حرية التعبير في أمريكا على المحك مع تزايد حدة الانقسام حول حرب غزة
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
أثارت الحرب التي تشنها "إسرائيل" في قطاع غزة انقساما واضحا في الرأي العام الأمريكي خصوصا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى سلسلة من عمليات الفصل من العمل أو غيرها من الإجراءات الانضباطية في مكان العمل من جانب أصحاب العمل القلقين بشأن آراء موظفيهم حول الصراع، بحسب صحيفة "بوليتيكو".
وقالت الصحيفة إنه أنه تم طرد رئيس تحرير "Artforum"، ديفيد فيلاسكو، من جانب ناشره، "بانسكي ميديا"، بعد نشر رسالة مفتوحة على الموقع تدعو إلى وقف إطلاق النار، وتشير إلى أن "إسرائيل" مسؤولة عن بداية الإبادة الجماعية.
كما تمت إزالة مايكل آيسن من منصب رئيس تحرير المجلة العلمية "eLife" بعد إعادة تغريد مقال ساخر ينتقد "إسرائيل".
وتراجعت الأدوار القيادية للمديرة التنفيذية الكبيرة في شركة المواهب في هوليوود "Creative Artists Agency"، مها دخيل، وذلك بعد إعادة نشر قصة على موقع "إنستغرام" تشير ضمناً إلى أن "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية.
كما أشارت الصحيفة إلى أن العديد من طلاب القانون تم إلغاء عروض عملهم بعد انتقادهم العلني للإجراءات الإسرائيلية. وتتراوح التصريحات بين التعبير عن التعاطف مع الفلسطينيين والانتقادات الشديدة المناهضة لإسرائيل والتي يبدو أنها تقلل من الخسائر في الأرواح الإسرائيلية.
وعلقت جينيفيف لاكير، أستاذة القانون في جامعة شيكاغو على هذا الوضع بالقول: "يبدو الأمر وكأنه المكارثية الجديدة". خصوصا وأنه حتى الآن، يبدو أن معظم عمليات الفصل من العمل كانت بسبب التعبير عن آراء مؤيدة للفلسطينيين.
ووفق منظمة المناصرة "فلسطين القانونية"، ومقرها الولايات المتحدة، فقد استجابت لأكثر من 260 حالة لاستهداف "سبل عيش أو وظائف" الأشخاص.
وقالت لاكير: "لقد كانت الجامعات تحت التهديد لفترة طويلة. وقد رأينا أن هناك قوانين تفرض عقوبات على من يشارك في حملات المقاطعة ضد إسرائيل، تم إلغاء بعضها، وبعضها لم يُلغ. لذا فإن هذا يأتي على رأس ما يبدو وكأنه الكثير من التعبئة والتنظيم في محاولة لمنع الناس من التعبير عن أنواع معينة من وجهات النظر، وفي كثير من الحالات وجهات نظر مؤيدة للفلسطينيين".
وتساءلت لاكير عما إذا كان من الممكن أن يكون هناك رد فعل على كثافة وتنوع عمليات الفصل والعقوبات التي حدثت في الأسابيع الثلاثة الماضية. وأضافت: "أرسل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي (ACLU) خطابًا هذا الأسبوع إلى مديري الجامعات، يحذرهم فيه من التحقيق مع الطلاب فيما يتعلق بالتعبير المحمي بموجب التعديل الأول ويحاول تذكير الجميع بقيم حرية التعبير التي هي على المحك هنا. ومن ناحية أخرى، ربما يؤدي هذا إلى نوع من العودة إلى الوضع الطبيعي. لكنني حقا لا أعرف".
موقع "أكسيوس" أثار ذات القضية، وأشار في تقرير إن الموظفين العرب والمسلمون يشعرون بأن آلامهم لا يتم الاعتراف بها، ويخشون الانتقام في العمل. وفي الوقت نفسه، يشعر الموظفون اليهود بالمخاوف بشأن معاداة السامية.
وأوضح الموقع أن هذا الوضع يضيف مزيدا من التعقيد إلى قوانين أماكن العمل المتعلقة بالتنوع والمساواة والشمول التي أصبحت شائعة في السنوات الأخيرة، إذ قد يضطر المديرون إلى الفصل بين الزملاء الذين يقفون على جانبين مختلفين حول معظم القضايا.
ونتيجة تزايد حدة الاستقطاب خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي فإن مدراء بعض الشركات أصدروا قرارات بمنع التعليقات على منصات مختلفة لتثبيط المحادثات الساخنة.
وذكر "أكسيوس" أنه في إحدى المنظمات غير الربحية المعنية بحقوق الإنسان في نيويورك، أصبحت محادثة جماعية حول الحرب في غزة ساخنة للغاية، لدرجة أن الرئيس التنفيذي اضطر إلى إرسال بريد إلكتروني يطالب بالكياسة.
وقال موظف يبلغ من العمر 31 عاماً طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: "إن الصراع يخلق الكثير من التوتر. وأصبحت المحادثة متوترة، حيث كان الزملاء، الذي يعملون جميعا في قضية حقوق الإنسان، يتجادلون حول من يفهم حقًا تاريخ المنطقة".
وقالت جويل إيمرسون، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "Paradigm": "لم يسبق لي أن رأيت مستوى التوتر الشديد والألم والأذى بين الموظفين في نفس المنظمات، كما أرى الآن".
وأشار الموقع إلى أنه لفترة طويلة، كانت ثقافات الشركات معزولة نسبيًا عن السياسة، لكن الأمر تغير منذ عام 2020 على الأقل، بعد مقتل الشاب ذوي الأصول الأفريقية، جورج فلويد، على يد عناصر من الشرطة الأميركية، إذ سمحت الشركات بالمحادثات حول العدالة الاجتماعية أو العنصرية، أو نشرت رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن تضامنها.
لكن تبين أن الوضع في الشرق الأوسط أكثر صعوبة بكثير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الحرب غزة حرية التعبير امريكا غزة حرب حرية تعبير سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن
إقرأ أيضاً:
إلام تهدف إسرائيل من اغتيال القيادات السياسية والحكومية في غزة؟
غزة- اتخذت قوات الاحتلال الإسرائيلي من اغتيال القيادات السياسية والحكومية في قطاع غزة هدفا لها على مدار حربها الطويلة التي بدأتها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وشكل الوصول لتلك القيادات أولوية للجيش الإسرائيلي منذ اللحظات الأولى لاختراق اتفاق وقف إطلاق النار والعودة لشن غارات مفاجئة على غزة فجر 18 مارس/آذار الجاري، فكيف وصلت إسرائيل إليهم؟ وما الهدف الذي تريد تحقيقه من وراء تغييبهم؟
كررت قيادة حكومة الاحتلال الإسرائيلي تهديدها بالعمل على تقويض حكم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة كأحد أهداف الحرب المعلنة، واستهدفت معظم أعضاء المكتب السياسي الذين يشرفون أساسا على ملفات خدمية ميدانية بعيدا عن العمل العسكري.
استهداف مسؤولينوطالت صواريخ الاحتلال القائمين على العمل الحكومي في غزة، حيث بدأت جولة العدوان الأخيرة باستهداف رئيس متابعة العمل الحكومي عصام الدعليس، ووكيلي وزارة الداخلية محمود أبو وطفة، والعدل أحمد الحتة، وذلك بعدما اغتالت خلال الحرب وكيلي وزارة العمل إيهاب الغصين، والاقتصاد عبد الفتاح الزريعي، بالإضافة إلى عدد آخر من مفاصل العمل الحكومي ولجان الطوارئ الميدانية، ورؤساء بلديات خدمية.
إعلانوقالت مصادر أمنية خاصة إن استهداف القيادات السياسية والحكومية يأتي في إطار محاولات الاحتلال الحثيثة لزعزعة الاستقرار في قطاع غزة وإحداث حالة من الفراغ والفوضى.
وأكدت المصادر الأمنية للجزيرة نت أن مهام تلك الشخصيات تتطلب احتكاكا مع المواطنين لأن عملهم مرتبط بتقديم الخدمات لأكثر من مليوني فلسطيني، وبالتالي ليس من الصعب على الاحتلال الوصول إليهم في الوقت الذي يجند فيه كل وسائل التجسس التكنولوجية والطائرات المسيرة، وحتى عملائه على الأرض.
ونبهت المصادر إلى أن استهداف قوات الاحتلال المركز للمنظومة الأمنية في قطاع غزة التي اضطرت لإخلاء السجون منذ بداية الحرب وإطلاق سراح مرتكبي الجنح والجنايات بمن فيهم المحتجزون على شبهات أمنية، كان يهدف لإرباك الحالة الأمنية في القطاع.
ولم تستبعد المصادر الأمنية استغلال أجهزة مخابرات الاحتلال الاستهداف المركز للقائمين على الأجهزة الأمنية، لتجنيد بعض العملاء على الأرض، بما يخدمهم في تحديد أسماء وأماكن وجود القائمين على الملفات الخدمية.
وحسب المصادر فإن طول أمد المعركة منح قوات الاحتلال وقتا لجمع أكبر قدر من المعلومات عن تلك الشخصيات، مستغلة الهدوء الذي ساد في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، والذي زاد من الحركة الميدانية لرؤساء المؤسسات الخدمية.
واجبات ميدانيةوفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني وسام عفيفة: "ما نشهده من استهداف متكرر للقيادات الحكومية والسياسية في غزة ليس بالضرورة نتيجة خلل أمني بالمعنى التقني، وإنما جزء كبير منه ناتج عن طبيعة الدور الذي تؤديه هذه القيادات، حيث تنخرط في واجبات ميدانية ومجتمعية مباشرة وسط الناس، مما يجعلها أكثر عرضة للرصد والاستهداف.
وأوضح عفيفة في حديث للجزيرة نت أن حركة حماس تاريخيًا، لا تفصل بين القيادة السياسية والميدانية، ولذلك يكون الجميع في مرمى النيران.
إعلانويرى عفيفة أن دوافع حكومة بنيامين نتنياهو من وراء استهداف تلك الشخصيات تتنوع بين الرغبة في تسجيل إنجازات سريعة أمام جمهورها الداخلي بعد فشل طويل على الأرض، وبين مسعى أعمق يتمثل في محاولة تفكيك البنية القيادية لحماس، وضرب قدرتها على إدارة الشأن المدني والسياسي في غزة، وبالتالي خلق فراغ يُراهن عليه الاحتلال لإضعاف جبهة المقاومة من الداخل.
ولفت عفيفة إلى أن هذه الاغتيالات التي يراها الاحتلال أدوات ردع، غالبًا ما تُنتج أثرا عكسيا، إذ تُعيد ترميم الصف الوطني وتُجدد الخط القيادي بدلًا من شلّه، كما أثبتت تجارب الماضي.
بيئة معقدةمن جانبه، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن الاغتيالات تجري في بيئة معقدة يصعب فيها ممارسة العمل الميداني دون استخدام أدوات الاتصال والتواصل سواء في إدارة الحالة السياسية أو الميدانية أو الخدمية، وهو ما يسهل على الاحتلال رصد تحركات القائمين عليها.
ورجح القرا أن يكون الاحتلال استغل التحرك الميداني للمشرفين على الوزارات والمؤسسات الخدمية لجمع معلومات عنهم، خاصة أن عملهم يتطلب تنقلا ميدانيا بين الناس على خلاف القيادات العسكرية.
ونوه المحلل السياسي إلى أن قوات الاحتلال سخرت كل إمكانياتها التجسسية المعتمدة على التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي والأقمار الصناعية والطائرات المسيرة في قطاع غزة ذات المساحة المحدودة التي لا تتجاوز 360 كيلو مترا، كما أنه لم يستبعد استعانة الاحتلال بمتابعة بشرية على الأرض، مما أعطى فرصة أكبر للوصول إلى أهدافه.
وينشط داخل الأراضي الفلسطينية فيلق وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200 المسؤولة عن التجسس الإلكتروني عن طريق جمع الإشارات وفك الشيفرة، والتي يوكل إليها مسؤولية الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي.
ورغم حجم الخسائر البشرية التي استهدفت القيادة السياسية والميدانية، نوه القرا إلى أن الفلسطينيين تمكنوا على مدار أيام الحرب الطويلة من سد الفراغ الذي أراد الاحتلال تحقيقه عبر التسلسل الهرمي في العمل، والاستفادة من جولات التصعيد السابقة والأخذ بالحسبان توفير أكثر من بديل بدرجات مختلفة.
إعلان