صدر عن "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبي، كتاب "كل شيء كسلاح: دليل ميداني للحرب في القرن الحادي والعشرين" للكاتب البريطاني مارك غاليوتي وترجمة دينا عبد المنصف. يقدم هذا الكتاب نظرة عامة وواضحة على نحو مثير للإعجاب لأشكال الصراع الغامضة والعصية على الفهم. إذ توصف هذه المساحة بالحروب الهجينة أو حروب المنطقة الرمادية أو الحروب منخفضة الكثافة.

. إنها المنطقة غير المحددة بين العلاقات السلمية والحرب المعلنة.

والمؤلف مارك غاليوتي هو باحث ومؤرخ بريطاني متخصص في الشؤون الأمنية الروسية والجريمة العابرة للحدود. ويدير شركة "مايك للاستخبارات"، وأستاذ شرفي بكلية الدراسات السلافية ودراسات شرق أوروبا بجامعة لندن، كما أنه زميل للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، ومعهد الشرق الأوسط بواشنطن. وصدرت له العديد من الكتب والدراسات حول تاريخ روسيا والنظام السياسي الروسي والجريمة المنظمة.
لقد أضحت الصراعات التقليدية -تلك التي يخاض فيها القتال بالبنادق والمدافع والطائرات المسيرة- أكثر تكلفة ولا تحظى بالشعبية في الداخل وتستعصي على الإدارة. وفي العصر الذي تهدد فيه الولايات المتحدة أوروبا بالعقوبات، وتنفق الصين المليارات لشراء النفوذ في الخارج، يتجه العالم نحو عصر جديد من الصراعات الدائمة منخفضة الكثافة، غير الملحوظة وغير المعلنة وغير المنتهية في أغلب الأحوال.

عودة الصراعات إلى أوروبا

مع عودة الصراعات إلى أوروبا مرة أخرى مع الصراع في شرق أوروبا وأوكرانيا، يقدم مارك غاليوتي مسحاً شاملاً وجديداً لطرق الحرب الجديدة. من خلال إلقاء نظرة فاحصة على مختلف مناطق العالم، وكذلك مختلف الحقب التاريخية، من العالم القديم حتى عصرنا الحالي، ويوضح غاليوتي الطرق التي تخاض بها صراعات العالم حيث يستخدم كل شيء كسلاح، بداية من عمليات التضليل والتجسس والجريمة والتخريب، وهو ما يؤدي إلى نشر الاضطرابات داخل الدول وعدم الشرعية في أغلب دول العالم. وبدلاً من التعويل على العودة إلى ما فات من "عالم مستقر ومعروف ويقيني"، يشرح غاليوتي طرق البقاء والتكيف، بل واستغلال الفرص التي يقدمها الواقع الجديد.
يقول غاليوتي إن هذا الكتاب ليس تنبؤاً بالمستقبل؛ بل مقدمة لمسار مستقبلي محتمل؛ حيث نبهتنا جائحة "كورونا" إلى أننا في الحياة نصطدم بأمواج غير متوقعة قد تغير العالم بأكمله. وقد يكون من السهل اعتبار  المستقبل المقصود هنا واقعاً مريراً الصراع فيه أبدي، ويمكن استخدام كل شيء فيه من أعمال خيرية إلى القانون كسلاح.

صراعات المستقبل 

ولا يعني هذا أن صراعات المستقبل ستكون دون إراقة دماء -حيث يموت الناس جراء العقوبات الاقتصادية، والمعلومات المضللة المناهضة للقاحات، والفساد في ميزانية الصحة أيضاً- ولكن أقل دموية؛ حيث تصبح الحروب المباشرة بين دولة وأخرى خروجاً عن السائد. وقد يكون عالماً يستطيع فيه الأخيار استخدام الأدوات نفسها بفاعلية كما يفعل الأشرار إن وحدوا جهودهم. ونعم، أستخدم هذه العبارات الساخرة -ففي الجيوسياسية كلٌ يخدم مصالحه الخاصة، ونادراً ما يكون أحد خيّراً أو شريراً كلياً؛ بل يتنوع القبح بين الناس- ومع ذلك يمكن وضع حدود فاصلة بين تلك القوى المطالبة نوعاً ما بحفظ الاستقرار ونظام دولي قائم على القواعد وبين من هم على استعداد عام لتحديهما.
يهدف الكتاب، كما يقول غاليوتي، إلى تعزيز القدرات التكيفية للمجتمعات الغربية على حروب المستقبل التي تشمل كل شيء تقريباً. بدلاً من التعويل على عودة العالم اليقيني والمعروف والمستقر، فهناك طرق للبقاء والتكيف وتعزيز فرص الاستفادة من طرق الحرب الجديدة. وتشمل وسائل التكيف ضرورة سعي الحكومات الغربية لمحو أمية وسائل الإعلام الجديدة والمنصات التي تشيع من خلالها وسائل التضليل والمعلومات الزائفة. كذلك، فمن الضروري قطع الطريق على الجماعات الإجرامية الصغيرة التـي تستغل احتياجات بعض التجمعات والمجتمعات الصغيرة وتكون من خلالها شبكات الإجرام والإرهاب والتهريب والتزييف وغيرها من سبل تقويض الاستقرار. ويشير غاليوتي أيضاً إلى أنه لا مفر من تعزيز الديمقراطيات الغربية وإعادة بث الثقة في مكوناتها الرئيسية، وإعادة تشكيل "الشرعية الشعبية" التي تقوم عليها هذه الديمقراطيات.
ويذكر غاليوتي أنه بعيداً عن الصراعات العسكرية الصريحة، أصبح الفارق بين الحرب والسلام، والنصر والهزيمة ضبابيّاً. فثمة انتصارات وليس نصراً واحداً، وهناك تصعيد للتنافس وتخفيف من التصعيد من حيث المستوى والجدية. وثمة تعريفات جديدة تماماً للقوة. فتعتمد القوة في أي نوع من الصراعات على استخدام الأدوات المناسبة والإصرار على توظيفها. وإذا أصبحت الصراعات المتزايدة صراعات على النفوذ، والعلاقات، واستعراض القوى الاقتصادية، والتلاعب السري، فإن ثمة مؤشرات قوة جديدة أكثر أهمية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات کل شیء

إقرأ أيضاً:

نبيل فهمي: ترامب سيحاول إعادة صفقة القرن

أكد السفير نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق، أن حفل تنصيب دونالد ترامب اليوم يعكس بشكل واضح ملامح الرؤية الشخصية للرئيس الأمريكي السابق، مشيرًا إلى أن الحدث لم يكن احتفالاً وطنيًا تقليديًا بقدر ما كان عرضًا شخصيًا يعكس توجهات ترامب الفردية.

رئيس جامعة المنوفية يؤكد جاهزية المستشفيات الجامعية لاستقبال مصابى غزةالحديدي: ميمي الشربيني مؤسس مدرسة الحياد في التعليق ويستحق التكريم

جاء ذلك خلال مقابلة أجراها في برنامج "كلمة أخيرة" الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على قناة ON، حيث قال نبيل فهمي: "حفلات التنصيب في السابق كانت تحمل طابعًا سياسيًا واجتماعيًا بمشاركة شخصيات سياسية ومجتمعية بارزة، أما اليوم فالحضور يعكس طغيان الرأسمالية الفردية التي يتبناها ترامب".

أمريكا الجديدة انعزالية ورأسمالية حادة

وأوضح نبيل فهمي، أن خطاب ترامب الأول في ولايته السابقة رسم ملامح الولايات المتحدة خلال تلك الفترة، واصفًا إياها بـ"أمريكا الجديدة"، التي يغلب عليها الطابع الانعزالي والرأسمالية الحادة. وقال: "ترامب ليس لديه أيديولوجية ديمقراطية أو مركزية، بل يرتبط بشكل وثيق بالمكاسب المادية والعائد الاقتصادي".

إعادة صفقة القرن وتوجهات السياسة الخارجية

وحول القضايا الدولية، توقع فهمي أن يسعى ترامب لإعادة إحياء "صفقة القرن"، مشددًا على ضرورة التعامل مع هذا التوجه بصوت واضح وعادل مع طرح حلول وأفكار بناءة للنزاعات والقضايا المطروحة.

وأضاف: "ترامب يتناول القضايا من منظور القوة والمكاسب، ولا يهتم بالتهجير أو القانون الدولي، بل ينظر إلى المفاوضات كصفقة تجارية، حيث يتم تقييم الطرف الأقوى والأضعف وكيفية تحقيق المكاسب".

موقف ترامب من القوة العسكرية

وعلّق فهمي على موقف ترامب من استخدام القوة العسكرية الأمريكية خارج الحدود، قائلاً: "أؤيده في هذا التوجه، كما أؤيد رؤيته حول النزاع مع أوكرانيا"، مشيرًا إلى أن ترامب يعتمد سياسة انعزالية تركز على الداخل الأمريكي أكثر من التدخلات الخارجية.

ماركو روبيو الأقل تشددًا بين فريق ترامب

وفيما يخص فريق ترامب السياسي، لفت فهمي إلى أن ماركو روبيو، وزير الخارجية في إدارة ترامب، يميل أكثر إلى إسرائيل ولكنه يعتبر الأقل تشددًا مقارنة بباقي الفريق. وأضاف: "ترامب كان بحاجة في ولايته الأولى لدعم اللوبي اليهودي واليمين المسيحي المتطرف، ولذلك تبنى مواقف أكثر انحيازًا لإسرائيل مقارنة بالجانب الفلسطيني".

الفارق بين ترامب وبايدن

وفي ختام حديثه، أشار فهمي إلى اختلاف النهج بين ترامب وجو بايدن، حيث وصف الأخير بأنه "صهيوني التوجه"، بينما يتمحور ترامب حول المكاسب المادية دون ارتباط حقيقي بأي طرف، سواء الإسرائيليين أو الفلسطينيين.

مقالات مشابهة

  • البطريرك مار إغناطيوس يزور روفائيل بدروس الحادي والعشرين لتهنئته بعيد الميلاد المجيد
  • الترسانة النووية للرئيس الـ47.. ما الأسلحة التي يستطيع ترامب أن يهدد بها العالم؟
  • روبيو: سنسعى إلى منع الصراعات وتجنبها لكن ليس على حساب أمننا القومي
  • أمريكا تكشف عن كتاب يروي تفاصيل «نهاية العالم»
  • جامعة بورسعيد تفتتح المؤتمر الدولي الحادي عشر للأنظمة الذكية والمعلوماتية المتقدمة
  • ترامب يوقع أمرًا تنفيذيًا لحظر استغلال السلطة كسلاح سياسي
  • نبيل فهمي: ترامب سيحاول إعادة صفقة القرن
  • بيع مزهرية مرفوضة من بي بي سي بـ 53 مليون جنيه إسترليني
  • بعد عقود من السرية.. وكالة المخابرات الأمريكية تكشف عن كتاب يروي تفاصيل نهاية العالم
  • تداعيات الصراعات الشرق أوسطية