ما لا يقال عن العنصرية المؤسسية بفرنسا.. لوموند: الحاجة إلى قول الحقيقية في وجه الغضب والخوف
تاريخ النشر: 3rd, July 2023 GMT
اتفقت صحيفة "لوموند" (Le Monde) ومجلة "لوبس" (L’Obs) الفرنسيتان على أن وقف دوامة العنف وتهدئة العلاقات بين الشرطة والشباب من أحياء الطبقة العاملة يتطلب تغييرات عميقة، تبدأ من الاعتراف أولا بما هو واضح من أن هناك عنصرية مؤسسية في الشرطة، وأخذ ذلك على محمل الجد، وجعل محاربة الشعور بالتهميش وبالإهمال من قبل أفقر السكان أولوية وطنية.
ورأت لوموند أن سلسلة الليالي المأساوية على إثر مقتل الشاب نائل، واندلاع الشغب والغضب بين الشباب في أحياء الطبقة العاملة، الذي يتحول إلى نهب وعنف وتدمير، مما يثير منطقيا عدم الفهم والخوف والغضب، إلا أن العلوم الاجتماعية تجعل من الممكن شرح ظروف وفاة نائل والحريق الذي أحدثه في جميع أنحاء البلاد، كما تقول مجلة لوبس.
روشيه: اختيار الحكومة إنكار فرضية عنصرية الشرطة ورفضها هو الذي يجعل ما يحدث غير قابل للفهم والتفسير.
أسباب اقتصادية وسياسيةولئن عزت لوموند الفوضى والعنف إلى قوى سياسية تريد استغلال الموقف، ونفت أن تكون فرنسا قد أصبحت -كما يروج اليمين المتطرف حسب رأيها- في قبضة الشغب العرقي أو حرب الحضارات، فإن عالم الاجتماع بول روشيه يقول لمجلة لوبس إن اختيار الحكومة إنكار فرضية عنصرية الشرطة ورفضها هو الذي يجعل ما يحدث غير قابل للفهم والتفسير.
وأرجعت لوموند أسباب ما يحدث إلى "سياسة المدينة" التي غيرت المشهد في العديد من المدن، لكنها لم تنجح في عكس الاتجاه نحو إبعاد أفقر السكان ولا في تزويد الأحياء "ذات الأولوية" بخدمات عامة تعادل باقي المدن، حتى ما يمنح لهذه المناطق من "موارد أقل بـ4 أضعاف مما يقدم لأي مكان آخر، بالنسبة لعدد السكان".
وخلصت الصحيفة إلى أنه لا يمكن اختزال الأزمة في بعد "الهوية" طبعا، ولكنها لا يمكن كذلك تفسير حريق الضواحي بنقص الميزانية وحده، وأشارت إلى قواعد وممارسات استخدام الأسلحة من قبل الشرطة أثناء عمليات التفتيش، ودعت إلى مراجعة قانون 2017 الذي فجّر عددا من حوادث إطلاق النار والوفيات على يد الشرطة، مؤكدة في الوقت نفسه أن انتشار السلوك غير الحضاري والاتجار بالمخدرات يجعل مهمة الشرطة أكثر إرهاقا وأكثر صعوبة.
عنصرية مؤسسية
ومن ناحيتها، رأت لوبس أن العمل العلمي أثبت منذ أكثر من 30 عاما وجود عنصرية متنامية بشكل خاص في مؤسسة الشرطة، حيث حددت دراسة في عام 2009 حجم الظاهرة، موضحة أنه "اعتمادا على مواقع المراقبة، كان احتمال توقيف السود أكثر بنحو 3.3 إلى 11.5 مرة من البيض"، وأن العرب "تعرضوا لمخاطر أكثر بنحو 1.8 إلى 14.8 ضعف ما تعرض له البيض من التوقيف من قبل الشرطة".
وأشارت المجلة إلى أن العنصرية المؤسسية لا تحتاج إلى أفراد عنصريين صريحين -كما يرى عالم الاجتماع ستيوارت هول- لأنها تنتشر من خلال الأعراف والسلوك العنصري في العمل اليومي للمؤسسة، ومن ثم يمكن أن يكون شرطي يحب الكباب ويقدر موسيقى الراب، أو حتى من أصول مهاجرة هو نفسه، وفي الوقت نفسه يعتبر أن عمل الشرطة العادي ينطوي على افتراض أن الشخص غير الأبيض يشتبه فيه أكثر من الرجل الأبيض، وهو افتراض يولد التوتر ويشجع على استخدام القوة.
وخلصت المجلة إلى أن الحريق الذي ينتشر في جميع أنحاء البلاد ليس سوى انعكاس لهذا التمييز المؤسسي مضافا إليه تخفيف شروط استخدام الشرطة للأسلحة في عام 2017، ورأت أن إخماده يمر حتما بأخذ العنصرية المؤسسية على محمل الجد.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ردا على ترامب؟ الدنمارك تكافح العنصرية ضد سكان غرينلاند
أصبحت غرينلاند مؤخرا موضع شد وجذب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والدنمارك، بعد أن أعرب ترامب عن رغبته في ضم أكبر جزيرة في العالم.
وفي خطوة يبدو أنها محاولة لعدم انفصال الجزيرة عنها، خصوصا مع وجود أصوات في غرينلاند تؤيد ترامب، قدمت الدنمارك أمس الاثنين مجموعة مبادرات تهدف إلى مكافحة العنصرية والتمييز ضد سكان غرينلاند في الدولة الاسكندنافية.
ومن بين المبادرات الـ12 المقدمة، الحق في الحصول على جواز سفر غرينلاندي، وتسهيل الوصول إلى مترجمين فوريين، ومنح مساعدة للإبلاغ عن التمييز باللغة الغرينلاندية.
وقال وزير الاندماج كار ديبفاد بيك في بيان "من المهم بالنسبة إلى الحكومة أن يتمكن سكان غرينلاند من العيش في الدنمارك دون أن يتعرضوا للتمييز، وهو ما لا يحدث للأسف اليوم".
ويتحدث ترامب منذ سنوات عن صفقة محتملة لضم غرينلاند، معربا لصحفيين السبت، عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة "ستحصل على غرينلاند" التي تحتاجها بلاده بشدة لأسباب تتعلق بـ"الأمن الدولي".
وتتمتع الجزيرة بموقع استراتيجي بين الولايات المتحدة وأوروبا، ومن المتوقع أن يؤدي ذوبان الجليد في القطب الشمالي إلى السماح بفتح طرق شحن جديدة.
وفي يناير، قام دونالد ترامب جونيور، نجل ترامب، بزيارة خاصة إلى الإقليم الدنماركي الذي يتمتع بحكم ذاتي، واتهم على إثرها الدنمارك بممارسة العنصرية ضد شعب غرينلاند.
ونقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن آيا شيمنيتز، ممثلة غرينلاند في البرلمان الدنماركي، قولها في بيان الاثنين إن "الأحداث الأخيرة أظهرت بوضوح أن العنصرية ضد سكان غرينلاند موجودة في دوائر معينة، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي".
أضافت "خطة العمل ضد العنصرية هي أداة مهمة للتحدث علنا والحد من العنصرية، ليس فقط بالنسبة لنا نحن سكان غرينلاند، ولكن أيضا للمجموعات العرقية الأخرى".
وأعلنت الحكومة الدنماركية أنها ستخصص 35 مليون كرونة، أي ما يعادل نحو 5 مليون دولار، لتطبيق التدابير الجديدة.
والأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة الدنماركية عن إلغاء اختبار كفاءة الأبوة والأمومة الذي أدى إلى انتزاع أطفال من آبائهم وأمهاتهم الغرينلانديين في الدنمارك.