نائب البرهان في موسكو.. هل ينجح في ضرب الدعم السريع وفاغنر ويقنع الكرملين بالتدخل؟
تاريخ النشر: 3rd, July 2023 GMT
قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني أحمد عمر خوجلي إن السودان يبحث عن فضاءات جديدة وخيارات ومبادرات مختلفة عما تم طرحه منذ اندلاع الحرب، والتي -حسب رأيه- لم تراعِ المصالح الحقيقية للشعب السوداني.
وأوضح خوجلي أن مجلس السيادة السوداني وحكومته يعولان على تعارض المصالح بين روسيا وقوى الغرب -وعلى رأسها أميركا- في إمكانية أن تقوم موسكو بدور مختلف عبر تقديم مبادرة تخلو من التحفظات التي أخذها السودان على ما سبق من مبادرات.
وجاء حديث خوجلي خلال الحلقة التي خصصها برنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ (2023/7/2) لزيارة مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إلى روسيا، ودعوته إياها للعب دور في حل الأزمة الراهنة في بلاده، مع إشارته إلى وجود تقارير غير مؤكدة عن اتصالات بين مجموعة فاغنر العسكرية وقوات الدعم السريع.
ورغم نفي نائب رئيس مجلس السيادة وجود قوات فاغنر في السودان مع تحذيره من وجودها في دول حدودية فإنه رجح في تصريحات لاحقة للجزيرة أن تكون لها علاقات مع قوات الدعم السريع على مستوى الاستثمارات.
وتساءلت حلقة "ما وراء الخبر" عن السياق الذي جاءت فيه زيارة عقار إلى موسكو، وحديثه عن دور فاغنر في السودان ودعوته لدور روسي في تسوية النزاع، والرسائل التي يبعثها توقيت الزيارة، وكيف ستتعاطى روسيا مع هذه الدعوة.
لا عزلةواعتبر خوجلي أن زيارة عقار لموسكو تؤكد على عدم وجود أي عزلة للسلطات السودانية، وأن حركتها مريحة ويتم استقبال ممثليها استقبالا رسميا في دول كبرى، مؤكدا أن التوجه لموسكو مهم وضروري، وأن فائدته مرجوة بناء على تجارب سابقة.
وذكر أن مجلس السيادة يعول على الموقف الروسي بمجلس الأمن في حال سعت واشنطن للضغط على السودان عبر قرارات تتعارض مع مصالحه، حيث تنتظر الخرطوم أن تقف موسكو إلى جانبها وتفعّل الفيتو ضد تلك القرارات.
ولا ينكر الكاتب السوداني أن تكون لروسيا طموحات ومصالح تسعى لتحقيقها من خلال هذا الدور، حيث يراها مشروعة في سياق السعي إلى استقرار الأوضاع، لافتا إلى أن السودان بلد واعد وفيه فرص استثمارية كبرى من حق الجميع أن يسعى إليها، مما يصب في مصلحة الشعب السوداني.
الحل الأفضلبدوره، يرى الباحث الروسي المتخصص في العلاقات الدولية ستانيسلاف ميتراخوفيتش أن روسيا يمكن أن تتوسط في كل ما يتعلق بالشؤون السودانية، ولها سوابق في قضايا أفريقية، ويمكن أن يكون تدخل موسكو الحل الأفضل مقارنة بالمبادرات السابقة للقوى الغربية.
لكنه أوضح أن أي مبادرة جديدة من قبل موسكو لن تكون بمثابة عصا سحرية، وإنما ستكون مقاربة عملية أفضل قد تكون عبر الدعوة لمفاوضات بين طرفي النزاع برعايتها، وربما لاحقا تتداخل مع الجانب العسكري.
ويرى ميتراخوفيتش أن من مصلحة الجميع توقف القتال في السودان، حيث إن استمرارها سيؤدي إلى المزيد من موجات النزوح المقلقة، ذاهبا إلى أنه في نهاية المطاف يمكن تنسيق الجهود لإيجاد حكومة للسودان، ربما لا تكون ديمقراطية ولكن من شأنها أن تساعد على استقرار الأوضاع فيه.
استعادة مجالبدوره، رأى كاميرون هيدسون مستشار المبعوث الأميركي السابق إلى السودان ومسؤول شؤون أفريقيا السابق في البيت الأبيض أن روسيا تسعى لاستعادة المجال الذي كانت تسيطر عليه من خلال مجموعة فاغنر، ولا مانع لديها من أن تلعب دور الوسيط في الأزمة السودانية.
ولم يخفِ المسؤول السابق تشاؤمه من دور روسيا المتوقع في السودان كونه -حسب تقديره- ينطلق من سعيها لتحقيق مصالحها الإستراتيجية حيث تسعى إلى الحصول على قاعدة بحرية، وهي تعرض خدماتها الآن للتقدم في هذا الملف، لافتا إلى أن موسكو خلال السنوات الأخيرة توازن مواقفها مع الطرفين المتصارعين للحصول على تلك القاعدة.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن روسيا ووكلاءها مجموعة فاغنر يعملون خلال السنوات الأخيرة في أفريقيا لتطوير علاقات على حساب الغرب، لافتا إلى أن ما يثير قلق واشنطن هو كيفية إقامة حكومة ديمقراطية مدنية في السودان، وهو الأمر الذي ترى أنه ليس واضحا لدى روسيا في مساعيها لحل الأزمة السودانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع يدمر حاضر السودانيين وقادة الجيش والإسلاميون يدمرون مستقبلهم
منذ ١٧ شهراً، يعيش السودان في صراع مستمر، حيث يجد السودانيون والسودانيات أنفسهم في مواجهة تدمير آني لحاضرهم ومستقبلهم بواسطة أولئك المناط بهم حماية مصالحهم ومن يدعون ذلك.
قوات الدعم السريع والحرب على حاضر السودان
تُعتبر قوات الدعم السريع رمزاً للدمار وعدم الاستقرار في حياة السودانيين. نشأت هذه القوات في إطار نظام الإسلاميين كقوة غير نظامية لها نفوذ واسع، وبدأت عملياتها بتدخلات مدمرة في دارفور، وامتدت تأثيراتها لاحقاً إلى مناطق أخرى، مخلفةً وراءها آثاراً كارثية على حياة الناس ومؤسسات الدولة والمجتمع.
لم تقتصر هجمات قوات الدعم السريع على الاشتباكات المسلحة فقط، بل طالت أيضاً حياة المدنيين وممتلكاتهم، والأنظمة الاجتماعية، والخدمات الأساسية، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية وتشتيت السكان ونهب الموارد. وفي ظل سيطرتهم، أصبح من الصعب على المواطنين العيش بأمان أو السعي لكسب العيش، فقد قتلت الناس وهتكت عروضهم ونهبت أموالهم ودمرت سبل حياة الناس بالكامل. هذا الدمار الذي يطال الحاضر لن يختفي بسهولة، إذ أن آثاره الاجتماعية والنفسية والاقتصادية ستستمر لتؤثر على الأجيال القادمة، تاركةً وراءها جروحاً يصعب التئامها.
قيادة الجيش والإسلاميون وظلالهم على مستقبل السودان
بينما تدمر قوات الدعم السريع الحاضر، يُعَرِّض قادة الجيش والإسلاميون مستقبل السودانيين للخطر. فبدلاً عن بناء جيش وطني موحد، تعتمد قيادة القوات المسلحة والإسلاميون على تعزيز شبكات من الميليشيات القبلية والمناطقية كقوة موازية للدعم السريع، وبعض هذه المليشيات لها امتدادات قبلية مع دول جارة. المفارقة هنا أن هذا النهج ذاته تسبب في معضلة الدعم السريع، الذي يتمتع بعلاقات خارجية مستقلة وموارد مالية وقوانين خاصة.
تشكل هذه التحالفات بين قيادة الجيش والاسلاميين والميليشيات الجديدة هذه والقديمة تهديداً للاستقرار الوطني. فعندما تعتمد المؤسسة العسكرية الأولى في البلاد على الميليشيات، فإن ذلك يقضي على أي فرصة لبناء دولة قوية متماسكة. والأدهى من ذلك، يساهم هذا الأسلوب في تحويل السودان إلى مجتمع مليء بالانقسامات والصراعات الداخلية.
ومن منظور سياسي، فإن استراتيجيات قادة الجيش والإسلاميين تلقي بظلالها على الحكم في البلاد، إذ يركزون على تأمين سلطتهم من خلال تقوية نفوذ الميليشيات بدلاً من السعي لتأسيس نظام ديمقراطي أو حتى نظام عسكري متماسك داخلياً. نتيجةً لذلك، يصبح الانتقال إلى الاستقرار في السودان أكثر صعوبة، ويظل السودان محصوراً في دائرة مغلقة من الانقسامات، مما يعطل أي محاولة جادة لإقامة دولة قائمة على الوحدة وذات استقرار نسبي.
تأثيرات مزدوجة على المجتمع السوداني
وفي ظل هذا الواقع، يجد المواطنون السودانيون أنفسهم في وضع مأساوي. بينما تسلب قوات الدعم السريع الاستقرار من الحاضر، تضمن قيادة الجيش والإسلاميون مستقبلاً مليئاً بالتشظي والانقسامات. هذا الصراع المتبادل يهدد المجتمع السوداني بأكمله، ويمنع أي تقدم حقيقي نحو بناء دولة تحترم مواطنيها وتسعى لتحقيق تطلعاتهم. وبدلاً من أن يكون الجيل الجديد حاملاً لراية النهوض بالوطن، يجد نفسه ضحية لصراع لم يختاره، مما يدفعه إلى الهجرة أو الانخراط في نزاعات لا دخل له فيها. في ظل هذا الوضع، يتم تهميش قطاعات التعليم والرعاية الصحية والتنمية الاقتصادية، فتُترك الأجيال القادمة دون أي أساس قوي لبناء سودان مستقر وربما لا وجود للسودان الذي نعرفه حاليا.
ما يواجهه السودان اليوم هو أزمة وجودية تتطلب تدخلات حاسمة من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس قومية موحدة، بعيداً عن النزعات القبلية والتحالفات المؤقتة. الحلول قد تكون بعيدة المنال حالياً، لكنها تبدأ بوعي المجتمع السوداني بمخاطر هذه السياسات والسعي للوحدة الوطنية، إضافة إلى ضغط المجتمع الدولي لدعم السودان في سعيه لتحقيق السلام والاستقرار.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد