الجزيرة:
2025-02-05@07:34:55 GMT

ناجية بغزة تروي للجزيرة نت ساعات عاشتها تحت الأنقاض

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

ناجية بغزة تروي للجزيرة نت ساعات عاشتها تحت الأنقاض

غزة- بينما كنت عالقة تحت الركام، كان ذهني عالق في الدقيقة السابقة لوجودي هنا حين كنت أمسك بهاتفي لأبارك لصديقتي شهادة والدها الذي ارتقى في استهداف إسرائيلي، أول ما تحسسته بيميني عيناي، هل أصيبت ومغلقة أم أنها مفتوحة وتبصر كل هذا الظلام الدامس؟

تروي المهندسة ريم زاهر (25 عاما) قصتها للجزيرة نت، وتجربتها منذ لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على بيتها إلى حين النجاة، وتقول "طوفان من الأسئلة انهال علي وجرفني لقاع الردم.

هل جسدي كامل أم أخذت الغارة منه عضوا أو طرفا؟ من الذي وضعني هنا وبيني وبين سقف البيت سنتيمترات، وثغرة بالكاد ألتقط منها الهواء؟ أمي التي كانت تكبر للصلاة بجواري أين صارت؟

"أمي أمي" لماذا لا تجيبيني؟ مع أن المسافة بيننا كانت أقصر جدا من ألا تسمعني في وسط كل هذا الارتياب، شيء ما كان يربت على قلبي "لا تخافي إنا منجوك" مع أنه لم يكن هناك مدعاة للاطمئنان في كل هذه العتمة.

أيعقل أنها بركات سورة البقرة التي أنهيتها مباشرة قبل سقوط القذيفة؟ أم أنها دعوات أبي الذي كان يؤم الناس في المسجد المحاذي للمنزل في الوقت الذي استهدفنا فيه؟ أم أن أحدهم أمن على منشوري الأخير على “الإنستغرام" الذي استودعت فيه نفسي وعائلتي؟ فصرت أكرر "اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكني أطلب منك اللطف فيه".

المهندسة الفلسطينية ريم زاهر، ناجية من تحت الأنقاض (الجزيرة) يا صاحب الجرافة أنا حية

كانت أصوات الناس تخفت شيئا فشيئا كأنني في القبر، وأسمع صوت نعال المودعين المنفضين عنه، حتى تهيأ لي أن الجرافة تدفنني بالأنقاض بدلا من أن تحاول انتشالي منها، تمكنت من التقاط حجر صغير استخدمته للدق على السقف الساقط فوقي، ولسان حالي "يا سائق الجرافة أنا هنا حية أتنفس، أنا هنا سيادة المنقذ، أبي أنا هنا حية لم أمت".

كان النعاس أمنة لي من كل هذا، والنوم مفري من ضجيج التفكير وثورة القلق، كنت أغفو، وأصحو على صوت رنين هاتفي الذي قذفته الغارة من يدي، وكنت حاولت العثور عليه ولم أجده.

وكلما صحوت ناديت أمي، هل استيقظت؟ ومع تكرار نداءاتي لها وتكرارها عدم الرد، بت أوقن أنها ارتقت، وهنا بدأ الخوف يجتاحني من جديد، من ارتقى أيضا؟ لماذا اصطفاهم من دوني؟ هل يا رب لست أهلا لها؟ لماذا أبقيتني؟

ثم غفوت وأنا أبكي إلى أن شق الوهج بصري. كم لبثت؟" سألت المنقذ الذي أعتقني من هذه اللجة، وأجبته سريعا موقنة من صدق توقعي أربعة أيام أليس كذلك؟ قال نعم، نقلوني إلى المستشفى، وحين الحديث مع من حولي عرفت أني مكثت 12 ساعة.


"قطع في أوردة بعض الأطراف وحروق متناثرة" كان المسعفون يحاولون طمأنتي على حالتي الصحية التي لم أكترث لها، بينما كنت أنا أبحث عن وجوه أفراد عائلتي فيمن حولي، بدأت الاطمئنان على إخوتي تباعا. نحن 10 إخوة. رأيت 8 منهم.

بقي أكبرهم بلال لم أره. ثم عرفت أنه ارتقى مع ابنه "محمد" ثم جاءني بعدها خبر انتشال أمي من تحت الأنقاض، مرتقية على الهيئة نفسها التي تركتها عليها، كفوفها على بعضها، جسدها ساخن، دمها ما زال ينزف، وريحها المسك.

لم أستغرب ذلك، فأمي السيدة الفاضلة الحافظة لكتاب الله التي نجحت في دفعنا نحن العشرة لحفظه. لم يؤذ الله قلبها لشأنها عنده، فاصطفى معها "بلال" فلذة كبدها، لأنه يعلم أن أحدهما لا يطيق العيش دون الآخر، حتى ابن أخي بلال، فقد كان ملازما لوالده، حتى إنه كان يصطحبه على منبر خطبة الجمعة كان بلال سيد قلب أمي، وسندنا جميعا وعونا لمن عرف ومن لم يعرف، وعماد البيت الذي ترك فيه زوجته وأطفاله الثلاثة.

وقد كان مسؤولا عن مراكز تحفيظ دار القرآن الكريم والسنة في مدينة خان يونس كلها، ولأن إسرائيل تخوض ضمن حروبها علينا حربا دينية، فاعتبرت وجوده خطرا عليها، سدد بلال قبل ليلة من استشهاده كل ديونه، وجهز مونة بيته، وكان يهم بإخبارنا برؤية رآها في منامه أشغلته، لكن شيئا ما اعترضت التكملة.


نجوت.. لكن تغيرت

لكن ريم قبل الساعة 4:08 عصرا، في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ليست كما بعده نجى جسدي كما يبدو للعيان، لكن القذيفة فتكت بداخلي، وجعلته مهشما، أعجز عن معرفة السبب الذي أبقاني الله له، لكن كلمات أمي الشهيدة أن "أقدار الله كلها خير، وأن أجر البقاء في أرض الرباط عظيم، ويتطلب منا الكثير"، ومقولة أخي التي كان يكررها دوما بأن "تحرير فلسطين مش بالساهل واحنا فداها" جعلني أضع الموازين في نصابها. وسيدفعني للصبر وللالتزام بوصاياهم.

بعد ذلك اليوم غيرت تعريفاتي عن عدة أشياء من حولي. تعريفي للأشياء ونظرتي إلى العديد منها تغيرت. الخذلان الذي يشعل في الغضب على المتفرجين على مقتلنا. طموحي الذي كان يتجاوز حدود الوطن، لنيل الدراسات العليا، تغير.

الألوان الزاهية المكتظة بالشغف التي كنت أختارها لرسم اللوحات، سيتغير إقبالي على الحياة وطمعي في نيل جوائز أخرى، كالتي حزتها كثيرا في الهندسة والفن والتوثيق وتأسيس مشاريع جديدة تغير. نومي في العتمة، وجرأتي على الجلوس فيها تغير. الحرب سبكتني من جديد، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

مبعوث ترامب للجزيرة: قطر يمكنها لعب دور سويسرا لحل أزمات المنطقة

قال آدم بولر -مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الرهائن- إن دولة قطر يمكنها أن تلعب دورا مهما في إقرار السلام بالشرق الأوسط، مؤكدا احترام دونالد ترامب لكلمته وعزمه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وفي مقابلة مع الجزيرة، أكد بولر أن اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل تمت مناقشته قبل تولي ترامب منصبه، وقال "إن الرئيس وعد بإعادة كافة الرهائن وإنه ملتزم بتنفيذ وعده".

وشدد المبعوث الأميركي على الدور المهم الذي قامت به قطر في هذا الاتفاق، وقال إن الولايات المتحدة لدى الكثير من الحلفاء وأوراق القوة في المنطقة مما يجعلها قادرة على إحلال السلام.

وعن عدم إرسال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفدا للتفاوض على المرحلة الثانية من الاتفاق، قال بولر إن الاتفاق تمت مناقشته بشكل كامل، وإن ترامب "جاد في عمله ويحترم كلمته".

وأكد أن العمل جار حاليا على "خلق استقرار طويل الأمد من خلال العمل مع من يريدون التوصل لهذا الأمر لأنه مفيد للإسرائيليين والفلسطينيين"، مشيرا إلى أن واشنطن تعمل على هذا الأمر مع قطر ومصر والسعودية والأردن.

وأضاف أن هذا الأمر "سيتحقق من خلال قوة الرئيس ترامب ومن خلال مواجهة الإرهاب"، لافتا إلى أن الولايات المتحدة "تعمل مع العديد من دول المنطقة على تحقيقه".

إعلان

نحن بحاجة لقطر

وأكد المبعوث الأميركي حاجة بلاده لدول مثل قطر التي قال إن بإمكانها القيام بالدور الذي تقوم به سويسرا لحل كثير من نزاعات المنطقة.

وفيما يتعلق بالوضع في الضفة الغربية، قال بولر إن الناس لا بد أن تسمع كلمتها، وإن المشكلة لن تحل دون وجود حكومة تهتم بالشعب الفلسطيني وأهدافه.

لكنه قال أيضا إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "وضعت سكان غزة والضفة في وضع بشع عندما هاجمت إسرائيل وتجاوزت الحدود"، مضيفا "حماس لا يمكن أن تمثل الفلسطينيين لأنها منظمة إرهابية ونحن بحاجة لأشخاص لديهم مشروعية".

وفي وقت سابق اليوم، قالت حركة حماس إن مفاوضات المرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار بدأت، لكنها اتهمت الاحتلال الإسرائيلي بتعطيل البروتوكول الإنساني في الاتفاق.

وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، دخل اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ في مرحلته الأولى التي تمتد 6 أسابيع.

ويقضي الاتفاق -الذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية مصرية أميركية- ببدء مفاوضات غير مباشرة بشأن المرحلة الثانية في موعد أقصاه اليوم الـ16، على أن يتم إنجاز الاتفاق قبل نهاية الأسبوع الخامس من المرحلة الأولى.

مقالات مشابهة

  • مبعوث ترامب للجزيرة: قطر يمكنها لعب دور سويسرا لحل أزمات المنطقة
  • الرئيس السيسي والملك عبد الله يؤكدان على ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • الإعلام الحكومي بغزة: 14000 مفقود ما يزالون تحت الأنقاض في القطاع حتى اللحظة
  • الداعية الإسلامي: إرضاء الله هو الغاية التي لا يجب أن نتركها
  • المواطن الذي دخل على الأمير سلطان فقيراً وخرج غنياً .. فيديو
  • زوجة الشهيد يحيى عياش تروي علاقته مع الضيف.. أيقونات للمقاومة
  • انتشال 458 جثمانا من الطرقات ومن تحت الأنقاض بغزة
  • شبيه النبي الذي رآه ليلة الإسراء والمعراج وأوصاه بـ 5 كلمات
  • ما المعجزة التي ينتظرها جنود المليشيا لتتحقق وتوقف تقدم الجيش؟
  • لازم تقيف ..طالما استخدمت قحتقدم هذا الشعار بالتزامن والتناسق مع الإرهاب الذي يمارسه حلفاؤهم