هل يجوز الاعتداء على الزوجة والأولاد
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
لا يجوز الاعتداء على الزوجة والأولاد وتهديدهم وترويعهم فلا علاقة لهذا بالشريعة الإسلامية السمحاء، بل إن الإسلام قد حث على خلاف ذلك.
وجعل الإسلام حسن معاملة الأزواج لزوجاتهم وأهليهم معيارًا للخيرية؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» رواه الترمذي.
إن حل المشكلات بالضرب وإبراز السلبيات هو مسلك الضعفاء وغير المنصفين الذين لا يديرون الأسرة إدارة حسنة، فضلًا عن تعارضه مع الميثاق الغليظ. و العنف الأسري يتعارض مع مقاصد هذه الحياة الخاصة في طبيعتها حيث مبناها على السكن والمودة والرحمة، بل يُهدِّد نسق الأسرة بإعاقة مسيرتها وحركتها نحو الاستقرار والأمان والشعور بالمودة والسكينة ومن ثَمَّ تحويلها لتكون موطنًا للخوف والقلق والشجار المستمر ونشر الروح العدوانية، فضلًا عن مخالفة هذا العنف لتعاليم الإسلام؛ فقد حث الشرع الشريف على اتِّباع الرفق ووسائل اليسر في معالجة الأخطاء. وفي واقعنا الأسري القائم في مجتمعاتنا وأعرافنا التقليدية تتحكم بعض الأساليب التي أصبحت واقعاً حياتياً معيشاً يحكم أسلوب التعامل بين الرجل والمرأة، أو بين الأبوين والأبناء، ويطبع العلاقة بينهما بطابعه..
. فنلاحظ مثلاً تحكّم أسلوب العنف الذي تطّبع به المجتمع العائلي فغدا يمثّل عُرفاً حتى غدا طبيعياً نحاول إعطاءه تبريراً منطقياً حين نمارسه بدعوى كونه نهجاً تربوياً يعمل على تطبيع المرأة وأسلوبها بما يتناسب مع تطلّعاتنا للبيت الزوجي، أو تطبيع الأبناء بطابع حياتي معين لتحقيق حالة الاستقرار داخل إطار الأسرة من خلال الالتزام بمنهج تعاملي مطلوب، والتناهي عن ممارسة أساليب حياتية اجتماعية أو فردية مخصوصة. فنلجأ - مثلاً - من أجل فرض واقع انضباط المرأة - تجاه زوجها - لتنضبط عملياً بشكل حاسم في تحقيق رغباته ومختلف حاجاته ومطالبه، إلى التعامل معها بأسلوب العنف المتمثّل بالسب والشتم والإعراض والطرد والضرب وما إلى ذلك من وسائل الضغط التي يملكها الرجل. كما نلجأ لمثل هذا الأسلوب في التعامل مع الأبناء في مثل هذه الحالات؛ بل أصبحنا نلحظ تحكّم هذا الأسلوب في واقع هذه العلاقة لدى بعض من يدّعي الالتزام بالإسلام كمنهج وخطّ، وهذا يعطي الموضوع بُعداً سلبياً آخر. ولو حاولنا استكشاف المنهج الإسلامي في هذا الواقع لرأينا أنّ الإسلام حين قوَّم الواقع العائلي وشرّع له، نظر إليه من جانبين: 1- إنسانية كلّ واحد من أفراد الأسرة دون استثناء. 2- أخلاقية التعامل بين هؤلاء الأفراد، سواءً في إطار نظرة ربّ البيت لمن يعول، أو في إطار نظرة هؤلاء نحوه، وطريقة تعاملهم معه، فحاول أن يرسم خطوطاً للتعامل تراعي إنسانية الإنسان فيهم وأخلاقية العلاقة التي تقوم بينهم عاطفياً وسلوكياً، من جهة أخرى. وقد شجّع الإسلام كلّ واحد من أفراد الأسرة أن يشعر بالمسؤولية تجاه الأفراد الآخرين داخل الإطار المنزلي، من خلال إمكاناته وطاقاته، ليمارس دور الرعاية التي افترضها الإسلام في كلّ شخص تجاه غيره من الناس ، كما جاء عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "ألا كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم" في الوقت ذاته رسم الإسلام حدوداً للتعامل وإطاراً للتعايش بالمعروف - ولا سيما في العلاقة الزوجية - (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء/ 19)، (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) (البقرة/ 231). إنّ هذا يعطي صورة العلاقة التي يرسمها الله سبحانه ويريد لها أن تتحرّك داخل البيت، وتحدّد منهج الرجل الذي يمسك بحقّ القوامة على المرأة والولاية على الأبناء، في مجال التحرّك لحفظ الواقع ضمن إطار الرعاية (الأخلاقية) المتوازنة البعيدة عن كلّ افتئات على حقّ هؤلاء في العيش بحرّية وكرامة وسلامة، في ذات الوقت الذي يبادلونه فيه ذلك برعاية حقّه واحترام وجوده وقراراته التي يحدّد من خلال إطار التحرّك لهذا التجمع الإنساني الصغير. ولابدّ لتحقيق هذا التعايش بالمعروف من التزام منهج العمل باحترام إنسانية كلّ واحد من هؤلاء واعتماد أسلوب التراحم ورعاية المشاعر والأحاسيس، وبناء روح المحبّة والتعاطف، وحمل ما تفرضه المسؤولية الخلقية والشرعية من التزامات مادّية ومعنوية وروحية؛ مضافاً إلى الشعور بالمسؤولية التربوية تجاههم بتصحيح مسيرتهم في الحياة بمختلف جوانبها من خلال أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاعتداء على الزوجة الإسلام من خلال الله ع
إقرأ أيضاً:
هل هذا هو إسلامكم ؟
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
نحن نعلم ان الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده المؤمنين الموحدين، فهو دينُ الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وبعث به كل الرسل ليُبلغوه للناس، ودعا له الرسلُ ونشروه في أرجاء المعمورة، فهو أصلُ عقيدتهم التي اتّحدوا عليها، وانطلقوا منها، فكان هو دينهم جميعاً. .
ونعلم أيضاً ان المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، لكن بعضهم جعل السلامة مقتصرة على المسلمين وحدهم، فقالوا: المسلم من سلم المسلمون (وليس الناس) من لسانه ويده، ثم جاءنا التكفيريون ووضعوا قواعد جديدة اخرجوا بها عشرات الفرق من الملة، وأهدروا دماءهم، فما بالك بدماء الشعوب والأمم التي لا تنتمي إلى الإسلام ؟. .
المؤسف له ان الصورة التي نراها بأم أعيننا على أرض الواقع تختلف تماما عن كل المفاهيم الإسلامية العامة، وتتقاطع مع أبسط المبادئ الإنسانية في التعامل مع البشر على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم. فمنذ عام 1988 وهو العام الذي تأسس فيه تنظيم (القاعدة) في افغانستان، وعام 1992 الذي انطلقت فيه مذابح العشرية السوداء في الجزائر، وظهور تنظيم (داعش) في العراق والشام، ونحن نقف مندهشين ازاء ممارسات لم نألفها، ولم نسمع بها، وفتاوى ما انزل بها الله من سلطان، حيث صار القتل على الهوية، وفوجئنا بتفشي ظواهر بربرية جديدة تمثلت بسبي النساء واغتصابهن، والتفاخر بقتل الأطفال والتمثيل بأجسادهم، ومصادرة ممتلكات الناس باعتبارها من الغنائم. وظهرت لدينا حكومات غير متدينة (عربية وإسلامية) توفر الدعم المطلق لهذه الجماعات الارهابية التي شوهت صورة الإسلام والمسلمين. .
قبل قليل كنت اشاهد مقطعا مصورا لواجهات الدكاكين المغلقة في الأسواق السورية، مكتوب عليها بأحرف كبيرة (سني) – (شيعي) – (درزي) – (علوي) – (مسيحي)، وشاهدت مقطعا موجها لإخواننا المسيحيين في الشام، يظهر فيه مسلح ملتحي يأمرهم بدفع الجزية. ولقطات مصورة لمسلحين يقتحمون القرى العلوية ويضرمون فيها النيران، ثم يقتلون شبابها ويسبون نساءها. .
فهل هذا هو الإسلام الذي ننتمي اليه ؟.
تارة يأمرون بمعاملة الحيوانات برحمة وعدل، ويقولون: ان الإحسان إليها بابٌ من أبواب الأجر والثواب. وتارة يطلقون النيران على الجموع الغفيرة من المدنيين بلا رحمة وبلا هوادة. .
هل امركم الإسلام ان تقتلوا العلويين والشيعة والمسيحيين والدروز ؟. لماذا ؟. على أي أساس ارتكزتم ؟. وما هو دليلكم ؟. ما هو النص من القرآن، وما هو النص من السنة النبوية ؟. .
ما مورس الآن بحق الطوائف السورية ليس انتقاماً، بل هولوكوست وابادة جماعية تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم، يصورونها ويوثقونها ويتفاخرون بها. يقتلون الرجال والأطفال ثم يرمونهم من شاهق، أو يرمونهم في البحر، أو يحرقون جثامينهم كما حدث في بعض القرى والبلدات. فالساحل السوري يغرق الآن بدماء التصفيات حيث الاعدامات الميدانية، والفاعلون يتراقصون فوق جثث المغدورين، وكانت حصيلة القتلى في منطقة الساحل منذ السادس وحتى الثاني عشر من مارس 1225 مدنيا علوياً. بينما يؤكد بشار إسماعيل أنهم 22 ألف قتيل. .
فهل هذا هو اسلامكم يا جولاني ؟. .