يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الآونة الأخيرة إلى تبني موقف متوازن لاحتواء التصعيد في قطاع غزة، ليؤكد على موقف فرنسا الثابت تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام وضرورة استئناف عملية السلام واحتواء الصراع الدائر بين إسرائيل وقطاع غزة وأيضا حماية المدنيين الذين يتعرضون للقصف الإسرائيلي المستمر مخلفا آلاف من الضحايا.

 
فقد كانت فرنسا ومنذ بدء الهجمات التي نفذتها حماس في السابع من أكتوبر الماضي، تؤكد على دعمها غير المشروط لإسرائيل مشددة مرارا وتكرارا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. ومن ثم قام الرئيس الفرنسي باتصالات مكثفة لجمع إدانة جماعية قاطعة للهجمات التي نفذتها حماس مستهدفة إسرائيل، وأكد مرارا أن "لا شيء يبرر الإرهاب" على حد قوله، إلا أن خطابه خلال الآونة الأخيرة قد تغير ليضيف على كلماته الجانب الآخر من الصورة ومعاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
"لا شيء يمكن أن يبرر معاناة المدنيين في غزة"، هكذا أكد ماكرون عند لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال جولته في الشرق الأوسط مؤكدا على أهمية إعادة إطلاق عملية سياسية بنحو حاسم. 
وعندما التقى بالعاهل الأردني وبالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قال ماكرون من ضمن حديثه أن فرنسا لا تمارس ازدواجية المعايير مشيرا إلى أن مبادرة السلام التي يقترحها لتجنب التصعيد تشمل ثلاثة محاور منها ضرورة التعاون الإقليمي والدولي لاستهداف الإرهابيين على حد تعبيره، واستئناف عملية سياسية للتوصل إلى حل الدولتين، وحماية المدنيين مشددا على أنه يجب أن تصل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بدون أي عوائق. 
ثم خلال زيارته الأخيرة إلى كازاخستان وبالتزامن مع استمرار القصف الدموي وتطور العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، قال ماكرون إنه "يكره الجدل" الذي يفرق بين قيمة "حياة اليهود" و"حياة الفلسطينيين"، ودعا إلى "حماية المدنيين في غزة "، مؤكدا أن فرنسا تدعو إلى "هدنة إنسانية". 
وفي تصريح آخر، أكد ماكرون أن "مكافحة الإرهاب لا تبرر التضحية بالمدنيين"، بينما تتواصل العمليات البرية الإسرائيلية والقصف في غزة ويتفاقم الوضع الإنساني أكثر فأكثر. من هنا جاءت فكرة تنظيم "مؤتمر إنساني" في باريس. 
فقد أعلن ماكرون عن استضافة فرنسا غدا الخميس مؤتمرا دوليا بشأن المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في قطاع غزة، وذلك بهدف تناول الوضع الإنساني الحرج الذي يواجهه السكان الفلسطينيون الذين يتعرضون للقصف الدموي الإسرائيلي المتواصل ولانقطاع التيار الكهربائي والوقود والمياه ونقص في المواد الطبية والأدوية. 
وأوضح ماكرون أن هذا المؤتمر الإنساني سيعقد في إطار منتدى باريس للسلام، مضيفا "ندعو إلى هذه الهدنة الإنسانية لأن مكافحة الإرهاب لا تبرر التضحية بالمدنيين". 
يعقد المؤتمر على مستوى رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية، وسيتطرق لقضايا مثل جمع الأموال وتقديم المساعدات الطارئة وإعادة إمدادات المياه والوقود والكهرباء بالإضافة إلى مساعدة الجرحى في غزة. 
لذلك، يحشد المؤتمر جهود الجهات الفاعلة الأساسية التي تضطلع بتلبية الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة والعازمة على العمل على نحو فعلي من أجل السكان المدنيين الفلسطينيين. وتشمل هذه الجهات الدول والجهات المانحة والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الناشطة في قطاع غزة.
ومن المنتظر أن يتناول المؤتمر الأهداف التالية: احترام القانون الدولي وحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني وتعزيز الحصول على المساعدات الإنسانية، وتلبية الاحتياجات الإنسانية في قطاعات الصحة والمياه والطاقة والغذاء، والدعوة إلى التعبئة والحشد من أجل دعم الوكالات والمنظمات الدولية الفاعلة ميدانيا، بحسب الخارجية الفرنسية.
وسوف تعرض الوفود المبادرات التي نُفذت بالفعل أو التي ستُنفذ دعما للسكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة على غرار توفير المستشفيات الميدانية أو مد جسور إنسانية جوية أو بحرية، وذلك بناء على الاحتياجات التي حددتها الأمم المتحدة، ولا سيما وكالة الأونروا. وتستطيع الوفود أيضا تناول موضوع حشدهم المالي القائم والإعلان عن التزامات جديدة، ولا سيما في إطار دعوة التمويل التي تبنتها الأمم المتحدة. 
ومؤخرا، قامت فرنسا بتوفير مساعدات إنسانية عاجلة للسكان المدنيين في القطاع، حيث جددت فرنسا دعوتها إلى هدنة إنسانية حتى يتم توفير احتياجات السكان المدنيين في غزة بشكل مستدام. 
وتم الإعلان عن وصول شحنة تصل إلى 54 طنا من المساعدات الفرنسية لغزة إلى مصر على متن ثلاث طائرات. ونشرت الخارجية الفرنسية بيانا في 26 أكتوبر الماضي، أوضحت فيه أن هذه الشحنة تتضمن مجموعة من المستلزمات الطبية العاجلة من أدوية ومعدات المستشفيات المخصصة لتعزيز مراكز الطوارئ والكافية لعلاج ما يصل إلى 500 شخص من المصابين بجروح خطيرة، وأيضا أدوية مقدمة من منظمات غير حكومية، وأجهزة للتنفس للطوارئ، ونحو عشرة مولدات مقدمة من منظمة كهرباء بلا حدود غير الحكومية، وغيرها من المستلزمات الطبية والمكملات الغذائية. 
كما أفاد من جانبه وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان ليكورنو، بأن باريس سترسل حاملة طائرات هليكوبتر ثانية قبالة ساحل غزة بينما تعمل مع السلطات الإسرائيلية والمصرية لإيجاد وسيلة لتقديم المساعدة الطبية للمتضررين في القطاع المحاصر. 
ومن على متن حاملة الطائرات الهليكوبتر "تونير" التي ستشارك في عمليات الإغاثة للسكان المدنيين في قطاع غزة، أكد ليكورنو أن الرئيس الفرنسي طلب إعداد حاملة طائرات الهليكوبتر ديكسمود وهي حاملة طائرات أخرى تابعة للجيش الفرنسي، لتعمل على الأرض بجانب "تونير". 
وقد أرسلت باريس بالفعل حاملة الطائرات "تونير" إلى شرق البحر المتوسط فيما وصفه الرئيس إيمانويل ماكرون بأنها مهمة لدعم مستشفيات غزة وتقديم المساعدات الطبية للمتضررين. 
ويأتي هذا المؤتمر ضمن فعاليات الدورة السادسة لمنتدى باريس للسلام المنعقد يومي 10 و11 نوفمبر في باريس. ويعد هذا المنتدى فرصة للرئيس الفرنسي لمواصلة جهوده من أجل تحقيق تعاون دولي أكثر فعالية بين الدول من جميع القارات وأيضا بين الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص، إلى جانب المجتمع المدني، للعمل بشكل عملي في مواجهة التحديات الكبرى التي يشهدها العالم. 
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سكان غزة فرنسا ماكرون للسکان المدنیین المدنیین فی فی قطاع غزة فی غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

شبح المجاعة يلقي بظلاله على سكان غزة مع استمرار منع الاحتلال لدخول المساعدات

 

 

إسرائيل تعود لاستخدام "التجويع" سلاحا لقتل الفلسطينيين

مطالبات بالضغط على إسرائيل للالتزام بالصفقة وإدخال البضائع

"حماس": إغلاق المعابر خرق لاتفاق وقف إطلاق النَّار

"الصليب الأحمر" يحذر من الانزلاق إلى "حالة طوارئ إنسانية حادة"

"يونيسف": 90% من سكان غزة غير قادرين على الحصول على المياه

الرؤية- غرفة الأخبار

تتعمد إسرائيل تضييق الخناق على سكان قطاع غزة حتى خلال سريان اتفاق وقف إطلاق النار، إذ عاد الاحتلال مجددا لاستخدام "التجويع" سلاحا للفتك بمن تبقى من الفلسطينيين بعد حرب دامية استمرت 15 عشرا.

وخلافا لبنود الاتفاق، قررت إسرائيل مع بداية الشهر الجاري وقف إدخال المساعدات والبضائع إلى القطاع المنكوب، كما قررت، الأحد، قطع الكهرباء عن كامل القطاع، في خطوة تصعيدية للضغط على فصائل المُقاومة الفلسطينية لتسليم من تبقى من الأسرى الإسرائيليين دون الدخول إلى المرحلة الثانية من "الصفقة"، وهو ما ترفضه المقاومة وتؤكد ضرورة بدء مفاوضات المرحلة الثانية لإنهاء الحرب بشكل كامل وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع وبدء عمليات الإعمار.

واتهم المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" إسرائيل باستخدام المساعدات الإنسانية كسلاح، من خلال حصارها للبضائع وقطع الكهرباء عن غزة. وفي كلمة له في جنيف، حذر فيليب لازاريني من تجدد أزمة الجوع إذا لم تُستأنف إمدادات المساعدات.

من جانبها، قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات لليوم العاشر ينذر بمجاعة في قطاع غزة، كما أن منع دخول الآليات الثقيلة يعرقل جهود انتشال الجثامين وأعمال الترميم والإعمار في القطاع.

وأكدت حماس أن إغلاق المعابر يشكل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على تسهيل دخول المساعدات من دون قيود، وأدانت استخدام المساعدات "ورقة ابتزاز سياسي"، وقالت إن "هذه السياسات العدوانية لن تكسر إرادة شعبنا"، وطالبت الوسطاء بالضغط على إسرائيل للالتزام بتعهداتها وفتح المعابر وإنهاء سياسة العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني.

بدورها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن تعليق إدخال الدعم الإنساني، بما في ذلك وقف إمدادات الكهرباء ومنشأة تحلية المياه الوحيدة في غزة، يهدد بانزلاق غزة إلى حالة طوارئ إنسانية حادة.

وأشارت اللجنة إلى أنه بموجب القانون الدولي الإنساني، يتعين على إسرائيل ضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين الخاضعين لسيطرتها، كما يتعين عليها السماح بمرور المساعدات الإنسانية بسرعة ومن دون عوائق وتسهيل ذلك.

وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن 90% من سكان قطاع غزة غير قادرين على الحصول على المياه.

وتقدر وكالات الأمم المتحدة أن 1.8 مليون شخص -أكثر من نصفهم من الأطفال- يحتاجون بشكل عاجل إلى المياه والصرف الصحي والمساعدة الصحية

وفي السياق، حذر وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط هيمش فولكنر من أن قطع الكهرباء عن غزة يهدد بعواقب وخيمة. وشدد في تغريدة عبر منصة إكس على ضرورة أن تكون محطات تحلية المياه قادرة على العمل وتوفير مياه نظيفة للشرب.

كما حثَّ إسرائيل على إعادة تشغيل إمدادات الكهرباء والمساعدات الإنسانية لضمان التزامها بالقانون الإنساني الدولي.

مقالات مشابهة

  • بسبب المبيدات المسرطنة.. محكمة فرنسية تقضي بتعويض سكان الكاريبي
  • فرنسا بين العجز المالي والطموح العسكري: كيف سيموّل ماكرون خططه الدفاعية؟
  • الخارجية الفلسطينية تُدين استمرار منع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • شبح المجاعة يلقي بظلاله على سكان غزة مع استمرار منع الاحتلال لدخول المساعدات
  • مع قرب المهلة التي منحها السيد القائد.. حماس: العدو يواصل إغلاق معابر غزة بشكل كامل
  • اليونيسف: 90% من سكان غزة لا يستطيعون الحصول على المياه
  • الأمم المتحدة تحذر من العواقب الإنسانية لتوقف دخول المساعدات إلى غزة
  • سياسة «العقاب الجماعي» تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة
  • «نيويورك أبوظبي» تستضيف مؤتمراً للشركات الناشئة بقيادة طلاب الشرق الأوسط
  • وزارة الخارجية تُدين الجرائم التي اُرتكبت ضد المدنيين في الساحل السوري