هل يقبع كوكبنا الأزرق في باطن ثقب أسود؟
تاريخ النشر: 3rd, July 2023 GMT
تعتبر الثقوب السوداء من أكثر الأشياء غموضا وروعة في الكون، إنها مساحات في الفضاء تكون فيها الجاذبية قوية جدا بحيث لا يمكن لأي شيء، ولا حتى الضوء، الهروب منها.
لكن ماذا لو كنا بالفعل داخل ثقب أسود؟ ماذا لو كان كوننا كله نتيجة ثقب أسود هائل ابتلع كونًا آخر؟ هناك العديد من السيناريوهات التي تحاول الإجابة عن هذه التساؤلات.
في أحد السيناريوهات، يفترض الفيزيائيون أن ثقبا أسود قد ابتلع كوكبنا في مرحلة ما من تاريخه، وإذا ما حدث هذا فسيؤدي إلى سحب كارثي من الجاذبية، وكلما اقتربت الأرض من أفق حدث الثقب الأسود زاد معدل تباطؤ الزمن. واعتمادا على حجم الثقب الأسود، يمكن أن تتمدد المادة إلى أشكال تشبه أعواد المعكرونة السباغيتي.
تسمى هذه الظاهرة في الفيزياء الفلكية بـ"التمدد السباغيتي" (spaghettification)، وهو تأثير المد والجزر الناجم عن حقول الجاذبية القوية التي تتسبب في شد الجسم باتجاه الثقب الأسود وضغطه كلما اقترب منه. في الواقع، يمكن تشويه الكائن إلى نسخة طويلة رفيعة من شكله الأصلي كما لو كان يتمدد مثل السباغيتي.
وحتى لو نجا الكوكب من هذا التمدد، فإن الأرض ستكون مرتبطة بالتفرد الثقالي الكثيف بالغ الصغر (Singularity)، حيث ستحترق بفعل ضغط ودرجة حرارة قوة جاذبية يتعذر فهمها.
لذلك يمكننا استبعاد احتمال أن يكون ثقبا أسود قد ابتلع كوكب الأرض؛ حيث كان من الممكن هضمه في جزء من الثانية. لكن هناك طريقة أخرى ربما انتهى بها المطاف بالأرض في باطن الثقب الأسود: ربما تكونت هناك!
يمكننا استبعاد احتمال أن يكون ثقب أسود قد ابتلع كوكب الأرض؛ حيث كان يمكن هضمه في جزء من الثانية (غيتي) فرضية بوبلاوسكييشبه الثقب الأسود إلى حد كبير الانفجار العظيم وإنما في الاتجاه المعاكس، فالرياضيات التي تفسر كلا منهما متشابهة. بينما ينهار ثقب أسود على نقطة صغيرة شديدة الكثافة "نقطة التفرد"، ينطلق الانفجار العظيم من هذه النقطة.
قد يبدو هذا وكأنه رواية خيال علمي، لكنه في الواقع فرضية علمية جادة لاقت دعما كبيرا من قبل بعض الفيزيائيين، بما في ذلك عالم الفيزياء البولندي نيكوديم بوبلاوسكي. اشتهرت فرضية بوبلاوسكي على نطاق واسع قائلة إن كل ثقب أسود يمكن أن يكون مدخلا لكون آخر وإن الكون قد تشكل داخل ثقب أسود موجود في كون أكبر. أدرجت هذه الفرضية في دوريتي "ساينس" (Science) و"ناشونال جيوغرافيك" (National Geographic) ضمن الاكتشافات العشرة الأولى لعام 2010.
وكتب بوبلاوسكي مقالًا لـ"إنسايد ساينس" (Inside Science) في عام 2012، يوضح فكرته حول أن كوننا قد يكون موجودا داخل ثقب أسود. ووفقًا لبوبلاوسكي، تستند هذه الفرضية إلى فكرة أن الانفجار العظيم، الذي يُقبل على نطاق واسع باعتباره أصل كوننا، كان في الواقع ثقبا أسود في كون مختلف وأصبحت المادة الكونية التي امتصها الثقب الأسود اللبنات الأساسية لكوننا. هذا يعني أن كوننا هو واحد من العديد من "الأكوان الصغيرة" التي ولدت داخل الثقوب السوداء في أكوان أخرى.
تكون الكسور قد يفسر سبب عدم قدرتنا على رؤية ما يحدث داخل الثقوب السوداء في كوننا (غيتي) نتائج مثيرة للاهتمامهذه الفرضية لها بعض النتائج المثيرة للاهتمام لفهمنا لطبيعة ومصير كوننا. على سبيل المثال، يمكن أن تفسر سبب استمرار الكون الذي نعرفه في التوسع والتسارع، حيث يُرجع بوبلاوسكي هذا إلى أن الثقب الأسود الذي خلق منه كوننا لا يزال نشطًا ويتغذى على المزيد من المواد من الكون الأصلي؛ حيث تضيف له هذه المواد الطاقة والكتلة اللازمتين لجعله يتوسع بشكل أسرع وأسرع.
والنتيجة الأخرى هي أن كل ثقب أسود في كوننا يمكن أن ينتج أيضا أكوانا جديدة بداخله. هذا من شأنه أن يخلق بنية جزيئية دقيقة -شبيهة بالكسور (Fractals)- من الأكوان داخل الأكوان، ولكل كون منها قوانين وخصائص فيزيائية مختلفة. يقول بوبلاوسكي إن هذا قد يفسر سبب عدم قدرتنا على رؤية ما يحدث داخل الثقوب السوداء في كوننا.
بالطبع، هذه الفرضية تخمينية للغاية ولها العديد من التحديات والقيود. لسبب واحد، أنها تعتمد على نسخة معدلة من نظرية النسبية العامة لأينشتاين التي تتضمن التأثيرات الكمومية والالتواء، وهو مقياس لكيفية تشوه الزمكان حول المادة.
بوبلاوسكي: كل ثقب أسود يمكن أن يكون مدخلا لكون آخر وقد تشكل الكون داخل ثقب أسود في كون أكبر (أمازون نيوز) التحدي الآخريكمن التحدي في كيفية اختبار هذه الفرضية وإيجاد دليل تجريبي عليها. يعترف بوبلاوسكي بصعوبة ذلك، لكنه يقترح بعض الطرق الممكنة للقيام به. تتمثل إحدى الطرق في البحث عن بصمات الالتواء في إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وهو أقدم شعاع ضوئي في الكون. هناك طريقة أخرى؛ وهي البحث عن الانحرافات والاختلافات في توزيع المادة والطاقة في الكون والتي يمكن أن تشير إلى تأثير الكون الأصلي.
من المؤكد أن فرضية بوبلاوسكي مثيرة للاهتمام، لكنها بعيدة كل البعد عن أن تكون مقبولة من سائر المجتمع العلمي، حيث إنها تواجه العديد من العقبات النظرية والتجريبية التي يجب التغلب عليها قبل أن يمكن اعتبارها بديلا قابلا للتطبيق للنموذج الكوني القياسي. ومع ذلك، فإنها تظهر أن الثقوب السوداء ليست مجرد أشياء رائعة وحسب، ولكنها أيضا نوافذ محتملة في عوالم أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
«تنظيم الأبيض» يتحدى «ضغط الأزرق» في «خليجي 26»
عمرو عبيد (القاهرة)
أظهر منتخبنا الكثير من المرونة التكتيكية، خلال مباراته الأولى في «خليجي 26»، حيث غيّر أسلوبه الفني الذي ظهر عليه خلال كثير من مباريات العام الحالي، وبعد التأخر بهدف أمام «العنابي»، انطلق «الأبيض» ليسيطر على المباراة، ويستحوذ على الكرة بنسبة كبيرة، بلغت 65%، وربما يستمر على تلك الصورة أمام «الأزرق» الكويتي، الذي لا يعتمد كثيراً على مسألة امتلاك الكرة، وهو ما ظهر خلال مبارياته في «التصفيات المونديالية»، إذ بلغ متوسط نسبة استحواذه 44.5% خلالها، وهو ما كرره أمام عُمان في افتتاح البطولة، حيث اكتفى بنسبة 45% أيضاً.
وخلال تلك المواجهة، كان الضغط العالي لـ«الأزرق» وسُرعة التحول، علامتين مميزتين للأداء الكويتي، لكن الأمر لم يستمر طويلاً، خاصة في الشوط الثاني، في حين أن «الأبيض» ركّز على البناء الهادئ للهجمات وحصار شقيقه القطري، خلال فترات طويلة من المباراة، وهو ما أكدته الأرقام بقيام منتخبنا بتنفيذ 82 هجمة مُنظمة، بمعدل يكاد يقترب من هجمة واحدة في كل دقيقة لعب، وبينها كانت هناك 45 هجمة واعدة مؤثرة.
الطرفان احتفظا بكل الخطورة الهجومية لدى «الأبيض»، حيث شنّ 70% من الهجمات في المباراة الأولى عبر الجانبين، بنسب تكاد تكون متساوية، مع أفضلية الطرف الأيسر التهديفية المُمتدة منذ مواجهات التصفيات الآسيوية، في حين أن «الأزرق» يعتمد كثيراً على الجبهة اليُمنى الهجومية، التي أنتجت 42.5% من محاولاته خلال العام الحالي، بجانب التركيز على التمريرات العرضية، التي حافظت على حضورها مع المنتخب الكويتي، بمتوسط 9 كرات أمام عُمان، وهو نفس معدله في المباريات الأخيرة.
ورغم اهتمام «الأبيض» عادة بالتمرير الطولي والبيني السريع، إلا أن واقع مباراته الأولى في البطولة دفعه نحو التركيز على العرضيات هو الآخر، حيث مرر 10 كرات بدقة 50%، كما أن دفاع قطر المتأخر منح لاعبينا الفرصة للتسديد البعيد من خارج منطقة الجزاء، حيث بلغت النسبة تسديد 61% من الكرات عبر تلك المسافات، لكن دقتها العامة تراجعت إلى نسبة 31%.
ولم يغيّر «الأزرق» من طريقته المُعتمدة في كثير من الأحيان على التمرير الطولي، لضرب حصار المنافس وصناعة الهجوم بأقل عدد من التمريرات، حيث مرر لاعبوه 73 كرة طولية، بمعدل يزيد على المتوسط العام لديه، الذي بلغ في المباريات الأخيرة 55 تمريرة، في حين كانت محاولاته متوازنة بين التسديدات داخل منطقة الجزاء وخارجها، بواقع 4 و3 تسديدات، على الترتيب.