سودانايل:
2024-09-18@23:08:02 GMT

المدنيين والعسكر وحل الأزمة في البلاد

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

أن أي فاعلية من أجل ايجاد حل لوقف الحرب الدائرة الآن، و الخروج من الأزمة السياسية يقع على عاتق القوى التي تتحكم في الفعل الدائر الآن. لذلك يركز المجتمع الدولي و منظمات الإقليمية مجهوداتهم من أجل وقف الحرب، مما يجعل الحوار محصورا على القوات المسلحة و ميليشيا الدعم، باعتبار أن الحرب تعيق أي عمل سياسي مناط به إنجاز أجندة سياسية في الواقع، و من جانب أخر ستظل القوى السياسية هي على هامش الفعل، باعتبار أن القوى العسكرية من الجانبين وحدهما من يملك شروط وقف الحرب.

و هذا واضح من خلال أجندة مفاوضات جدة. و في الجانب الأخر للمشهد السياسي أن القوى الحزبية و المدنية متشظية و منقسمة على نفسها، هذا الانقسام و عدم الاتفاق على أجندة مشتركة سوف يجعلها على هامش الفعل السياسي.
الملاحظ من مجريات الواقع: أن القيادات السياسية تنتظر ما تتمخض عنه مفاوضات جدة، لكي تعلق على مجريات العمل السياسي و محاولة ربطه بالمفاوضات. و هذا يؤكد أن إدارة الإزمة محصورة على القيادات العسكرية، و حتى عندما تتوقف مفاوضات جدة تجد أن حديث القيادات يطالب الدولتان المشرفتان على المفاوضات أن تحث الجانبين لكي يواصلان المفاوضات. هذا يؤكد أن صناعة الحدث الذي يخلق أجندة الحوار محصورة في الجانبين العسكريين. الأمر الذي يجعل الحراك السياسي مقيد و لا يستطيع أن يتحرك إلا في حدود ضيقة جدا. و هذا يعود إلي أن حالة الانقسام في القوى المدنية يجعل حركتها هامشية لا تجني تأييدا واسعا وسط المجتمع إلا في حدود ضيقة. و يعجز أن يتطور إلي فعل مركزي يمكن أن يكون له أثرا فاعلا في وقف الحرب. القضية الأخرى الخطاب السياسي للميليشيا و محاولة تقديم شعارات و مصطلحات لا تستطيع أن تقنع بها المواطن العادي،لذلك سوف تشوش على كل القوى السياسية، لآن الفعل السالب الذي يقع المواطنين، و خاصة في أقليم دارفور لا يتناسب مع الشعارات و المصطلحات التي ترفعها الميليشيا، هذا التشويش يؤثر في الفاعلية السياسية التي تنادي بوقف الحرب.
أن القوى السياسية و المدنية لا تستطيع أن تحدث أختراقا في الأزمة و مجريات الحرب، إلا إذا استطاعت أن تتوحد وفق أجندة وطنية، أي "مشروع سياسي متفق عليه" تحت راية وطنية جامعة، و أن تكون الدعوة لوقف الحرب مبنية على مشروع يؤسس للدولة الديمقراطية، و ليس قاصرا على استلام السلطة. إذا اتفقت القوى السياسية على تشكيل حكومة مدنية بكفاءات غير منتمية سياسيا، و تكون مهامها محصورة فقط في إعادة الإعمار و تحسين المعيشة، و الترتيب لانتخابات عامة في البلاد أفضل لها من التنافس على استلام سلطة الفترة الانتقالية. و يجب على سلطة الفترة الانتقالية أن تجري انتخابات النقابات العمالية و الاتحادات المهنية، إلي جانب انتخابات المجالس المحلية لكي تدخل أغلبية الشعب السوداني في أجواء الديمقراطية و ممارستها. هذا الفعل سوف يخلق وعيا جديدا في المجتمع، و سوف يتحول قطاع كبير من الشعب من مفاهيم الثورية و حالات الصراع الصفري إلي الشرعية القانونية، و هذه هي التي تشكل قاعدة العمل الديمقراطي المجتمعي.
أن الخلاف الذي خلق انقسام في القوى المدنية هو الصراع على السلطة، فكل تحالف يعتقد هو المؤهل دون الأخرين إلي استلام السلطة و هندسة البلاد وفقا لتصوره، و هذه القناعة السلطوية هي التي تحول الصراع من سياسي و فكري إلي صراع صفري إبعاد الأخر و محاولة تقييد حركته. و مثل هذا الصراع لا يؤسس لديمقراطية، بل يؤسس لسلطة شمولية لأن الذي سوف يفوز سوف يفكر على كيفية حماية سلطته من تقول الآخرين عليها. أما أن تبتعد الأحزاب من دائرة صراع السلطة و تعمل من أجل توعية الجماهير و تحضير نفسها للانتخابات العامة سوف يساعد أن ينقل الصراع إلي صراع سياسي بأدوات ديمقراطية قائمة على الحوار و الجدل الفكري. فهي مهمة تحتاج إلي المرونة و إدارك الواقع و تحدياته. هذا يذكرني بقول الفيلسوف جون ستيورت ميل عن الذين يطلبون أن يكون لهم نفوذا بين الناس و استقلالية في الشخصية و قوتها. يقول عنهم ( انهم محتاجين لشرطين الأول إطلاق الحرية و الثاني تنويع المواقف) لأن الحرية و حركة الإبداع لا تتماشى مع تصلب الرأي و فرضه على الآخرين، بل تحتاج لمرونة في التعامل و خلط للألون حسب الحاجة لها. و للأسف بعض القيادات تريد أحتكار الحرية و تجعلها مقيدة، و في ذات الوقت تريد التصلب في الرأي، و أن يخضع الكل له، و رغم ذلك يريدون تمريرها بشعارات ديمقراطية لا تتوافق مع المسعى.
أن التدهور الذي حدث في الاقتصاد السوداني منذ سبعينيات القرن الماضي، أثر سلبا على الطبقة الوسطى التي كانت تقود عملية الاستنارة في المجتمع، ثم تحسن الاقتصاد في بدايات هذا القرن باستخراج البترول، حيث استطاعت الطبقة الوسطى أن تعيد بعض عافيتها، و ظهر دورها بصورة كبيرة في الصحافة السودانية التي لعبت دورا مقدرا في عملية توسيع مساحة الحرية رغم حالة الحصار الذي كان مضروبا عليها، و الرقابة القبلية و البعدية عليها، لكنها أحدثت تغييرا باينا في عملية الوعي السياسي و المجتمعي، ثم تراجعت الطبقة الوسطى بعد انفصال الجنوب و تدهور لاقتصاد، لذلك عجزت هذه الطبقة في إدارة الفترة الانتقالية بالصورة التي كان أن ترسخ فيها مباديء الديمقراطية، و الالتحام بصورة أوسع مع الشارع و الرهان عليه. الآن مطلوب منها قراءة الواقع بعيدا عن حالة الشطط و البحث عن الأدوات التي تجعل الحوار ممكنا بهدف توحيد القوى المدنية لنجاح عملية التحول الديمقراطية، بدلا عن السعي لاستلام السلطة. نسأ الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة

إقرأ أيضاً:

عاجل | ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي: المجلس السياسي الأمني يصدق على أهداف الحرب لتشمل إعادة سكان الشمال لبيوتهم

وسعت إسرائيل الأهداف المعلنة لحرب غزة لتشمل تميكن السكان الإسرائيليين في الشمال من العودة إلى مساكنهم، وذلك رغم التحذيرات الأميركية من توسيع الحرب.

وذكر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن مجلس الوزراء الأمني المصغر وافق على القرار.

وجاء ذلك بعد يوم من اجتماع وزير الدفاع الإسرائيلي الإسرائيلي يوآف غالانت مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين لبحث التطورات على الحدود الإسرائيلية مع لبنان، في ظل تصاعد الخلاف داخل حكومة الاحتلال بشأن توسيع العملية العسكرية في لبنان.

وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن غالانت اجتمع مع هوكشتاين في محاولة أخيرة لمنع حدوث تصعيد كبير على الجبهة الشمالية، وأفادت بأن غالانت قال للمبعوث الأميركي إن العمل العسكري هو السبيل لإعادة سكان الشمال.

وأفادت أيضا بأن هوكستين قال لغالانت إن معركة واسعة ضد لبنان لن تعيد الأسرى وستعرض إسرائيل للخطر.

وأضافت أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن فرصة التوصل إلى تسوية في لبنان، من دون وقف إطلاق النار في غزة، ضئيلة.

من جانبه، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمبعوث الأميركي إن تل أبيب تقدر دعم واشنطن، لكنها ستفعل ما يلزم لإعادة السكان شمالا وحماية أمنها، مضيفا أنه لا يمكن إعادة السكان إلى الشمال دون تغيير جذري في الوضع الأمني.

وكان هوكشتاين وصل إلى إسرائيل في وقت سابق أمس الاثنين، وبعد وصوله إلى تل أبيب، أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي نظيره الأميركي لويد أوستن، في اتصال هاتفي، أن فرص التوصل إلى تسوية تنهي المواجهات مع لبنان تتلاشى مع استمرار حزب الله في ربط نفسه بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية خلال الأيام الماضية أن واشنطن تريد منع اندلاع حرب قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وزادت في الأيام الأخيرة الدعوات في إسرائيل لشن حرب على حزب الله في لبنان، بالتزامن مع تصاعد هجماته الصاروخية على مستوطنات الشمال بينها ما لم يسبق إخلاؤها من المستوطنين.

وبينما تحاول واشنطن التوسط في اتفاق تهدئة بين إسرائيل ولبنان، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في العاشر من يوليو/تموز الماضي إن حماس تفاوض عن نفسها وبالنيابة عن كل الفصائل الفلسطينية، وما تقبل به حماس نقبل به جميعا.

مقالات مشابهة

  • عادل الباز: شفيع.. شفيع ياراجل!!
  • حملة وقف الحرب بالسودان تخاطب غوتيريش ومنظمات أممية بشأن الأزمة الإنسانية
  • توم بيرييلو: القوى التي لا تريد ذهاب الجيش للمفاوضات تتبع لحزب المؤتمر الوطني
  • نائب سابق:الكتل السياسية تتحمل مسؤولية القوانين التي صدرت في زمن المندلاوي
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • مؤشرات بداية الحرب العالمية الثالثة والمعركة الفاصلة بين الإستخلاف الثانى للأمة والإستكبار العالمى الخامس’ الإمبريالى – الصهيونى ‘
  • عاجل | ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي: المجلس السياسي الأمني يصدق على أهداف الحرب لتشمل إعادة سكان الشمال لبيوتهم
  • قمة رئاسية ثلاثية تجمع البرهان مع رئيسي جنوب السودان وإريتريا في جوبا
  • أبرز تصريحات وزير الخارجية الخارجية أثناء لقائه نظيره الروسي
  • الكتلة الديمقراطية: ندين القصف العشوائي الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع ضد المدنيين في الفاشر