في غزة.. العطش يهدد حياة الناجين من نيران الحرب
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
هذا الحوار دار بين شاب فلسطيني يقف على قارعة الطريق أمام مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وآخر يحمل غالونا من الماء المحلى.
لم يبخل حامل الماء على طالبه ومنحه زجاجة ماء، وبدا في عيني الأخير المنهكتين من الجوع والعطش أنه حصل على كنز لا يقدر بثمن.
قبل أسابيع دمرت الطائرات الإسرائيلية في حي الشجاعية (شرق غزة) منزل ذلك الشاب الذي يتوق لشرب الماء، فلجأ رفقة عائلته إلى المستشفى لتأويهم ويروون عطشهم فيها.
يعكس هذا المشهد أزمة مياه يواجهها الفلسطينيون بعد أن قطعت إسرائيل خطوط المياه الرئيسية المغذية للقطاع منذ أن أطلقت حربها المدمرة على الفلسطينيين في 7 أكتوبر/تشرين أول المنصرم.
وباتت أزمة المياه تتعمق بشكل متسارع منذ بداية حرب غير مسبوقة على غزة، قطعت خلالها إسرائيل كافة الإمدادات من كهرباء وماء وعلاج ووقود، وباتت الأوضاع الإنسانية فيها مأساوية.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقول إن الوضع الإنساني في قطاع غزة "كارثي ويزداد سوءا كل لحظة"، وإن "المدنيين في القطاع يتحملون التكلفة الإنسانية الباهظة خاصة النساء والأطفال"، في بيان أصدرته الأحد.
وفي وصفها لما يجري قالت: "ما نراه في غزة لم نشهده منذ تواجدنا الدائم منذ 1967، فالتدمير طال البنى التحتية للمياه والمياه العادمة، حيث خرج معظمها عن الخدمة مما ينبئ بكارثة بيئية".
"الحصول على نقطة ماء نظيفة للشرب، أو رغيف خبز في غزة، رحلة محفوفة بالمخاطر وتستمر لساعات"، تتابع اللجنة الدولية.
أزمة المياه هذه تعمدت إسرائيل فرضها على القطاع منذ بداية الحرب وباتت سلاحا أقوى من النار ضد سكان القطاع.
ويشير إلى ذلك عدة حوادث قصف نفذتها الطائرات الإسرائيلية ضد مركبات توزع مياه وخزانات فوق أسطح بنايات ومؤسسات صحية كان آخرها الأحد، في مستشفى الرنتيسي للأطفال وسط مدينة غزة.
متحدث وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة، يقول في تصريح للأناضول، إن إسرائيل "تعمّدت استهداف خزانات المياه والطاقة الشمسية في مستشفى الرنتيسي، وتعرّض حياة نحو 7 آلاف مريض وطاقم طبي ونازحين داخل المستشفى للموت عطشا".
من جانبها، حذرت حركة "حماس"، أمس الثلاثاء، "من شح المياه في قطاع غزة، وسياسة إسرائيل التي تستخدم العقاب الجماعي وقطع إمدادات المياه للضغط على المدنيين لتهجيرهم من منازلهم وأماكن سكناهم.
وأضافت في بيان أن "الاحتلال قطع كل إمدادات المياه عن القطاع، وخصوصا عن مدينة غزة وشمالها، ما دفع المواطنين إلى شرب مياه غير صالحة بعد أن قام جيشه بقصف ما تبقى من خزانات مياه بصواريخ وطائرات أميركية".
ودعت الحركة "الأمم المتحدة والأطراف الدولية ذات العلاقة لوقف هذه الجريمة ضد الإنسانية التي تُفضي إلى إبادة جماعية، والعمل بشكل فوري على إعادة إمدادات المياه".
كيف يتعايش الفلسطينيون؟
هذه الأزمة دفعت الفلسطينيين إلى شرب مياه ملوثة يتم استخراجها من آبار قريبة من البحر ومصارف مياه الصرف الصحي.
وفي تصريح للأناضول، قال نائب مدير الرعاية الصحية الفلسطينية رامي العبادلة، إن سكان القطاع يشربون مياه ملوثة، فالمياه مقطوعة بشكل تام والجيش الإسرائيلي قطع 3 خطوط مياه عن قطاع غزة.
و"يتم رصد حوالي 1000 حالة يوميا ما بين الإسهال والجدري والتهابات الجهاز التنفسي والتسمم بسبب المياه الملوثة، فما تسجل 1000 حالة خلال 6 أشهر سابقا"، وفق العبادلة.
واستخراج هذه المياه من الآبار يتم عبر مولدات كهرباء صغيرة تم تحويلها من العمل على البنزين إلى غاز الطهي، فلا يوجد أي كميات وقود حاليا في القطاع لكن الغاز موجود بكميات محدودة جدا ستنفد خلال أيام قليلة.
ولا تتوفر هذه المياه إلا في مناطق محدودة لذلك يتوجه آلاف الفلسطينيين يوميا إلى محطات بعيدة عن مناطق سكنهم أو نزوحهم ويقفون في طوابير طويلة جدا لتعبئة غالونات (الغالون 17 لتر) في عملية تستمر عدة ساعات.
ولا يمكن لفلسطيني واحد أن يحصل على المياه والخبز في يوم واحد فكل طابور يستغرق ما لا يقل عن 6-8 ساعات لذلك يتوزع أفراد الأسرة الواحدة للحصول على احتياجاتهم.
ولكن هذا الحل لا يتوفر للجميع فهناك بعض المناطق يصعب الخروج منها للحصول على المياه بسبب الخشية من التعرض للقصف.
هؤلاء بدأوا مؤخرا يعتمدون على العصائر والمياه الغازية المتبقية في بعض المتاجر، كبديل لمياه الشرب ولكن هذه المشروبات لا تتوفر إلا بكميات قليلة.
كل هذه المؤشرات تشير إلى أن العطش سيكون مصير الفلسطينيين في غزة خلال أيام قليلة فقط خاصة في مدينة غزة ومحافظة شمال القطاع التي لم تصلها أي كميات من المساعدات الإنسانية التي دخلت عبر معبر رفح البري على الحدود مع مصر.
ومنذ 33 يوما، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، قتل فيها 10 آلاف و328 فلسطينيا، بينهم 4237 طفلا و2719 سيدة، وأصاب نحو 26 ألفا، كما قتل 163 فلسطينيا واعتقل 2215 في الضفة الغربية، بحسب مصادر رسمية.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
جلسات استماع في العدل الدولية عن التزامات إسرائيل الإنسانية بغزة
تفتتح محكمة العدل الدولية اليوم الاثنين أسبوعا من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يوما على فرضها حصارا شاملا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب.
وسيبدأ ممثلو الأمم المتحدة ماراثونا يستمر 5 أيام في محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في لاهاي بهولندا، صباح اليوم أمام هيئة مؤلفة من 15 قاضيا. وستكون دولة فلسطين أول من سيدلي بمرافعته خلال معظم اليوم.
وهذا الأسبوع، ستقدم 38 دولة أخرى مرافعاتها، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.
وفي ديسمبر/كانون الأول، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية كبيرة قرارا قدمته النرويج يطلب من محكمة العدل إصدار رأي استشاري.
ويدعو القرار المحكمة إلى توضيح ما يتعين على إسرائيل أن تفعله فيما يتصل بوجود الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية أو الدول الثالثة "لضمان وتسهيل تسليم الإمدادات العاجلة الضرورية لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين، بلا عوائق".
وتتحكم إسرائيل بكل تدفقات المساعدات الدولية التي تعتبر حيوية بالنسبة لـ 2.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني أزمة إنسانية غير مسبوقة، وقد قطعت إسرائيل هذه المساعدات في الثاني من مارس/آذار قبل أيام فقط من انهيار وقف إطلاق نار هش بعد 15 شهرا من القتال المتواصل.
إعلان
وندد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليبي لازاريني الجمعة بـ"مجاعة من صنع الإنسان وذات دوافع سياسية".
ووفقا للأمم المتحدة، نزح نحو 500 ألف فلسطيني منذ نهاية وقف إطلاق النار الذي دام شهرين.
واستأنفت إسرائيل هجماتها الجوية والبرية في 18 مارس/آذار، مما أدى إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأنه "ربما يكون أسوأ" أزمة إنسانية في القطاع منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إحباطوالآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانونا، لكن هذا الرأي الاستشاري من شأنه أن يزيد الضغط الدبلوماسي على إسرائيل.
وفي يناير/كانون الثاني 2024، دعت محكمة العدل الدولية إسرائيل إلى منع أي عمل محتمل من أعمال الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وفي مارس/آذار 2024، وبناء على طلب جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية، دعت المحكمة إلى اتخاذ تدابير إسرائيلية جديدة للتعامل مع "المجاعة" المنتشرة في القطاع الفلسطيني.
وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت في يوليو/تموز الماضي رأيا استشاريا اعتبرت فيه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية "غير قانوني" وطالبت بإنهائه في أقرب وقت ممكن.