الجزيرة:
2024-07-08@05:51:26 GMT

ما يجب أن يراه القائلون إن حماس هاجمت دون سبب

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

ما يجب أن يراه القائلون إن حماس هاجمت دون سبب

بطبيعة الحال، لم يكن مُفاجئًا أن تردّ إسرائيل بغضبٍ وعنفٍ غير متناسبَين على عمليّة "طوفان الأقصى" التي شنّتها كتائب القسام في 7 أكتوبر/تشرين الأوّل. وحتّى بين أولئك الذين يدعمون حماس في الظروف العادية، هناك عددٌ كبير يتهمونها بالتصرّف بشكل غير مسؤول لقيامها بهذه الخُطوة عن يقينٍ بالعواقب. والحقيقة أنّ اعتقادَهم أنّ حماس اتّخذت هذه الخطوة "فجأة" يظهر مدى عدم اكتراثِهم بالمشاكل الإنسانيّة العميقة للفلسطينيين في يوم السادس من أكتوبر/تشرين الأوّل (قبل الهجوم بيوم واحد).

في ذلك اليوم الذي سبقَ العملية، كانت القضية الفلسطينية قد تحوّلت إلى أمر هامشيّ في العالم كله تقريبًا، الجميع سلّم بالأمر الواقع، بمن فيهم أصدقاؤها، فالعالم الإسلاميّ قطع شوطًا طويلًا نحو تطبيع العَلاقات مع إسرائيل، ولم يعد يلفت انتباهَه ما يحدث في الضفّة وغزّة والقدس والمسجد الأقصى، كأنه أصبح أمرًا مفروغًا منه وطبيعيًا. وفي غضون ذلك، كانت مساحات المعيشة للفلسطينيين تضيق يومًا بعد يوم، والمسجد الأقصى- المقدّس لجميع المسلمين- يتّجه نحو الدمار تدريجيًا.

كانَ عدم ظهور ردّات فعل قويّة، يوفر عذرًا للجميع لقَبول الوضع كما هو، لكنّ هذا الظلم الذي يصل إلى عنان السماء لا يمكن قَبوله إلا إذا كانت الإنسانيّة قد اضمحلّت تمامًا، وقبوله يعني أن تصبح شريكًا فيه.

نجحت حماس في أن تجعل قضية فلسطين محطّ تركيز العالم كلّه مجددًا، بل جعلتها قضية عالمية ذات أهميّة قصوى، وقد حقّقت ذلك بتصعيدِها للصراع مع إسرائيل بطرق ذكيّة وبالتحدّي.

تمكّنت حماس بعمليّتها الأخيرة من تحويل هذا القمع- الذي تصالح معه المسلمون والعالم مؤخرًا- إلى اهتمام عالمي كبير بالقضية الفلسطينية، قضية القدس والمسجد الأقصى

إنَّ المواطنين الفلسطينيين في غزّةَ أو الضفة الغربية يعانون يوميًا، في الواقع، من قمع وإرهاب الاحتلال، والاستيطان. حتّى التفاصيل الصغيرة لما يمرّون به تكون مخيفة جدًا، لدرجة تجعلك تخجل من إنسانيتك. في الضفة الغربية- التي ليست تحت حكم حماس- يمكن أن يُنزع منك المنزل الذي تملكه وتعيش فيه منذ أجيال في أي لحظة، الجرّافات تطرق الباب لتهدمَ المنزل على رأسك، أو يتسلّمه يهودي أمريكي ليعيش فيه، ولا يمكن للفلسطينيّ الانتقالُ من شارع إلى آخر إلا بعد المرور عبر ثلاث نقاط تفتيش، ويتعرّض خلالها إلى وقاحة الغزاة. هذه فظائع روتينية عادية. ناهيك عن تعرضهم للضرب والقتل. كل هذا كان لا يزال يحدث، لكن الصرخة لم تعدْ تصل إلى بقية العالم، ولا حتى المسلمين.

تم قمع الصرخات حتى لا تخرج عن حدود غزة والقدس. ليست فقط عبر الدعاية الكاذبة لإسرائيل ومؤيّديها، بل ساهمت في ذلك موجات العلْمنة والخضوع واللامبالاة بين المسلمين. أن تصبح غير مبالٍ بالقمع، وتأخذه كأمر مسلّم به، وتعتاد التعايش معه… يملؤُك ذلك شعورًا بالعجز أنك لا تستطيع مواجهة الظلم الذي كنت تعترض عليه دائمًا فتستسلم، بل تتصالح معه، وتتصرف كما لو أنه ليس موجودًا.. هذا هو ما أعنيه بأن نكون شركاء للظالم في ظلمِه.

كما قلنا، تمكّنت حماس بعمليّتها الأخيرة من تحويل هذا القمع- الذي تصالح معه المسلمون والعالم مؤخرًا- إلى اهتمام عالمي كبير بالقضية الفلسطينية، قضية القدس والمسجد الأقصى. لقد جعلوا هذه القضية في أعلى سُلّم اهتمامات العالم أجمع. فعلوا ذلك عبر تقديم صورة ملحميّة للرجولة والبطولة والثبات على أرض شنّت عليها إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا الحربَ بأكثر الطرق جبنًا، واستخدمت ضدّها أقوى تقنيات الأسلحة والدعاية.

هم لم يحوّلوا قبّة إسرائيل الحديدية إلى مصفاة فحسْب، بل حطّموا أيضًا القباب الفولاذية للتوجهات الغربية والصهيونية في ظلّ اختلال موازين القوى، فلفتوا انتباه العالم، وكل شوارع العالم الإسلاميّ نفضت عنها التراب وبدأت تستيقظ.

كما بدأت شوارع العالم الغربيّ تتساءل عن سبب الدعم غير المشروط الذي تقدّمه حكوماتهم لإسرائيل ونوع المديونية السرّية التي يدينون لها بها. ما الذي يخفيه هؤلاء عن شعوبهم، ويجعلهم مستعدّين لقَبول ارتكاب إبادة جماعية ضد شعب أعزل بالتواطؤ مع إسرائيل، التي تقصف المدارس والمستشفيات والأسواق والكنائس والمساجد وتقتل المدنيين والأطفال؟

لقد قوَّضت حماس قيمًا يسوّقها الغرب على أنها من اختراعه مثل حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية والمساواة، إذ لم يظهر منهم سوى العنصريّة البدائية والتعصّب الديني والإبادة الجماعية. تعرية هذا النظام القائم على خداع الناس هي خيبة أمل للغربيين، ولكن ذلك مكسب للإنسانية.

من الواضح أنّ معظم الذين يرون في عملية حماس نزقًا غير مسؤول يضرّ أكثر مما ينفع، إنما يشعرون في الحقيقة بالقلق من إزعاج راحتهم بسبب هذا الحادث. لقد عطلت حماس النظام العالميّ الحالي القائم على القمع والنفاق والاستغلال وعدم المساواة. وأفسدت مخططات دول إسلامية كانت وطّنت نفسها على العيش مستقرّة تحت نِيره. وليس غريبًا، إذن، أن تشعر تلك الدول بالانزعاج مما قامت به حماس.

في غضون ذلك، بدأ يتبين أنّ البطولة الملحمية التي أظهرتها حماس في 7 أكتوبر لم تكن صدفة عابرة. فإسرائيل التي نهضت بكل غضبها لتنتقم تواجه عارًا متزايدًا كل يوم في عمليتها البرية. نحن نرى كيف تتمتّع كتائب القسام بتفوق واضح في القتال الميداني ضد قوات الاحتلال، وجعلت إسرائيل عالقة في مستنقع حقيقي يتواجه فيه جندي جبان حريص على حياته مع بطل قوي مستعد للموت شهيدًا في سبيل قضيته.

لقد قلنا في البداية: إنّ العملية التي بدأت في 7 أكتوبر كانت قادرة على تغيير العالم كله. وها نحن نستشعر ذلك بوضوح أكبر مع مرور الوقت. إسرائيل تدفن مع كل قنبلة على غزة جزءًا من الصورة البرّاقة الكاذبة التي راكمتها عن نفسها في كل مجال على مدى 75 عامًا. كل طفل يموت يسبب دمارًا كبيرًا لسمعة إسرائيل والغرب، وكل شهيد يقع في أرض غزة يروي قلوب المسلمين الجافة في جميع أنحاء العالم ويجدّد إيمانهم.

لقد وصلنا إلى لحظة استنفد فيها المسلمون- في جميع أنحاء العالم- إيمانَهم وثقتهم وتوقعاتهم في الغرب تمامًا. وهذه الصحوة في الوعي تشكل ضغطًا على حكّامهم الذين وصلوا مرحلة لا يسعهم فيها البقاء غير مبالين أمام وعي استيقظ وقد يصل إلى حدّ الانفجار.

وبفعل هذا الوعي والغضب الشعبي الجارف رأينا الدول الإسلامية التي سبق أن انخرطت في عملية "التطبيع" مع إسرائيل، تتراجع خطوة إلى الوراء، فسحبت الحكومتان: الأردنية والبحرينية سفيرَيهما من إسرائيل.

ومن المفيد لمن يتساءل بصدق لماذا شنّت حماس هجومها في هذا الوقت أن يحاول النظر من الزوايا السّابقة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: والمسجد الأقصى مع إسرائیل

إقرأ أيضاً:

العالم على بعد خطوة من حرب مدمرة..!

 

رغم كل الإنجازات التقنية التي وصلتها البشرية، ورغم التقدم المذهل الذي حققه علم الإنسان يبقى القول الفصل في قوله تعالى (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) وقوله سبحانه (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ).. لكنا نقف اليوم أمام قوله تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) صدق الله العظيم..
بين ما يجري في فلسطين من غطرسة وزهو وتعالٍ في ارتكاب الجرائم وزهق أرواح الأبرياء والقتل، بل الإبادة الجماعية التي تمارس بحق شعب اعزل ذنبه انه يبحث عن حقه المستلب من قبل قوات احتلال استعمارية، حرب إجرامية ليس لها مبررات لا عسكرية ولا أمنية ولا أخلاقية ولا إنسانية ولا قانونية، حرب لا يجيزها تشريع ولا قانون، تشن ضد شعب اعزل لا وجه للمقارنة بينه وبين عدوه الذي يحتل وطنه ويهين مقدساته، حرب إجرامية تجري أمام أنظار العالم الذي يباركها ويعتبرها حقا للمجرم المحتل (في الدفاع عن نفسه) ويدان فيها أصحاب الأرض والحق الذين يدافعون عن وطنهم وأرضهم وحقهم في الحرية والاستقلال من نير الاستعمار الصهيوني الاستيطاني، هذا الاستعمار الذي زرع في فلسطين ليكون حارسا للمصالح الاستعمارية وقاعدة عسكرية متقدمة للعواصم الاستعمارية الغربية التي أجبرت على مغادرة الوطن العربي بجيوشها و (مناديبها الساميين) الذين كانوا يحكمون الأمة ويتحكمون بقرارها ومصيرها، وحين أخذت الشعوب العربية تتطلع نحو الحرية والاستقلال، لم تجد القوى الاستعمارية بد من الرحيل من الوطن العربي وسحب جيوشها ولكنها ولكي تضمن بقاء مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية وبقاء هيمنتها على الوطن العربي عملت على زراعة الكيان الصهيوني في قلب الجغرافية العربية.
وعلى مدى أكثر من قرن ظلت فلسطين خاضعة للقوى الاستعمارية، وظلت وشعبها يدفعون ثمن الاحتلال وثمن التواطؤ الدولي، وثمن الخيانة الرسمية العربية -الإسلامية، ويبدو أن تداعيات المشهد الدولي الراهن تحمل في طياتها ثمن الاحتلال الصهيوني لفلسطين من خلال هذا الإجرام الصهيوني -الكوني المسكوت عنه عربيا وإسلاميا والمبارك دوليا، إجرام لله فيه حكاية وشجون، ولله فيه حكمة، والمفترض أن يدرك كل ذي بصيرة أن ما يحدث في فلسطين من جرائم وعربدة وحرب إبادة غير متكافئة وحصار وتجويع، ومآس وفي ظل صمت عربي وإسلامي ودولي، وعجز تام للمجتمع الدولي بكل مؤسساته ومنظماته وانحياز دولي إلى جانب الجلاد ضد الضحية ونفاق جعل المترفين بالقوة والقدرة يصلون لمرحلة الفسق البواح، الفسق غير المنظم وغير المحكوم بالقيم الإنسانية وان بحدودها الدنيا، فسق وجور وتجبر وغطرسة تمارس من قبل العصابات الصهيونية التي لا تمثل نفسها بل هي مجرد أداة بيد قوى كونية تتمثل بتلك القوى التي هرولت تعبر عن تضامنها مع الكيان المحتل وتقف إلى جانبه ضد أصحاب الحق من الشعب المحتل، تلك التي ترى وتتمسك برؤيتها وتعتبر أن إجرام الصهاينة يندرج في سياق (حق الدفاع عن النفس)..؟
هذا المجون والفجور في الإجرام ضد الشعب الفلسطيني الذي تباركه أنظمة العالم بما فيهم العرب والمسلمون وهذا الظلم غير المسبوق في التاريخ الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، لا أعتقد أن الله غافلا عنه بل جعله آية تنذر بنهاية غطرسة المتغطرسين، لأن الظلم الذي يتعرض له الشعب العربي في فلسطين والظلم الذي يحيق بشعوب العالم جراء غطرسة المتغطرسين وتكبر المتكبرين وتجبرهم الذين افشوا قيم ومظاهر الظلم وكرسوا ثقافة الغطرسة والاستعلاء واحرموا الإنسان على وجه الأرض من حقه في الحرية والكرامة والحياة الآمنة، كل هذه المظاهر السلبية التي تفشت وتكرست من قبل الأقوياء على الضعفاء ومن قبل المتقدمين على المتخلفين، والأغنياء على الفقراء، كل هذا الذي جعل الظلم ظاهرة عامة يدفع ثمنه سكان المعمورة حروبا وأمراضا وفقرا وجوعا وغطرسة يتعرضون لها من قبل لصوص العالم الذين ينهبون ثروات الفقراء ويجعلوهم أكثر فقرا، ثم يحاولون تجميل صورهم البشعة بفتات المساعدات وينفقون للدعاية عنها أكثر من قيمتها..!
بعد أن وصلت البشرية إلى مرحلة تتباكى فيها على وفاة أحدهم بحادث سير هنا أو هناك ويتجاهلون إبادة شعب على يد قوات تحتل وطنه وأرضه..!
كم ذهب ضحية طوفان الأقصى من الصهاينة؟ وكم قتل ودمر الصهاينة على مدى تسعة أشهر؟ وكيف؟ تعامل العالم (المتحضر) مع الواقعة، بل كيف تعامل هذا العالم مع جرائم الاحتلال على مدى عقود طويلة من الإجرام والقتل، وكيف تعامل هذا العالم المنافق مع جرائم الاحتلال طيلة سنوات وعقود احتلاله لفلسطين.
كل هذا يجعل جرائم الصهاينة سببا لنهاية غطرسة كونية، وأن ما يجري في (أوكرانيا) بين روسيا الاتحادية من جهة وأمريكا والغرب من جهة أخرى، وما يجري بين أمريكا والغرب من ناحية وبين (الصين) من ناحية أخرى تداعيات توحي وكأن الله (أمر مترفي العالم) ليهلك عالم الظلم وقرى الظالمين بعد أن أصبح التدخل الإلهي فعلاً حتمياً لإعادة ميزان العدل ورفع المظالم عن عباده وإهلاك الظالمين من عباده وفق حسابات ربانية دقيقة، لأن الله يمهل ولا يهمل وحين يكثر الظلم دائما ما تمتد يد العدالة الإلهية لتصحيح الاختلالات البشرية تلبية لدعوات المظلومين والمقهورين من عباده فالله ليس غافلا عما يعمل الظالمون..

مقالات مشابهة

  • حماس توافق على إجراء محادثات لإطلاق الرهائن
  • جنرال إسرائيلي يهاجم نتنياهو ويدعو للخروج من رفح
  • العالم على بعد خطوة من حرب مدمرة..!
  • سمير فرج: نتنياهو الشخص الوحيد في العالم الذي لا يريد وقف إطلاق النار بغزة
  • حرية على مقاس إسرائيل
  • تفاصيل مقترح "محادثات التبادل" الذي وافقت عليه حماس
  • تفاصيل مقترح “محادثات التبادل” الذي وافقت عليه حماس
  • تفاصيل مقترح "محادثات التبادل" الذي وافقت عليه حماس
  • واشنطن بوست: الإدارة الأمريكية تصف التصريحات الإسرائيلية بشأن استئناف المفاوضات بـ«الانفراجة»
  • لبحث التنسيق الميداني والسياسي.. نصرالله يلتقي وفدا من حماس في لبنان