العدالة الانتقالية وشراء المستقبل
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
في سياق البحث عن “المعادلة الكسبية” التي تحقق السلام والتحول الديمقراطي، لا نستطيع ان نتجاهل كل الدماء التي سالت في هذه البلاد، وننسى كل الجرائم الكبرى التي ارتكبت، وبذات القدر ليس بالإمكان انفاذ عدالة العين بالعين والسن بالسن حرفيا على جميع من أجرموا، ولذلك يحتاج السودان لتصميم “نموذج سوداني للعدالة الانتقالية”، يحقق فكرة “شراء المستقبل” بشرط تصفية الحساب مع الماضي بصورة تحترم عقول الشعب وتضحياته، تفصيل هذا النموذج بكفاءة على الواقع السوداني وعلى ضوء تحدياته هو واجب الخبراء السودانيين في هذا المجال ويجب ان يكون من اهم اولويات قوى السلام والتحول الديمقراطي.
في الوقت الذي نطالب فيه بإيقاف الحرب والكف عن إعاقة جهود بناء السلام والتحول الديمقراطي ليس من الحكمة ان يكون الخطاب الموجه لقيادات الجيش والدعم السريع “يا عسكر مافي حصانة يا المشنقة يا الزنزانة” لأن هذا الشعار سيدفعهم لالتماس الحصانة المستدامة في التمسك بجيوشهم كما هي وبسلطتهم المفروضة بقوة السلاح لانها الوحيدة التي توفر لهم الامان الشخصي، إقناع القوى التي تتقاتل بالكف عن القتال وكف اسلحتها عن عرقلة مساعي الانتقال الى مربع السلام والحكم المدني يتطلب الاستعداد لتحفيزها على ذلك بضمان مخرج آمن بعفو او حصانة او أي صيغة متوافق عليها، بشرط ان يتم كل ذلك في سياق إعادة هيكلة مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والعدلية في اتجاه لايسمح مجددا بانتهاكات حقوق الانسان والافلات من العقاب مستقبلا، وبشرط انفاذ العدالة الجنائية في الحق الخاص الذي لا يسقط بحصانة او عفو او تقادم، اذ يظل من حق الضحايا التقاضي محليا ودوليا عن حقهم الخاص ويجب إصحاح البيئة السياسية والقانونية لمساعدتهم على ذلك، وفي ذات الوقت نحتاج لخطاب سياسي يشجع على إعلاء روح المصالحة والتعافي طوعا واختيارا.
السودان لن يعيد اكتشاف العجلة في مجال العدالة الانتقالية، فالعالم حافل بتجارب لدول يشهد تاريخها وتوثق متاحفها أبشع جرائم القتل والتعذيب والمجازر الجماعية والتطهير العرقي(جنوب أفريقيا ورواندا مثلا)، ولكنها لم تحبس نفسها في الماضي واشترت المستقبل، ليس بنسيان الماضي بالكامل، بل بحسن إدراك الماضي الاليم واستخلاص الدروس الصحيحة منه، وعقد العزم على عدم تكرار مآسيه في المستقبل ، عقد العزم ليس بالكلام بل بحزمة من التدابير السياسية والقانونية والمؤسسية التي تضمن عدم تكرار ما حدث في الماضي مستقبلا، وابتداع آليات لكشف الحقائق والاعتذار والمصالحة وتمكين الضحايا من حق التقاضي بالفعل، وخلق مناخ سياسي وثقافي يشجع على التسامح والعفو.
حتى نظام روما المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية ، تنص المادة 16 منه على “إرجاء التحقيق او المقاضاة” لمدة اثني عشرة شهرا قابلة للتجديد (دون سقف لعدد المرات) بناء على طلب من مجلس الامن تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، والمنطق الذي يسند هذه المادة هو ان مقتضيات السلام والاستقرار في بعض الحالات تقتضي تأجيل تنفيذ العدالة الى حين، ليس لأن العدالة ليست مطلوبة ومقدسة، ولكن لأن منطق العدالة نفسه يرتب الاولويات بحيث يجعل من تحقيق السلام الذي يوقف نزيف الدم ويوقف قتل وتشريد واغتصاب وتعذيب المزيد من الضحايا في الحاضر والمستقبل، مقدم على القصاص الفوري لضحايا الماضي. وبكل تأكيد لو كان القصاص الفوري متاحا فلن يتردد احد في تطبيقه، ولكن عندما تكون البلاد تحت وطأة حرب كحربنا هذه، يكون الوضع أشبه بوضع شخص له ابن تم قتله وابن اخر رهينة في قبضة القاتل الذي يهدد بقتل الابن الذي في قبضته لولم يسمح له بالفرار ، في هذه الحالة هل نطالب الاب بان يجعل عقاب المجرم مقدما على انقاذ حياة ابنه الوحيد المتبقي له؟!
الطريق الى لجم المزايدات
اول خطوة لهزيمة الغوغائية هي توطين العقلانية في مناقشة القضايا السياسية، وربط كل فكرة تطرح بنهاياتها المنطقية في سياق الواقع الماثل، فمثلا من يطرح الآن فكرة ان السلام يجب ان يكون مشروطا بالمحاسبة السياسية والجنائية لطرفي الحرب ممثلين في قيادات الدعم السريع والجيش، فيجب ان يسأل عن تصوره العملي لتحقيق ذلك، المحاسبة السياسية والجنائية لقيادات جيوش جرارة كهذه مهما كانت درجة صوابها الاخلاقي فإنها غير متاحة في سياقنا، لأننا لا نملك قوة عسكرية كاسحة كي نراهن عليها في فرض “عدالة المنتصر” وإصدار حكم فوري بحل قوات الدعم السريع وحكم اخر بحل الجيش ومحاكمات فورية تعلق القيادات على المشانق ! والسؤال المهم هل “عدالة المنتصر” دائما تحقق السلام والديمقراطية؟ في العراق مثلا، عندما نفذت الولايات المتحدة الأمريكية قرار حل الجيش العراقي بالقوة وأعدمت صدام حسين وابرز رموز نظامه ، انخرطت عناصر الجيش المحلول في تكوين مليشيات ارهابية احالت حياة العراقيين الى جحيم جعلهم يشتاقون الى ايام صدام حسين!
آفة الخطاب السياسي في السودان بعد الثورة هو استسهال المزايدات الثورية في مجال العدالة وعدم الاستعداد لتفهم تعقيدات الواقع والقفز الى اصدار حكم تجريمي على كل من يتحسس الواقع ويحاول ايجاد حلول معقولة واتهامه بانه يفعل ذلك من باب التواطؤ مع المجرمين ومساعدتهم على الافلات من العقاب، في حين ان هناك تنازلات ومساومات يفرضها الواقع لصالح السلام والاستقرار وكف ايدي المجرمين عن سفك مزيد من الدماء وازهاق مزيد من الارواح.
العامل الحاسم في لجم المزايدات هو الشفافية في إدارة ملف العدالة، وان يكون ثمن أي تنازلات يتم تقديمها للقيادات المسؤولة عن الانتهاكات هو دفع استحقاقات السلام والاصلاحات الجوهرية للدولة بشكل يضمن عدم تكرار الانتهاكات، ورد الاعتبار للضحايا بكشف الحقائق كاملة وارساء نموذج حقيقي للعدالة الانتقالية، بمعنى البعد كل البعد عن تمييع قضية العدالة لأنها من مقتضيات السلام والاستقرار وكذلك البعد عن الخفة والاستسهال لموضوع العدالة وافتراض انها تحقيقها ممكن بين عشية وضحاها، ففي ظل الخراب الشامل في الدولة السودانية ومن اهم المؤسسات التي طالها الخراب وفقدت تأهيلها الفني والاخلاقي هي المؤسسات العدلية من قضاء ونيابة عامة، ودون اعادة بناء لهذه المؤسسات في سياق التأسيس الجديد للدولة السودانية لن يكون بالإمكان انفاذ أي عدالة، وفي ظل واقع كهذا سنجد انفسنا مطالبين ليس فقط بتسليم المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية بل سنحتاج لامحالة كثير من قضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لهذه المحكمة.
إن الأشواق الثورية النبيلة للعدالة والحرية ، لن تتحقق بمجرد الهتاف والمزايدات المدفوعة بروح المنافسة السياسية أو الأجندة التخريبية التي تهدف لتقسيم صف التغيير على اساس الطهرانية الثورية. بل تحقق بعسر مخاض في الجهد والزمن، لا نملك سوى ضبط بوصلتنا الفكرية والسياسية والاخلاقية في الاتجاه الصحيح ثم نسرع الخطى صوبه ما استطعنا.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بعد تكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي..أحمد عز : أرفض أن يكون الشكل والوسامة هما بوابة النجومية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق رفض أن يكون شكلة ووسامته هما البوابة الاولى لنجوميته اهتم بأدوات الفنان وروحه وماذا سيقدم للناس عقب تكريمه وحصوله على جائزة فاتن حمامة بالقاهرة السينمائي الدوليتعرف على أسباب نجاح أحمد عز من خلال تصريحاته بأولى ندوات المهرجانملاكى إسكندرية كوبرى انطلاقته الفنية ورفض كتابه اسمه قبل نور الشريف فى مسجون ترانزيت.. فلسفة واضحة "اى حد هيفيده فى شغله وفنه مش ممكن يقول له لاء ".. يتمنى تقديم شخصيات تاريخية وإسلامية وخناقته مع نور الشريف تبرز نبل اخلاقه وحسن تقديره للاجيال السابقه
اعترف أنه في بداية مشواره الفنى، كان يتم ترشيحه للأعمال من المخرجين بناء على وسامته وشكله، لكنه طوال الوقت كانت لديه قناعة بأن أدوات الفنان وطريقته أهم من شكله، بالإضافة إلى روحه وما يوجد بداخله ويستطيع من خلاله تقديم شيئً يعجب الجمهور.
من هنا انطلق فى تحقيق نجوميته؛ حيث يعد فيلم ملاكى اسكندرية الكوبرى لنجوميته على حد وصفه وتعبيره ليقدم بعده العديد من الاعمال الناجحة مثل الشبح ومسجون ترانزيت والمصلحة وكيرة والجن
انه ابن من ابناء " ولاد رزق" النجم احمد عز الذى كرمه امس مهرجان القاهره السينمائي الدولي في دورته ال٤٥ وحصل على جائزه فاتن حمامه للتميز
ترصد البوابه ابرز محطاته الفنية
احمد عز دائما خلال حواراته السابقة يصر ان يعترف بفضل الآخرين عليه بمشواره الفنى وهذا شىء اصيل وجميل عندما يكون فى الإنسان ايا كان فنان او غير فنان كما ان عز يؤكد ان لديه رؤيه فى الفن حيث صرح خلال ندوته النقاشية التى اقيمت اليوم الخميس بدار الأوبرا المصرية ان الفنان مطلوب منه أن يثقف الناس، مشيرا إلى انه كان يحاول تقديم عمل فني يعتمد على الثقافة بفكرة قوية إضافة إلى عنصر التسلية» متمنيا ان تعيش احلامه ويكون امتداد للأجيال السابقة
من خلال تصريحات النجم احمد عز بندوته التى قيمت اليوم الخميس نكتشف ان الاشخاص المهمين فى حياته وكانوا سببا فى نجاحه هم والدته ودعواتها له ونصائح الزعيم عادل امام له بالالتزام واختيار الورق وايضا المخرج علي عبد الخالق الذي رشحه لفيلم الكرامه وقال له لكى تكون ناجحا ومميزا عليك بالالتزام فهو اول طرق النجاح ولم ينس احمد عز دور المخرج جمال عبد الحميد الذي منحه فرصة للتمثيل حينما ذهب إليه محبطا وقال لجمال عبد الحميد الذى كان يعمل مونتاجا في جاردن سيتي بذلك الوقت انه يرغب فى التمثيل ومنحه دور صغير في مسلسل زيزينيا فكان له فضل كبير عليه
ذكر ايضا "عز" دور المخرجه ايناس الدغيدى الذى رشحته فى فيلم كلام الليل ولكنها لفتت نظر الى ضروره دراسه التمثيل ورشحته بعدها لمذكرات مراهقه في دور البطوله امام هند صبري
كشف عز عن خناقته مع النجم نور الشريف وقال " اشتغلت مع النجم نور الشريف فى فيلم مسجون ترانزيت و كان فيه خناقة عاوز يكتب اسمى على الافيش الاول واقوله ازاى بس لا يمكن قد ايه كان جميل و عظيم و استفدت كتير منه، وفى الفيلم والدتى اتوفت وكنت عاوز اصور المشاهد كلها لانه فيه ابنى بيموت و احزان كتير بس فضلت تعبان بعد الفيلم 6 شهور".
واعرب عن تطلعه لتقديم شخصيات تاريخية وإسلامية بدعم من بلده مصر لأنها شىء مهم وأيضا تقديم روايات كثيرة وتحويلها لأفلام مشيرا إلى انه خلال عمره حتى الآن قدم مسلسل أبو عمر المصري وفيلم كيرة والجن، ويتمنى تحويل المزيد من الروايات، حيث يحسد نجوم زمان على تقديمهم عدد كبير من الروايات
كشف أحمد عز ان فيلم كيرة والجن حقق 130مليون جنية لافتا الى انه لديه فلسفه ورؤي لمستقبله الفنى فقد عرضت هيئة الترفية عليه تكلفة فيلم ولاد رزق 12 مليون دولار والفيلم حقق 25 مليون دولار فى العالم مؤكدا ان اى حد هيفيده فى شغله واعماله مش ممكن يقوله لا ".
واستند الى اننا كنا بنعمل أفلام بدعم من روتانا وart والسعودية ومصر والإمارات وكل بلاد العرب أوطان وفاكر عبد الحليم حافظ فى لقاء قال تحيا العروبة كلنا واحد".
أحمد عز من مواليد 23 يوليو 1971 ظهر لأول مرة مع المغنية أصالة في كليب «لما جت عينك في عيني»، وظهر أيضاً بمشهد صغير في فيلم كلام الليل للمخرجة إيناس الدغيدي، التي أتاحت له الفرصة فيما بعد للقيام ببطولة فيلم مذكرات مراهقة.
في عام 2003، شارك عز في بطولة مسلسل ملك روحي بجانب يسرا. ومن هنا بدأت انطلاقته، حيث شارك في 4 أفلام في عام 2004 وهي: حب البنات، وسنة أولى نصب، وشباب تيك أواي، ويوم الكرامة. وفي عام 2005، شارك في فيلم الباحثات عن الحرية مع داليا البحيري.
في نفس العام، قدم دورًا بعيدًا عن الأدوار الرومانسية في فيلم ملاكي إسكندرية، حيث تمرّد علي الأدوار الرومانسية التي حاول الكثير من المخرجين حصره في قالبها، ومن وقتها اتجه إلي أفلام الأكشن والإثارة.
تميز عز بتنوعه في أدواره، حيث قدم أدوارًا جمعت بين الرومانسية، والكوميديا، والإثارة مثل دوره في الرهينة عام 2006.
وفي العام التالي، قدم واحدا من أنجح أدواره علي الإطلاق في فيلم الشبح. وفي عام 2008، قدم فيلم مسجون ترانزيت، وظهر كضيف شرف في سيت كوم العيادة.
في عام 2009، قدم فيلم بدل فاقد مع منة شلبي، وقدم مسلسل الأدهم. وفي عام 2010، ظهر كضيف شرف بفيلم الثلاثة يشتغلونها.
قدم عز فيلم 365 يوم سعادة في عام 2011. وفي 2012، أُطلق فيلمان له معاً في نفس الوقت، وذلك بسبب تأخر إطلاق أحدهما بسبب الثورة. هذان الفيلمان هما المصلحة وحلم عزيز.
في عام 2013، قدم فيلم الحفلة، كما ظهر بشخصيته الحقيقية في فيلم هاتولي راجل، ولعب شخصية عمرو بن العاص في مسلسل الرسوم المتحركة أمير ورحلة الأساطير.
وقدم في رمضان 2014 مسلسل الإكسلانس. وفيلم ولاد رزق عام 2015. وفيلم الخلية عام 2017. ومسلسل أبو عمر المصري في رمضان 2018، وهو مُقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتب عز الدين شكري فشير.
قدم عز فيلمي الممر وولاد رزق 2 عام 2019. ولعب دورًا رئيسيًا بشخصية علاء الدين في مسرحية تحمل نفس الاسم في نفس العام.
في عام 2021، ظهر بشخصية سيف العربي في مسلسل هجمة مرتدة كدور رئيسي، والاختيار 2 كضيف شرف. كما قدم فيلم العارف في نفس العام. وقدم 3 افلام في عام 2022 هم: كيرة والجن وفي الحب والحياة والجريمة. وظهر في مسلسل الاختيار 3 في نفس العام.