محمد خفاجي: المحكمة الجنائية الدولية الملاذ الأخير لمعاقبة مجرمي الحرب بإسرائيل
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
كشف المفكر والمؤرخ القضائى المصرى القاضى الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، في أحدث دراسة له بعنوان: "محاكمة قادة إسرائيل عن جرائم الإبادة الجماعية للمدنيين بغزة والإكراه على التهجير القسرى لسيناء أمام المحكمة الجنائية الدولية.. العقبات والحلول"، معلومات خطيرة عن العقبات المستحيلة التى وضعتها أمريكا وإسرائيل ضد المحكمة الجنائية ذاتها، وضد الشعب الوحيد على الأرض الذى يعيش تحت نيران الاحتلال.
وفي الدراسة يفتح المفكر المصرى باباً منصفاً لتنوير الوعى العام العربى لمحاكمة المسئولين الإسرائيليين عن ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في محاكمة عادلة أمام المحكمة الدولية.
ويكشف “خفاجي” معلومات خطيرة عن العقبات المستحيلة التى وضعتها أمريكا وإسرائيل ضد المحكمة الجنائية ذاتها، وضد الشعب الوحيد على الأرض الذى يعيش تحت نيران الإحتلال ويرسم ملامح الحلول الدولية ببراعة للتغلب على تلك العقبات، نعرض لها في ثلاثة أجزاء مهمة، ونعرض للجزء الثانى فى خمس نقاط بأدلة قوية للرد على مزاعم إسرائيل.
أولا: إشكالية اكتساب فلسطين صفة "الدولة" وكيف تغلبت عليها من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 :
يقول الدكتور محمد خفاجى: فى بادئ الأمر أودعت فلسطين إعلانها الأول للإنضمام للمحكمة الجنائية الدولية فى 22 يناير 2009 بركيزة من نص المادة 3/12 من نظام روما الأساسي التي ينص على أن قبول الدولة غير طرف لاختصاص المحكمة يتطلب أن تقوم بإيداع إعلان لدى مسجل المحكمة.
وتابع: فى عام 2012 أعلن المدعي العام للمحكمة فتح دراسة أولية حول الحالة في فلسطين، لكنه انتهى إلى عدم فتح أي تحقيق أولى نظراً إلى عدم وضوح شرط كون فلسطين "دولة" بموجب القانون الدولي، وتلك كانت إشكالية كبيرة تتعلق بمدى امتلاك فلسطين لصفة "دولة" حسب القوانين الدولية، وأوقفت المحكمة الجنائية الدولية عملها لحين استكمال هذه الصفة ؟.
ويضيف: توجهت فلسطين إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل التغلب على تلك الإشكالية والاعتراف لها بصفة الدولة وبالفعل نجحت إرادة المجتمع الدولة ضد إرادة إسرائيل وإرادة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها الغرب.
وتابع: أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 67/19 بجلستها المنعقدة فى 29 نوفمبر 2012 بالإعتراف لفلسطين بصفة "دولة مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة وحثت في ذات الوقت مجلس الأمن الدولى على التوجه نحو الإعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية لتوافر العناصر الثلاثة المكونة للدولة من إقليم وشعب وسلطة ذات سيادة.
ثانيا: 138 دولة اعترفت لفلسطين بصفة " دولة مراقب غير عضو" وإنضمت بهذه الصفة للمحكمة الجنائية الدولية:
ويذكر أن القرار رقم 67/19 الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة بجلستها المنعقدة فى 29 نوفمبر 2012 بمنح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو " في الأمم المتحدة هو الذى يرقي بمرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة مراقب غير عضو , وقد أيد القرار غالبية العالم 138 دولة.
وعارضته 9 دول، وامتنع عن التصويت 41، وتغيبت خمس دول , وقد أتاحت الصفة الجديدة لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية ومارست فلسطين بالفعل حقها في التصويت لأول مرة بموجب صلاحيتها الجديدة في المنظمة الدولية في 18 نوفمبر 2013، بالتصويت لانتخاب أحد قضاة محكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة.
ثالثاً : قصة إشكالية بسط اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967 خاصة قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وكيف تغلبت عليها المحكمة؟
ويضيف الدكتور محمد خفاجى بناء على الاعتراف لفلسطين بأنها "دولة مراقب غير عضو" تقدمت فلسطين بإعلانها الثاني للمحكمة الجنائية الدولية عام 2015 والذي ينص على قبولها لصلاحية المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم الدولية التي تم ارتكابها في فلسطين منذ 13 يونيه 2014 ومن ثم تقدمت فلسطين بطلب الإنضمام للمحكمة الجنائية.
وتابع: بعد انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ترتب على ذلك أن المدعية العامة للمحكمة "فاتو بنسودا" فتحت دراسة ثانية وتحقيق أولى في فلسطين فى 16 يناير 2015 عن المدة من عام 2015 وحتى 2019 حول ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وانتهت الدراسة الأولية إلى وقوع جرائم حرب في الإقليم الفلسطيني.
ويشير الدكتور خفاجى الى أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية "فاتو بنسودا"عمدت إلى وقف الدراسة الأولية محل التحقيق الأولى ورفعت طلباً للدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية استنادا إلى المادة 3/19 من نظام روما الأساسى المنشئ للمحكمة طالبة من تلك الدائرة تقديم تأكيد حول كون الإقليم الذي تمارس عليه المحكمة الجنائية اختصاصها يشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية من عدمه؟
ويذكر بجلسة 5 فبراير 2021 انتهت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية إلى قرار قضائى يعد انتصاراً للعدالة الغائبة عن المجتمع الدولى مفاده أن " الاختصاص الإقليمي للمحكمة بالنسبة للحالة في فلسطين، التي هي دولة طرف في نظام روما الأساسي، هو اختصاص يشمل الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 لا سيما غزة والضفة الغربية.
وبما في ذلك القدس الشرقية" وتبعا لهذا القرار التاريخى للدائرة التمهيدية أضحت المحكمة الجنائية الدولية صاحبة اختصاص أصيل لا مراء فيه في النظر فى كافة الجرائم التي وقعت على الإقليم الفلسطيني منذ عام 2014 .
ويوضح الدكتور خفاجى: يترتب على ما تقدم , أنه وفقاً لقرار الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية فى بسط المحكمة ولايتها على جميع الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 لا سيما غزة والضفة الغربية، وبما في ذلك القدس الشرقية بات حقاً أصيلا لشعب لفلسطين فى محاكمة قادة إسرائيل عن جرائم الإبادة التى ارتكبتها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة بدءاً من أكتوبر ونوفمبر 2023 حتى اليوم وإكراههم على التهجير القسرى.
وأضاف: ينبغى على فلسطين أن تتقدم إلى تلك المحكمة بطلب رسمى على الفور – إن لم تكن قد قدمته فعلاً - لبدء تحقيق رسمي مفتوح أمام المحكمة الجنائية الدولية خاصة فى ظل حالات القذف بالقنابل والصواريخ والأسلحة الفسفورية المحرمة دوليا ، وقد أصبح لها الصلاحية الدولية لتقديم إدعائها الجنائى الدولى وهو السبيل القانوني القادر على مساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين عن الجرائم الإبادة بكل صورها المعروفة فى القانون الدولى، وهو ما يعطي لفلسطين والعرب اَمال دولية في ملاحقة مجرمي الحرب من قادة إسرائيل ومساءلتهم عن كافة جرائم الإبادة ضد المدنيين التي ارتكبوها ضد الفلسطينيين خاصة الأطفال والنساء والشيوخ فى حرب الإبادة التى شنتها على سكان غزة .
رابعا: المحكمة الجنائية الدولية الملاذ الأخير لمعاقبة مجرى الحرب بإسرائيل ضد فلسطين وعلى الدول الأعضاء في المحكمة أن تنهض لحماية استقلالها في مواجهة الضغوط والعداء المستمر من أمريكا وإسرائيل.
وأضاف “خفاجي” : يذكر الرأى عندى أن الفرصة قد سنحت لفلسطين أمام أعين المجتمع الدولى للحكم على مدى فاعلية المنظمات الدولية خاصة المحكمة الجنائية الدولية على الرغم من كافة العراقيل والعقبات، إن قرار المحكمة فى دائرتها التمهيدية يمثل خطوة إيجابية نحو محاسبة الأشخاص المتورّطين في النزاع المستمر منذ قرن من الزمن عن جرائم ارتُكِبت ضد الإنسانية وعلى قمتها الإبادة الجماعية للمدنيين بغزة 2023.
وتابع: يؤكد الرأى عندى أن كل تلك الجرائم ترقى إلى جريمة حرب , وجريمة ضد الإنسانية يتعين مقاضاة قادة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية حتى لا يظل الإفلات من العقاب على جرائم الحرب هو السائد على أعين المجتمع الدولى فلا تكون هناك جدوى من قواعد القانون الدولى ولا القانون الدولى الإنسانى ، ولا يبقى أى أمل حقيقى فى جدوى وفاعلية المنظمات الدولية , فمازال للمحكمة الجنائية الدولية دور حاسم يمكن تلعبه بحسبانها الملاذ الأخير لمعاقبة مجرى الحرب بإسرائيل ضد فلسطين وعلى الدول الأعضاء في المحكمة أن تنهض وتقف بكل قوتها لحماية استقلالية المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الضغوط والعداء المستمر للتحقيق في سلوك قادة مجرمى الحرب الإسرائيليين ومن يدعهمهم من قادة أمريكا.
خامسا: حق أصيل لشعب لفلسطين فى مقاضاة قادة إسرائيل بعد أن أخضعت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية 2021 الإقليم الفسطينى المحتل منذ عام 1967 لولايتها بما فيها غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية
ويذكر الدكتور محمد خفاجى أنه بناء على طلب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية "فاتو بنسودا" بإحالة طلبها للدائرة التمهيدية الأولى La Chambre préliminaire في المحكمة الجنائية الدولية استنادا إلى المادة 3/19 من نظام روما الأساسى المنشئ للمحكمة طالبة منها حول مدى جواز ممارسة اختصاص المحكمة على الإقليم الفلسطينى المحتل من إسرائيل الذى سوف تمارس عليه المحكمة الجنائية اختصاصها يشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية من عدمه ؟
ويؤكد بجلسة 5 فبراير 2021 أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية قراراً قضائياً تاريخياً بشأن بسط اختصاصها على جميع الأراضى الفلسطينية التى احتلتها إسرائيل منذ عام 1967 خاصة غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وصدر القرار القضائى برئاسة القاضى مارك بيرين دي بريشامبو وعضوية القاضى بيتر كوفاكش والقاضية رين ألابيني-غانسو
وهم القضاة الثلاثة في الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية الذين كُلفوا بالنظر في وضع فلسطين بسريان الاختصاص الإقليمي المتعلق بفلسطين باعتبارها دولة جزء من نظام روما الأساسي لينبسط على كل ما يقع في الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967،خاصة قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية , مما يجعل الإقليم الفسطينى المحتل يخضع للاختصاص الإقليمي للمحكمة.
ويوضح أن الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية قد أشارت إلى المعنى العادي المعطى لمصطلحاتها في السياق وفي ضوء موضوع النظام الأساسي والغرض منه، فإن الإشارة إلى "الدولة" التي حدث السلوك المعني في أراضيها متحقق بشأن فلسطين , وأن ما تتمتع به من وضع قانوني فيما يتعلق بالقانون الدولي العام، بأن انضمام فلسطين إلى النظام الأساسي سيترتب عليه الإجراء الصحيح بعد قبول فلسطين كدولة طرف في نظام روما الأساسي.
ويضيف: قد لاحظت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صاغت قرارات أخرى ذات طبيعة مماثلة،منها في القرار 67/19 بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال في دولة فلسطين الواقعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 , ومن ثم خلصت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية إلى أن الاختصاص الإقليمي للمحكمة في الوضع في فلسطين يقع على الأراضي المحتلة من إسرائيل منذ عام 1967، خاصة قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويختتم الرأى عندى أن القرار القضائى للدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية فى 5 فبراير 2021 بتأكيد اختصاص المحكمة على الوضع في فلسطين يفتح الطريق المنصف الذي طال انتظاره لتحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين من جرائم الإبادة الجماعية التى ارتكبتها إسرائيل حديثاً فى أكتوبر ونوفمبر 2023 ضد المدنيين بقطاع غزة بترسانة الأسلحة المدمرة للشعوب
وأضحى حقاً أصيلاً لشعب لفلسطين بفتح تحقيق رسمي في فلسطين نظراً إلى الأدلة القوية على ارتكاب جرائم خطيرة عن الإبادة الجماعية والإكراه على التهجير القسرى بما يؤدي إلى محاكمة المسئولين الإسرائيليين عن ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في محاكمة عادلة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية الأخير الإسرائيليين الاستقلال الإسراء أمام المحكمة جرائم ضد الإنسانية جري جرائم الإبادة الجماعية جرائم الحرب الجمعیة العامة للأمم المتحدة المحکمة الجنائیة الدولیة للمحکمة الجنائیة الدولیة نظام روما الأساسی الإبادة الجماعیة جرائم الإبادة ضد الإنسانیة ارتکاب جرائم أمام المحکمة قادة إسرائیل الدکتور محمد من نظام روما فی المحکمة إسرائیل ضد فی فلسطین
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث إذا رفضت دولة اعتقال نتانياهو بموجب مذكرة المحكمة الجنائية الدولية؟
تباينت ردود الفعل على قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، ففي الوقت الذي أكدت فيه دول التزامها بقرار المحكمة، أعربت أخرى عن رفضها له، ومن أبرزها المجر، كونها أعلنت تحدي القرار رغم أنها من البلدان التي صادقت على نظام روما الذي أنشأ المحكمة.
وتعد المجر أول بلد من بين 124 دولة صادقت على نظام روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، التي تتحدى مذكرات الاعتقال، حيث أعلن رئيس حكومتها فيكتور أوربان، الجمعة، أنه سيدعو نتانياهو لزيارة العاصمة بودابست.
وكانت المحكمة قد أصدرت، الخميس، مذكرات توقيف بحق نتانياهو وغالانت، وكذلك القيادي بحركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، محمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
ويثير رد المجر على القرار، تساؤلات بشأن مواقف الدول الأخرى الموقعة على نظام روما، وما قد يحدث إذا رفضت تنفيذ قرارات الجنائية الدولية.
وفي هذا الصدد، قال رئيس مؤسسة "JUSTICIA" الحقوقية في بيروت، المحامي بول مرقص، إن الدول الموقعة على نظام روما "ستكون ملزمة بتطبيق أوامر المحكمة"، مضيفًا أن دولا أخرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند "غير ملزمة بتطبيق القرار لأنها أساساً غير موقعة على نظام روما".
دولة أوروبية تتحدى الجنائية الدولية: سندعو نتانياهو لزيارتنا أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى المجر في تحدٍ لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.وأوضح في حديثه لموقع "الحرة"، أن "العديد من الدول لن تمتثل لقرارات التوقيف لاعتبارات سياسية، وهو موقف لن تترتب عليه أية نتائج قانونية مباشرة، سوى أنها ستظهر كأنها لا تفي بالتزاماتها الدولية".
ومن الدول التي أبرمت نظام روما الذي أسس المحكمة الجنائية الدولية، نحو 33 دولة إفريقية، و19 دولة من الشرق الأوسط، و28 دولة من أميركا اللاتينية، و25 دولة أوروبية وسواها من الدول الغربية.
يذكر أن نتانياهو علّق على القرار في بيان صادر عن مكتبه، بالقول إنه "معاد للسامية ويمكن مقارنته بمحاكمة دريفوس، وسينتهي بالطريقة نفسها"، في إشارة إلى قضية النقيب اليهودي الفرنسي ألفرد دريفوس الذي اتهم بالتجسس والخيانة وتم إرساله إلى السجن في نهاية القرن التاسع عشر في فرنسا، قبل أن تتم تبرئة ساحته بعد بضع سنوات.
أما غالانت فاعتبر أن قرار المحكمة "سابقة خطيرة تشجع الإرهاب"، وكتب على منصة إكس أن هذا القرار "يضع دولة إسرائيل وقادة حماس المجرمين في المرتبة نفسها ويشرع بذلك قتل الأطفال واغتصاب النساء وخطف المسنين من أسرتهم".
وأضاف أن القرار "يخلق سابقة خطيرة ضد الحق في الدفاع عن النفس وخوض حرب أخلاقية، ويشجع الإرهاب القاتل".
تبعات عدم الامتثالهناك سوابق واجهتها المحكمة الجنائية الدولية بخصوص عدم امتثال الدول الأعضاء لمذكرات توقيف، وبالتحديد التي كانت قد صدرت ضد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، حينما استقبله الأردن في السنوات التي سبقت الإطاحة به.
واستقبل الأردن البشير في مارس 2017 للمشاركة في قمة عربية على أراضيه، وحينها قررت المحكمة إحالة الأردن إلى مجلس الأمن الدولي للنظر في الأمر، لكن بعد عامين، وبالتحديد في مايو 2019، تراجعت عن قرار الإحالة.
وقالت دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، إنه كان يتعين على الأردن إلقاء القبض على البشير؛ لكن عدم القيام بذلك لا يسوغ إحالة المملكة إلى مجلس الأمن الدولي، وفق رويترز.
وواصل مرقص حديثه للحرة، قائلا: "على الرغم من أن أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة لا تضمن تنفيذها، فإنها قد تحد بشكل كبير من قدرة نتانياهو على السفر إلى الدول الأعضاء في المحكمة".
لكنه في النهاية أوضح أن الإحالة إلى الدول الأطراف الموقعة على اتفاق روما لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، أو مجلس الأمن، لم يتأثر به الأردن وتم التراجع عنه، وقال: "لا أرى أن الدول الممتنعة عن تنفيذ مذكرات التوقيف ستواجه عقوبات دولية".
ماذا عن التحليق في الأجواء؟وحول عدم تنفيذ الدول أيضًا لأمر الاعتقال، أو السماح بعبور طائرة نتانياهو عبر أجوائها، قال القاضي السابق في المحكمة الجنائية الدولية، جيفري نايس، في مقابلة مع برنامج "الحرة الليلة"، إن التحليق في الأجواء "ليس من السهل التعامل معه".
وأوضح أن "أي دولة ملزمة لأي سبب من الأسباب باعتقال هؤلاء ولا تفعل ذلك، فإنها ستواجه تداعيات ضمن نظامها السياسي، وستخضع لردود فعل شعبية".
وأشار إلى أن "المشاعر المتعاطفة مع الفلسطينيين قوية جدا، ومعظم الحكومات قد تخسر دعم الشعب إذا لم تحترم أمر التوقيف".
وتخوض إسرائيل حربا في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس الفلسطينية وأسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، حسب أرقام إسرائيلية رسمية.
ومنذ ذلك الحين، تشن إسرائيل حملة عسكرية ضخمة ضد حماس في قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وفق السلطات الصحية في القطاع.
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت قال الرئيس الأميركي، جو بايدن إن مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدولية القادة الإسرائيليين "مشينة". قرار المحكمةأصدرت المحكمة، وفق بيان "بالإجماع، قرارين يرفضان الطعون المقدمة من دولة إسرائيل بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسي (النظام الأساسي). كما أصدرت أوامر قبض بحق بنيامين نتانياهو ويوآف غالانت".
وكانت إسرائيل قد تقدمت في 26 سبتمبر الماضي، طلبين، يتضمن الأول طعنا في اختصاص المحكمة، حيث رفضت الدائرة التمهيدية طلب إسرائيل الذي زعم أن المحكمة تفتقر إلى الاختصاص بشأن الوضع في دولة فلسطين، وخاصة على مواطني إسرائيل، بناءً على المادة 19(2) من النظام الأساسي.
وأكدت المحكمة أن قبول إسرائيل لاختصاص المحكمة ليس شرطاً ضرورياً، حيث "يمكن للمحكمة ممارسة اختصاصها على أساس الولاية الإقليمية لدولة فلسطين".
وأشارت إلى إمكانية تقديم طعون مستقبلية بشأن اختصاص المحكمة أو مقبولية أي قضية محددة.
وأوضح البيان أنه تم تصنيف أوامر القبض على أنها "سرية" لحماية الشهود وضمان سير التحقيقات. ومع ذلك، "تم الإفصاح عن بعض المعلومات بسبب استمرار السلوكيات المماثلة ولإبلاغ الضحايا وعائلاتهم بوجود الأوامر".
وحسب البيان الذي حصلت "الحرة" على نسخة منه، فإن المحكمة "وجدت أسباباً معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن الجرائم التالية: "جريمة الحرب باستخدام التجويع كأسلوب في الحرب، والجرائم ضد الإنسانية: القتل، الاضطهاد، والأفعال اللاإنسانية الأخرى، وجريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين".
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟ شرح قاض سابق في المحكمة الجنائية الدولية التداعيات المحتملة لقرار المحكمة المتعلق باصدار مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.وربطت الجرائم المزعومة بأنشطة الحكومة الإسرائيلية والقوات المسلحة ضد المدنيين في غزة، واعتبرت المحكمة أن القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والماء والدواء، أدت إلى تجويع السكان المدنيين في غزة وتعريضهم للمعاناة الشديدة، وفق البيان.
كما أشارت المحكمة إلى أن "القرارات المتعلقة بالسماح بالمساعدات الإنسانية كانت مشروطة وضئيلة، ولم تستوفِ التزامات إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي."
وكانت السلطة الفلسطينية قد قدمت في الأول من يناير 2015، إعلاناً بقبول اختصاص المحكمة منذ 13 يونيو 2014، وفي 2 يناير 2015، انضمت إلى نظام روما الأساسي، ودخل النظام حيز التنفيذ بالنسبة لها في 1 أبريل 2015.
وفي 3 مارس 2021، أعلن الادعاء العام فتح تحقيق في الوضع في فلسطين بعد قرار الدائرة التمهيدية الأولى بأن اختصاص المحكمة يمتد إلى غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
كما أوضحت المحكمة في بيان منفصل، أنها أصدرت مذكرة اعتقال بحق الضيف، بعدما "وجدت أسبابا معقولة بأنه ارتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في أراضي دولة إسرائيل ودولة فلسطين على الأقل منذ 7 أكتوبر 2023".
وسبق أن أعلنت إسرائيل مقتل الضيف خلال عملياتها في قطاع غزة، لكن حماس لم تؤكد أو تنف هذا الأمر.