بيروت- التنمّر مشكلة جدية، إذ يجعل الطفل الضحية يشعر بالأذى النفسي والخوف والمرض والوحدة والإحراج والحزن؛ فقد يقوم المتنمّر بضرب الطفل أو دفعه أو مناداته بالألقاب المحرجة، أو جرحه لفظيا، أو تخويفه.
والتنمر ظاهرة اجتماعية، إذ إن أغلب الأطفال يتعرضون للتنمر أو المضايقة؛ مما يجعلهم يشعرون بالتوتر النفسي لخوفهم من مواجهة المتنمّر، ويرفضون اللعب خارج المنزل أو حتى الذهاب إلى المدرسة.
وتشكل هذه الظاهرة خطرا محدقا على الأطفال، لما لها من أثر سلبي بليغ في نفس الضحية، لا سيما الأطفال. ويظل الطفل يعاني منها فترة طويلة إذا لم يتدخل أحد الأبوين أو المتخصصين لوضع حد للمشكلة.
فالطفل يحتاج إلى التمكين والاهتمام المتواصل، ومن الضروري إيجاد بيئة آمنة له، حتى يمكنه التحدث عن أي شيء بلا قلق من لومه أو السخرية منه أو الشعور بأنه لا أحد سيفهمه.
ثلاثة أرباع الأطفال يتعرضون للتنمر أو المضايقة مما قد يجعلهم يرفضون الذهاب إلى المدرسة (شترستوك) كيفية مواجهة التنمرتنصح المدربة على الحياة ألين داود الأمهات بضرورة تعليم الطفل كيفية عدم التعرّض للتنمر، وابتكار أفكار ووسائل تساعده في حماية نفسه، مثل:
شجعيه على التحدث معك، مع الحرص على أن تبقي هادئة، وأن تستمعي إلى طفلك بكل حب وإنصات. عَوّدي طفلك على مشاركة مخاوفه معك. اجعلي بيئة طفلك صحية ومناسبة ليشعر بالأمان والطمأنينة، لأن ذلك يلعب دورا كبيرا في تعزيز ثقته في نفسه بطريقة غير مباشرة. عزّزي ثقة طفلك في نفسه بطريقة مباشرة، عن طريق إخباره بنقاط قوته وتميّزه، ومساعدته في تكوين صداقات، والمشاركة في الأنشطة المختلفة، وإخباره بأنك تحبينه؛ فكل ذلك يجعل الطفل واثقا في نفسه ومحبا لها. دعي طفلك يتعلّم بعض رياضات الدفاع عن النفس، مما يُكسبه شجاعة وقوة شخصية، وبالتالي سيصبح قادرا على صدّ أي شخص يريد أن يؤذيه جسديا.علمي طفلك ضرورة تكوين صداقات لتضمني عدم تركه بمفرده أثناء وجوده في المدرسة (شترستوك) علّميه كيف يستجيب ويتعامل في مثل تلك المواقف؛ فلا تقولي له -مثلا- إن عليه أن يتصرف بعنف أو أن يتشاجر، بل يمكنك أن تقولي إنه يمكنه أن يطلب ممن يضايقه أن يتركه بمفرده، أو يمكنه أن يمشي ويتجاهله تماما. المهم ألا تصفي طفلك بأي شيء سلبي، مثل إنك جبان وغير قادر على حماية نفسك؛ فهذا سيترك أثرا بالغا في نفسيته، ولن يكرّر الحديث معك عن أي مشكلة تواجهه مرة أخرى. علمي طفلك تكوين صداقات لتضمني عدم تركه بمفرده أثناء وجوده في المدرسة، إذ عادة ما يختار المتنمرون الأطفال الذين يجلسون بمفردهم. كوني متعاطفة مع طفلك حتى في أيامك السيئة؛ فالأطفال الذين يتعرضون للمضايقات والتنمر يعانون من الحساسية المفرطة على الأقل فترة من الزمن.
ألين داود تؤكد أنه إذا تعرض الطفل للتخويف والتنمر فستكون أمام والديه مهمة كبيرة (الجزيرة)
وتقول المستشارة ألين داود "إذا شعرت بأن الوضع محفوف بالأخطار، فاستخدمي حكمتك واتصلي بالمدرسة والسلطات اللازمة لإيقاف هذا المتنمر، وافهمي الوضع جيدا، واتخذي قرارا مدروسا، ويكون سريعا من أجل سلامة طفلك".
وتشير ألين داود إلى ضرورة تزويد الطفل بقائمة من الردود المناسبة في حال تعرضه للتنمر اللفظي، على أن يكون الرد بسيطا ولا يهيج المتنمّر، مثل "هل تشعر بالتحسن؟" و"أخيرًا، وجدت شيئا طريفا لتقوله"، و"أنا لا أهتم"، و"لماذا تتحدث إلي؟" و"اعذرني، و"لكن يبدو أنك تظن أني أهتم"، و"هذا ممّل للغاية".
للأهل دور أساسي في تعليم أطفالهم الدفاع عن أنفسهم في وجه المتنمّرين بعيدا عن الغضب والعنف (شترستوك) نصائح لمواجهة المتنمرينوفقاً لموقع "كيدز هيلث" (kidshealth)، فإن للأهل دورا أساسيا في تعليم أولادهم الدفاع عن أنفسهم في وجه المتنمّرين، بعيدا عن الغضب والعنف والقتال أوالردّ بطريقة هجومية، وحثّ الطفل على الابتعاد عن الموقف والحرص على إخبار شخص بالغ بهذا الأمر.
ومن أهم الإرشادات والنصائح التي يمكن تقديمها لإنهاء هذه المشكلة، وفق الموقع، ما يلي:
إخبار المتخصصين والمرشدين، سواء في المدرسة أو أي مكان، والتواصل معهم لحلّ هذه المسألة. التأكد من وجود الطفل مع أصدقاء له، وألا يكون وحيدًا، مع تجاهل المتنمر إن استطاع. التدرّب على البقاء هادئا، وإظهار الثقة في النفس وإظهار الوجه الجاد والبارد. إن اضطررت إلى التعامل مع المتنمّر، حاول التحدث بصوت حازم وقوي، لتُظهر أنك لا تهتم بالتعليقات التي يقولها، وانظر إلى عينيه وقف مستقيما لتدعم ثقتك في نفسك أنت تتحدث معه؛ وهذا يجعل المتنمر يتوقّف عن مضايقتك بعد عدة مواقف لأنك لا تتأثر بأفعاله. التعامل مع المتنمّر من دون خوف. تجنب الصراخ أو رفع الصوت حتى لا يشعر المتنمر بسلطته. إذا استمر المتنمر في المضايقة، يمكن الردّ عليه بحزم، مثل: "توقف عن فعل ذلك"، والابتعاد عنه فورًا حتى لا تمنحه فرصة للردّ.المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب يناقش دور فاطمة المعدول في حركة نشر كتب الأطفال بمصر
استضافت القاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 ندوة بعنوان "دور فاطمة المعدول في حركة نشر كتب الأطفال في مصر"، بحضور نخبة من الشخصيات الثقافية البارزة، من بينهم داليا إبراهيم، رئيس مجلس إدارة دار نهضة مصر، وأمينة النقاش، الكاتبة الصحفية ورئيس مجلس إدارة صحيفة "الأهالي"، والشاعر وكاتب الأطفال عبده الزراع، مدير عام الإدارة العامة بهيئة قصور الثقافة، إلى جانب الكاتبة الصحفية نشوى الحوفي، رئيس النشر الثقافي في دار نهضة مصر، والدكتورة نادية الخولي، أستاذ الأدب الإنجليزي بكلية الآداب جامعة القاهرة ورئيس المجلس المصري لكتب الأطفال واليافعين.
فيما أدارت الندوة الدكتورة صفية إسماعيل، الباحثة في أدب وثقافة الأطفال والناقدة المتخصصة في المجال.
وافتتحت الدكتورة صفية إسماعيل الندوة بالحديث عن الدور البارز الذي لعبته فاطمة المعدول في تطوير ثقافة الطفل، مؤكدة أنها تقلدت العديد من المناصب التي أحدثت من خلالها نقلة نوعية في مجال ثقافة الطفل.
وأشارت إلى أن وجودها في المركز القومي لثقافة الطفل كان فارقًا، حيث ساهمت في تطويره ونشرت كتبًا متميزة، مع إيلاء اهتمام خاص بالشكل والمضمون، لا سيما في مرحلة الطفولة المبكرة.
وتابعت إسماعيل: "كما قدمت أسماء بارزة في الأدب مثل أمل دنقل، وصلاح جاهين، ومجدي نجيب، ومحمد صدقي، كنماذج جديدة في الكتابة للأطفال، فضلًا عن إنجازاتها البحثية وورش العمل التي أثرت العديد من الكُتاب".
وأضافت أن المعدول كانت من أوائل من اهتموا بقضايا الأطفال ذوي الإعاقة، وروّجت لقيم التسامح وقبول الآخر في أعمالها.
من جانبها، علقت فاطمة المعدول على كلمات الحضور بقولها: "أعتقد أنني قد أغتر بسبب ما أسمعه عن نفسي كل يوم، لكنني أحاول أن أنسى ذلك وأعود بذاكرتي إلى أيام دراستي في الصف الأول الثانوي".
واستعرضت تجربتها في مجال النشر، موضحة أن رحلتها ارتكزت على محورين أساسيين، الأول المركز القومي لثقافة الطفل، حيث نشرت أربعة كتب فقط قبل التحاقها به، اثنان منها عبر الثقافة الجماهيرية، إلا أنها عندما التحقت بالمركز قدمت نماذج جديدة مثل عماد أبو صالح وأمل دنقل، مع اهتمام كبير بتطوير الشكل والمضمون، بالإضافة إلى سعيها الدائم إلى رفع أجور الكُتّاب تقديرًا لأعمالهم.
وتابعت: "أما المحور الثاني فكان تعاونها مع دار نهضة مصر، التي وصفتها بتجربة ناجحة ومصدر فخر لها في مجال النشر".
فيما أكدت الكاتبة الصحفية أمينة النقاش أن الحديث عن فاطمة المعدول لا ينتهي، مشيرة إلى أنها كانت زميلتها في معهد الفنون المسرحية، لكنها كانت تسبقها بعام دراسي رغم أنها تصغرها بخمسة أشهر.
وتحدثت "النقاش" عن جانب مهم من مشروع المعدول، وهو اختيارها العمل في الثقافة الجماهيرية، وهو المجال الذي تبناه ثروت عكاشة لإرساء مبدأ العدالة الثقافية، حيث ركزت المعدول على تدريب نفسها وتطوير مهاراتها من خلال السفر للخارج والالتحاق بالدورات التدريبية، مما مكنها من تجاوز الصعوبات البيروقراطية، وصنع إنجازات حقيقية رغم محدودية الإمكانيات.
أما الكاتبة الصحفية نشوى الحوفي، فأكدت أن أعمال المعدول لا تعكس فقط موهبتها، بل تعكس رؤيتها العميقة، إذ خاطبت الأطفال منذ سن مبكرة عن الحرية والديمقراطية وبناء الأوطان، وهو ما جعلها من أبرز كُتّاب الأطفال في العالم العربي، واسمًا له ثقله واحترامه في معارض الطفل الدولية.
من ناحيته، تحدث الشاعر عبده الزراع عن أثر المعدول في مسيرته، موضحًا أنها كانت داعمة للأجيال الجديدة، حيث نصحته بعدم ترك وظيفته في الثقافة الجماهيرية رغم الصعوبات التي واجهها، وشجعته على مواصلة الكتابة.
كما أشار إلى موقف شخصي معها عندما نشر أول كتبه في سلسلة "قطر الندى"، ثم أصدرت له لاحقًا كتابًا في المركز القومي لثقافة الطفل، ومنحته مكافأة مالية سخية مقارنة بتلك الفترة، مما كان له أثر بالغ في مسيرته المهنية.
وتابع الزراع: "كما أنها استعانت به في تجربة مجلة "تاتا"، وخصصت له مساحة لكتابة الفوازير للأطفال ما قبل المدرسة".
وفي شهادة أخرى، تحدثت الدكتورة نادية الخولي عن تجربتها في تأسيس سلسلة "كلمة كلمة" عام 1999، التي هدفت إلى تعليم اللغة العربية للأطفال، وكيف ساهمت المعدول في نشر السلسلة عبر المركز القومي لثقافة الطفل، مما أدى إلى حصولها على جائزة سوزان مبارك.
كما أشادت بمشاركات المعدول في المؤتمرات الدولية، حيث قدمت صورة مشرفة لمصر في الخارج، وأكدت أن "المعدول" لم تكن مجرد كاتبة للأطفال، بل كانت رائدة في مجالها، صاحبة رؤية واضحة، وإرادة قوية مكنتها من تحقيق نجاحات مؤثرة على مدار مسيرتها، سواء في الكتابة أو النشر أو العمل المؤسسي في ثقافة الطفل.