بحثت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، واقع وآفاق الترجمة بين اللغتين العربية والسندية، وذلك في إطار فعاليات الموسم الثقافي المصاحب للدورة التاسعة لجائزة الشيخ حمد للترجمة، وبمناسبة اختيار السندية ضمن لغات هذه الدورة.

جاء ذلك خلال جولة ثقافية قام بها الفريق الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في باكستان، للاطلاع على واقع الترجمة بين اللغتين العربية والسندية، واستكشاف آفاق التعاون بين الفاعلين في هذا المجال حيث تضمنت الجولة عددا من اللقاءات والاجتماعات والجلسات الحوارية في جامعات ومعاهد تدرّس اللغة العربية وتعنى بالترجمة بين اللغتين العربية والسندية بإقليمَي كراتشي وحيدر آباد، اللذَين يشكلان الموطن الرئيس للّغة السندية، في باكستان وشارك فيها أكاديميون، ومترجمون، وممثلو معاهد ومؤسسات بحثية، وطلبة جامعيون.

وأشادت د.حنان الفياض، المستشارة الإعلامية للجائزة، بجهود باكستان في رعاية اللغة العربية ونشرها، واستعرضت أهداف الجائزة في تشجيع المثاقفة بين الشعوب، وتكريم المترجمين، وإغناء المكتبة بالأعمال الجيدة المكتوبة بالعربية وسواها من لغات العالم.

من جانبه، استعرض الشيخ يونس رباني، ممثل مدير جامعة أبي بكر الإسلامية في باكستان، تاريخ تأسيس الجامعة التي تخصصت في علوم الحديث النبوي الشريف والتفسير وسائر علوم الدين، وبيّن أن رقعة المستفيدين من خدماتها توسعت من خلال إنشاء المعهد العلمي الثانوي ودبلوم اللغة العربية وشعبة تحفيظ القرآن وشعبة الإفتاء والترجمة والتحقيق والاقتصاد الإسلامي، كل ذلك بمحاذاة ترجمة هذه العلوم من العربية إلى السندية والأوردية.

وأوضح رباني أن الخدمات العلمية للجامعة شهدت توسعا لتشمل تأسيس فروع ومدارس وأكاديميات إسلامية عديدة، منها جامعة عائشة الصديقة للبنات.

الترجمة بين السندية والعربية

وفي سياق حديثه عن الترجمة، قال رباني إن أول ترجمة لمعاني مفردات القرآن الكريم باللغة السندية ثم الفارسية، وُضعت في القرن الثالث للهجرة، تلتها ترجمات السيرة النبوية.

وأشاد الشيخ يونس رباني بدور جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في التجسير بين الثقافات، واصفاً إياها بـ"الحاضنة التي تلتفت للعديد من اللغات التي تعرضت للتهميش رغم ما لديها من رصيد معرفي وفكري وإنساني".

بدوره، تناول الشيخ نظام الدين محمد يوسف، الذي ترجم كتباً عدة بين السندية والعربية، الواقع المؤلم الذي تعيشه اللغة السندية، قائلاً إنها بدأت تتراجع وإن الأمل معقود على جائزة الشيخ حمد للترجمة لإعادتها إلى دائرة الضوء من جديد.

وعرّف الشيخ عبد الباقي السندي بالمكتبة القاسمية (كنديارو) التي أسسها والده الشيخ د.محمد إدريس السندي وتضم آلاف الكتب والمخطوطات القيمة والنادرة، ومنها مؤلفات لعلماء السند بالعربية والسندية، وأشار إلى ترجمة والده لقصيدة "بانت سعاد" منظومةً إلى السندية، وذكر عناوين بعض المصنفات التي تحتويها هذه المكتبة، من بينها كتاب "الأدب العربي في بلاد السند"، موجّهاً الشكر للقائمين على جائزة الشيخ حمد لالتفاتهم إلى اللغة السندية وجهود علمائها، مما يشكل "أحد مظاهر العطف والرحمة إلى جانب التفاهم الإنساني بين العرب والسند".

وتحدث د.محمد إدريس السندي، مدير جامعة عمر ومدير المكتبة القاسمية، عن العلاقة الوطيدة بين العرب والسند عبر التاريخ، منذ قدوم العديد من علماء السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعودتهم إلى ديارهم ليُسْلم على أيديهم أهل السند، مشيراً إلى وجود العديد من قبور الصحابة في بلاد السند، مما يدلّ على التواصل الديني العظيم.

وقال إن أول ترجمة لمعاني مفردات القرآن الكريم إلى السندية كانت على يد الشيخ غلام مصطفى القاسمي سنة 270 للهجرة، وإن هناك أكثر من 500 كتاب مصنف في الحديث والتفسير مترجمة إلى السندية، منها ترجمة صحيح البخاري في ثمانية مجلدات.

وكانت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي أعلنت فتح باب الترشح والترشيح لدورتها التاسعة في 2023 بدءا من 1 مارس/آذار 2023، وتم اختيار كل من اللغة البلغارية والسندية والصومالية كلغات فرعية إلى جانب اللغتين الرئيستين الإنجليزية والصومالية ضمن فئة جوائز الإنجاز لدورة 2023، لتحفيز جهود الترجمة من اللغة العربية وإليها في الدول الناطقة بهذه اللغات، وتشجيع استمرارية المثاقفة بين مجتمعات هذه الدول والمجتمعات العربية بالعموم

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

عضو «كبار العلماء»: اللغة العربية تهيأت على مدى قرون لتحمل أنوار القرآن

نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان «البلاغة القرآنية.. الإعجاز ورد الشبهات»، شارك فيها كل من الدكتور محمود توفيق سعد، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، والدكتور عبدالحميد مدكور، أمين عام مجمع اللغة العربية، وأدارها الإعلامي عاصم بكري، وسط حضور لافت من رواد المعرض.

وأكد الدكتور محمود توفيق سعد، أن معجزة القرآن الكريم تختلف جوهريًّا عن معجزات الرسل السابقين، التي اقتصرت على أحداث حسية مؤقتة، بينما جاء القرآن معجزةً علميةً معنويةً خالدةً، تُدرك بالبصيرة لا البصر، قائلاً: «من تشريف الله لهذه الأمة أن جعل معجزة نبيها كتابًا باقيًا إلى قيام الساعة، يُؤخذ علمه بالتفكر والتدبر، لا بمجرد المشاهدة».

وأوضح أن العرب – وهم أهل الفصاحة – كانوا الأقدر على إدراك بلاغة القرآن، الذي نزل بلغتهم في عصر ذروة بيانهم، مشيرًا إلى أن دراسة بلاغة القرآن تنقسم إلى نوعين: دراسة للاقتناع بأنه كلام الله، ودراسة بعد الإيمان به لاستشراف معانيه والترقي في مدارج الإيمان، التي تبدأ بــ«الذين آمنوا» وتصل إلى «المؤمنين» عبر الجهاد الروحي والعلمي.

ومن جانبه، سلّط الدكتور عبدالحميد مدكور الضوء على العلاقة الفريدة بين القرآن واللغة العربية، مؤكدًا أن الله أعدَّ العربية عبر عدة قرون لتكون قادرةً على حمل أعظم النصوص بلاغةً وعمقًا، قائلاً: «تهيأت اللغة بثرائها ومرونتها عبر العصور لتعبِّر بدقة عن مكنونات النفس الإنسانية وجمال الكون، وتحمل أنوار القرآن التي لا تُسعها لغة أخرى».

وأشار أمين مجمع اللغة العربية إلى أن العربية ظلت بفضل القرآن لغةً حيةً قادرةً على استيعاب كل جديد، مع الحفاظ على رصانتها، ما يجعلها جسرًا بين الأصالة والمعاصرة، ووعاءً لحضارة إسلامية امتدت لأكثر من ألف عام.

ويشارك الأزهر الشريف للعام التاسع على التوالي بجناح خاص في الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ضمن قاعة التراث رقم 4، على مساحة ألف متر، تشمل أقسامًا متنوعة: قاعة ندوات، ركن للفتوى، ركن الخط العربي، وآخر للمخطوطات النادرة وورش عمل للأطفال، في إطار استراتيجيته لنشر الفكر الوسطي وتعزيز الحوار الحضاري.

مقالات مشابهة

  • غربة اللغة العربية
  • "أبوظبي للغة العربية" يكرّم الفائزين بـ "أصدقاء اللغة"
  • زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
  • العربية للتنمية الإدارية: ختام فعاليات ملتقى الحكومات المفتوحة في ظل التحول الرقمي بشرم الشيخ
  • “تبسيط اللغة العربية” دورة تدريبية لأبناء الصحفيين
  • التدريب والبحوث بـ الصحفيين: تبسيط اللغة العربية لأبناء المهنة
  • معرض الكتاب 2025 يناقش ترجمة ديوان " قبلة روحي" للشاعر أحمد الشهاوي
  • مجمع الملك سلمان العالمي يُطلق «تقرير مؤشر اللغة العربية»
  • عضو «كبار العلماء»: اللغة العربية تهيأت على مدى قرون لتحمل أنوار القرآن
  • المسلماني: ترجمة الليث بن سعد وأم كلثوم وليالي الحلمية إلى اللغة السواحيلية