجهة المقاومة بالاشتباك المباشر.

وأضاف "المقاومون من كافة الفصائل الفلسطينية جاهزون لمواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 11 ساعة علينا". وقال "منذ الفجر وحتى الآن لم يتم إنزال جندي واحد إلى مخيم جنين كما ترون، قوات الاحتلال مقتنعة بأنها فشلت في جنين من قبل واليوم بدأ فشلها يظهر، وهذا ما جعلهم يلجؤون للقصف، المقاومة أعدت للعدو الكثير ونحن صامدون".

وقال طوالبة إن تجريف ساحة المخيم وقصف "مواقع رباط المجاهدين" وقصف صرح الشهيد عبد الله الحصري (أحد مؤسسي كتيبة جنين) في الجهة الجنوبية من المخيم؛ "تسويق من الجيش الإسرائيلي لمجتمعه بأنه يحقق إنجازا في جنين بضربه المقاومة، لكن ما حدث فعليا هو تدمير للبنية التحتية فقط".

???????? #فيديو | لحظة تفجير عبوة شديدة الانفجار بجرافة عسكرية لقوات الاحتلال على مدخل مخيم #جنين.#بأس_جنين #جنين_تقاوم pic.twitter.com/flD4BguT0D

— قناة الأقصى الفضائية (@SerajSat) July 3, 2023

حالة تأهب واستعداد

وقصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي 7 مواقع تمركزت فيها وحدات الرصد التابعة للمقاومين الفلسطينيين، في حين يقول مقاومون إن وحداتهم كانت جاهزة، وأخذت حذرها على الفور وانسحبت من المراكز التي تم قصفها قبل وصول الطائرات إليها.

وقال الناطق باسم القوى الوطنية والإسلامية "لله الحمد، كنا متأهبين واستطاع الشباب المرابطين في وحدات ومراكز المراقبة الانسحاب والاختفاء قبل القصف، واستشهد مقاوم واحد في القصف الأول على منزل بالقرب من نادي المخيم".

وفي هذه الأثناء، قالت مصادر مطلعة للجزيرة نت إن كتيبة جنين والأذرع العسكرية للفصائل الأخرى استعدت بزرع عدد من العبوات الناسفة على مداخل المخيم وفي أطرافه، كما نجحت المقاومة في تفجير عدد من العبوات في جرافات وآليات عسكرية إسرائيلية اليوم.

وفي شوارع المخيم الداخلية وبين أزقته الضيقة، نشر أهالي المخيم وعدد من المقاومين شوادر طويلة (أغطية من القماش والنيلون) عُلقت بين أسطح المنازل وفوق طرق المخيم لإخفاء الحركة عن طائرات الاستطلاع والقناصة الإسرائيليين وإفشال رصد المقاومين وأماكن تواجدهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت عدد من

إقرأ أيضاً:

مدير عام مجمع ناصر الطبي للجزيرة نت: الاحتلال يستهدف المستشفيات لإيجاد بيئة طاردة

غزة- يخشى مدير عام مجمع ناصر الطبي الدكتور عاطف الحوت من معاودة جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف المجمع مجددا وقصفه جوا في أي لحظة، ولا يستبعد كذلك تعرض المجمع للحصار والاقتحام مثلما فعل الاحتلال إبان اجتياحه البري الواسع لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة مطلع العام الماضي.

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع عقب هجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرض مجمع ناصر الطبي 3 مرات للقصف المباشر من قبل مقاتلات حربية إسرائيلية، آخرها ليلة الأحد 23 مارس/آذار الجاري، واستهدفت عضو المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل برهوم، الذي كان يتلقى العلاج من جروح سابقة أصيب بها قبل بضعة أيام من اغتياله.

ويقول الدكتور الحوت في حواره مع الجزيرة نت إنه "لا يوجد أي مبرر لقصف مستشفى واغتيال جريح، مهما كانت هوية هذا الجريح، ولكن الاحتلال عودنا على مدار الشهور السابقة أن هذه حرب بلا محرمات وبلا خطوط حمراء".

ويؤكد مدير عام مجمع ناصر أن الطواقم الطبية في القطاع تعمل في ظروف استثنائية غير مسبوقة، ويفتقدون للحماية والأمان، وعلاوة على حالة الإنهاك الشديدة التي يعانون منها جراء ضغط العمل المتواصل منذ اندلاع الحرب، فإنهم يعيشون حالة من القلق الدائم على أنفسهم وأسرهم.

إعلان

وفيما يلي نص الحوار:

الدكتور عاطف الحوت نعمل بظروف قاسية وخطرة وليس أمامنا سوى مواصلة تقديم الخدمة لشعبنا (الجزيرة) تعملون في أجواء من التحريض والاستهداف المباشر. كيف ينعكس ذلك عليكم؟

لا أتمنى لأي زميل حول العالم أن يعيش التجربة القاسية التي نعيشها كأطباء وطواقم طبية هنا في غزة، ولا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يتحمل ما تحملناه منذ اندلاع هذه الحرب، من قتل وجرح واعتقال وملاحقة، واستهداف لنا حتى داخل المستشفيات.

وفي ظل هذه الظروف نحن نعمل ولا نتوقف عن العمل بالليل والنهار، وحقيقة عندما يسألني أي طبيب أو وفد طبي أجنبي: كيف تعملون في ظل هذه الظروف؟ لا أجد إجابة، ولكنها إرادة الله وليس أي شيء آخر، التي تمنحنا القوة على الاستمرار في خدمة أبناء شعبنا، ومواصلة أداء رسالتنا الدينية والوطنية والإنسانية.

وسط هذه الضغوط كان الاستهداف المباشر واغتيال جريح داخل المجمع. ما أثر ذلك على عملكم؟

لم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها المجمع للقصف الجوي من قبل مقاتلات حربية إسرائيلية، فقد سبق ذلك قصف مبنى الأطفال والولادة، واستشهدت طفلة جريحة، وقبيل اجتياح المجمع العام الماضي قصف الاحتلال مبنى العظام واستشهد جريح، وهذه هي المرة الثالثة التي تقصف فيها طائرات الاحتلال المجمع عندما استهدفت بصواريخها مبنى جراحة العظام واغتالت أحد الجرحى الذين يتلقون العلاج، وقد تسبب ذلك في خروج المبنى عن الخدمة كليا.

ومهما كانت ادعاءات الاحتلال حول أهداف هذا القصف، فإن المستهدف هو جريح، ولا يوجد ما يبرر قصف مستشفى وقتل جريح وإصابة جرحى آخرين وعاملين في المستشفى.. ونحن كمستشفى نتعامل مع أي إنسان على أساس حاجته للخدمة الطبية، مهما كانت هويته أو ديانته أو نشاطه السياسي.

 

هل تتخوف من تكرار استهداف جيش الاحتلال للمجمع؟

من يفعلها مرة يفعلها ثانية، والاحتلال قصف المجمع 3 مرات، وبكل تأكيد نحن نعمل في أجواء مرعبة وفي قلق دائم من احتمال تعرض المجمع للقصف والاستهداف، وربما للاقتحام والاجتياح مثلما حدث العام الماضي، عندما اجتاح جيش الاحتلال المجمع بدباباته وآلياته وجنوده وعاث فيه فسادا وتدميرا، واعتقل 54 موظفا من أطباء وممرضين وفنيين وإداريين.

إعلان

وأنا شخصيا دائم القلق من تكرار مشاهد جنود الاحتلال يقتادون زملائي أمامي مقيدي الأيدي ومعصوبي العيون، وما زلت غير قادر على تجاوز تلك المشاهد المؤلمة والقاسية، وكل هذا يحدث في ظل صمت مطبق من العالم، وهو ما يشجع جيش الاحتلال على المضي في حربه ضد الإنسانية.

دأبت هيئات دولية على المطالبة بتوفير الحماية للعاملين بالقطاع الصحي في غزة. فما طبيعة هذه الحماية؟

نحن لا نطالب بدبابات تحمينا، وما نحتاجه أن يتوقف جيش الاحتلال عن استهدافنا، ويتركنا نقدم الخدمة الطبية لأبناء شعبنا من دون خوف وقلق. وشخصيا أقيم في خيمة مع أسرتي في مدينة خان يونس منذ نزوحنا القسري عن مدينة رفح عشية اجتياحها في مايو/أيار من العام الماضي، ويلازمني القلق طوال الوقت، ليس خشية على نفسي فأنا تقدمت في العمر وأتمنى أن يكتب الله لي حسن الخاتمة، ولكن قلقي وخشيتي على أفراد أسرتي، وقد تكرر استهداف الاحتلال للأطباء والعاملين بالقطاع الصحي داخل المستشفيات، وفي منازلهم وخيامهم، وأثناء أداء مهامهم الإنسانية، وآخر ذلك طواقم الإسعاف والدفاع المدني التي اختفت في مدينة رفح، وتشير الترجيحات إلى أن أفرادها تعرضوا للإعدام الميداني.

كيف تصف واقع مجمع ناصر بعد استهدافه الأخير وفي ظل الحصار؟

لدينا في المجمع 3 مستشفيات تخصصة، هي الجراحة والباطنة و"النساء والأطفال" وقد تعرضت لتدمير كبير إبان حصار واجتياح المجمع لنحو أسبوعين من قبل قوات الاحتلال إبان عملياتها العسكرية البرية التي بدأتها في ديسمبر/كانون الأول 2023 واستمرت 4 شهور في مدينة خان يونس، وكان لذلك أثره السلبي الكبير على المجمع، من حيث تدمير كل الأجهزة الطبية التي تحتوي على شاشات، وشبكات الإنترنت، والمختبر، والأبواب والأثاث، وتعطلت شبكة الصرف الصحي، وشبكة الكهرباء، وشبكة المياه، ومحطة الأكسجين المركزية، وقد حولت المجمع في ذلك الوقت إلى خرابة.

إعلان

ورغم ذلك، وبمجرد انسحاب قوات الاحتلال من المجمع وعودتنا إليه، كانت الرؤية بضرورة إعادة تهيئة وتشغيل المجمع من جديد، وزادت الأهمية إلى ذلك في ظل التهديدات الإسرائيلية في ذلك الحين بشن عملية عسكرية برية ضد مدينة رفح، وهو ما حدث فعلاً وتسبب فيما كنا نخشاه من توقف كل المنظومة الصحية في مدينة رفح عن العمل، وخروج كل المرافق فيها عن الخدمة، وبالتالي ازدياد الحاجة لمجمع ناصر مع حركة النزوح الكبيرة من مدينة رفح باتجاه مدينة خان يونس والمنطقة الوسطى من القطاع.

وقد تجاوزنا التحديات والمعوقات، ورغم النجاح في إعادة تشغيل المستشفى إلا أنه لدينا مخاوف كبيرة من انهيار الخدمة في أي لحظة.

لماذا هذه المخاوف؟

بسبب الاستهداف المباشر وغير المباشر، سواء بالقصف، أو بتشديد الخناق عبر الحصار الحاد، حيث لم ترد إلينا أي حبة دواء أو قطرة وقود منذ إغلاق جيش الاحتلال للمعابر في 2 مارس/آذار الجاري، وإن ما يتوفر لدينا من وقود يكفينا لأسبوعين فقط، وفي حال نفاده سيؤدي ذلك إلى انخفاض نسبة تشغيل المجمع إلى 30% فقط.

ماذا يعني انهيار مجمع ناصر الطبي؟

مجمع ناصر ثاني أكبر مجمع طبي في قطاع غزة بعد مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، والأكبر جنوب القطاع، ويخدم ما بين 700 و800 ألف نسمة، ولا أريد تخيل انهياره لأنه يمثل سيناريو مرعبا، فمجمع ناصر عمود المنظومة الصحية جنوب القطاع، وهو الآن الأكبر على مستوى القطاع بعد خروج مجمع الشفاء عن الخدمة واستهدافه واجتياحه مرارا خلال الحرب، وربما لا أبالغ لو قلت إن انهيار مجمع ناصر يعني انهيار الحياة هنا جنوب القطاع، وجيش الاحتلال يسعى إلى ذلك لإيجاد بيئة طاردة للسكان ضمن مخططات التهجير.

مع تزايد أعداد المصابين ونقص المعدات الطبية في #غزة.. مجمع ناصر الطبي في خان يونس يواجه على غرار مستشفيات القطاع تحديات كبيرة، إذ يعمل المهندسون على مواجهتها بإعادة تدوير وتشغيل الأجهزة الطبية بوسائل بديلة رغم محدودية الإمكانيات#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/4S2rPh0HQG

— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 29, 2025

إعلان ما أبرز احتياجاتكم للاستمرار في العمل؟

(يبتسم) يبدو لي السؤال غريبا في ظل هذه الحرب الشرسة والحصار الخانق، هل لك أن تتخيل مستشفى بدون كهرباء؟ نعم نحن نعمل بدون كهرباء منذ أن قطعها الاحتلال عن القطاع مع اللحظات الأولى لاندلاع الحرب، ومنذ ذلك الحين اعتمادنا الأساسي على مولدات تعمل على مدار الساعة، ولا تتوفر لها قطع الغيار والزيوت التي يمنع الاحتلال دخولها للقطاع، والمولد الذي يتعطل يخرج عن الخدمة كليا، علاوة على أن كميات الوقود التي تصلنا عبر هيئات دولية تخضع لما يمكن تسميتها بسياسة التقطير، ولذلك فإننا نضطر إلى التقنين وترشيد الاستهلاك إلى أقصى مدى، وأحيانا نضطر إلى فصل الكهرباء عن بعض الأقسام والمباني.

ونحن بحاجة إلى كل شيء، من حبة الدواء حتى مختلف أنواع الأجهزة والمعدات الطبية، ونعمل في المجمع بأجهزة قديمة ومتهالكة، وأي جهاز يتعطل لا تتوفر إمكانية لإصلاحه بسبب تهالكه أو لعدم توفر قطع الغيار. فمثلا لا يوجد في كل مستشفيات القطاع جهاز رنين مغناطيسي واحد، وقد تعرضت كلها للتدمير خلال الحرب.

ويدرك جيش الاحتلال جيدا واقع مستشفيات القطاع، ويتعمد التلاعب بأولويات احتياجاتنا، وخلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار (امتدت من 19 يناير/كانون الثاني الماضي وحتى 2 مارس/آذار الجاري) كان لافتا سماح الاحتلال بإدخال كميات كبيرة من صنف دوائي أو مهمة طبية معينة ومتوفرة لدينا، في حين يمنع أصناف أخرى لها الأولوية وغير متوفرة في القطاع، فضلا عن منعه إدخال الأجهزة والمعدات الطبية والمولدات الكهربائية وقطع الغيار والزيوت، وكذلك يفرض قيودا مشددة على دخول الوفود الطبية المتخصصة، التي تزداد الحاجة إليها في ظل حالة الإنهاك التي تعاني منها الطواقم المحلية، والنقص الشديد في تخصصات نادرة بسبب طبيعة الجروح، وكذلك بسبب اعتقال الاحتلال أعدادا كبيرة من الأطباء المتخصصين.

إعلان

مقالات مشابهة

  • جنين تحت الاحتلال.. خطة منهجية لإفراغ المخيم وتغيير هويته التاريخية
  • أونروا: 50 ألف نازح فلسطيني منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين
  • مدير عام مجمع ناصر الطبي للجزيرة نت: الاحتلال يستهدف المستشفيات لإيجاد بيئة طاردة
  • عدوان مستمر.. الاحتلال الإسرائيلي يدمّر 600 منزل في مدينة جنين
  • جيش الاحتلال يخطط لتفكيك مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم
  • إسرائيل تدمر مئات المنازل.. إعلان مخيم جنين غير صالح للسكن
  • الاحتلال الإسرائيلي يدمّر 600 منزل خلال العدوان المستمر على مدينة جنين
  • الاحتلال الإسرائيلي يدمّر 600 منزل خلال عدوانه المستمر منذ 3 أشهر على مدينة جنين
  • انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي.. تدمير 600 منزل بمخيم جنين بالضفة الغربية
  • بلدية جنين: المخيم غير صالح للسكن والدمار يطال 600 منزل فيه